كسوف الشمس وخسوف القمر
بسم الله... الحمد لله الّذي أنعم علينا بالشّمس والقمر، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّدٍ خيرٌ من بلغ الدّين للبشر، وعلى آله
وصحبه وكل من خاف مقام ربّه واعتبر.. أمّا بعد
كسوف الشّمس وخسوف القمر
تذكرةٌ من الله للبشر
إنّ الشّمس والقمر آيتانِ من آياتِ الله. يخوف الله بهما عباده. وإنّهما لا ينكسفانقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «
» [رواه مسلم .[ 911 لموتِ أحدِ منَ النّاس. فإذا رأيتم منها شيئًا فصلُّوا وادعوا الله. حتى يكشف مابكم
كسوف الشّمس
كسوف الشّمس ظاهرةٌ عجيبةٌ شغلت بال البشر في كل العصور، ونسجوا حولها الخرافات والأساطير، وكانت توحي لهم:
1- بالخوف أحيانًا.
2- أو بموتِ أحدِ العظماء أحيانًا أخرى.
3- أو ولادة ملكٍ أو زعيمٍ.
4- أو سقوط حاكمٍ.
5- أو وقوع كارثةٍ طبيعيةٍ.
6- أو خسارة معركةٍ..
وغير ذلك من الأفكار الباطلة الّتي كانوا يعتقدونها.
كان بعض النّاس يعتقدون أثناء الكسوف أنّ التّنين يلتهم الشمس فيحجب ضوءها!!!
آيتانِ من آياتِ الله
انكسفت الشّمس يوم مات إبراهيم (ابن النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم) فقال النّاس: "انكسفت لموت إبراهيم"، فقال رسول الله
إنّ الشّمس والقمر آيتانِ من آياتِ الله، لا ينكسفان لموت أحدِ ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله « : -صلَّى الله عليه وسلَّم
» [رواه البخاري .[ 1060 وصلوا حتى ينجلي
وفي رواية: » فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصّلاة « : فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه [رواه البخاري 7401 ]، وفي أخرى «
» صححه الألباني 2260 في صحيح الجامع]، وفي رواية: واستغفاره ] » فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا وصلُّوا وتصدّقوا « [رواه
البخاري .[ 1044
أيُّها المسلمون: هكذا فعل النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عند الكسوف... وهكذا فزع وأمر بالفزع إلى الصّلاة... فمتى رأيتم
كسوف الشّمس في أيّة ساعةٍ من ساعات النّهار في: أول النّهار، أو أوسطه، آخره، ولو قبيل الغروب، فافزعوا إلى ما أمرتم
بالفزع إليه من: الدّعاء، والذّكر، والتّكبير، والاستغفار والصّدقة، والصّلاة. ثمّ ذكِّروا النّاس وانصحوهم كما فعل النّبيّ -صلّى الله
عليه وسلّم-.
فائدة:
لقد صلّى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صلاة كسوف الشّمس وهو في المدينة مرّةً واحدةً فقط، في يوم الاثنين التّاسع
والعشرين من شهر شوَّال سنّة عشر من الهجرة المُباركة، بعد أن طلعت الشّمس بنحو خمسٍ وثمانين دقيقة، حيث كان شروق
.(المصدر: د/صالح العجيري، جزاه الله خيرًا)الشّمس في السّاعة السّابعة وخمس دقائق
كيف يحدث كسوف الشّمس وخسوف القمر؟؟؟
أولًلا: كسوف الشّمس يحدث عندما يقع القمر بين الشّمس والأرض.
ثانيًا: خسوف القمر يحدث عندما تقع الأرض بين الشّمس والقمر.
أنواع الكسوف
أولًلا: الكسوف الكلِّي: وفيه يختفي قرص الشّمس بشكلٍّ كاملٍ.
ثانيًا: الكسوف الجزئيّ: وفيه يختفي قرص الشّمس بشكلٍّ جزئيّ.
ثالثًا: الكسوف الحلقيّ: وفيه تظهر الشّمس كأنّها كرةٌ ملتهبةٌ، مطموسة المركز.
فائدة:
يمكن معرفة وقت كسوف الشّمس وخسوف القمر (ماضيًّا أو مستقبلًلا) بدقةٍ متناهيةٍ نظرًا لسرعة كل من الأرض والقمر الثّابتة
ضمن المدار الّذي يدوران فيه ولا يتغير، والّذي خلقه ربّ العالمين -سبحانه وتعالى-!!!.
ملاحظة:
معرفة مواعيد الكسوف والخسوف بواسطة الحسابات الفلكية، لا يُنافي (أبدًا) أن يكون حدوثهما من أجل التّخويف.
خطورة النّظر إلى الشّمس أثناء الكسوف
يجب عدم النّظر إلى الشّمس أثناء الكسوف بالعين المجردة؛ لأنّ هذا النّظر قد يسبب أضرارًا دائمةً في شبكية العين قد تؤدي
إلى: العمى (بفعل الأشعة تحت الحمراء). ولاسيما -على الأطفال- وقد لا تظهر هذه الأضرار إلا بعد فترةٍ من الزّمن.
أخي المسلم: إذا كنت ولابد راغبًا (لفائدةٍ ما) في مشاهدة الكسوف، فيجب وضع نظارةٍ خاصّةٍ، أو لوحة أشعة اكس على العينين
(على أقل تقدير).
ظلام أثناء النّهار: حالما يبدأ القمر بالعبور أمام الشّمس، يبدأ الظّلام بالحلول تدريجيًّا حتى يغطي السّماء بشكلٍّ تامٍّ (إذا كان
الكسوف كليًّا) ويمكن مشاهدة منظرٍ فريدٍ مخيفٍ... ظلام أثناء النّهار!!!.
بعض التّأثيرات والظّواهر المترافقة
الأزهار: سوف تبدأ بالانحناء... وتنغلق على نفسها كما لو كان النّهار ليلًلا.
النّحل: يصبح في حيرةٍ من أمره...
الطّيور: تتوقف عن التّغريد...
وغيرها من التّأثيرات (الّتي لا يعلمها إلا خالق السّماوات والأرض-عزّ وجلّ-).
أيُّها الأحبّة:
إذا كانت الأزهار تنحني عند الكسوف...
وربما تكون في حالة سجود لله.. سبحانه وتعالى!!!...
أفلا نصلِّي نحن المسلمين ونركع ونسجد لله -عزّ وجلّ- عند حدوث هذه الظّاهرة الغريبة، بدلًلا من أن كون في غفلة ولهو
ولعب؟؟!!!. وإذا كان النّحل يحتار!!! والطّيور تنقطع عن التّغريد، وتصمت تعظيمًا وإجلالًلا وخشيةً للّذي خلق السّماوات
والأرض!!! فأين تعظيمنا نحن البشر لله -عزّ وجلّ- وخشيتنا منه وإجلالنا له -سبحانه وتعالى-؟؟؟!!!
***-
يستمر القمر في رحلته إلى أن يغادر من أمام الشّمس، الّتي تبدأ بالظّهور من جديدٍ، وتعود الأمور تدريجيًّا إلى حالتها كما
كانت!!! بإذن الله -عزّ وجلّ- يا سبحان الله.
ما هو المطلوب من المسلم والمسلمة عند الكسوف والخسوف؟؟؟
هناك عدة من الأمور المطلوب فعلها عند حدوث هذه الظّاهرة الكونية العجيبة، والّتي من أهمها:
صلاة الكسوف والخسوف
حكمها: سنةٌ مؤكدةٌ.
وقتها: يبدأ وقتها من وقت الكسوف والخسوف وينتهي بانجلائهما.
كيفيتها: ركعتان، في كلّ ركعةٍ: قيامان وقراءتان، وركوعان، وسجودان.
ملاحظات:
1- الأفضل أن تصلِّي جماعة في المسجد لفعل النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.
2- ينادى لها: الصّلاة جامعة... الصّلاة جامعة...
3- تُصلّى من غير أذانٍ ولا إقامةٍ.
4- يسنُّ إطالة القراءة كثيرًا.
5- وكذلك إطالة الرّكوع والسّجود.
6- يخطب الإمام بعدها خطبتين كخطبيتي العيد.
7- يطيل الإمام الدّعاء حتى تنكشف هذه الظّاهرة المخوفة.
8- يجوز أن تصلِّي جماعةً أو فرادى، سرًّا أو جهرًا، بخطبةٍ أو بلا خطبةٍ.
9- تُصلّى حضرًا وسفرًا، للكبار والصّغار.
10- للصّبيان والنّساء حضورها كالجمعة والعيدين.
ملاحظة:
قال بعض أهل العلم: "إنّ صلاة الكسوف والخسوف لا يطلب بهما المسلم إلا إذا تمّ رؤيتهما بالعين المجردة" (والله -سبحانه
وتعالى- أعلم).
فائدتان عظيمتان في حديث الكسوف
فائدة : 1 لو كان -عليه الصّلاة السّلام- يدعو لنفسه، لاستغل تلك الفرصة النّادرة عندما قال النّاس: كسفت الشمس حزنًا على
إبراهيم وأقرهم على قولهم الباطل.... لرفع منزلته ومكانته!!!
فائدة : 2 مع أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في تلك اللحظة كان حزينًا على فقد ابنه الحبيب إبراهيم، لم يمنعه ذلك من
رد الشّبه والأباطيل والخرافات، وتبليغ رسالة ربّه...!!!
من علامات نبوته -صلّى الله عليه وسلّم- في أحاديث الكسوف
أولًلا: الإنسان بطبعه مفطورٌ على الفضول، خاصّةً في الأمور الغريبة وغير المألوفة، فلابد أن كون هناك من النّاس -ولاسيما
الأطفال- من ينظر إلى الكسوف، ثم ينبهر من هذا المنظر العجيب (وبالتّالي قد يصاب بالعمى). وفي قوله -عليه الصّلاة
والسّلام-: » فافزعوا إلى الصّلاة «، [رواه البخاري [ 1047 حضٌّ للمسلمين جميعًا: رجالًلا ونساءً وأطفالًلا، على أداء صلاة الكسوف
وبالتّالي ينشغل المسلمون عن النّظر على هذه الظّاهرة الخطرة بالصّلاة.... الله أكبر!!!
فالصّلاة زيادةٌ عن كونها عبادةً وأجرًا وثوابًا عظيمًا للمسلمين فهي أيضًا خيرٌ وصحّةٌ ووقايةٌ للمجتمع بكلّ أفراده... أيَّةُ رحمة
بالمسلمين هذه؟؟؟!!!
ثانيًا: صلاة الكسوف تُؤدَّى في المساجد (والّتي هي عادة ما تكون مسقوفة على خلاف
صلاة العيد، الّتي تُؤدَّى في الفلاة في
مصلى العيد) ولعل بعض الحكم في ذلك وقاية المسلم من النّظر إلى الكسوف.... يا سبحان الله!!!
ثالثًا: عندما بيَّن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الشّمس والقمر آيتانِ من آياتِ الله لا ينكسفان لموت أحدِ ولا حياته... (سبق
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الزّمن والنّاس جميعًا) إلى: إبطال تلك الخرافات الّتي كانوا يعتقدونها، وبيان هذه الحقيقة العلمية
الباهرة، والّتي لم يكتشفها العلم إلا حديثًا.. حقًّا إنّه نبيٌّ مرسلٌ من لدن خلق السّماوات والأرض -سبحانه وتعالى-!!!
رابعًا: في قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: » فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم « [رواه البخاري [ 1063 بيان من النّبيّ -صلّى الله
عليه وسلّم- أنّ الكسوف ظاهرةٌ تبدأ وسوف تنتهي ضمن وقتٍ معينٍ » حتى يكشف ما بكم «!!!
فمنِ الّذي علَّم محمّدًا -صلّى الله عليه وسلّم- هذه الحقائق العلمية المذهلة؟؟؟!!! وهو النّبيُّ الأميُّ الّذي لا يعرف:
قراءةً ولا كتابةً ولا فلكًا؟؟!!........ أشهد أن لا إله إلا الله... وأن محمّدًا رسول الله!!!
وأخيرًا.... أيُّها المسلمون
لو كان الكسوف أمرًا طبيعيًّا (كما يزعم البعض)، لكان دوريًّا، وبصورةٍ منتظمةٍ كلّ: ثلاثة شهور، أو ستة شهور، أو سنّة، أو سنتين
مثلًلا.... بينما نحن نشاهد الكسوفات والخسوفات تتفاوت فيما بينها: فتارةً يكون في السّنّة مرّةً، وتارةً يكون في السّنّة مرّتين،
وتارةً يكون في السّنتين مرّةً، وتارةً لا يكون إلا كل عشر سنين مرّةً، وتارةً يكون جزئيًّا، وتارةً تطول مدّته، وتارةً تقصر، فلو كان
أمرًا طبيعيًّا لم يكن مختلفًا... بل لكان كالشّمس المنتظمة في شروقها وغروبها. وهذا يشير إلى التّذكير بقدرة الله -سبحانه
وتعالى- على خلقه....
وختامًا أيُّها الأحبة:
[الإسراء: .[ 59 {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا}إنّ الكسوف والخسوف تخويف من الله -عزّ وجلّ- لعبادة قال -تعالى-:
ولقد ضلّ قومٌ غفلوا عن هذه الحكمة الإلهية، وهذه الحقيقة الرّبانيّة:
فلم يروا في الكسوف بأسًا.... ولم يرفعوا به رأسًا.... ولم يرجعوا إلى الله رأسًا (مسرعين)...
[الذّاريات: [ 55 إنّه{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}نسأل الله -تعالى- أن نكون وإيّاكم من الّذين قال الله -عزّ وجلّ- فيهم:
وليُّ ذلك والقادر عليه..
ملاحظة:
حبذا لو حثّ الإخوة المسؤولون في العالم الإسلاميّ -جزاهم الله خيرًا- المسلمين على إحياء هذه السّنّة الطّيبة المُباركة (صلاة
الكسوف والخسوف)، كلما حان وقتها، وإعلامهم بموعدها سواء عن طريق الإذاعة، أو التّلفزيون، أو الصّحف، أو النّشرات، أو
الإنترنت .. إلخ، حتى ينالوا الأجر العظيم... بإذنه -تعالى-!!!
وتقبل الله طاعتكم وجزاكم الله خيرًا....