في منتصف ليل الجمعة 4 يونيو من العام الماضي، بدأت خطة الحكومة لخفض الدعم في التنفيذ عندما ارتفعت أسعار المواد البترولية، وارتفع سعر البنزين والسولار في جميع المحطات، لتعلن الحكومة بهذا التصرف أنها تسير وفقًا لخطة موضوعة مسبقًا تتضمن خفض الدعم بشكل تدريجي، وهذا ما أكده خبراء اقتصاديون.
بعد عدة أشهر، وتحديدًا في فبراير من العام الحالي، أعلن محمد شاكر وزير الكهرباء أنه سيتم رفع أسعار الكهرباء في يوليو المقبل وفق خطة الحكومة لتخفيض دعم الطاقة، موضحًا أن الحكومة ستخفض الدعم الموجه للكهرباء بنسبة 20% من 27.4 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي 2025 /2023 إلى 20.2 مليار جنيه في العام المالي المقبل 2025/2016.
الرئيس عبدالفتاح السيسي بدوره تحدث في أكثر من مناسبة عن الدعم، ففي كلمته التليفزيونية التي تحدث فيها للشعب بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو، العام الماضي، تحدث السيسي عن أن القرارات التي اتخذتها حكومته بخفض دعم الطاقة كانت "قاسية"، لكنها ضرورية لإصلاح الاقتصاد المتعثر، وتابع: "هذه الإجراءات لم تحدث منذ سنوات طويلة، هو إجراء قاسٍ، لكن كان لا بد منه.. إذا كنا نتحدث عن كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية لا بد أن نأخذ إجراءات وقرارات صعبة".
وفي أول مقال صحفي للرئيس السيسي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" تحدث السيسي عن أن مصر خفضت الإسراف فى دعم الطاقة بنسبة 2% من الناتج المحلي خلال شهر واحد من فترة تولي الحكم، وهي خطوة جريئة ظن قليلون أننا سنتخذها، وتابع: "هذا الإصلاح الذي يجب اتباعه عن طريق الإلغاء التام للدعم خلال السنوات الخمس المقبلة، قد أرسل إشارة واضحة بأن مصر أصبحت جادة أخيرًا في معالجة مشكلة هيكلية طويلة الأمد".
محمود عسقلاني، مؤسس حركة مواطنين ضد الغلاء، يرى أن العام الماضي شهد جهدًا بذلته الحكومة برئاسة إبراهيم محلب لتقليص الدعم عن الفقراء، في الوقت الذي كان هناك شكل من أشكال التراخي، في خفض الدعم الذي يعطى للأغنياء، وتجلى ذلك واضحًا في تصريحات الوزراء في حكومة محلب.
وأضاف عسقلاني، في تصريحاته لـ"الوطن"، أن المشهد الحالي يدل على أن الدولة مقبلة على تخفيض قيمة الدعم على الكهرباء، حيث إن الدولة كانت مخصصة حوالي 27 مليار جنيه، من المتوقع أن يتم تخفيضها إلى 21 مليار جنيه.
وأوضح عسقلاني أن الحكومة تضغط على "جيب الغلابة"، في حين أنها تستطيع أن تضغط على رجال الأعمال في تقليص الدعم عن الطاقة والوقود، مشددًا على أن أسعار الوقود ارتفعت على المواطنين البسطاء، حيث ارتفع سعر بنزين 80 الذي يستخدمه أصحاب التكاسي والميكروباصات، في حين أن أسعار بنزين 92 لم ترتفع إلا قليلًا، بالرغم من أن سعر البترول قد قل عالميًا على حد قوله.
وأشاد مؤسس حركة "مواطنين ضد الغلاء" بمنظومة دعم رغيف الخبز الجديدة، معتبرًا أن وزير التموين الحالي استطاع أن يفعل ويقضي على أزمة رغيف الخبز و"طوابير الموت" وهو الأمر الذي لم يستطع أي وزير أن يفعله، وأصبحت الحكومة قادرة على إطعام الفقراء ومحدودي الدخل من المصريين "ببلاش" في بعض الأفران.
ورأى "عسقلاني" أن على الحكومة أن ترفع أسعار الغاز الطبيعي الذي يصل إلى المنزل بسهولة في الوقت الذي بدأت أزمة أنابيب البوتاجاز في الاختفاء، لتلحق بطوابير الخبز التي اختفت تمامًا.
الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، يرى أن الدعم ليس منَّة تقدمها الحكومة للشعب المصري، فكل دول العالم تدعم شعوبها، لكنه انتقد في الوقت ذاته عدم وصول الدعم إلى مستحقيه، حيث اعتبر أن أغلب الدعم يصل إلى الأغنياء من المصريين، وليس الفقراء.
وأضاف عبده، في تصريحاته لـ"الوطن"، أن خطة ترشيد الدعم التي أعلنت عنها الحكومة على خمس سنوات لا بد أن تطال الغني ولا تضر الفقير، وهناك دراسات أجريت لحل هذه المشكلة يمكن للحكومة أن تستعين بها.
وأكد عبده أن الحكومات السابقة كانت تخشى من الاقتراب ناحية الدعم، وتعتبره خطًا أحمر لا يمكن أن تمسه بسوء، وكان قرار خفض الدعم تدريجيًا الذي اتخذته حكومة محلب، يحتاج إلى ظهير شعبي داعم لها، وهو الظهير الذي تمثل في حب المصريين لرئيسهم عبدالفتاح السيسي، والذي صارحهم من البداية بأن هناك العديد من المشكلات والمعوقات سوف تقابلهم قبل الانطلاق نحو التنمية والنهضة.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن في اعتقاده أن تخفيض الدعم لن يتضرر منه المواطن الفقير، فهو سينال من المواطن الغني فقط الذي يصل له الدعم وهو لا يستحقه، مشيرًا إلى أن الحكومة تعاملت مع ملف الدعم بشكل جيد إلا في مسألة خفض الدعم عن الوقود، والذي أضر المواطن العادي حيث أدى إلى ارتفاع الأسعار في السلع المختلفة.