رد: الايه 6 من سورة المائده مفاهيم حول الايه 6 من سورة المائده
الثاني : أنَّهُ تعالى : إنَّما أمرَ بالصلاةِ مع الوضوءِ ، فالآتي بالصلاةِ بدونِ الوضوءِ - تاركٌ للمأمورِ بهِ ، وتاركُ المأمورِ بهِ يستحق العقاب ، ولا معنى للبقاءِ في عُهدةِ التكليفِ إلا ذلكَ ، فإذا ثبتَ هذا : ظهرَ كون الوضوءِ - شرطاً لصحةِ الصَّلاةِ بُمقتضى هذهِ الآيةِ .المسألة الخامسة : قالَ الشافعيُ رحمهُ اللهُ : النيّةُ شرطٌ لصحةِ الوضوءِ والغُسلِ .وقال أبو حنيفة رحمهُ اللهُ : ليسَ كذلكَ .وأعلمْ أنَّ كلّ واحدٍ منهما : يستدلُ لذلكَ بظاهرِ هذهِ الآيةِ .أمَّا الشافعي رحمهُ اللهُ : فإنَّهُ قالَ : الوضوء مأمور به ، وكل مأمور به يجب أن يكون منوياً فالوضوء يجب أن يكون منوياً ، وإذا ثبت هذا وجب أن يكون شرطاً لأنه لا قائل بالفرق .وأمَّا أبو حنيفة رحمهُ اللهُ : فإنَّهُ احتجَّ بهذهِ الآيةِ ، على أنَّ النيَّةَ - ليستْ شرطاً لصحةِ الوضوءِ ، فقالَ : إنَّهُ تعالى - أوجبَ غسل الأعضاءِ الأربعةِ ، في هذهِ الآيةِ ، ولم يوجب النيَّة فيها ، فإيجاب النيَّة زيادة على النصِّ ، والزيادة على النصِّ نسخٌ ، ونسخ القرآنِ بخبرِ الواحدِ وبالقياسِ لا يجوز .المسألة السادسة : قالَ الشَّافعيُ رحمهُ اللهُ : الترتيب شرطٌ لصحةِ الوضوءِ .وقالَ مالكٌ وأبو حنيفة رحمهما اللهُ : ليسَ كذلكَ .واحتجَّ أبو حنيفة رحمهُ اللهُ بهذهِ الآيةِ على قولهِ ، فقال : الواو - لا توجب الترتيب ، فكانتْ الآية خالية عنْ إيجابِ الترتيبِ ، فلو قلنا بوجوبِ الترتيبِ ، كانَ ذلكَ زيادة على النصِّ ، وهو نسخٌ وهو غير جائزٍ .وجوابنا : أنَّا بيَّنا دلالة الآيةِ على وجوبِ الترتيبِ - منْ جهاتٍ أخر ، غير التمسّكِ بأنَّ الواو توجب الترتيب ، واللهُ أعلم .المسألة السابعة : موالاة أفعال الوضوءِ - ليستَ شرطاً لصحتهِ ، في القولِ الجديدِ للشافعيِ رحمهُ اللهُ ، وهو قولُ أبي حنيفة رحمهُ اللهُ ، وقالَ مالكٌ رحمهُ اللهُ : إنَّهٌ شرطٌ لنا : أنَّهُ تعالى - أوجبَ هذهِ الأعمال ،ولا شكَّ : أنَّ إيجابها ، قدرٌ مُشتركٌ بينَ إيجابها على سبيلِ الموالاةِ وإيجابها على سبيلِ التراخي ، ثمَّ إنَّهُ تعالى : حكمَ في آخرِ هذهِ الآيةِ ، بأنَّ هذا القدر يفيد حصول الطهارةِ ، وهوَ قوله : { ولكنْ يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ } فثبتَ أنَّ الوضوءَ بدونِ الموالاةِ : يفيدُ حصول الطهارةِ ، فوجبَ أنْ نقولُ بجوازِ الصلاةِ بها ، لقولهِ عليهِ الصَّلاة والسَّلام : « مفتاح الصلاة الطهارة » ............المسألة الثامنة عشرة : التثليث في أعمالِ الوضوءِ - سنةٌ لا واجبٌ ، إنَّما الواجبُ هو المرَّة الواحدة ..............المسألة الثانية والعشرون : حدُّ الوجهِ : منْ مبدأِ سطح الجبهةِ إلى منتهى الذقنِ طولاً ، ومنْ الأذنِ إلى الأذنِ عرضاً ، ولفظ الوجهِ مأخوذٌ منْ المواجهةِ - فيجب غسل كلّ ذلكَ .المسألة الرابعة والعشرون : المضمضة والاستنشاق - لا يجبانِ في الوضوءِ والغسلِ ، عندَ الشافعي رحمهُ اللهُ ، وعندَ أحمد وإسحاق رحمهما اللهُ - واجبان فيهما ، وعندَ أبي حنيفة رحمهُ اللهُ - واجبٌ في الغسلِ ، غير واجب في الوضوءِ .لنا : أنَّهُ تعالى : أوجبَ غسل الوجهِ ، والوجه : هو الذي يكون مواجهاً ، وداخل الأنفِ والفمِ غير مواجه - فلا يكون منْ الوجهِ .إذ ثبتَ هذا فنقولُ : إيصال الماء ـ إلى الأعضاءِ الأربعةِ ، يفيدُ الطهارةِ لقولهِ : { ولكنْ يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ } والطهارة : تفيد جواز الصَّلاة كما بيناه ...........المسألة الثلاثون : قالَ الجمهورُ : غسلُ اليدينِ إلى المرفقينِ - واجبٌ معهما .المسألة الثانية والثلاثون : تقديم اليُمنى على اليُسرى : مندوبٌ وليسَ بواجبٍ ، وقالَ أحمدٌ : هو واجبٌ .لنا : أنَّهُ تعالى : ذكرَ الأيدي والأرجل ، ولم يذكر فيهِ تقديم اليُمنى على اليُسرى ، وذلكَ يدلُ على أنَّ الواجب : هو غسل اليدينِ بأي صفةٍ كانَ ، واللهُ أعلم .المسألة الثالثة والثلاثون : السُّنة : أنْ يُصب الماء على الكفِ ، بحيث يسيل الماء منْ الكفِ إلى المرفقِ ، فإنْ صبَّ الماء على المرفقِ ، حتى سالَ الماءُ إلى الكفِ ، فقالَ بعضهم : هذا لا يجوز - لأنَّهُ تعالى قالَ : { وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق } فجعل المرافق غاية الغسل ، فجعلهُ مبدأ الغسل , خلاف الآية ـ فوجب أن لا يجوز .وقالَ جمهورُ الفقهاءِ : أنَّه لا يخل بصحةِ الوضوءِ - إلا أنَّهُ يكون تركاً للسُّنةِ ........المسألة السادسة والثلاثون : قالَ الشافعيُ رحمهُ اللهُ : الواجب في مسحِ الرأسِ - أقل شيءٍ يُسمَّى مَسحاً للرأسِ .وقالَ مالكٌ : يجب مسح الكلِّ .وقال أبو حنيفة رحمهُ اللهُ : الواجب مسح ربع الرأس . إذا ثبتَ هذا :فنقولُ : قوله : { وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ } يكفي ، في العملِ بهِ - مسح اليد بجزءٍ منْ أجزاءِ الرأسِ .المسألة السابعة والثلاثون : لا يجوز الاكتفاء : بالمسحِ على العمامةِ ، وقالَ الأوزاعي والثوري وأحمد : يجوز .لنا : أنَّ الآيةَ دالةٌ على أنَّهُ يجبُ المسح على الرأسش ، ومسح العمامةِ ليسَ مسحاً للرأسِ ، واحتجبوا بما روي : أنَّهُ عليهِ الصَّلاة والسَّلام : مسحَ على العمامةِ .جوابنا : لعلَّهُ مسحَ قدر الفرضِ على الرأسِ والبقية على العمامةِ .المسألة الثامنة والثلاثون : اختلفَ الناسُ في مسحِ الرجلينِ وفي غسلهِما !!!فنقلَ القفالُ ، في تفسيرهِ : عنْ ابنِ عباسٍ وأنسٍ بن مالكٍ وعكرمة والشعبي وأبي جعفر محمد بن علي الباقر : أنَّ الواجبَ فيهما - المسح ، وهو مذهب الإمامية منِ الشيعةِ .وقالَ جمهورُ الفقهاءِ والمفسرينَ : فرضهما الغسل .وقال داود الأصفهاني : يجب الجمع بينهما ، وهو قول الناصر للحقِّ منْ أئمةِ الزيديةِ .وقالَ الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري : المكلفُ مُخيرٌ بينَ المسحِ والغسلِ .حجةُ مَنْ قالَ : بوجوبِ المسحِ - مبنيٌ على القراءتينِ المشهورتينِ في قولهِ : { وَأَرْجُلَكُمْ }.فقرأَ ابنُ كثيرٍ و حمزة و أبو عمرو و عاصم ، في روايةِ : أبي بكرٍ عنهُ (( بالجرِ )) ، { أي : وَأَرْجُلِكُمْ }.وقرأَ نافعٌ و ابنُ عامرٍ و عاصم ، في روايةِ : حفصٍ عنهُ بالنصبِ ، {أي : وَأَرْجُلَكُمْ } .فنقولُ :أمَّا القراءة بالجرِ : فهي تقتضي - كون الأرجلِ معطوفة على الرؤوسِ ، فكما وجبَ المسح في الرأسِ ، فكذلكَ في الأرجلِ .فإنْ قيلَ : لم لا يجوزُ ، أنْ يُقال : هذا كسرٌ على الجوارِ ، كما في قولهِ : جحرُ ضبٍ خربٍ ، وقولهُ : كبير أناس في بجادٍ مُزَّملٍ...قلنا : هذا باطلٌ منْ وجوهٍ :الأول : أنَّ الكسرَ على الجوارِ معدود في اللَّحنِ ، الذي قدْ يتحمّل لأجلِ الضرورةِ في الشّعرِ ، وكلامُ اللهِ : يجب تنزيهه عنهُ .وثانيهما : أنَّ الكسرَ : إنَّما يصارُ إليهِ ، حيث يحصل الأمن منْ الالتباسِ ، كما في قولهِ : جحرُ ضبٍ خربٍ ، فإنَّ منْ المعلومِ بالضرورةِ : أنَّ الخربَ لا يكون نعتاً للضبِ بل للجحرِ ، وفي هذهِ الآيةِ الأمنُ منْ الالتباسِ غير حاصلٍ .وثالثها : أنَّ الكسرَ بالجوارِ : إنَّما يكون بدونِ حرفِ العطفِ ، وأمَّا معَ حرفِ العطفِ : فلمْ تتكلّم بهِ العرب .وأمَّا القراءة بالنصبِ ، فقالوا أيضاً : إنَّها توجبُ المسح ، وذلكَ لأنَّ قولهُ : { وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ } فرؤوسِكم في النصبِ ، ولكنَّها مجرورةٌ بالباءِ ، فإذا عُطفت الأرجل على الرؤوسِ - جازَ في الأرجلِ النصب عطفاً على محلِ الرؤوسِ ، والجر عطفاً على الظاهرِ ، وهذا مذهبٌ مشهورٌ للنُحاةِ .« ألصقوا الكعب بالكعاب » ولا شكَّ : أنَّ المرادَ ما ذكرناهُ . الرابع : أنَّ الكعبَ مأخوذٌ منْ الشَّرفِ والارتفاعِ ، ومنهُ جارية كاعبٌ ، إذا نتأَ ثدياها ، ومنهُ الكعب : لكلِّ ما لهُ ارتفاعٌ .حجة الإمامية : أنَّ اسمَ الكعب ، واقعٌ على العظمِ المخصوصِ الموجودِ ، في أرجلِ جميع الحيواناتِ ، فوجبَ : أنْ يكون ، في حقِّ الإنسانِ كذلكَ ، وأيضاً المفصل يُسمَّى كعباً ، ومنهُ كعوب الرمحِ لمفاصلهِ ، وفي وسطِ القدمِ مفصلٌ ، فوجبَ أنْ يكون الكعب : هو هو .والجواب : أنَّ مناطَ التكاليفِ الظاهرةِ ، يجب أنْ يكون شيئاً ظاهراً ، والذي ذكرناه أظهر ، فوجبَ أنْ يكون الكعب : هو هو .المسألة الأربعون : أثبتَ جمهورُ الفقهاءِ : جواز المسحِ على الخفينِ .وأطبقتْ الشِّيعة والخوارج على إنكارهِ ، واحتجوا بأنَّ ظاهرَ قوله تعالى : { وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبينِ } يقتضي : إمَّا غسل الرجلينِ أو مسحهما ، والمسح على الخفينِ : ليسَ مسحاً للرجلينِ ولا غسلاً لهما ، فوجبَ : أنْ لا يجوز بحكمِ نصِّ هذهِ الآيةِ ، ثمَّ قالوا : إنَّ القائلينَ بجوازِ المسحِ على الخفينِ : إنَّما يعولونَ على الخبرِ ، لكنَّ الرجوعَ إلى القرآنِ أولى منْ الرجوعِ إلى هذا الخبرِ ، ويُدلُ عليهِ وجوه :الأول : أنَّ نسخَ القرآنِ - بخبرِ الواحدِ : لا يجوز .والثاني : أنَّ هذهِ الآيةِ ، في سورةِ المائدةِ ، وأجمعَ المُفسّرونَ على أنَّ هذهِ السورةِ لا منسوخٌ فيها ألبتة - إلا قولهُ تعالى : { يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللهِ } [ المائدة : 2 ] فإنَّ بعضهم قالَ : هذهِ الآية منسوخة ، وإذا كانَ كذلكَ : امتنعَ القول بأنَّ وجوب غسل الرجلينِ - منسوخٌ .والثالث : خبرُ المسحِ على الخفيَّنِ : بتقديرِ أنَّهُ كانَ مُتقدِّماً ، على نزولِ الآيةِ ، كانَ خبر الواحد منسوخاً بالقرآنِ ، ولو كانَ بالعكسِ : كانَ خبرُ الواحدِ ناسخاً للقرآنِ ، ولا شكَّ أنَّ الأولَ : أولى ، لوجوهٍ :الأول : أنَّ ترجيحَ القرآنِ المتواترِ على خبرِ الواحدِ : أولى منْ العكسِ .وثانيها : أنَّ العملَ بالآيةِ أقرب إلى الاحتياط .وثالثها : أنَّهُ قدْ رويَ عنهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أنَّهُ قالَ : « إذا روي لكم عني حديثٌ - فاعرضوهُ على كتابِ اللهِ : فإنْ وافقهُ - فاقبلوهُ وإلاّ فردوهُ »1* ، وذلكَ يقتضي : تقديم القرآن على الخبرِ .ورابعها : أنَّ قصةَ معاذٍ : تقتضي - تقديم القرآن على الخبرِ .الوجه الرابع : في بيانِ : ضعفِ هذا الخبرِ :أنَّ العلماءَ اختلفوا فيهِ :وأمَّا الفقهاءُ فقالوا : ظهرَ عنْ بعضِ الصحابةِ القول بهِ ، ولم يظهر منْ الباقينَ إنكارٌ ، فكانَ ذلكَ إجماعاً منْ الصحابةِ ، فهذا أقوى ما يُقالُ فيهِ .وقالَ الحسن البصري : حدّثني سبعونَ منْ أصحابِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أنَّهُ مسحَ على الخفينِ. ــــــــ1* [لم يُخرَّج في الكتبِ المُعتمدة ، ولكنَّ اللهَ العظيم يقول : {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }( الشورى 10) ].المسألة الحادية والأربعون : رجلٌ مقطوع اليدينِ والرجلينِ - سقطَ عنهُ هذانِ الفرضانِ ، وبقيَ عليهِ - غسل الوجهِ ومسح الرأسِ ، فإنْ لم يكنْ معهُ منْ يوضئهُ أو ييممهُ : يسقط عنهُ ذلكَ أيضاً ، لأنَّ قولهُ تعالى : { وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبينِ } مشروطٌ بالقدرةِ عليهِ - لا محالة ، فإذا فاتتْ القدرة : سقطَ التكليف ، فهذا جملة ، ما يتعلق منْ المسائلِ - بآيةِ الوضوءِ ( إنتهى ).............