في مدينة حالكة الظلام تدعى
"مدينة الأحزان"
مدينة لايوجد بها سوى قطرات من الدموع التي تملؤ الأركان..
حيث يعيش بها"قلبــي"بكل أسى متذكراً آلامه ومحاولاَ النسيان..
تتجول روحي فيها .. تسير في شوارعها .. حاملةً معها صفحات نقش عليها بعض الكلم .. المسطر بحبر من دم .. يملؤها الشوق والألم .. والحزن على أناس صاروا من العدم .. ولم يعد وجودهم سوى حلم ووهم ..
أسير بين أرصفتها .. ولا أعلم إلى أين سأذهب .. المهم بأن أنتقل لمكان آخر..
وبينما روحي تتجول بين جنبات الطريق إذبها ترى كومة من الحب البريء النقي ..
الملون بالصدق والوفاء ..ملقى على الأرض بكل قسوة وبلا مبالاة ..!!
وبجانبه أشلاء متناثرة هنا وهناك من قلوب وردية حالمة .. كانت ضحايا لسهام الغدر والخيانة .. حيث لايمكنها العيش في صحرائنا القاحلة..
وبالقرب منها تجلس فتاة في غاية الجمال .. ملامحها توحي بالطيبة والوفاء .. كانت تذرف الدم بدلاَ
من الدمع .. اقتربت منها .. وسألتها من تكون ؟؟!
أجابتني وبصوتها نبرة حزن وألم..
أنا وهم .. أنا شيء لم يعد له وجود أبدا أنا "الصداقة" فتعجبت لشأنها وسألتها لماذا تبكين وأنتِ
تعلمين بأنكِ أروع مافي الوجود ؟؟!!
أجابتني قائلة : كيف لا أبكي وأنا أشعر بأني أحرقت في عالمكم .. وتشوهت كل المعاني السامية التي كنت أكنها داخلي .. فأنا الآن لم يعد لي وجود بينكم .. نسيتموني أو بالأصح تناسيتموني , تناسيتم ماكان مني من جميل ..تجاهلتم الليالي الرائعة التي كانت بيننا .. وضعتم اللوم علي بمجرد خطأ ربما ارتكبته وتناسيتم الكثير من حسناتي .. لاتريديني أن أبكي
بعد أن أحسست بالغربة في موطني وبين أحبابي .. صرخاتها
آلمتني
~~ عذبتني~~
كانت تعني لي الكثير ..
تذكرت مانحن فيه.. فقد كانت كل همسة منها تحكي صدق ماكان في واقعنا .. أعجبت بها كثيرا أحسست بعواطفها الجياشة .. وبحروفها الصادفة ..
أكملت مسيري وصدى كلماتها يتردد في أذني .. تمنيت حينها أن أضعها تاجا على رأسي فهي نادرة الوجود في زمننا هذا ..
تعبت قدماي من المسير فقررت الجلوس هنا بين بنيان "القلب الصادق"
جلست أتأمل فيه .. فيه شموخه .. في سمو ذاته..وروعة سماته..
لقد كان مبنى أبيض مرتفع جداً يخترق السحب بعلوه وعظيم شأنه..
قررت الدخول إلى هذا المبنى لكي أرى مابداخله .. كان مدخل هذا المبنى مصبوغ بدها أبيض يدعى النقاء والوفاء ..
كم هو رائع هذا الدهان .. سرت قليلاً ثم رأيت غرفة كبيرة كتب عليها غرفة "الحب الطاهر" أعجبتني كثيراً فقد كان يملؤ أركانها العطف والشوق والخوف على كل غالي ..
ثم ذهبت مسرعة باتجاه سهم وضع على جانب هذا المكان كتب عليه إستراحة "التضحية والإيثار" دخلت هذه الإستراحة تعجبت من أناس فيها كل منهم مهتم بالآخر لأبعد حد يؤثره على نفسه يحبه كحبه لنفسه أو قديكون أكثر ..
تعجبت منهم !!
هل فعلاً بقي أحد بهذه الصفات؟؟!
خرجت من هذه الإستراحة وعيناي ممتلئتان بالدموع تأثراً مما رأت بالداخل ..
أكملت مسيري
علٍّي أجد مفاجأة جديدة ..
رأيت غرفة على اليسار .. كتب عليها غرفة "الأخوة في الله" كانت تشع نوراً قويا ودفئا عذباً دخلتها فوجدت
مالم أجده من سنين أناس قد كانوا نعم الإخوة يتناصحون ويحملون في قلوبهم المودة والرحمة ..
لايحمل أحدهم للآخر الكراهية والبغضاء.. إن غاب عنهم أحد سألوا عنه وإن فارقهم أحد حزنوا لفراقه .. وإن مات منهم أحد ذرفوا الدمع لأجله ودعوا له من قلب صادق..
تأثرت كثيرا مما رأيت تمنيت وجود أناس مثلهم في عالمنا .. لكنها تظل مجرد أمنيات من المحال أن تتحقق ..
خرجت من هذا المبنى وكلي ألم على خروجي منه ..
ابتعدت قليلاً ..
ولكن ....!!
هنا كانت الفاجعة ..؟
تلفت خلفي وإذا بالمبنى ينهار .. نعم لقد إنهار .. انهارت كل المعاني الرائعة..
كل الصفات السامية اندثرت وأصبحت حطاماً لم يعد لها من الوجود شيء ..
بكيت كثيراً تألمت لها ..
حاولت الإبتعاد .. الهروب من هذا المنظر .. لكن للأسف قابلني ماكان أصعب منه..
إنها جنــــــازة..!
جنازة يجملها جمع غفير من الناس ..
سألتهم من الذي توفي؟؟
أجابوني وبكل قسوة ..
إنها
"المشاعــر الصــادقـــة"
نعم .. لقد ماتت المشـــــآآعر الصادقة..
وأصبحت دنيانا خالية منها ..
أصبحت دنيانا غابة مليئة بالوحوش ..أصبحت كصحراء قاحلة
.. جافة ..
تحتاج لقطرة مطر تحيي فيها الحياة ..
أصبحت دنيانا كالقطب المتجمد الذي يحتاج لكل دفء وحب ليذيب الجليد من على أرضه ..
وأصبح يسيطر على عالمنا الكذب وأشقاؤه الخيانة والغدر والكره والبغضاء ..
لم أعد أحتمل أن أرى أكثر من هذا ..
سرت في طريقي عائدة إلى منزلي ..
فواجهتني رياح قوية ..
ناثرت الأوراق التي كانت بيدي
.. حملتها بعيداً عني ..
فتمنيت حينها أن تكون هذه هي "آلامي" التي تطايرت مع الريح
لكــــــــــــــــــــــــــــي تشرق
"شمســــي"
فتنير ظلماتي ,, وتبدد عتمة حياتي ,,
وتجعل كل مامضى
مجـــــ ـ ـ ـ ـ ـ ـــــرد
__..--~** ذكريــــات راحلـة **~--..__