[IMG]https://www.**- /forumim/slam/sdfsdu.gif[/IMG]
التربيـــة بالوصـــف القرآنـــــي
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين :
اقضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن لايترك البشرية دون أن يرسلهم لهم رسولاً يبلغهم الدين ويرشدهم إلى الصراط المستقيم ، وأنزل مع كل رسول معجزة تكون دليلاً وبرهاناً على صدق نبوته وبيان رسالته ، وكانت معجزات الأنبياء عليهم السلام كلٌ من فن القوم الذين أرسل إليهم ، فموسى عليه وعلى نبينا السلام آتاه الله عزوجل معجزة تفوق السحر الذي اشتهر وانتشر في قومه ، فكان جواب السحرة لما ألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون: " قالو آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون " ...
وعيسى عليه السلام اشتهر قومه بالطب فآته الله عزوجل معجزات تفوق الطب وتتجاوزه، كما قال سبحانه ممتناً على عيسى عليه السلام: " إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين " سورة المائدة: 110
وكان قوم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم العرب يفتخرون بالبلاغة ويحبون الشعر ويفتخرون بالشعراء ويعدوهم مفخرة للقبيلة ، وكانت تقام الأسواق الأدبية التي تفاخر بها العرب كسوق عكاظ وذي المجاز وغيرها ، فأرسل الله عزوجل رسوله بهذه المعجزة الخالدة التي هي من جنس الكلام العرب فلا هو شعر فيجاروه ولاهو نثر فيباروه ، وهو من صميم كلامهم الذي ألفوه ، فلم يستطيع أن يأتوا بمثله ، وقد تحداهم الله عزوجل على مراحل فمن ذلك: تحدي العرب أرباب البلاغة والفصاحة أن يأتوا بمثل هذا القرآن فقال سبحانه :
: " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " سورة الإسراء:88
ثم تحداهم الله عزجل أن يأتوا بعشر سور فقال سبحانه :
: " أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين " سورة هود:13...
ثم تحداهم الله عزوجل أن يأتوا بسورة واحدة فقال سبحانه:
" أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين " سورة يونس:38 ...
وكل من أراد أن يجاري القرآن لم يستطع إلى ذلك سبيلاً كمسيلمة الكذاب وغيره من الكذابين.
فهذا الكتاب المعجز فيه أصل كل خير ، فينبغي لنا معاشر المربين أن نعود إليه ونتلمس تربيتنا منه وننطلق منه وإليه ...
مـا أنـزل الـقـرآن كيــما تقـتنى .....منه التمائم في صدور الرضع
ما أنزل القــرآن كي يتلى علـى .... قـبر تـمدد فيـه ميــت لا يـعي
مـا أنـزل الـقـرآن إلا مـنـهـجـاً.....لـلـنـاس يـهـدف لـلنعيم الأمرع
تـسـتنـبط الآيات مـن أحـكـامـه....ويـكـون لـلتشريع أفضل مرجع
والحديث عن التربية بالوصف القرآني هو حديث قديم وله أصل في أخبار سلفنا الصالح ، فمن ذلك ما روي أن الأحنف بن قيس كان جالساً يوما فجال في خاطره قوله تعالى: "لـقد أنزلنا إليكـم كتاباً فيـه ذكركـم "
فقال:عليَّ بالمصحف لألتمس ذكري حتى أعلم من أنا ومن أشبه ؟
فمر بقوم "كانوا قليلاُ من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حقٌ للسائل والمحروم " ومرَّ بقومٍ "ينفقون في السرَّاء والضرَّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس " ...
فمرَّ بقوم... " يؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة ومن يوق شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون " ...
ومرَّ بقوم " يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون " ... فقال تواضعاُ منه : اللهم لست أعرف نفسي في هؤلاء، ثم أخذ يقرأ ، ومر بقوم "إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون " ...
ومرَّ بقوم : يقال لهم "ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين " فقال: اللهم إني أبرأ إليك من هؤلاء ، حتى وقع على قوله تعالى : "وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم " فقال : اللهم أنا من هؤلاء
فاهتمام الصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح في تربية أنفسهم على كتاب الله سنة رسول الله كان من أصول التربية ، وأسس الثبات على المنهج ، ومن ذلك ما رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس وكان من النفر الذين يدنيهم عمر رضي الله عنه وكان القراء (أي أهل القرآن) أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا . فقال عيينه لابن أخيه : يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه . فاستأذن فأذن له عمر . فلما دخل قال : هي يا ابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم فينا بالعدل . فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به . فقال له الحر : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه و سلم: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " وإن هذا من الجاهلين . والله ما جاوزها عمر حين تلاها وكان وقافا عند كتاب الله تعالى . وأمثلة هذا كثير في سير أئمتنا الكرام ...