"الجنرال" داخل الرئيس.. "الطبع يغلب التطبع"
«الحنين» إلى المؤسسة العسكرية دائم الحضور فى شخصيته.. والحياة فى «القصر» كلها «معارك»
«شعب مصر العظيم، أيها الشعب الأبى الكريم.. أقف أمامكم للمرة الأخيرة بزيى العسكرى بعد أن قررت إنهاء خدمتى كقائد عام للقوات المسلحة وزيراً للدفاع والإنتاج الحربى»، هكذا تحدث المشير عبدالفتاح السيسى، يوم 26 مارس 2025 فى خطاب استقالته من منصبه بالمؤسسة العسكرية، مرتدياً ملابسه «الميرى»، ليعلن لجموع المواطنين نيته للترشح للانتخابات الرئاسية ليصبح مدنياً من حقه الترشح للسباق الرئاسى الذى حسمه فى النهاية ليتحقق ذلك بعد أن خلع الرئيس فعلياً زيه العسكرى.
التحديات والعدائيات التى تستهدف الوطن جعلته يستعيد وجهه العسكرى الذى ارتداه عام 1970، حينما كان طالباً فى المدرسة الثانوية الجوية ليؤدى مهامه ومسئولياته كقائد أعلى للقوات المسلحة، متقمصاً شخصيته كضابط عمل فى المؤسسة العسكرية لنحو 37 عاماً، عقب تخرجه فى الكلية الحربية عام 1977، رغم عدم عودته لارتداء الزى العسكرى ثانية على غرار الرئيس الراحل أنور السادات.
«البدلة العسكرية حياتى»، هكذا رد السيسى على تساؤل الإعلامية لبنى عسل فى حواره مع مذيعى 3 قنوات فضائية يوم 15 مايو 2025، فيما رد على تساؤل الإعلامى إبراهيم عيسى خلال حواره معه بصحبة الإعلامية لميس الحديدى عن إمكانية عودته لارتداء الزى العسكرى بعد فوزه بالرئاسة ليقول له: «إيه رأيك انت؟» ليجيبه «عيسى» أن الرئيس الراحل أنور السادت كان يفعل ذلك، ليرد المرشح الرئاسى حينها: «سترى أمر طيب».
أول ظهور يحمل صبغة عسكرية لـ«السيسى» بعد توليه مهامه الرئاسية كان فى خطاب التنصيب، حين قال فور توليه منصب رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى مسألة الأمن القومى العربى وأمن منطقة الخليج العربى: «أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن المصرى ما احنا قلنا مسافة السكة مش مسافة السكة برضه ولا إيه؟».
وتواصلت كلماته ذات الطابع العسكرى حين خاطب الشعب بمناسبة ذكرى انتصار العاشر من رمضان، حين قال: «الشعب المصرى الذى حارب فى 73 صمد وكافح، ويجب على الشعب المصرى أن يحارب مجدداً لتقف الدولة على أقدامها»، مضيفاً: «حرب 73 كسرت لدى المصريين والعرب حاجز الخوف، وكان داخل كل بيت مصرى ابن فى الجيش، وكانوا لا يخافون على أولادهم بقدر خوفهم على البلد».
وفى الذكرى الثانية والستين لثورة 23 يوليو، قال «السيسى» فى خطاب تليفزيونى: «أتحدث إليكم اليوم بمناسبة مرور 62 سنة على ثورة عظيمة، الأوضاع كانت صعبة جداً ساعتها كان فيه استعمار وأوضاع اجتماعية صعبة جداً، والجيش تحرك فى الوقت ده برجال شرفاء وعظماء عشان يلبى طموحات الشعب المصرى لتكون بداية لمصر الجديدة اللى إحنا إن شاء الله ماشيين فى طريقها دلوقتى.. جيش وطنى قوى إحنا شايفين مدى دوره وأهمية دوره من ساعة ما اتحط الهدف ده»، يقصد أن إنشاء جيش قوى أحد أهداف ثورة 23 يوليو، هكذا واصل «السيسى» حديثه منتقلاً للحديث عن ثورتى 25 يناير و30 يونيو قائلاً: «المرة ديه الجيش هو اللى وقف مع الناس، الجيش سيكون دائماً ظهير للشعب زى الشعب ما هو ظهير الجيش المصرى، كلهم كتلة واحدة، الشعب المصرى هو يمثل مع الجيش كتلة صلبة جداً جداً فى استمرار والحفاظ على الدولة المصرية، محدش هيقدر أبداً يضرنا طول ما المصريين كتلة واحدة، وطول ما الجيش والمصريين على كتلة واحدة وهدف واحد هو الحفاظ على مصر».
ويواصل الرئيس حديثه عن قواتنا المسلحة، حين قال فى احتفالية إطلاق مشروع حفر قناة السويس الجديدة، رافضاً ما تردد عن موافقة الجهات الأمنية على المشروع رغم رفضه فى عهد سابقه الرئيس المعزول محمد مرسى: «لا يمكن أن يقف الجيش ضد مصلحة مصر ومش علشان حد موجود فى الحكم يكون لنا رأى ولما يأتى حد تانى يتم تغيير القرار».
وحرص الرئيس «السيسى» على حضور الندوة التثقيفية الـ13 التى نظمتها القوات المسلحة بالتزامن مع بدء المشروع القومى لتنمية محور قناة السويس، مشيداً بجهود القوات المسلحة فى دعم الاستقرار والنمو، وفى 6 سبتمبر تحدث غاضباً عن أزمة الكهرباء وما تبعها من تطهير القطاع من عناصر إخوانية فى المرحلة التى تلته مخاطباً المواطنين: «إننا نحارب فى معركة وجود».
وفى 18 سبتمبر، شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، والفريق أول صدقى صبحى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، اصطفاف قوات التدخل السريع المحمولة جواً ذات التشكيل الخاص، وطالب خلال مشاركته باصطفاف الشعب المصرى بالإدراك والفهم الدقيق لكل ما يحيط بمصر والمنطقة من مخاطر وتهديدات تلقى بظلالها على الأمن والاستقرار فى المنطقة.
وفى حديثه فى الذكرى الـ41 لنصر أكتوبر، قال: «الشعب المصرى وقف مع جيشه فى محنته بنكسة 67 ويسانده حتى الآن فى كل الظروف»، وفى 25 أكتوبر 2025، اجتمع الرئيس بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد حادث استهداف الجنود، وقال عقب الاجتماع: «أنا قلت إن المعركة فى سينا ممتدة ومش هتخلص فى أسبوع أو يوم أو اتنين من فضلكوا إحنا ثابتين وراسخين ولا حد يقدر يدخل بين الشعب المصرى ووحدته وبين قيادته دا الخطر الحقيقى».
«اللى هيرفع السلاح على مصر، لا لا، نحن نتعامل بدولة القانون»، هكذا تحدث الرئيس فى أول احتفال لعيد الشرطة فى عهده، وعقب استهداف جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية لعدد من الجنود فى سيناء، قال «السيسى» عقب اجتماعه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة: «المواجهة صعبة وشريرة واللى بيدفع تمن ده كل المصريين لأن ولاد الجيش والشرطة ولاد مصر لكن هما مستعدين يدفعوا الثمن عشان المنطقة دى بالكامل كانت هتتحول لنار»، وأضاف: «إحنا مش هنمشى ونسيب سينا لحد، يا تبقى سينا بتاعة المصريين يا نموت».
وخلال ندوة لرجال الجيش والشرطة بمسرح الجلاء يوم 1 فبراير الماضى وجه الرئيس حديثه للفريق أسامة عسكر، قائد القيادة الموحدة لمنطقة شرق القناة، قائلاً: «أنا بشهد الناس عليك يا أسامة إن أحداث سيناء الإرهابية لا تتكرر مرة أخرى، وأنت مسئول أمامى وأمام المصريين، عن أن هذا الحادث لا يتكرر مرة أخرى، وأنت أيضاً مسئول بشكل كامل عن تنمية سيناء».
«إن مصر تحتفظ لنفسها بحق الرد، وبالأسلوب والتوقيت المناسب، للقصاص من هؤلاء القتلة والمجرمين المتجردين من أبسط قيم الإنسانية»، هكذا تحدث الرئيس السيسى فى كلمة للشعب عقب اجتماعه بمجلس الدفاع الوطنى عقب بث فيديو لذبح تنظيم داعش الإرهابى لـ21 مصرياً فى ليبيا، وبعد ذلك بساعات انطلقت قواتنا الجوية لقصف نقاط قوة وارتكاز «داعش» داخل الحدود الليبية.
صمت الرئيس ولم يتحدث حتى أول حديث شهرى له وجهه للشعب يوم 22 فبراير، وجه فيه العزاء لشهداء حادث ليبيا، مضيفاً: «ماكنتش أقدر أعزى فى شهداء ليبيا إلا بعد الأخذ بثأر الشهداء»، وأضاف الرئيس: «هقول أمر أول مرة أتكلم فيه فى العلن، فى رمضان كانت هناك عناصر إرهابية بتفطر بعدد ضخم لكن تم إيقاف الضربة علشان كان فيه أطفال ونساء موجودين ضمنهم».
«ارتقاء إلى مستوى المسئولية التى تفرضها التحديات الجسيمة التى تواجه أمتنا العربية وتهدد مقدراتها.. فقد قرر القادة العرب اعتماد مبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية»، هكذا واصل الرئيس ظهوره كشخصية تعى تحديات ومقدرات الأمن القومى المصرى، ثم تواصل التعاون العربى فى مواجهة الأطماع الإيرانية فى اليمن حين قال فى كلمة له عقب اجتماعه بـ«الأعلى للقوات المسلحة» يوم 4 أبريل الماضى: «إن باب المندب قضية أمن قومى مصر وعربى، وسوف نتصدى لذلك مع الأشقاء، والأمن القومى العربى فى الخليج من أمن مصر، ومحدش هيقدر النفاذ بين أشقائنا ومصر».
وفى ذكرى عيد تحرير سيناء، قال الرئيس: «مصر حققت سلام المنتصرين، سلام اختارته وجنحت له باختيار حر وإرادة واعية، وستظل مصر حريصة على السلام وملتزمة به تحميه بقوات مسلحة قادرة وتبذل أقصى الجهد من أجل تحقيق سلام شامل وعادل لا تقتصر آثاره فقط على تحقيق التنمية والاستقرار، وإنما تمتد لتشمل القضاء على أحد أهم مبررات الإرهاب التى تستند إليها الجماعات المتطرفة».
وفى الندوة التثقيفية الـ17 للقوات المسلحة، قال «السيسى»: «القلوب والعيون كانت تبكى دماً فى الفترة ما بين 67 إلى 73 نتيجة لأن الكرامة كانت مجروحة»، لافتاً إلى أن البعض اعتبر النصر لحظة مستحيلة، إلا أنه تحقق بإرادة وجهد ودم المصريين، موضحاً: «ما نحن فيه الآن صعب، وسيزول بشرط العمل والجهد».