الشيخ محمد زكى,ماذا تعرف عن الشيخ محمد زكى,سيرته الشخصية
اسمه ونسبه وحياته :
هو الشيخ محمد زكي بن الشيخ إبراهيم حقي(1) بن الشيخ حسـين بن الشيخ خالد الزيباري(2) العلواني(3)، وهـو أكبر أبناء الشـيخ إبراهيم حقي، ولـد عام 1334هـ / 1916 م وتوفي رحمه الله عام 1391هـ /1971 م(4) في قرية حلوة ودفن فيها.
تلقى علومه الشرعية على والده(5)، وكان ملما باللغة الفـرنسـية وطـرفا لا بأس به من اللغـة الإنكلـيزية إضـافة إلى العـربية وعلومها واللغة الكردية اتقانا تاما(6).
كان موضع اهتمام والده البالغ، وقد أعطاه ثقة عظيمة لما رآه فيه من ذكاء حاد ومعرفة بالرجال، جريئا في الحق، شديدا في دين الله عـز وجل ولاسـيما في الأمر بالمعـروف والنهي عن المنـكر، والحرص على أداء الصلوات جماعة وحمل الناس عـليها بالقـوة أحيانا(7).
تسلم الخلافة بعد وفاة والده الشـيخ إبراهيم حقي سنة 1963 م، ولم يكن تعيينه بأمر من والـده الشيخ بل فـوضَ أمر اختيار الخليفة من بعده إلى إخوانه وأنجاله وخلفائه ولم يعين أحدا وخيرهم بين أن يعينوا من يشـاءون أو أحد أنجاله فاختاروا بالإجماع نجله الأكبر الشـيخ محمد زكي(8)، وذلك تأسيا برسـول الله ( صلى الله عليه وسـلم ) وصحابته الكرام ( رضي الله عنهم ) وعملا بقوله تعالى: { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } الشورى 38 .
وكانت قـرية حلوة مركزه الثابت للإرشاد والوعـظ(9) وفـك النزاعات ( الصلح ) بين العشائر الموجودة في المنطقة، اقبل عليه الناس من داخل البلاد وخارجها.
ولقد أعطاه الله هيبة في القلوب، وحارب المفسـدين وكشـفهم للناس(10)، وقد هددوه أكثـر من مرة ولكنه لم يتنازل عن دعـوته، واستطاع بقوة الله تعالى وفـطنته أن يحد من انتشار الشيوعية في المنطقة بصورة باهـرة(11).
ومع هذه الهيبة فلقد كان رقـيق المشاعر، وإذا ذكر الله تعالى دمعت عيناه ويذكر قـول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكثروا ذكر هاذم اللذات )(12) وإذا تـنهد قـال: آمنت بالله، خوفا من الخاتمة(13).
قال نجله الشيخ عبد الله حقي: ( دخلت في إحدى الليالي إلى غرفة والدي الشيخ محمد زكي وإذا الدموع تـنهمر من عينيه ويبكي بكاء شـديدا، فاستـفسـرت منه عن الوضع الذي هو عـليه، فاخبرني بأنه سمع من نشرة الأخبار أن المسـلمين في الفـلبين يضطهدون من قبل حكامهم وقد قتل الكثير منهم، فقال: كم كنت أتمنى أن أكون معهم فأشاركهم في الدفاع عن دين الله فإن لم يكن ذلك فاقل شيء هذا البكاء الذي اعبر من خلاله مشاركتي لهمـومهم وآلامهم ).
ومن رقته ولطف مشاعـره وتواضع أخلاقه مع علو مكانته ورفعتها بين الناس يحنو على الطفل ويعطف عليه حنو الأم على ولدها وعطفها له، فلقد كان يداوي جروح الأطفال في قـرية حلوة ويضع عليها الدواء ويشعـرهم بالأمن والاطمئنان وبشفقة عالية لا مثيل لها(14).
أهم انجازاته ( بناء مسجد حلوة الشيخ ):
بدأ بناء المسـجد الكبير في حلوة أواخـر عام 1969 م حيث تعب الشـيخ رحمه الله تعبـا شـديدا في بنائه، لأن السنين التي أقام المسـجد فيها كانت صعبة وسني قحط وجـدب إذ أن الأمطار لم تهـطل تلك الأعـوام بكثرة(15)، وانتهى من بنائه صيف عام 1971 م(16) وصلى فيه جمعة واحدة فقط ثم توفاه الله في السنة نفسها التي أتم البناء فيها(17).
وقد يقول قائل: ما لهذا من عمل كبير فقد أقام الكثير من الناس المسـاجد وسعوا في عمارتها.
وأقـول: إن هذا المسـجد مع سمو العمل الذي أسـس من أجله ألا وهو العبادة ومن أجل ذلك شُـيد، فإن هذا المكان الطاهـر هو صرح عـلمي كان ومازال قبلة لطالبي العلوم الشـرعية وفنونها من أنحاء العالم كافة، ينهلون منه معارفهم ويستقون منه شريعتهم، فيعودون إلى بلادهم وقد حصنوا بمعارف جمة يعلمون بها الناس دينهم.
تفاصيل المساحة والتصميم الهندسي(18) :
في بدايته كان من الطين ( اللبن ) وكان صغيرا، وبعد وفاة والده الشيخ إبراهيم حقي واسـتلام الشيخ محمد زكي الخلافة مكانه، بدأ بتأسـيس المسـجد بشكله الحديث على أرض مساحتها ما يقارب 1300م2، وكان تصميمه من تخطيطه والتنفيذ من قبل المهندس المسؤول عن البناء، فعمل القبة على شكل عمامة أو تاج والتي يبلغ ارتفاعها 6 أمتار ابتداء من سـطح المسـجد، وهي أي ( القبة ) تستند على أعمدة أفـقية مخفية لا تُـرى من داخل المسجد وهي فوق سطحه، ولم يعتمد الشيخ على الأعمدة العمودية المتبعة في البناء التقـليدي في بناء القبة حتى لا تكون حاجزا بيـن المصلي والخطيب وهو يلقي خطبته يوم الجمعة.
والمسجد له شرفة مؤلفة من تسع قناطر ذات شكل هندسي جميل، وهي مطلة على حديقة الجامع للصلاة فيها في فصلي الربيع والصيف.
كما أن في المسـجد غـرفة في الجـانب الغـربي وهي مخصصة لاسـتقبال الضيـوف الذين يزورون الشـيخ، ويلحق بهذه الغرفة حمام ومغسلة. بينما في الجانب الشـرقي من الجامع توجد غرفة طويلة وكبيرة مخصصة للمريدين ( الذين يأتون للعبادة والصلاة والاعتكاف )، وبجانب هذه الغرفة محل مخصص للوضوء، وفي سـطح المسجد بالاتجاه الغربي حوض ماء مخفي حيث أن الناظر يبدو له أنها غرفة الـَدرَج، وحتى يكون البناء متناسقا صمم في الطرف الشـرقي المقابل له غرفة بمسـتوى غرفة بيت الـدَرَج ( الحوض ) وهي تصلح للسـكن.
ولـقـد عـزم رحمه الله تعالى بإنشـاء مدرسـة شـرعية أيضا تكـون في الطابق العلوي من المسـجد، ولكن الأجل وافاه ولم يكمل ما أراد.(19)
الخاتمة:
أرجو من الله تعالى أن قد وفـقت في عرضي هذا وأوصلت لكم الفكرة من حياة هذا الشيخ الجليل حيث كان رحمه الله تعالى سـائرا على النهج المحمدي القويم إلى أن أتاه من ربه اليقين، فأسـس بنيان آخرته على تقوى الله ومخافته، وجاء من بعـده أخـوته الكرام يحملون راية العـلم والدين يعلمون الناس ويرشدونهم إلى صراط ربهم المستقيم، يصلون ما أتمه أسلافهم ويسيرون على نهج الآباء ينيرون درب الحقيقة للناس ويسلكون مسالك الحق لهداية العالمين.
ــــــــــــــ
الهوامش:
(1) هـو العـلامة المرشـد الشـيخ إبراهيم حـقي النقـشـبـنـدي، صـاحب الخصـال الحميدة يعـرفه القـاصي والـداني بفضله ودينه، ولد سـنة (1310 هـ / 1893 م) في قـرية (باسْـرَتْ) بمنطقة (بوهـطان) من ولاية سـعرد في تركيا، وتوفي في قـرية حلوة من محافـظة الحسـكة في سوريا سنة (1383 هـ / 1963 م). كان رحمه الله زاهدا في الدنيا ورعا تقيا، أوصى أن لا يبنى على قبره قبة، وقـال: إن فعلتم ذلك فهو فخـر دنيـوي لكـم، أما جثتي فهي في التـراب ولا منفعة لي من ذلك، وربما صُـليَ فيه أحيـانا كشـأن بعض جهلة المتصـوفة المبتدعين فهاهم اليهود والنصارى قد استحقوا اللعن لهذا الأمر، فقد ورد في الحـديث النبـوي الشـريف: (( لعن الله اليهود والنصارى اتخـذوا قبور أنبيـائهم مسـاجد ))، لكن إن أردتم أن تبروني وتكرموني ولا تحرموني في الآخرة من الثواب فكونوا من بعدي قوما صالحين لأرتع في ثواب أعمالكم. أنظر المزيد حقي: الشيخ عـدنان، الأحوال الـدرية والأخـبار المسـكية في السـلسـلة العلـوانية الزيبـارية، نسـخة منضـدة على جهـاز الحاسـوب ، ( سـوريا - 1420هـ / 1999 م )، ص 1 ، 19 ، 25-26.
(2) نسبة إلى منطقة زيبار في محافظة دهـوك شمال العراق ( كردستان ). حيث سكنت هذه الأسـرة الكـريمة زيبار إثر رحيـل جـدهم الشيخ سليم بن الشـيخ علوان الحمـوي إليها وانتسـب لها، أنظر في ذلك حقي: الشيخ عدنان، الأحوال الدرية، المقـدمة ص 1 .
(3) نسبة إلى الشيخ علاء الدين عطية الشـهير بـ عـلوان الحموي، ( 873 هـ - 936 هـ / 1468م – 1530 م )، وهو غني عن التعريف.
(4) حـقي: الشـيخ عـدنان، الأحـوال الـدرية، ص 35.
(5) م.ن: ص 35.
(6) كما ذكـره لي والـدي د. واثـق الغـلامي .
(7) ) حـقي: الشـيخ عـدنان، الأحـوال الـدرية، ص 35.
(8) م.ن: ص 25.
(9) م.ن: ص 35.
(10) م.ن: ص 35.
(11) كما حدثني نجله الأكـبر الشـيخ عـبد الله حـقي.
(13) ) حـقي: الشـيخ عـدنان، الأحـوال الـدرية، ص 35.
(14) كما ذكـره لي والـدي د. واثـق الغـلامي .
(15) يعتمد أهالي تلك المنطقة على المزروعات وبالأخص زراعة القمح في تدبير معاشاتهم ويكون السقي أو الري عن طريق الـديم ( الأمطار ).
(16) ) حـقي: الشـيخ عـدنان، الأحـوال الـدرية، ص 36.
(17) ذكر لي ذلك كل من التقيت به من الذين عاصروه، وقالوا: ( أنه لم يصل فيه بعد إتمام المسجد إلا جمعة واحدة فقط ثم توفاه الله تعالى ).
(18) ذكر لي والدي رحمه الله تعالى بأن فكرة تخطيط الجامع مستوحاة من بناء المساجد في العـراق. فالناظر إليه للوهـلة الأولى يشعر بذلك التقارب.
(19) المسـاحة والتصميم الهندسي زودني بهما نجله الشـيخ عبدا لله حـقي.
الكاتب:المؤزر المصدر
إظهار التوقيع
توقيع : ربي رضاك والجنة
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: الشيخ محمد زكى,ماذا تعرف عن الشيخ محمد زكى,سيرته الشخصية
إظهار التوقيع
توقيع : المفتخرة بنفسها
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: الشيخ محمد زكى,ماذا تعرف عن الشيخ محمد زكى,سيرته الشخصية
إظهار التوقيع
توقيع : العدولة هدير
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: الشيخ محمد زكى,ماذا تعرف عن الشيخ محمد زكى,سيرته الشخصية
إظهار التوقيع
توقيع : عمر ابانا وعائشه امنا
التوقيع لا يظهر للزوار ..
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ||
| قصة قبر الشيخ عبد المتعال | الملكة نفرتيتي | قصص - حكايات - روايات | ||
| سيرة الشيخ محمد حسين يعقوب | Nothing To Lose | شخصيات وأحداث تاريخية | ||
| سماحة الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ | أم أمة الله | شخصيات وأحداث تاريخية | ||
| الشيخ زايد حياة الشيخ زايد سيرة ذايه لزايد الخير | عمر ابانا وعائشه امنا | شخصيات وأحداث تاريخية | ||
| نبذه مختصرة عن محمد بن راشد ال مكتوم | حفيدة عائشة | شخصيات وأحداث تاريخية | ||
الساعة الآن 05:32 AM
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع