أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي مع الله

مع الله..
(1)

في أيام رمضان جلست ندى في غرفتها تقرأ وردها من القرآن قبيل المغرب وجعلت تردد بصوتها الجميل: ((فَمنَّ اللهُ علينا وَوَقَانا عذابَ السَّمُومِ ))وفجأة رن جرس الهاتف .. رن..رن..رن..
إنها صديقتي هدى ..ماذا تريد في هذا الوقت!!.
- ندى: السلام عليكم؟؟
- هدى: وعليكم السلام ..
ندى بقي على نهاية رمضان إحدى عشر يوما هل ستعتكفين؟؟
- ندى:.. أعتكف..!!!
- هدى: نعم ، فهذه الأيام ننتظر فيها ليلة القدر، ومن سنن النبي ((صلى الله عليه وسلم )) الإعتكاف .. وقد اعتكفت زوجاته بعد مماته..
- ندى: يا لها من فكرة عظيمة ولكن هل هناك شروط ؟؟
- هدى: نعم لابد من الإستئذان من ولي أمرك..
- ندى: إذن في هذه دعواكِ ربي ييسر لنا..
جعلت ندى تفكر سأكون مع صحبة صالحة، سنبيت في قيام وصيام وقراءة القرآن .. الله أكبر .. الله أكبر.. وجعلت تتنهد :ياااااه هناك هموم كثيرة وجروح لن تلتئم إلا في هذا الجو الروحاني الطيب
و بالدعاء إلى الله يارب يسر.. يارب يسر...

(2)
ذهبت ندى إلى أبيها مسرعة .. وفي دلال جعلت تنادي أبيها .. أبيييي ....أبتيييييي ... حبيبي ..
ندى ذكية تعلم مفتاح أبيها وكيف تدخل إليه ؛قفزت على رجليه .. وجعلت تنظر إلى وجهه ببشاشة وابتسامة ..:
- كيف حالك؟؟
- نظر إليها وهو يمسك نظارته و بذكاء سألها:
- ماذا تريدين يا ندوش ؟؟
- أبي هل تعلم كم أحبك؟؟
- نعم..كما أحبك.
- لا يا أبتي أنا أحبك أكثر..
- ندى كأنك تريدين شيئا هل ستذهبين في رحلة سياحية في العيد و تعملين كل هذه المظاهرة؟؟
- لا يا أبي سأذهب إلى أجمل هذه الأماكن ..
- نظر إليها والدها متعجبا وهل هناك أجمل هذه الأماكن من مصرنا الحبيبة ؟!!..
- نعم .. سأذهب إلى المسجد..
- نظر إليها متعجبا .. المسجد!!! يا ندى أنتِ كل يوم في المسجد تذهبين إليه لصلاة التراويح!!
- لا يا أبتي صديقاتي سيذهبن للإعتكاف وأريد أن أكون معهم
و لن أستطيع أن أعتكف إلا برضاك.. والحمد لله المكان آمن..
نظر أبوها إلى سقف الحجرة برهة ، ثم التفت إليها..وندى تنظر إليه وتحاول أن ترتقب ماذا سيقول؟؟
- امممممممم وكم ستمكثين هناك؟؟
- قالت بصوت منخفض : عشرة أيام فقط..
-موافق يا ندى ولكن بشروط سأكون معك في قسم الرجال في المسجد ..
صرخت ندى بسعادة وأمسكت بيد أبيها وجعلت تقفز جذلا. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر.. وقد دمعت عينيها فرحا ثم خرت ساجدة لله شاكرة له..

(3)
جعلت ندى ترتب حقيبتها وتضع أغراضها بداخلها وكلما وضعت شيئا تقول : (( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)) ..يا نفس استغلي هذه الأيام لعلك لن تجدي مثلها بعد اليوم ورفعت يديها إلى السماء : ((اللهم اجعلنا من الفائزين بليلة القدر .. اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين))..
جاءها صوت أبيها من خارج البيت : هيا يا ندى المغرب سيؤذن نريد أن ننصب الخباءات قبل أن تمتلأ الأماكن بالآخرين .. مسحت ندي دموعها وحملت حقائبها وخرجت إلى أبيها مسرعة وهي تقول بصوت عال : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ..

(4)
وصلت ندى وأبوها إلى المسجد ، ودخلت إليه مسرعة والمؤذن ينادي : الله أكبر .. الله أكبر .. ندى كاد قلبها يطير بهذه الكلمات وهى تقول بقلب فرح : ها قد جئت إليك ياربي ..جئت بقلب منكسر .. قلب قد أغلقت أمامه كل الأبواب إلا بابك..اللهم اجعلنا من المقبولين..اللهم آمين..
دخلت ندى المسجد ونظرت في أرجائه وتنهدت ..جعلت تنظر يمنة ويسرى أين ستضع خباءها؟؟ ثم نظرت هناك ، وقالت:..سأكون في هذا الركن بعيدا عن الأنظار..نصبت ندى خيمتها وجعلت تبدل ملابسها بملابس معطرة .. وخرجت لكي تلحق بركب المصلين في صلاة المغرب..

(5)
صلت ندى المغرب وجلست تتم صلاتها بأذكار ما بعد الصلاة ،وإذ بيد حانية تغلق عينيها وتقول: من أنااااا......؟؟؟
، صاحت ندى بإبتسامة ساخرة : بالتأكيد هدى .
- هدى: أهلا حبيبتي.. أحمد الله انضمامك إلينا.
- ندى: جزاكِ الله خيرا يا هدى لقد أهديت لي هدية لن أنساها ما حييت .. بارك الله فيك نعم الأخت أنتِ..
- هدى: هيا لا يوجد وقت للكلام ، فلنتنافس في ختم القرآن في هذه العشر، وليدعو كلاً منا لأخيه ولمن يحب ؛لعل الله يستجيب لنا ويدخلنا في رحمته..
- ندى: اللهم آمين..بارك الله فيك .. وليكن شعارنا يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر..

دخلت كلا من ندى وهدى خباءهما.. وبدأت ندى رحلتها مع القرآن والتفسير والذكر حتى أذن لصلاة العشاء..
(6)






بدأت أولى ليالي العشر وبدأ معها الحنين إلى الجنان وبدأت النفحات تغدو بين الحين والآخر ..كان صوت القارئ شجيًا تأثرت به جموع المصلين، وجعلت دموعهم تنهمر قطرة..قطرة.. والناس في صفوفهم كالبنيان المرصوص كالجسد الواحد ..يركعون ركوع الخاشعين ويسجدون سجود المتذللين الخاضعين.. قنت الإمام وبدأ يدعو والكل لسان حاله ((اللهم إنك عفوٌ كريم تحب العفو فاعفو عنا)).. بدأ المسجد يهتز بالبكاء.. حتى قبيل الفجر، انتهت صلاة التهجد، وبدأ كل فرد يؤوب إلى خبائه ليتسحر و يخلو بربه، ويدعو لمن يحب..

عند السحور وقفت ندى بين صديقاتها المعتكفات وذكرتهن بحديث النبي ((صلى الله عليه وسلم)) : (("إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِين")) ، أتمت ندى سحورها وانصرفت إلى خبائها في خفية، وجعلت تستغفر وتدعو لجموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربهم حتى سمعت داعي الفجر يقول ..الله أكبر .. الله أكبر..


(7)

ذهبت ندى وهدى للصلاة وحاولت هدى أن تكون من أصحاب الصف الأول ..همست ندى في أذن صديقتها هدى: هل من صلى الفجر كان في ذمة الله ؟؟
..نظرت لها هدى وابتسمت وأومئت برأسها أي نعم..
كانت ندى تريد تذكير صديقتها بذكاء حتى تشتعر حلاوة الصلاة..
بدأت الصلاة بتكبير الإمام وإذ بندى تتنهد كأنها رمت كل أثقالها وراء ظهرها، وأصبح قلبها كالفراشة يطير في أرجاء المكان..
سجد الإمام وسجد وراءه جموع المصلين وإذا بنحيب هنا ودعاء هناك .. وكأن لسان حالهم يقول ((يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ))..انتهت الصلاة وبدأ كل فرد يؤوب إلى خيمته للراحة بعد قيام ليلٍ طويل..
وقفت ندى تنظر إليهم وتقول في نفسها ليس بعد ..إلى أين تذهبون؟؟ ماشبعت....

(8)

أغلقت أنوار المسجد وذهب الجميع في سبات عميق إلا خيم مازالت مضيئة بالذكر والتسبيح والقرآن ...يحاولون تكملة المسير ولأن رب الليل هو رب النهار فكما بدأوا في أول الليل سيكون حالهم أول النهار..قلوبهم تعلقت بالله لا يريدون إلا العتق من النيران والتنعم بالجنان ورؤية الرحمن..
أذن للظهر .. وبدأ الجميع يخرج من خيمته وإذ بالذين لم يناموا يتظاهرون بالاستيقاظ وبدأ التسارع للوضوء.. وفجأة سمع صوت مرتفع في زاوية من زوايا المسجد إذ اللواتي يصطفون في صفوف الرحمن للصلاة يتخاصمون على متاع الدنيا..أسرعت ندى بلطف إليهم وذكرتهم بقوله تعالى ((وقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَتِي هِيَ أَحْسَنُ إنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ)) .. نظر الجميع إليها بتعجب وكأنهم لأول مرة يسمعون القرآن ..أسردت ندى لهم الأحاديث وجعلت تزين العبارات وتشحن في قلوبهم بأن كونوا عباد الله إخوانا،
وقفت إحدى الموجودات تنظر بإعجاب لندى فشكرتها على حسن تعاملها وشدت على يديها بحرارة ، ودعتهم ندى بإبتسامة مشرقة لكي تلحق بركب المصلين ووقف الجميع يصطفون ليغسلون ذنوبا قد تراكمت بالأمد..

(9)

ذهبت ندى للراحة بعد صلاة الظهر فقد أتعبها المواصلة لتكملة المسير وانقسم المسجد إلى ثلاثة أقسام :-قسم نشيط قد استيقظ من نومه والتحق بركب الذاكرين والتالين لكتاب الله عز وجل .. وقسم قد أعجبه النوم فنام وخسر عمره.. وقسم كان من الذاكرين فنام لكي ينشط ويعطي كل ذي حق حقه..

(10)

مضت ليالي رمضان كعقد تنساب حباته.. حبة.. حبة ..والكل يقول : ((يا شهر رمضان ترفق، دموع المحبين تُدفق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة للوداع أن تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع أن ترفو من الصيام ما تخرق،
عسى منقطع عن ركب المقبولين أن يلحق، عسى أسير الأوزار أن يطلق، عسى من استوجب النار أن يعتق،عسى رحمة المولى لها العاصي يوفق ))..(*)

(11)

في الليلة الأخيرة من رمضان استيقظ الجميع على صوت بكاء ندى وهى تتلو قوله تعالى (( .. وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ))..التف الجميع حول ندى واقتربت هدى من ندى وأخذتها في أحضانها وجعلت تهدئ من روعها..وقالت هدى: اعلم أن الأيام الجميلة تمضي سريعا ولكن لابد أن لا نقتصر على أنفسنا بالهدى ، فليكن لكل منا نبتاً يسقيها دائما ,,لو اقتصرنا على أنفسنا لانتشر الشر واندثر الخير ،وذكرتها بقول الله تعالى : ((وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ))، وأن من نعم الله علينا أنه جعل لنا فرحة العيد جبرا لفراق شهرنا وإلا لكان كل العام لا يكفي حزنًا لفراقه ، نظرت ندى إلى هدى وهى تجفف دموعها التى تساقطت على وجهها المضيئ وابتسمت .. التفتت الأسماع إلى طفل صغير يصيح بتكبيرات العيد فرحا بقدومه.. وجعل الجميع يرددون وراءه ..
..تمت..

منقول
للامانه



إظهار التوقيع
توقيع : سحورة الامورة
#2

افتراضي رد: مع الله

يارب يجعل ايامنا كلها اعياد وافراح

إظهار التوقيع
توقيع : طُمُوحي الجنّة
#3

افتراضي رد: مع الله

يارب دئما فى افراح
إظهار التوقيع
توقيع : زاهرة الياياسمين



الساعة الآن 03:26 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل