"الخطاب الديني".. يعدّ محورًا مهما ومؤثرًا بالنسبة للمواطنين المصريين، ومشكلة أساسية يواجهها المجتمع مؤخرًا، لذلك يلقى اهتمامًا كبيرًا لدى الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث أورده في حديثه بـ10 مناسبات منذ توليه رئاسة الجمهورية.
واتسمت كافة أحاديث الرئيس عن الخطاب الديني، بتأكيده أكد على ضرورة مناسبته للعصر، مناشدًا رجال الدين، بتقديم خطاب سمح وسطي يعبر عن روح الإسلام الطيبة والمسلمين، مستشهدًا ببعض آيات القرآن، بخاصة بعد متاجرة الجماعات الإرهابية باسم الدين، وتشويههم لسمعته لدى الغرب.
وبعد مرور عام على تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لحكم مصر، رصدت "الوطن" المناسبات الـ10 الذين تحدث فيها السيسي عن الخطاب الديني:
1. احتفالية ليلة القدر:
في الاحتفال بليلة القدر، بدأ السيسي حديثة بالبسملة، وهنأ المصريين على الليلة المباركة، وقال خلال كلمته "سأتحدث إليكم كإنسان مسلم مهموم بدينه ومظاهر الإساءة إليه"، مشددا على ضرورة أن يكون الاحتفال متضمنا فهما حقيقيا لكتاب الله، بما يتناسب مع العصر وليس حفظه فقط.
وقال السيسي: "هناك من يقتلنا وهم للأسف من حفظة القرآن الكريم"، موضحا أنه سيحاسب أمام الله إن ترك الإساءة بحق الدين، ولافتا إلى أن الإسلام هو دين الصدق والإتقان والسماحة، متسائلًا "هل لدينا الصدق والإتقان والتسامح"، وأشاد الرئيس بالدور العظيم للأزهر، وأنه سيقدم الدعم الكامل لمؤسسة الأزهر.
وطالب الرئيس رجال الدين والأزهر، بتقديم خطاب ديني سمح وسطي، يعبر عن الإسلام والمسلمين، وشدد على دور مؤسسات الدولة لمجابهة الإساءة للدين، والتطبيق الفاسد لأصوله. وخلال الاحتفال، توجه الرئيس بالدعاء إلى الله قائلا: "يارب أعنا ووفقنا، يمكن ميكونش ليا خاطر عندك، لكني أستحلفك بخاطر كل من له خاطر عندك، أن توفقنا وتنصرنا وتهدينا وترحمنا وتكرمنا وتنصرنا".
2. احتفال المولد النبوي الشريف:
في ذكرى المولد النبوي الشريف، دعا السيسي إلى التأسي بالرسول الكريم، الذي دعا إلى نشر قيم العدل والمساواة، ودعا لعدم الاقتصار على المظاهر الاحتفالية، في إحياء ذكرى مولد النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم، وتدبر سيرته العطرة منذ مولده، مرورا بحياته ورسالته وانتهاء بوفاته، واصفًا رسالته الدينية بأنها كانت "دستورا للإنسانية".
واعتبر السيسي، أن وفاة النبي محمد تشير أنه "لن يبقى من بعد موت الإنسان إلا ما قدمت يداه"، وتساءل "هل نحن حقًا اتبعنا تعاليم رسول الله"، وتبعه بسؤال ثان يقول "أين نحن من أخلاقه وصفاته وأوامره ونواهيه؟". ودعا السيسي، إلى أن نحسن القول والعمل، وفقًا لسنة النبي محمد، داعيا إلى أن نتوكل على الله، وبالتالي ينبغي علينا ألا نتواكل اعتمادا على صدفة.
كما تحدث السيسي، عن تجديد الخطاب الديني، قائلا: "الخطاب الديني اللي بقصده اللي هو بيتناغم مع عصره"، وقال موجهًا حديثه لأهل الدين "لازم نتوقف كثيرًا أمام الحالة اللي إحنا موجودين فيها"، وقال: "هناك نصوص وأفكار تم تقديسها على مئات السنين، وأصبح الخروج عليها صعب، لدرجة انها بتعادي الدنيا كلها"، وتساءل "يعني الـ1.6 مليار هيقتلوا الدنيا اللي فيها 7 مليار عشان يعيشوا هما؟".
وشدد السيسي، على دعم الدولة للخطاب الديني الوسطي، موجها خطابه لعلماء الأزهر، قائلًا: "والله لأحاججججججججججججكم يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالى"، أما جملة "محتاجين ثورة دينية"، وجهها السيسي إلى شيخ الأزهر، قائلا: "الدنيا كلها منتظرة منكم ومنتظرة كلمتكم، والأمة دي بتضيع وضياعها بإيدينا إحنا".
3. حوار "وول ستريت جورنال":
وفي حواره لصحيفة "وول ستريت جرنال"، قال السيسي إن هناك مفاهيم وتصورات مغلوطة وخاطئة عن الإسلام الحقيقي، مشددا على أن الدين الإسلامي تحت حراسة روح الإسلام وجوهره نفسه، وليس تحت حراسة أي من البشر، وأضاف "البشر يأخذون جوهره وينحرفون به إلى اليمين أو اليسار".
وتابع السيسي، "الدين الإسلامي الحقيقي يمنح الحرية المطلقة للشعب كله، في أن يعتقد أو لا يعتقد، الإسلام لا يُملي أبدا على قتل الآخرين، لأنهم لا يؤمنون به، ولا يمنح المسلمين حق إملاء معتقداتهم للعالم كله، ولا يقول الإسلام إن المسلمين فقط سيذهبون إلى الجنة والآخرون إلى الجحيم"، مضيفا "نحن لسنا آلهة على الأرض، وليس لدينا هذا الحق في التصرف باسم الله".
4. لقاء وزير دفاع مالي:
في لقاء السيسي بوزير دفاع مالي، أوضح أن مواجهة الإرهاب لا تقتصر على الجانب العسكري والأمني، لكن تتطلب تصويب الخطاب الديني، وتفسير صحيح الدين ونقله إلى المواطنين، لافتًا إلى أن الفهم والتفسير الخاطئ للدين، يمنح أبعادًا إضافية للتطرف والإرهاب، ويساعد على نمو الفكر المتطرف وانتشاره.
5. حوار مع إذاعة القرآن الكريم:
في حواره مع إذاعة القرآن الكريم، أكد السيسي أن العالم الإسلامي يحتاج إلى وقفة مع النفس وثورة من أجل الدين، وليس على الدين لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وإظهار وتطبيق القيم السمحة والتعاليم الغراء للدين الحنيف، موضحا أن هناك مسؤولية تقع على عاتق المسلمين إزاء الدين، ويتعين أن يتحملوها بصدق، وأن يؤدوا الأمانة إزاء هذا الدين العظيم، عبر التصدي بكل الوسائل الممكنة للمحاولات الآثمة، التي تستهدف تشويهه واستغلاله لخدمة أهداف مغايرة لصحيح الدين.
6. الدورة الـ26 للجامعة العربية:
في كلمته الافتتاحية خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال القمة العربية الـ26 المنعقدة حاليًا في شرم الشيخ، قال السيسي: "لم يسبق أن استشعرت تحديا لوجودها وتهديدا لهويتها العربية كالذي تواجهه اليوم، على نحو يستهدف الروابط بين دولها وشعوبها، ويعمل على تفكيك نسيج المجتمعات داخل هذه الدول ذاتها، والسعي إلى التفرقة ما بين مواطنيها، وإلى استقطاب بعضهم وإقصاء البعض الآخر على أساس من الدين أو المذهب أو الطائفة أو العِرق".
وتابع السيسي في كلمته، "أكّدنا مِرارا أهميةِ دورِ المؤسساتِ الدينية في التصدي للفكرِ المتطرف، لأن من يسير في طريقه الوعر سينزلق حتما إلى هاوية الإرهاب، ما لم يجد سبيلا ممهدا لصحيح الدين، نحن في أمَس الحاجةِ لتفعيلِ دورِ مؤسساتِنا الدينيةِ، بما يعزِّزُ الفهمَ السليمَ لمقاصدِ الدينِ الحقيقيةِ من سماحةٍ ورحمةٍ".
وأضاف السيسي، "نحن في أمس الحاجةِ لتنقيةِ الخطابِ الديني من شوائبِ التعصبِ والتطرفِ والغُلُوِّ والتشدُّد، لتتضح حقيقة الدين الإسلامي الحنيف واعتداله، والأملُ معقودٌ في ذلك على كافةِ المؤسساتِ الدينية في الدولِ العربية، كان مؤتمر مواجهةِ التطرفِ والإرهابِ الذي احتضنهُ الأزهرُ الشريفُ في ديسمبر الماضي، نموذجا عمليا لمثلِ هذه الجهودِ، التي ننشدُ من خلالِها تجفيفَ منابعِ الفكرِ المنحرفِ، كما أن على رجالِ الفكرِ والثقافةِ والإعلامِ والتعليم واجبا عظيما تجاهَ أوطانِهم، من خلالِ تحصين النشءِ والشبابِ العربي، ضدَ المعتقدات التي تحضُّ على الكراهيةِ وجمود الفكرِ، ورفضِ التنوعِ وإقصاءِ الآخر".
7 - زيارة الكلية الحربية:
في زيارته للكلية الحربية، الذي شهد خلاله طابور اللياقة البدنية كما تناول الإفطار مع طلبة الكلية، بحضور الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة، وكبار قادة القوات المسلحة، أكد أنه لا بد من التعامل بحذر ودقة ووعي في مسألة تجديد الخطاب الدينى.
وقال السيسي إن "تجديد الخطاب الديني مسؤولية أمام الله والوطن ونحن نبني ونعمر ولا نخرب أو ندمر، والله شاهد على أعمالنا، ونستطيع باليقظة والحذر أن نمنع كثيرا مما يؤلمنا ويؤذينا".
وأضاف أنه عندما تحدث عن الخطاب الديني تحدث بشكل عام وقال عنوانا، ولم يدخل في تفاصيل، وترك الأمر للمؤسسات المختصة للقيام بدورها بشكل واع ومسؤول، قائلًا "لكنني فوجئت بتناول الموضوع في الإعلام بشكل لا يفيد القضية، وليس في صالحها، ولن يقودنا إلى التجديد المطلوب، ولن يتم إصلاح الخطاب الديني في يوم وليلة، ولن يتم بتلك الطريقة التي رأيناها".
8 - لقاء رئيس أساقفة كانتربري بالمملكة المتحدة:
في لقاء الرئيس السيسي، مع جاستن ويلبي، رئيس أساقفة كانتربري بالمملكة المتحدة، بحضور نيافة المطران منير حنا، مطران الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية بمصر وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي، والدكتور سامي فوزي، عميد الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، وستيفن هيكي، القائم بأعمال سفارة المملكة المتحدة بالقاهرة، أكد أن تصويب وتجديد الخطاب الديني يتعين أن تتم في إطار الدولة بما يضمن إيكالها إلى المتخصصين، ولا سيما في الأزهر الشريف باعتباره منارة للإسلام المعتدل، وأن تُجري في إطار شامل يتفاعل مع النفس الإنسانية ومنطق التفكير، مشيرًا إلى أنَّ عملية تصويب وتجديد الخطاب الديني ستستغرق وقتًا طويلاً، ولا يتعين خلالها المساس بثوابت العقيدة وأصول الدين.
وأضاف أن هناك عددًا من العوامل التي تتضافر معًا لإنتاج الإرهاب والفكر المتطرف ومن بينها الجهل والفقر والخطاب الديني السيء، فضلاً عن الانغلاق على الذات ورفض التعرف على ثقافة الآخر، ومن ثم فإنه من الأهمية بمكان أن تتم إتاحة الفرصة للشباب المصريين للدراسة في الجامعات الغربية، ليس فقط للاستفادة من الإمكانيات التعليمية والتقنية، ولكن للانفتاح على الآخر وتفهم العقليات المغايرة واستيعابها.
9- حوار مع قناة فرنسية:
في مقابلة مع قناة europe1 الفرنسية، قال السيسي، إن تجديد الخطاب الديني أمر حتمي، بخاصة مع ما أثبتته الأعوام الماضية وتوسع خريطة الإرهاب في العالم من الحاجة لتطوير الخطاب السياسي الإسلامي، وتجديد التعليم في الأزهر.
وأضاف أن "الخطاب الديني ينبغي أن يتعامل مع واقع وتطور الإنسان، ولا ينبغي أن يكون في تصارع معه، إننا لا نناقش العقائد، لأن العقائد مستقرة وثابتة، لكن حينما يرتبط الخطاب بكيفية العمل مع الآخرين ويصطدم مع العالم ومع الناس وعندما يكون عنيفا فهذا يحتاج لمراجعة حقيقية وتطوير حقيقي حتى يتناغم مع عصره".
10 - حديث الرئيس:
في حديثه الشهري الثاني، أكد الرئيس السيسي على تجديد الخطاب الديني ثلاثة مرات، قائلًا إن مواجهة الإرهاب ليست أمنيا فقط، فهي مواجهة شاملة تعتمد على مكافحة الفقر والجهل، وأن يكون لدينا خطاب مستنير وخطاب ديني مجدد يتعامل مع الأفكار المغلوطة والمشوشة.
وأضاف أن "الجهود التي تبذل في تجديد الخطاب الديني حتى الآن مش قد التحدي المطلوب"، مشيرًا إلى أن "الجهد المبذول من الأزهر غير كاف من أجل تجفيف منابع الإرهاب". وتابع "اليوم نتحدث بعد 10 أشهر، نحتاج في هذا الملف أن نتحرك بسرعة وفعالية أكبر، في مصر وكل العالم".