أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

تدبر القران ومفهومه

/ إن مفهوم التدبر عموماً هو:


" أن تقف مع الآيات تتفكر وتتأمل وتُعيد النظر من أجل أن تُدرك معانيها، والمراد منها ..وبذلك تستشعر حلاوة القرآن ولذته، وتحظى بكنوزه وأسراره..

خاصةً وأن الكلمة في القرآن ليستْ كما تكون في غيره ، بل السموّ فيها على الكلام أنها تحملُ معنىً، وتُوميء إلى معنى..وتستتبعُ معنىً ، وهذا ما ليسَ في الطاقة البشرية.. وهذا الدليلُ على أنه :{ كتابٌ أُحكِمتْ آياتهِ ثم فُصّلت من لدن حكيمٍ خبير }.


وقد دعا الله عز وجل إلى التدبر فقال تعالى:{ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها..}
.
وهذا أسلوب حث وحضِ شديد على تدبر القرآن ، وأنهُ أمرٌ مفروغٌ منه ،فكيف أنهم إلى الآن لم يفعلوه..؟؟
قال القرطبي: "إن هذه الآية دلتْ على وجوب التدبر في القرآن ليُعرف معناه".
إذ ْْ أنه مفتاح الكنوز والذخائر والعلم والبركة العظمى التي احتواها هذا الكتاب المجيد..


- وقد قرنَ الله جل وعلا بين البركةِ والتدبر ، قال تعالى:{ كتابٌ أنزلناه إليك مباركٌ ليدَّبروا آياته.. }.
هذا الكتاب مبارك، تتجلى فيه كل مظاهر البركة وآفاقها وأصولها وفروعها ، بركةٌ في الأنفس وبركةٌ في القلوب، وبركةٌ في الأعمال، وبركةٌ في كل شيء.. وأنت بمقدار تدبرك له وجلوسَك إليه واستفادتك من هدْيه بمقدار ما ستُدرك من بركته..




يقول البقاعي معلقاً على هذه الآية: {كتابٌ أنزلناه إليك مباركٌ ليدَّبروا آياته ..} :
" أي لينظروا في عواقب كل آية وما تؤدي إليه وما تُوصلُ إليه من المعاني الباطنة فمن رضي بالاقتصار على حروفه كمن له لقحةٌ درور لا يحلبها، ومُهرةٌ نتوج لا يستولِدها، وكان جديراً بأن يضيّع حدوده فيخسر خسراناً مبيناً.."..


نعم تصحيح التلاوة وتعلّم التجويد ، واستقامة اللسان أمرٌ مهم ، وحِفظ القرآن وقراءته وإقرائه طلباً للأجر والثواب مطلبٌ عظيم وغايةٌ جليلة ، ولكن ليس عند هذا سنقف..!
فهناك ما هو أعظم وأكثرُ أجراً وثواباً وأعلى مقاماً وأشرفُ مقصداً وهو تدبُر ما نقرأه ونُقرئه.. وتدبر ما نحفظُه و نُحفِّظهُ..
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" والمطلوب من القرآن فهمُ معانيه ، والعمل به، فإن لم تكنْ هذه هي همةُ حافِظهِ لم يكن من أهل العلِم والدين".


فالله عزوجل ما أنزل كتابه إلاَّ لنعملَ به ونحن لن نعمل إلاَّ إذا فهمناه ، وتدبّرناه، وصحِبناه حق الصُحبة..


لا أعنى بصحبة القرآن أن نتعامل مع هذا الكتاب مجرد قراءةٍ فقط فيصبح همُ أحدنا متى ينتهي من السورة ليبدأ بغيرها ، ويكرر الختم ويتسارعُ فيه..


ولا أعنى بالصحبة أيضاً صُحبة السماع، أو الترتيل فقط ، فيصبح جهده وتركيزه منصباً على تقويم لسانه " المخارج، والصفات، والتجويد والصوت الجميل ".. أما المعاني والمقاصد فكأنه أمام طلاسم ورموز لا يمكنُ فكُّها ولا فهمها..

ولا أعنى بالصحبة أيضاً صُحبة الحِفظ فيصبح جُلَّ همه وغايته كم حفِظ ؟ وكم أنهى ؟ وكم بقي له ؟


هذه كلها صورٌ لصحبة ناقصة فيها من الخللِ ما فيها لن تُعطيَ صاحبها الثمرة المرجوة من القرآن ..

بل يُخشى على صاحبها أن يكون له نصيبٌ من الذم الذي ذمه الله لليهود حين جعلوا حظهم من كتابهم القراءة فقط….
قال تعالى:{ ومنهم أمَّيون لا يعلمون الكتاب إلاَّ أمانيَّ وإن هم إلاَّ يظنون }.. أو من وصف رسول الله وهو وصفٌ وردَ في سياق الذم لا المدح..[ .. وسيأتي على الناس زمانٌ قليلٌ فقهاؤه ، كثيرٌ قراؤه، تُحفظ فيه حروف القرآن وتُضيَّع حدوده ]..






قال الشاطبي: "أي يأخذون أنفسهم بقراءة القرآن وإقرائِه وهم لا يتفقهون فيه "..


استمع لما يقوله الحسن البصري عن بعض "قراء زمانه":
" أما والله ما هو بحفظ حروفه ، وإضاعة حدوده، حتى إنَّ أحدَهَم ٍليقول: لقد قرأت القرآن فما أسقطتُ منه حرفاً، وقد والله أسقطهُ كلهُ..
ما يُرى له القرآن في خُلقٍ ولا عمل، وإنَّ أحَدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نَفَس، والله ما هؤلاء بالقرَّاء ولا العلماء، ولا الحكماء، ولا الورعة، ومتى كانت القُراءُ مثل هذا فلا كثَّر الله في الناس مثل هؤلاء ".



فإن كنت عاقلاً وأنت عاقل ؟؟ فقف وانظر وتأمل ، وأعِدْ حساباتك مع نفسك وحدد موقعك من كتاب الله، ولا تكن كالعطشان يموتُ من الظمأ والماءُ بين يديه ، ولا كالتائهِ يَهْلَكُ من الحيِرة والإعياء والنور من حوله فقط لو فتحَ عينيه..
فليس مجرد إتيان الكتاب فضيلة وإنما الفضيلةُ كل الفضيلة في اتباعه ..فقد ثبتَ عن النبي ; أنه قال:[ إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضعُ به آخرين ].
وقال :[ والقرآن حُجةٌ لك أو عليك ] . وقال أيضاً:[ القرآنُ شافعٌ مُشفَّع ، وماحلٌ مصدَّق، مَنْ جعله أمامه قاده إلى الجنة , ومن جعله خلْفَ ظهرهِ ساقه إلى النار ].


روى عبد الرزاق في مصنفه عن أبي الدرداء قال:[ أقرأ الناس لهذا القرآن المنافق ، لا يذرُ منه ألفاً ولا واواً ، يلفّهُ بلسانهِ كما تلف البقرةُ الكلأ بلسانها ]..
مثل هذه النصوص لا بُد أن تؤثَر فينا وأن تخيفنا.. لا بد أن تستوقفنا ونعرضُ أنفسنا عليها ..



كما قال الآجريُّ رحمه الله في كتابه " أخلاقُ حملة القرآن " :

" فالمؤمن العاقلُ إذا تلا القرآن استعرضَ القرآن فكان كالمرآةِ يرى بها ما حَسُنَ من فِعلهِ وما قَبُحَ منه ..."..


لنرى حقيقة صحبتنا لكتاب الله سواء كُنا قارئين أو حافظين أو مُعلمين ، وإن كان الكلامُ يتأكد أكثر في حق حفظِة كتاب الله ومعلمي كتاب الله ،،
"فإن العبدَ إذا أُعطيَ من النعمةِ كمالها كان المطلوبُ منه آكدُ وأكثرُ من المطلوب من غيره "..
معشَر القراءُ يا ملحَ البلد مَنْ يُصلح الناسَ إذا الملحُ فَسدْ
بالملحِ نُصْـلحُ ما نخـشى تغيّره فكيفَ بالملحِ إنْ حلَّتْ به الغيَر


صحبتك لأشرف وأجلًَّ وأعظم كلام ..كلام الله الذي لا منتهى له .لا بد أن يُرى أثرها عليك ، فيكون القرآن ربيعاً لقلبكَ تَعْمرُ به ما خَرُبَ من هذا القلب، وتُصلحُ به ما فسدَ من جوارحك ..تُقوي به إيمانك، تُهذّب به نفسك، تتحلَّى بحليته باطناً وظاهراً ، ترتقي به إلى المعالي وإلى الكمال..

كما قال ابن مسعودٍ رضي الله عنه :
" حامل القرآن له أحوالٌ غير أحوال الناس حتى يستحق حمل القرآن في صدرهِ "..

إجمالاً بصحبتك له: " تصبح عبداً أحيا الله قلبه بالقرآن "..
{ أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مَثَلهُ في الظلمات ليس بخارجٍ منها...}
فتكون أول ما تكون صادقاً مع ربـــــك ..
صادقاً مع نفسك..
صادقاً مع الناس...

وهذا الصدقُ ما هو إلاَّ ثمرة الخشية التي قُذفتْ في القلب حين امتلأ بالقرآن وانتفعَ بالقرآن...
قال تعالى:{ لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيتهُ خاشعاً متصدعاً من خشيةِ الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون }..

فإذا كان الجبل تغيَّر حاله من القرآن... أولاَ يتغيَّر حال حامل القرآن ومعلم القرآن ..؟؟

فإن رأيت تغيراً في حالك ، وترقْياً في عبوديتك، وازدياداً في خشيتك .. وصلاحاً في سلوكك.. فأبشرْ واستبشرْ .. وأحسن ظنك بربك بأن الله إذا أرادَ بك خيراً حين ألزمكَ كتابه المبين تتلوه وتتدبره ، وتتأمله ، تقومُ به في الليل وتعملُ به في النهار..

وما مِنْ إنسانٍ أحب القرآن بصدْق ؛ ورغِبَ في القرآن بصدْق ، واشتاق لفهمهِ كمال الشوق؛ إلاَّ تبوأ منزلةً عند الله وعند خلقهِ..

** فمنزلة العبد عند ربه بمنزلة القرآن وأثره في قلبه، فالله عزوجل لما ذكَرَ الكُمَّلَ والأصفياء من خلْقِه بماذا مدَحهَم ؟؟ بأن قلوبهم خشعت لآياته..{ إنما المؤمنون الذين إذا ذُكرَ الله وجِلتْ قلوبهم وإذا تليت عليهم آياتهِ زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجاتٌ عند ربهِم ومغفرةٌ ورزقٌ كريم}..

فلما كانت لآيات الله في قلوبهم المنازل العالية كان جزاؤهم إن كانت لهم عند ربهم أيضاً المقامات الرفيعة والمنازل العالية..
فحبك لكتاب الله وتدبركَ لآياتهِ سببٌ في حب الله لك ، وحبُ الله مطلبٌ سامي ، ومقصدٌ عظيمٌ جليل .. كل النفوس تهفو إليه وتتمناه.. فليسَ الشأن أن تحب ولكن الشأن كل الشأنَ أن تُحبْ...


لا سيما إذا عرفتَ أن عبداً أحبه الله لن تمسًّه النار أبداً.. قال تعالى:{ وقالتِ اليهودُ والنصارى نحن أبناؤاْ الله وأحباؤه قل فلمَ يُعذبكمُ بذنوبكم...}.
قال العلماءُ في تفسيرها : " لو كانوا أحبَّاء الله لمَا عذَّبَهم "..

وقد جاء في مسند الإمام أحمد (3/104) قول النبي :[ والله لا يلقي حبيبهُ في النار ]..


والإنسانُ إذا أرادَ أن يبرهنَ على صدق محبته لربهِ ، أو أن يحصّلَ أصلَ تلك المحبة ، أو أرادَ أن يترقَّى في مدارجها..
فطريقهُ لهذا كله يبدأ من " تدبره لكتاب الله "..




إظهار التوقيع
توقيع : الرزان
#2

افتراضي رد: تدبر القران ومفهومه

احسنت ودائما على طريق التميز
إظهار التوقيع
توقيع : كيمة محمد احمد
#3

افتراضي رد: تدبر القران ومفهومه

جزاكى الله خيرا
#4

افتراضي رد: تدبر القران ومفهومه

جزاكي الله خيرا
إظهار التوقيع
توقيع : امورة البنات


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
تحميل القرآن الكريم كاملاً بصيغة (mp3) فتاة أنيقة القرآن الكريم
أسئلة وأجوبة عن القرآن الكريم ... ومعلومات #!# للجنة اسعى❤ القرآن الكريم
معلومات هامة وجميلة عن القرآن الكريم ايفين القرآن الكريم
هل تعلم كم ذكرت هذه في القران حياه الروح 5 القرآن الكريم
معجزة القران الكريم فى البلاغة،،Miracle of the Quran in the Rhetoric نسيم آڸدکَريآت القرآن الكريم


الساعة الآن 02:26 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل