السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
قال تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )
سئل فضيلة الشيخ سليمان بن سليم الله الرحيلي - حفظه الله -
عن كيفية علاج الوسواس القهري ؟
فأجاب حفظه الله قائلا : الوسواس طريق من طرق إبليس ، وأصل الوسواس دليل على صلاح العبد وعلى سلامة القلب ، فإن الشيطان إذا رأى أن العبد صالح ، وإنه لا يستطيع أن يغريه بالأفعال قام يوسوس له ، ولذالك النبي - صل الله عليه وسلم - لما ذكر له ذالك قال الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ) ما قدر علينا فجاء بالوسواس .
وقال : ( ذاك صريح الإيمان ) هذا أصل الوسواس .
يعني إذا وقع الوسواس فهذا دليل على هذا ، ولكن هذا لا يعني أن نثني على الموسوسين ، فإن الاستجابة للوسواس شر ، يجب اجتنابها .
ومن جاءه الوسواس هو على نوعين :
النوع الأول : أن لا يكون الوسواس غالبا عليه ، وإنما يأتيه ويذهب ، وهذا يعالج ، بكثرة الإستعاذة ، فيستعيذ بالله منه ويتفل عن يساره ، ويقرأ القرآن ، ويقرأ الأحاديث .
والنوع الثاني : أن يكثر على الإنسان حتى يغلب عليه، وهذا لا يصلح علاجه بفعل من الأفعال ، لأنه كلما فعل كلما ازداد في الوسواس ، حتى ولو قرأ القرآن ، يزداد في الوسواس .
فكيف يكون علاجه ؟
يقول الفقهاء : علاجه بالاعراض التام ، ما معنى الإعراض التام ؟ أن لا ترتب عليه فعلا ولا تركا ، حتى لو جاءك ، اعتبره كمجنون يتكلم من ورائك ، وأنت على يقين أنه لا يضرك ، ولا تفعل شيئا من أجله ، ولا تترك شيئا من أجله .
بعض الناس إذا جاءه الوسواس ، فتح القرآن ليقرأه ،فيطمع فيه إبليس فيوسوس له في القرآن ، يقوم يصلي فيوسوس له في الصلاة ، ولا تترك شيئا من أجله ، إذا كنت تقرأ القرآن وجاءك الشيطان يوسوس لك يوسوس لك ، لا تترك القراءة استمر ، أتركها إذا أردت أن تترك القراءة ، أما من أجل الوسواس فلا تترك ، إذا فعلت هذا ، وصبرت ، اعرف أن المسألة تحتاج إلى صبر ، لأن إبليس يأتي للموسوس بصفة الناصح ، المشفق في الصلاة ، هذه صلاة ، والصلاة صلة بين العبد وربه .
وإذا بطلت صلاتك ماذا بقي لك ؟
إنتبه ..!
اخرج ، اذهب توضأ حتى يفسد عليه صلاته ، وليس بناصح ، ولكنه إبليس ، فيحتاج إلى صبر .
اصبر في الوضوء يأتيك الوسواس توضأ وانصرف ، يأتيك إبليس يقول باقي شيء ، قل مالك شيء ، لا تلتفت إليه ، واذهب وصلي والله لن يضرك والله لن يضرك .
تقرأ القرآن جاءك إبليس يوسوس استمر اتركه ، استر اقرأ والله لن يضرك ، بل ستتاب لأنك تجاهد إبليس ، ثم ييأس منك إبليس فيتركك في هذا الباب ويبحث عن باب آخر .
إذن ياإخوة : مثل هذا الأخ الذي يقال إنه عنده وسواس قهري ، يعني أن الوسواس غالب عليه ، العلاج الوحيد الذي له الإعراض التام .
ومعنى الإعراض التام : أن يوقن أنه لا يضره ، وأن الله رحيم ، وأن الله لا يمكن أن يعذب عباده بهذا ، وأن هذا ليس من الدين ، الله يقول ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) كيف يكون الإنسان يتوضأ سبعين مرة يكون من الدين ، من المحال أن يكون من الدين ، فتعلم هذا وتوقن وخلاص ، تفعل ما يفعله الناس وتعرض ، وتستمر في فعلك لا تقطعه من أجل الوسواس ، ولا تفعل شيئا من أجل الوسواس ، والله بإذن الله يشفى ،وقد جربنا هذا .
والله ياإخوة : جاءني رجل يوسوس له الشيطان في امرأته أنه يطلقها ، وإذا ذهب بها إلى أهلها وقال اذهبي إلى أهلك ، يأتي إبليس ويقول طلقتها ، كان يتصل بي أحيانا الساعة الثانية من الليل والثالثة من الليل ، يقول ياشيخ هي بجواري على السرير هي امرأتي ولى طلقتها ؟ قلنا له في بداية الأمر ،اشتغل بذكر الله حتى تنصرف عن هذا الأمر ، فبدأ يشتغل بذكر الله فأصبح إبليس يأتيه إذا قال سبحان الله ، قال لا أنت تكني على الطلاق ، إذا قال الله أكبر ، قال أنت تكني على الطلاق ، وهذا عرض .
ولما رأينا أن الأمر مشتدّ به أوصيناه بالإعراض ، فكان يعرض فترة ثم يعود ، فكان يأتي إلى بيتي أحيانا فأطرده من البيت ، لأنه مادام يعرف أن هناك من يريحه ، سيستمر مع الوسواس ،ولكن أعطيناه القاعدة ، بعد فترة ولله الحمد والمنة ،استقامت حياته ،ذهب هذا عنه بالكلية ، لأنه ثبت على هذه القاعدة .
وأعرف أشخاصا كثيرين منهم ، من كان معه الوسواس أكثر من عشرين سنة ، وجاءنا ووجهناه وصبرنا معه شيئا ، ثم شفاه الله بهذه الطريقة ، فنصيحتي للأخ أن يفعل ما ذكرت والله تعالى أعلم .