أشعر أن المشاكل الأسرية كثرت وعند حدوث مشكلة اللوم دائما يقع علي لأني أكبر من أختي وأخي وأن حدث شيء أنا أتحمل المسؤولية.
لم أشعر بحب أمي لي ولا أبي ولا أخوتي ولا من أقاربي حتى وفي أوقات كثيرة أشعر بالوحدة ولا أخرج من غرفتي إلا لحاجة ماسة عندما أتشاجر مع أخوتي وهم المخطئين في حقي لا أجد من يأخذ حقي أو ينصفني بحجة أنهم الأكبر أو الأصغر سنا مني أو أنهم أولاد أحيانا أفكر بالخروج من منزل بسبب المشاكل في البيت والمدرسة لا أريد شيئا غير أم تحضنني وأب يحميني وأخوة وأقارب يتعاونون فيما بينهم ويحبونني وأعيش في بيت يشيع فيه الحب والاستقرار الطمأنينة وأناس يحيطوني بحبهم وعطفهم.
عمر المشكلة: 3 سنوات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
وأهلا بك بنيتي الكريمة، وأسأل الله تعالى أن يملأ قلبك بحبه، وأن يرزقك بالرفقة الصالحة التي تعينك على طاعته.
بنيتي الكريمة، من خلال كلمتك التي وردت بالرسالة، وعباراتك التي اخترتها للتعبير عن الحالة التي تعيشينها، أرى أنك تعانين من حالة فراغ عاطفي في حياتك، وربما يرجع ذلك لما ذكرته في رسالتك من أنك لم تشعري بحب أمك أو أبيك أو إخوتك أو أحد أقاربك لك.
بنيتي العزيزة، إن حب الآباء والأمهات لأبنائهم، إنما هو فطرة فطرهم الله تعالى عليها، ولذلك وجدنا في كتاب الله تعالى، أمرا إلهيا، أوصى الأبناء بالآباء ولم يوصِ الآباء بالأبناء ؛ لأن الآباء لا يحتاجون إلى وصية، أما الأبناء فهم الذين يحتاجون إلى الوصية، فقال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا".
وهناك من المواضع الأخرى التي تكرر فيها الوصية بالوالدين، ما لو تتبعناه لعددنا الكثير من الآيات الواردة في هذا الشأن.
لذلك أردت أن ألفت نظرك إلى هذه النقطة بداية.
وأما عن المشاكل التي زادت وكثرت، ودائما يلقون عليك باللوم، فقد كنت أود أن تذكري لنا بعضا منها حتى نستطيع أن نرى كيف يتم إلقاء اللوم عليك؟ ولماذا؟
وبما أنك لم تعددي لنا بعض نماذج من هذه المشكلات، فإني أرى أنك يمكنك أن تتعاملي مع هذه الحالة التي تعيشينها بما يأتي:
أولا: التوجه إلى الله تعالى بالدعاء، أن يدلك على الطريق الذي يصل بك إلى قلب أمك وأبيك وأخوتك .
ثانيا: إصلاح ما بينك وبين الله تعالى، يصلح الله تعالى ما بينك وبين الناس، فقد قال مجاهد – من السلف الصالح -: "إن العبد إذا أقبل على الله – عز وجل – أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه".
ثالثا : تحدثي مع والدتك، وأشعريها بحاجتك إلى العواطف وبرغبتك في إظهار مشاعر الود والحنان، وأنك ترين في تعاملهم معك اختلافا عن تعاملهم مع أخوتك.
رابعا: اكتبي بعض الآثار الواردة في العدل بين الأبناء، وضعيها في مكان يتردد عليه أبوك وأمك، حتى يروها وتصل إليهم الرسالة، ومن الممكن أن تكتبي هذا الحديث: عن النعمان بن بشير قال: أعطاني أبي عَطِيَةً، فقالتْ عمرةُ بنتُ رواحَةَ: لا أَرْضى حتَّى تُشْهِدَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: إنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي منْ عَمْرَةَ بنتِ رَوَاحةَ عطيَّةً، فَأَمَرتْني أن أُشْهدكَ يا رسولَ اللهِ، قالَ: (أعطيتَ سائرَ ولدكَ مثلَ هذا) . قالَ: لا، قال: (فاتَّقوا اللهَ واعدِلوا بينَ أولادِكُم ). قال: فَرَجَعَ فردَّ عَطِيِّتَهُ. [ صحيح البخاري ] .
خامسا: تخلصي من انطوائيتك، وكوني صاحبة شخصية اجتماعية، واتخذي لك صديقات من صاحبات الدين والخلق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "أكملُ المؤمنين إيمانًا أحاسنُهم أخلاقًا، الموَطَّؤون أكنافًا، الذين يأْلَفون ويُؤْلَفون، ولا خيرَ فيمن لا يأْلَفُ ولا يُؤْلَفُ" [ السلسلة الصحيحة للألباني].
سادسا: كوني واقعية أكثر من ذلك، وابتعدي عن الاستغراق في أحلام اليقظة كثيرا، فحديثك عن أقارب متعاونين فيما بينهم، ويحبونك، هذا مطلب جميل، ولكن الحياة لا تصفو لأحد، وكما قال الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً صَديقَكَ لَمْ تَلْقَ الذي لاَ تُعَاتبُهْ
فعش واحدا أوصل أخاك فإنه مقارف ذَنْبٍ مَرَّةً وَمُجَانِبُهْ
إِذَا أنْتَ لَمْ تشْربْ مِراراً علَى الْقذى.. ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
سابعا: املئي وقت فراغك بما يعود عليك بالنفع في الدنيا والآخرة، مثل قراءة القرآن الكريم وحفظه، والقراءة النافعة المفيدة، ومشاهدة البرامج الدينية التي تناسب سنك... وغير ذلك من الأمور النافعة.
ثامنا: اقرئي كتاب: "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس " لديل كارنيجي"، وغير ذلك من الكتب التي تنفعك في التواصل الجيد مع الآخرين، وكما قيل: إذا كنت تريد أن تكون شخصية محبوبة في المجتمع، فيجب أن توافق على أن تتعلم أشياء كثيرة رغم أنك تعرفها تمام المعرفة .
تاسعا: لا تستمعي لوساوس الشيطان بالخروج من المنزل، بل اصبري على ما تعانين منه، وأحسني التعامل مع المشكلة، وفكري في الحل، بدلا من الهروب من مواجهتها، وإضافة مشكلة أخرى إليها.
عاشرا: غيري من طريقتك في التعامل مع من حولك لتحصلي على ما تريدين، ولاحظي أن النملة حين تحاول الصعود على جدار أو مرتفع ثم تسقط قبل أن تصل إلى منتهاه فإنها تحاول مرة أخرى، لكنها لا تسلك نفس الطريق الأول .
وفقك الله تعالى، ويسر لك سبل الخير.