اختلفت الآراء في ذلك ، فالبعض يرى أن الحمد و الشكر مترادفتان في معناهما ، و البعض الآخر يرى ان بينهما اختلافاً
القول الأول
أن لا فرق بين الحمد والشكر ، و أن كلاهما بمعنى واحد ، وهذا ما اختاره ابن جرير الطبري وغيره
فقد قال الطبري رحمه الله : " ومعنى( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) : الشكر خالصًا لله جل ثناؤه ، دون سائر ما يُعبد من دونه .... " ، ثم قال رحمه الله بعد ذلك : " ولا تَمانُع [ أي : اختلاف ] بين أهل المعرفة بلغات العرب من الحُكْم لقول القائل : "الحمد لله شكرًا " بالصحة ، فقد تبيّن - إذْ كان ذلك عند جميعهم صحيحًا - أنّ مواضع الشكر يصلح فيها النطق بالحمد لله، وأن الشكر يصلح بأن يوضع في مواضعَ الحمد ؛ لأن ذلك لو لم يكن كذلك ، لما جاز أن يُقال : " الحمد لله شكرًا
القول الثاني
و هو القول الذي يرى وجود فروق بين كل من الشكر و الحمد ، و من هذه الفروق
1. أن الحمد يختص باللسان ، بخلاف الشكر ، فهو بالجوارح والقلب و اللسان.
2. أن الحمد يكون في مقابل نعمة أو حتى بدونها ، بخلاف الشكر و الذي لا يكون ، إلا في مقابل وجود نعمة .
و من ذلك ما قاله ابن كثير رحمه الله – في معرض رده على كلام ابن جرير السابق الذي سبق ذكره " وهذا الذي ادعاه ابن جرير فيه نظر ؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء من المتأخرين : أن الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية ، والشكر لا يكون إلا على المتعدية ، ويكون بالجنان واللسان والأركان ، كما قال الشاعر : أفادتكم النعماءُ مني ثلاثةً ... يدي ولساني والضميرَ المُحَجَّبا
إضافة لذلك ، فقد اختلف بين الحمد و الشكر أيهما أعم ، و جاء ذلك في قولين ،فالحمد في مفهومه أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه ؛و ذك لأنه يكون على الصفات المتعدية و تلك اللازمة، فمثلاً تقول حمدته لفروسيته ، وحمدته لكرمه . وهو أخص لأنه لا يكون إلا بالقول ، والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه ؛ لأنه يكون بالنية و القول و الفعل ، كما تقدم . وهو أخص ؛ لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية :فتقول شكرته على كرمه وإحسانه إليّ ، و لا تقول شككرته على فروسيته