[IMG]https://***- /bas/0091.gif[/IMG]
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
تفسيرما تيسرمن سورة يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام
[IMG]https://***- /fa/0109.gif[/IMG]
. شرح الكلمات:
[IMG]https://***- /fa/0174.gif[/IMG]
{ثم بدا لهم}: أي ظهر لهم.
{الآيات}: أي الدلائل على براءة يوسف.
{فَتَيَانِ} :الفتيان تثنية فتى، وهو من جاوز الحلم ودخل في سن الشباب.
{أعصر خمرا}: أي أعصر عنباً ليكون خمرا.
{واتبعت ملة}: أي دين.
{ما كان لنا}: أي ما انبغى لنا ولا صح منّا.
{أن نشرك بالله من شيء}: أي أن أشرك بالله شيئا من الشرك وإن قل ولا من الشركاء وإن عظموا أو حقروا.
{ذلك من فضل الله علينا}: أي ذلك التوحيد والدين الحق.
{وعلى الناس}: إذ جاءتهم الرسل به ولكنهم ما شكروا فلم يتبعوا.
[IMG]https://***- /fa/0109.gif[/IMG]
معنى الآيات
[IMG]https://***- /fa/0174.gif[/IMG]
ما زال السياق في الحديث عن يوسف عليه السلام وما حدث له بعد ظهور براءتة من تهمة امرأة العزيز قال تعالى:
- {ثم بدا لهم نم بعد ما رأوا الآية ليسجننه حتى حين} أي ثم ظهر للعزيز ومن معه من بعد ما رأوا الدلائل الواضحة على براءة يوسف وذلك كقدّ القميص من دُبر ونطق الطفل وحكمه في القضية بقوله: {إن كان قميصه} الخ وهي أدلة كافية في براءة يوسف إلا أنهم رأوا سجنه إلى حين ما، أي ريثما تسكن النفوس وتنسى الحادثة ولم يبق لها ذكر بين الناس.
_ وقوله تعالى: {ودخل معه السجن فتيان} أي فقرروا سجنه وادخلوه السجن ودخل معه فتيان أي خادمان كانا يخدمان ملك البلاد بتهمة وجهت إليهما.
_ وقوله تعالى: {قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين} .
_ وكان هذا الطلب منهما بعد أن أعجبا بسلوكه مع أهل السجن وحسن معاملته .
_ وكان يوسف ، عليه السلام ، قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة وصدق الحديث ، وحسن السمت وكثرة العبادة - صلوات الله عليه وسلامه - ومعرفة التعبير والإحسان إلى أهل السجن وعيادة مرضاهم والقيام بحقوقهم . ولما دخل هذان الفتيان إلى السجن ، تآلفا به وأحباه حبا شديدا.
_ {قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما} واللفظ محتمل لما يأتيهما في المنام أو اليقظة وهو لما علمه الله تعالى يخبرها به قبل وصوله إليهما وبما يؤول إليه،
_ وعلل لهما مبيّناً سبب علمه هذا بقوله:
{ذلكما مما علّمني ربّي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة كافرون} وهم الكنعانيون والمصريون إذ كانوا مشركين يعبدون الشمس .
• وكما نرى قبل أن يبدأ يوسف- عليه السلام- في تأويل رؤياهما، أخذ يمهد لذلك بأن يعرفهما بنفسه، وبعقيدته، ويدعوهما إلى عبادة الله وحده ويقيم لهما الأدلة على ذلك ...
وهذا شأن المصلحين العقلاء المخلصين لعقيدتهم الغيورين على نشرها بين الناس، إنهم يسوقون لغيرهم من الكلام الحكيم ما يجعل هذا الغير يثق بهم، ويقبل عليهم، ويستجيب لهم..
_ {ما كان لنا} أي ما ينبغي لنا أن نشرك بالله من شيء فنؤمن به ونَعْبُدُه معه، ثم أخبرهما أن هذا لم يكن باجتهاد منهم ولا باحتيال، وإنما هو من فضل الله تعالى عليهم، فقال ذلك من فضل الله علينا، وعلى الناس إذ خلقهم ورزقهم وكلأهم ودعاهم إلى الهدى وبيذنه لهم ولكن أكثر الناس لا يشركون فيهم لا يؤمنون ولا يعبدون.
[IMG]https://***- /fa/0109.gif[/IMG]
من هداية الآيات
[IMG]https://***- /fa/0174.gif[/IMG]
1- دخل يوسف السجن بداية أحداث ظاهرها محرق وباطنها مشرق.
2- دخول السجن ليس دائما دليلا على أنه بيت المجرمين والمنحرفين إذ دخله صفيٌ لله تعالى يوسف عليه السلام.
3- تعبير الرؤى تابع لصفاء الروح وقوة الفراسة وهي في يوسف علم لدني خاص.
4- استغلال المناسبات للدعوة إلى الله تعالى كما استغلها يوسف عليه السلام.
5- وجوب البراءة من الشرك وأهله.
6- اطلاق لفظ الآباء على الجدود إذ كل واحد هو أب لمن بعده.
[IMG]https://***- /fa/0109.gif[/IMG]
فى ظلال الآيات:
[IMG]https://***- /fa/0174.gif[/IMG]
(ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35))
_هذه هي المحنة الثالثة والأخيرة من محن الشدة في حياة يوسف ; فكل ما بعدها رخاء , وابتلاء لصبره على الرخاء , بعد ابتلاء صبره على الشدة . والمحنة في هذه الحلقة هي محنة السجن بعد ظهور البراءة . والسجن للبريء المظلوم أقسى , وإن كان في طمأنينة القلب بالبراءة تعزية وسلوى .
_وفي فترة المحنة هذه تتجلى نعمة الله على يوسف , بما وهبه من علم لدني بتعبير الرؤيا وبعض الغيب القريب الذي تبدو أوائله فيعرف تأويله . ثم تتجلى نعمة الله عليه أخيرا بإعلان براءته الكاملة إعلانا رسميا بحضرة الملك , وظهور مواهبه التي تؤهله لما هو مكنون له في عالم الغيب من مكانة مرموقة وثقة مطلقة , وسلطان عظيم .
( ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35))
وهكذا جو القصور , وجو الحكم المطلق , وجو الأوساط الأرستقراطية , وجو الجاهلية ! فبعد أن رأوا الآيات الناطقة ببراءة يوسف . وبعد أن بلغ التبجح بامرأة العزيز أن تقيم للنسوة حفل استقبال تعرض عليهن فتاها الذي شغفها حبا , ثم تعلن لهم أنها به مفتونة حقا . ويفتتن هن به ويغرينه بما يلجأ إلى ربه ليغيثه منه وينقذه , والمرأة تعلن في مجتمع النساء - دون حياء - أنه إما أن يفعل ما يؤمر به , وإما أن يلقى السجن والصغار , فيختار السجن على ما يؤمر به !
...بعد هذا كله , بدا لهم أن يسجنوه إلى حين !
ولعل المرأة كانت قد يئست من محاولاتها بعد التهديد ; ولعل الأمر كذلك قد زاد انتشارا في طبقات الشعب الأخرى . . وهنا لابد أن تحفظ سمعة "البيوتات" ! وإذا عجز رجال البيوتات عن صيانة بيوتهن ونسائهن , فإنهم ليسوا بعاجزين عن سجن فتى بريء كل جريمته أنه لم يستجب , وأن امرأة من "الوسط الراقي ! " قد فتنت به , وشهرت بحبه , ولاكت الألسن حديثها في الأوساط الشعبية !
_(ودخل معه السجن فتيان). .
سنعرف من بعد أنهما من خدم الملك الخواص . .
_ويختصر السياق ما كان من أمر يوسف في السجن , وما ظهر من صلاحه وإحسانه , فوجه إليه الأنظار , وجعله موضع ثقة المساجين , وفيهم الكثيرون ممن ساقهم سوء الطالع مثله للعمل في القصر أو الحاشية .
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)
فغضب عليهم في نزوة عارضة , فألقي بهم في السجن . . يختصر السياق هذا كله ليعرض مشهد يوسف في السجن وإلى جواره فتيان أنسا إليه , فهما يقصان عليه رؤيا رأياها . ويطلبان إليه تعبيرها , لما يتوسمانه فيه من الطيبة والصلاح وإحسان العبادة والذكر والسلوك:
_(قال أحدهما:إني أراني أعصر خمرا ; وقال
الآخر:إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه . نبئنا بتأويله , إنا نراك من المحسنين). .
_ وينتهز يوسف هذه الفرصة ليبث بين السجناء عقيدته الصحيحة ; فكونه سجينا لا يعفيه من تصحيح العقيدة الفاسدة والأوضاع الفاسدة , القائمة على إعطاء حق الربوبية للحكام الأرضيين , وجعلهم بالخضوع لهم أربابا يزاولون خصائص الربوبية , ويصبحون فراعين !
_ ويبدأ يوسف مع صاحبي السجن من موضوعهما الذي يشغل بالهما , فيطمئنهما ابتداء إلى أنه سيؤول لهم الرؤى , لأن ربه علمه علما لدنيا خاصا , جزاء على تجرده لعبادته وحده , وتخلصه من عبادة الشركاء . هو وآباؤه من قبله . . وبذلك يكسب ثقتهما منذ اللحظة الأولى بقدرته على تأويل رؤياهما , كما يكسب ثقتهما كذلك لدينه.
_ ويبدو في طريقة تناول يوسف للحديث لطف مدخله إلى النفوس , وكياسته وتنقله في الحديث في رفق لطيف . . وهي سمة هذه الشخصية البارزة في القصة بطولها . .
(قال:لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما , ذلكما مما علمني ربي). .
بهذا التوكيد الموحي بالثقة بأن الرجل على علم لدني , يرى به مقبل الرزق وينبيء بما يرى . وهذا - فوق دلالته على هبة الله لعبده الصالح يوسف - وهي كذلك بطبيعة الفترة وشيوع النبوءات فيها والرؤى - وقوله:
(ذلكما مما علمني ربي)تجيء في اللحظة المناسبة من الناحية النفسية ليدخل بها إلى قلبيهما بدعوته إلى ربه ; وليعلل بها هذا العلم اللدني الذي سيؤول لهما رؤياهما عن طريقه .
(إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله , وهم بالآخرة هم كافرون). .
_ مشيرا بهذا إلى القوم الذين ربي فيهم , وهم بيت العزيز وحاشية الملك والملأ من القوم والشعب الذي يتبعهم . والفتيان على دين القوم , ولكنه لا يواجههما بشخصيتهما , إنما يواجه القوم عامة كي لا يحرجهما ولا ينفرهما - وهي كياسة وحكمة ولطافة حس وحسن مدخل .
_ وذكر الآخرة هنا في قول يوسف يقرر - كما قلنا من قبل - أن الإيمان بالآخرة كان عنصرا من عناصر العقيدة على لسان الرسل جميعا ; منذ فجر البشرية الأول ; ولم يكن الأمر كما يزعم علماء الأديان المقارنة أن تصور الآخرة جاء إلى العقيدة - بجملتها - متأخرا . . لقد جاء إلى العقائد الوثنية الجاهلية متأخرا فعلا , ولكنه كان دائما عنصرا أصيلا في الرسالات السماوية الصحيحة . .
ثم يمضي يوسف بعد بيان معالم ملة الكفر ليبين معالم ملة الإيمان التي يتبعها هو وآباؤه:
وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (38)
_ فهي ملة التوحيد الخالص الذي لا يشرك بالله شيئا قط . . والهداية إلى التوحيد فضل من الله على المهتدين , وهو فضل في متناول الناس جميعا لو اتجهوا إليه وأرادوه . ففي فطرتهم أصوله وهواتفه , وفي الوجود من حولهم موحياته ودلائله , وفي رسالات الرسل بيانه وتقريره . ولكن الناس هم الذين لا يعرفون هذا الفضل ولا يشكرونه:
(ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (38)). .
_ مدخل لطيف . . وخطوة خطوة في حذر ولين . . ثم يتوغل في قلبيهما أكثر وأكثر , ويفصح عن عقيدته ودعوته إفصاحا كاملا , ويكشف عن فساد اعتقادهما واعتقاد قومهما , وفساد ذلك الواقع النكد الذي يعيشون فيه . . بعد ذلك التمهيد الطويل:
({يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)). .
[IMG]https://***- /fa/0174.gif[/IMG]
المراجع:
[IMG]https://***- /fa/0174.gif[/IMG]
تفسير ابن كثير .. تفسير القرآن العظيم .
تيسير الكريم الرحمن فى تفسير
كلام المنان للسعدى
سيد قطب فى ظلال القرآن.
الجزائرى أيسر التفاسير.
الطنطاوى التفسير الوسيط
[IMG]https://***- /fa/0174.gif[/IMG]
بارك الله فيكم على طيب المتابعةوأهلاً ومرحباً بكم مرة ثانية فى رحاب التفسير بعد رمضان مقبول وعيد مبارك على المسلمين جميعاً بكرمه ورحمته تعالى..
[IMG]https://***- /ne/0009.gif[/IMG]