"أقسام الشرطة" هي الوجه القبيح الذي ينفر منه المصريون، وأصبح لديهم منه "حساسية التعامل معه"، فما أن تطأ قدمه هناك حتى ينقبض قلبه، والخروج منه بمثابة النجاة من الكوابيس، فإذا صح التعبير "الداخل مفقود والخارج مولود"، وذلك نظرا لشهرة عدد كبير من أقسام الشرطة بالانتهاكات والتعذيب داخل زنازينها، ووفاة عشرات المحبوسين داخلها.
كشف تقرير للمجلس القومي لحقوق الإنسان، عن الانتهاكات التي تمارَس ضد المحتجزين في مراكز الاحتجاز، فقد توفّى عشرات الموجودين رهن التحقيق في مراكز الاحتجاز وأقسام الشرطة، موضحا أن وزارة الداخلية نفسها أعلنت في ٢٤ نوفمبر عام ٢٠١٤، أن عدد الضحايا هو "٣٦"، إلا أن أرقام جماعات حقوق الإنسان رجحت أن الرقم ما بين ٨٠ و٩٨.
كما أوضح التقرير تعرض عديد من السجناء لاعتداء لفظي وجسدي من أفراد الشرطة، فضلا عن عديد من الانتهاكات التي يتعرضون لها بما يمس حقوقهم، لافتا إلى ظاهرة الوفيات داخل أماكن الاحتجاز التي كانت قد اختفت تماما، تعود مرة ثانية، فعلى الرغم من أنه لا يوجد ما يثبت أن أيًّا من هؤلاء قد مات نتيجة التعذيب، إلا أنه أيضا لا يوجد ما يثبت عكس ذلك.
تعرض "الوطن" في رصدها لأهم الانتهاكات التي وقعت في أقسام الشرطة، خلال عام من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، وتغير دفة وزارة الداخلية في عهده من اللواء محمد إبراهيم إلى اللواء مجدي عبد الغفار، وذلك على النحو التالي:
15 أبريل 2025
وفاة متهم في قضية مخدرات، بقسم شرطة مصر القديمة، نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية.
9 أبريل 2025
مصرع متهم داخل قسم شرطة بولاق الدكرور، بعد يوم واحد من تفتيش للنيابة العامة على أقسام الشرطة، وقيل إن الوفاة طبيعية، وليس هناك أي اشتباه جنائي.
29 مارس 2025
مصرع متهم داخل قسم شرطة الهرم، واتهم أهالي المتوفي ضباط القسم بتعذيبه حتى الموت لإجباره على الاعتراف بالإتجار، في حين قالت الشرطة إن المتهم ابتلع لفافة حشيش أدت لوفاته.
19 مارس 2025
متهم محبوس على ذمة قضية "قتل"، لقي مصرعه داخل حجز قسم شرطة عين شمس، وأمرت النيابة بتشريح الجثة لبيان أسباب الوفاة.
6 أغسطس 2025
- وفاة متهم بقضية "خلافات جيرة" أثناء تجديد حبسه بسبب توقف عضلة القلب، تعرض للإعياء داخل قفص الاتهام بقسم شرطة تابع للمطرية، نقل على إثره لمستشفى منشية البكري، ليفارق الحياة قبل أن يصل، وأثبت التقرير الطبي أنه لم يتعرض لضرب أو تعذيب، ولا توجد شبهة جنائية حول الوفاة التي كان سببها بالأساس توقف عضلة القلب.
- قام أحد ضباط الشرطة بمركز أبو المطامير، بمعاونة بعض الأمناء بضرب متهم بوحشية، كاد على أثرها أن يفقد حياته، لينتقل من القسم إلى المستشفى مصابًا بشلل نصفي، أفقده السيطرة على الجزء الأسفل من جسده.
4 أغسطس 2025
لفظ شاب أنفاسه داخل حجز قسم شرطة أول أكتوبر، أثناء قضائه مدة الحبس الاحتياطي على ذمة قضية سرقة، حيث كان ماثلًا داخل الحجز وسقط فجأة، وحضر الأطباء وأفادوا بوفاته وتم إخطار النيابة العامة، التي أمرت بندب الطب الشرعي لتشريح الجثة لبيان سبب الوفاة، إذا كانت مخدرات أو وفاة طبيعية.
3 أغسطس 2025
- توفي متهم داخل حجز قسم شرطة المعادي، بعد إصابته بغيبوبة سكر وتأخر ضباط القسم في إسعافه ليفارق الحياة نتيجة الإهمال، وأمرت النيابة بدفنه واستدعاء أسرته.
- وفي نفس اليوم لفظ متهم آخر أنفاسه داخل حجز قسم شرطة الخليفة، وتم تحرير محضر وأخطرت النيابة بالواقعة، وأمرت بتشريح الجثة لبيان سبب الوفاة، وصرحت بالدفن.
أبريل 2025
وفاة المتهم محمد السيد عبد الفتاح، داخل مركز شرطة كرداسة، كان محتجزا على ذمة قضية "خطف"، وأرجع تقرير الطب الشرعي سبب الوفاة لتعرض المتهم لعديد من الإصابات المنتشرة بعموم الجسم والرأس، صاحبها كسور بالأضلاع ونزائف دموية غزيرة منتشرة بعموم الأنسجة الرخوة بالجسم، وما نتج عنها من صدمة، بسبب الركل بالأيدي والأقدام، والضرب بماسورة بلاستيكية أو جسم صلب ذي سطح خشن، ما أدى إلى الوفاة، بينما نفى ضباط القسم تعرض المتهم للتعذيب، وأرجعوا سبب الوفاة إلى وقوع المتهم على الأرض أثناء اصطحابه لمكان اختطاف الطفل، على الرغم من تأكيد شهود العيان قيام ضابطين وعدد من أفراد مركز شرطة كرداسة، بالاعتداء عليه أمامهم بالأيدي والأرجل وباستخدام ماسورة.
ومع رصد لأشهر الانتهاكات التي وقعت داخل أقسام الشرطة، تركز معظمها بصورة أثارت الرأي العام وحفيظته، في ثلاث أقسام بشكل أكبر، أولهم قسم المطرية الذي يعد "سلخانة" كما يشتهر، نظرا لكثرة حالات الوفيات والتعذيب داخله، ثانيها قسم إمبابة، ثم دار السلام، ولذا تعرضها الوطن بشكل مفصل على النحو التالي:
1ـ قسم المطرية:
26 فبراير 2025
وفاة الشاب مصطفى إبراهيم محمود، 28 عامًا، بعد تعرضه للتعذيب داخل القسم، وهو سجين جنائي.
25 فبراير 2025
وفاة محامٍ يدعى كريم حمدي، داخل القسم بعد القبض عليه، بزعم مشاركته في مظاهرات معارضة للنظام الحالي، وتوفي بعدها بـ48 ساعة.
وتؤكد أسرته وجود آثار تعذيب وضرب على جثمانه، منها كسور بكفه وتورم وجهه وجروح برأسه.
25 فبراير 2025
وفاة المعتقل عماد أحمد العطار، 42 عامًا، إثر تعرضه للتعذيب داخل القسم.
13 ديسمبر 2025
مصرع متهم محبوس على ذمة تحقيقات في قضية مخدرات في ظروف غامضة، وأمرت النيابة بسرعة التحقيق لبيان سبب الوفاة.
- 17 أغسطس 2025
توفي عاطل محتجز داخل القسم في ظروف غامضة، وتبين أن المتوفي يدعى أحمد بيومي، وهو متهمًا في قضية حيازة سلاح ناري، وحضر إلى القسم منذ يومين فقط، ليلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يتم نقله إلى المستشفى.
- يوليو 2025
وفاة شاب يدعى أحمد محمد، 23 عامًا، بعد القبض عليه بتهمة سرقة حلق وحكم ضده بالسجن 3 سنوات، تم تقليصها لـ26 شهرا لحسن سيره وسلوكه، وقبل الإفراج عنه بساعات أخبر والده تعرضه للتعذيب، ليجده والده صباح اليوم التالي جثة هامدة، وخلف كتفه آثار تعذيب بالضرب بالعصا وتورم وجهه، وفتحة بالجانب الأيمن في رأسه.
- 15 يونيو 2025
لقى مسجل خطرٍ مخدرات مصرعه في ظروف غامضة داخل حجز القسم.
- 8 مايو 2025
لقي موظف بوزارة المالية يدعى عزت عبدالفتاح مصرعه داخل حجز القسم، وهو أحد المحبوسين بقرار من النيابة العامة لاتهامه بالاشتراك في مشاجرة بمنطقته.
وكشف الطب الشرعي، أن الوفاة تمت نتيجة إصابات بجسم صلب عريض، وركلات بالقدم والأيدي، تسببت في كسر 9 أضلع ونزيف وارتجاج دماغي نتيجة رطم رأس المتوفى في الحائط أو شيء صلب، إضافة إلى نزيف في التجويف الصدري.
- أبريل 2025
وفاة "مصطفى الأسواني" داخل القسم، بعد تعرضه للضرب المبرح حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
- 19 يناير 2025
لقي مسجل خطر مصرعه داخل حجز القسم، بسبب هبوطٍ حادٍ في الدورة الدموية، وكان المجني عليه محبوسًا على ذمة قضية اتجار في المخدرات.
2ـ قسم إمبابة:
27 مايو 2025
مصرع سجين يدعى هاني فتحي عزيز، 33عامًا، داخل حجز القسم، كان محبوسًا على ذمة قضايا تسديد شيكات، أوضحت مصادر أمنية أنه كان يعبث في شفّاط الحجز، ما أسفر عن مصرعه صعقًا بالكهرباء.
24 مايو 2025
عاقبت محكمة جنايات الجيزة، أمين شرطة بالقسم بالسجن المؤبد لمدة 25 عامًا، لإدانته بهتك عرض فتاة معاقة ذهنيًا داخل حجز قسم الشرطة في أغسطس من العام الماضي، وتم إلقاء القبض عليه عقب الواقعة.
- 8 نوفمبر 2025
توفي أحد المتهمين داخل حجز القسم، واتهم أهالي منطقة إمبابة الذين تجمهروا أمام مستشفى إمبابة المركزي، رجال الأمن بالاعتداء عليه بالضرب، ما تسبب في وفاته متأثرا بإصاباته، فيما رفض الأهالي تسلم جثته، في حين أكد أحد المصادر الأمنية أن الوفاة طبيعية ولا توجد بها شبهة جنائية.
- 9 سبتمبر 2025
توفي أحد المتهمين على ذمة قضية مخدرات داخل حجز القسم، وأمرت النيابة انتداب لجنة الطب الشرعي لفحص الجثة، وتبين من المعاينة عدم وجود آثار لعنف أو اشتباه لأية آثار على جسده، ولذا اشتبهت النيابة في أن الوفاة طبيعية.
- 13 يوليو 2025
توفي متهم محبوس على ذمة قضية مخدرات بالقسم، وأكدت مديرية أمن الجيزة أنه كان يعاني من فشل كلوي وشعر بحالة إعياء شديدة، وتم نقله على أثرها لمستشفى إمبابة المركزي إلا أنه فارق الحياة.
- 15 يونيو 2025
توفي متهم داخل حجز القسم، يدعى "رامي محمد إبراهيم" (32 عامًا) داخل حجز القسم، إثر تعرضه لهبوط حاد في الدورة الدموية.
- 5 يناير 2025
لقي عجوز مصرعه داخل حجز القسم، أثناء حجزه على ذمة قضية مقتل شاب لقي مصرعه عقب جرعة مخدرات زائدة، وأوضحت التحقيقات المبدئية أنه أصيب بحالة إعياء وتم نقله للمستشفى إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة وفارق الحياة.
- 30 أبريل 2025
توفي متهم يدعى "إبراهيم محروس" داخل الحجز، وأوضحت التحريات المبدئية أن سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية أدى إلى توقف القلب، فيما قررت النيابة تشريح الجثة لبيان سبب الوفاة.
3ـ قسم دار السلام
شهد قسم شرطة "دار السلام"، وفاة 4 متهمين خلال شهر واحد داخل الحجز، وقامت لجنة الطب الوقائي بالتفتيش على الاشتراطات الصحية داخله، لتجد أن 35 متهما بحجرة وأخرى بها 12، ونصيب الفرد نصف متر تقريبًا، وحماماته بلدية، وبدون مصدر مياه، وحمامات غير صالحة للاستخدام، ومصدر لانتقال العدوى بين المحتجزين، ويتم تفريغ حاجة المتهمين في "جردل" موجود بالحجرة، وتعطل المراوح وشفاطات الشبابيك تعمل بصورة غير منتظمة، والأسلاك تسد الشبابيك ومسدودة بالأتربة، ونسب الأكسجين في الحجر غير مطابقة، كانت كفيلة للاقتناع بوفاة 4 متهمين فقط وليس أكثر، مع حالة الإهمال والبؤس التي يعيش فيها هؤلاء المتهمين.
وكرد فعل على حالات الإهمال التي يتعرض لها المتهمون بأقسام الشرطة داخل القاهرة، أودت بحياة 6 منهم 4 في قسم شرطة "دار السلام" وحده، قررت وزارة الداخلية تركيب أجهزة تكييف بالحجوزات، منعا لحالات الاختناق والوفاة نتيجة التكدس.