رد: سيرة الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب.
_________
(1) وقال في بعض أجوبته: نقاتلهم بعدما نقيم الحجة عليهم من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأئمة ممتثلين قوله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال: 39] . انتهى الدرر السنية (1 / 58) .
(2) وقال: فإن قال قائلهم: إنهم يكفرون بالعموم فنقول سبحانك هذا بهتان عظيم، الذي تكفر الذي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله، وأن دعوة غير الله باطلة، ثم بعد هذا يكفر أهل التوحيد ويسميهم بالخوارج.
[المراحل التي مرت بها دعوة الشيخ محمد رحمه الله]:
المراحل التي مرت بها دعوة الشيخ محمد رحمه الله بدأ الشيخ دعوته في بلدة حريملاء لوجود والده فيها، ولكن لما كانت الظروف غير مواتية ترك هذه البلدة بحثا عن غيرها فاتجه إلى العيينة واتصل بأميرها عثمان بن معمر فساعده في أول الأمر واجتمع حوله طلبة وبدأ بتنفيذ الأحكام الشرعية فهدم بعض القباب الشركية ورجم في الزنا، ثم إن ابن معمر تخلى عنه خوفا من تهديد بعض الرؤساء، فترك الشيخ العيينة وبحث عن غيرها فاتجه إلى الدرعية واتصل بأميرها محمد بن سعود وعرض عليه دعوته فقبلها وبايعه على مناصرته وصدق في ذلك، وهنا استقر الشيخ رحمه الله وانعقدت حوله حلق الدروس ووفد إليه الطلاب من مختلف الجهات وتكونت في هذه البلدة ولاية إسلامية أميرها الإمام محمد بن سعود وموجهها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وامتدت الدعوة إلى البلاد المجاورة ونشأ الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة التوحيد وقمع الشرك، وماهي إلا فترة وجيزة حتى انتشرت الدعوة وتوحدت جميع البلدان النجدية تحت رايتها، وامتدت فيما بعد إلى الحجاز وعسير وشمال الجزيرة، وكان ذلك بفضل الله وحده ثم بمؤازرة آل سعود لهذه الدعوة المباركة، وصدق الله وعده: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7] {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 173] {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40]
المراجع التي يعتمد عليها علماء الدعوة والمنهج الذي يسيرون عليه في الفتوى وأخذ المسائل:
المراجع التي يعتمد عليها علماء الدعوة هي:
1 - القرآن الكريم وتفاسيره المعتمدة.
2 - السنة النبوية وشروحها.
3 - كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرها في سائر الفنون.
4 - كتب المذاهب الأربعة وبالأخص كتب المذهب الحنبلي وما ترجح بالدليل من غيره (1) .
يقول الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الدرر السنية (1 / 127، 133) مذهبنا في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة، وطريقتنا طريقة السلف وهي أنا نقر آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها.
ونحن أيضًا في الفروع على مذهب الإمام أحمد ابن حنبل ولا ننكر على من قلد أحد الأئمة الاربعة.
ولا نستحق مرتبة الاجتهاد المطلق ولا أحد لدينا يدعيها إلا أننا في بعض المسائل إذا صح لنا نص جلي من كتاب أو سنة غير منسوخ ولا مخصص ولا معارض بأقوى منه وقال به أحد الأئمة الأربعة أخذنا به وتركنا المذهب كإرث الجد والإخوة فإنا نقدم الجد بالإرث وإن خالف مذهب الحنابلة.
ولا مانع من الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض، فلا مناقضة لعدم دعوى الاجتهاد، وقد سبق جمع من أئمة المذاهب الأربعة إلى اختيارات لهم في بعض المسائل مخالفين للمذهب الملتزمين تقليد صاحبه.
ثم إننا نستعين على فهم كتاب الله بالتفاسير المتداولة المعتبرة، ومن أجلها لدينا تفسير ابن جرير ومختصره لابن كثير الشافعي وكذا البغوي والبيضاوي والخازن والحداد والجلالين وغيرهم.
وعلى فهم الحديث بشروح الأئمة المبرزين كالعسقلاني والقسطلاني على البخاري والنووي على مسلم والمناوي على الجامع الصغير، ونحرص على كتب الحديث خصوصًا الأمهات الست وشروحها ونعتني بسائر الكتب في سائر الفنون أصولًا وفروعًا وقواعد وسيرًا ونحوًا وصرفًا وجميع علوم الأمة.
هذا وعندنا أن الإمام ابن القيم وشيخه إماما حق من أهل السنة وكتبهم عندنا من أعز الكتب إلا أنا غير مقلدين لهما في كل مسألة، فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم ومعلوم مخالفتنا لهما في عدة مسائل منها طلاق الثلاث بلفظ واحد في مجلس، فإنا نقول به تبعًا للأئمة الأربعة.
_________
(1) قال الشيخ محمد رحمه الله: (وأما المتأخرون رحمهم الله فكتبهم عندنا فنعمل بما وافق النص منها ومالا يوافق النص لا نعمل به) انتهى. من الدرر السنية (1 / 65) .
[ثمرات دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وآثارها]:
ثمرات دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وآثارها إن كل دعوة من الدعوات وكل عمل من الأعمال إنما تعرف قيمته من ثمراته المترتبة عليه ومن أثره الذي يتركه، وإن دعوة الشيخ ولله الحمد لما كانت دعوة خالصة لله مترسمة منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم مستمدة علمها من الكتاب والسنة صار لها أطيب الأثر واستمر نفعها وبقي أثرها وأنتجت للأمة خيرات كثيرة منها:
1 - قيام دولة إسلامية هي دولة آل سعود الذين آزروا هذه الدعوة وجاهدوا في سبيلها، ولا تزال هذه الدولة ولله الحمد تحكم بشريعة الله وتخدم الحرمين الشريفين وتشد أزر المسلمين في كل مكان من بقاع العالم بعمارة المساجد والمراكز الإسلامية والتعليمية.
2 - تصحيح العقيدة الإسلامية مما علق بها من الشركيات والبدع والخرافات وإرجاعها إلى منبعها الصافي من كتاب الله وسنة رسوله، وقد طهر كل البلاد التي صار لهذه الدعوة المباركة فيها نفوذ وسلطة من جميع مظاهر الشرك والبدع والخرافات.
3 - امتداد أثر هذه الدعوة المباركة خارج بلادها حتى انتفع بها من هدفه الحق في مختلف بلدان العالم الإسلامي في الشام ومصر والمغرب العربي وأفريقيا والسودان واليمن والعراق والهند والباكستان وأندونيسيا وغيرها.
4 - وجود حركة علمية واعية متحررة من التقليد الأعمى، فانتشر التعليم في المساجد في مختلف مناطق البلاد حتى تخرج فيه علماء أفذاذ في حياة الشيخ وبعدها قاموا بنشر هذه الدعوة ورعايتها إلى يومنا هذا، ثم أسست لهذا التعليم جامعات إسلامية تخرج الأفواج تلو الأفواج من مختلف العالم الإسلامي مسلحين بالعقيدة الصحيحة والفكر السليم ينتشرون في العالم الإسلامي وغيره للدعوة إلى الله.
5 - نشاط حركة التأليف والنشر، فقد قدم علماء هذه الدعوة للأمة الإسلامية رصيدًا من الكتب النافعة في الأصول والفروع ومن ذلك:
1 -. مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب إمام الدعوة ويتكون مجموعها من اثني عشر مجلدًا في الفقه والعقائد والتفسير والحديث والسيرة.
2 -. مجموع الفتاوى والرسائل لعلماء الدعوة ويتكون من أحد عشر مجلدًا.
3 -. كتب ألفها أئمة الدعوة في مختلف العصور للرد على خصوم الدعوة تبلغ العديد من المجلدات وهي مطبوعة ومتداولة.
4 -. نشر كتب السلف وتوزيعها على المسلمين في موسم الحج وغيره.
5 -. نشر كل مفيد من المؤلفات العصرية وتوزيعها مجانًا.
[الشبه التي أثيرت حول دعوة الشيخ]:
الشبه التي أثيرت حول دعوة الشيخ تعرضت دعوة الشيخ كغيرها من دعوات المصلحين للنقد من قبل خصومها وأثيرت حولها شبهات ربما تروج على من لم يعرف حقيقتها، وقد أثير كثير من هذه الشبهات في حياة الشيخ ورد عليها بنفسه، وأثير البعض الآخر أو بالأصح أعيدت إثارة نفس تلك الشبه بعد وفاته فرد عليها تلامذته وغيرهم من محققي علماء المسلمين الذين لا يروج عليهم البهرج والكذب ولا تأخذهم في الله لومة لائم ومن هذه الشبه:
1 - أنه يبطل كتب المذاهب الأربعة وأن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء.
2 - أنه يدعي الاجتهاد وأنه خارج عن التقليد وأنه يقول اختلاف العلماء نقمة.
3 - أنه يحرم زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وزيارة قبر الوالدين وغيرهما.
4 - أنه يكفر من حلف بغير الله. وقد أجاب الشيخ عن هذه بقوله: جوابي عن هذه المسائل أني أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، وقبله من بهت النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم ويسب الصالحين فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب وقول الزور قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النحل: 105] الآية بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول إن الملائكة وعيسى وعزيرًا في النار فأنزل الله في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] انتهى، انظر الدرر السنية (1 / 30 -31) .
5 - قالوا إنه ينهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يقول لو أن لي أمرًا هدمت قبة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يتكلم في الصالحين وينهى عن محبتهم. . . . وقد أجاب الشيخ عن ذلك بقوله: هذا كذب وبهتان افتراه عليَّ الشياطين الذين يريدون أن يأكلوا أموال الناس بالباطل، انظر الدرر (1 / 52) .
6 - قالوا: إنه يكفر جميع الناس إلا من اتبعه وأن أنكحتهم غير صحيحة. . . . وقد أجاب الشيخ عن ذلك بقوله: يا عجبًا كيف يدخل هذا في عقل عاقل وهل يقول هذا مسلم، إني أبرأ إلى الله من هذا القول الذي ما يصدر إلا من مختل العقل فاقد الإدراك، فقاتل الله أهل الأغراض الباطلة، انظر الدرر (1 / 55) .
7 - قالوا إنه يكفر بالعموم ويوجب الهجرة إليه على من قدر على إظهار دينه. . . . وقد أجاب الشيخ على ذلك بقوله: كل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله، وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالها لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله ولم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل (1) سبحانك هذا بهتان عظيم. انظر الدرر (1 / 66) .
8 - قالوا إنه ينكر الشفاعة، فرد الشيخ على ذلك بقوله: ثم بعد هذا يذكر لنا أن عدوان الإسلام الذين ينفرون الناس عنه يزعمون أننا ننكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، بل نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع صاحب المقام المحمود نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفعه فينا، وأن يحشرنا تحت لوائه، هذا اعتقادنا وهذا الذي مشى عليه السلف الصالح من المهاجرين والأنصار والتابعين وتابع التابعين والائمة الأربعة أجمعين وهم أحب الناس لنبيهم وأعظمهم في اتباعه وشرعه، فإن كانوا يأتون عند قبره يطلبونه الشفاعة فإن اجتماعهم حجة، والقائل إنه يطلب الشفاعة بعد موته يورد علينا الدليل من كتاب الله أو من سنة رسول الله أو من إجماع الأمة والحق أحق أن يتبع، انتهى من الدرر السنية (1 / 46) .
9 - وأما اتهام الشيخ أنه يكفر بالعموم ويقاتل المسلمين، فقد أجاب عنه الشيخ بقوله: وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعد ما عرفه سبه ونهى عنه وعادى من فعله فهذا هو الذي أكفر، وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك، وأما القتال فلم نقاتل أحدًا إلى اليوم إلا دون النفس والحرمة وهم الذين أتونا في ديارنا ولا أبقوا ممكنا، ولكن قد نقاتل بعضهم على سبيل المقابلة: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] وكذلك من جاهر بسب دين الرسول بعد ما عرف فإنا نبين لكم أن هذا هو الحق الذي لا ريب فيه وأن الواجب إشاعته في الناس وتعليمه الرجال والنساء، انتهى من الدرر السنية (1 / 51) .
وقال أيضًا لما بين بطلان الذي يفعله القبوريون: فهذا الذي أوجب الاختلاف بيننا وبين الناس حتى آل بهم الأمر إلى أن كفرونا وقاتلونا واستحلوا دماءنا وأموالنا حتى نصرنا الله عليهم وظفرنا بهم، وهو الذي ندعو الناس إلهي ونقاتلهم عليه بعد ما نقيم عليهم الحجة من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأئمة ممتثلين لقوله سبحانه وتعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] فمن لم يجب الدعوة بالحجة والبيان قاتلناه بالسيف والسنان، كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25] انتهى من الدرر السنية (1 / 58) .
وقال ابنه الشيخ عبد الله بن محمد مجملا هذه الشبه مع الرد عليها: وأما ما يكذب علينا سترًا للحق وتلبيسًا على الخلق بأنا نفسر القرآن برأينا ونأخذ من الحديث ما وافق فهمنا من دون مراجعة شرح ولا معول على شيخ وأنا نضع من رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقولنا: النبي رمة في قبره وعصا أحدنا أنفع له منه وليس له شفاعة، وأن زيارته غير مندوبة وأنه كان لا يعرف معنى لا إله إلا الله حتى أنزل الله عليه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] مع كون الآية مدنية وأنا لا نعتمد على أقوال العلماء ونتلف مؤلفات أهل المذاهب لكون فيها الحق والباطل، وأنا مجسمة، ومن فروع ذلك أننا لا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرير عليه بأنه كان مشركًا وأن أبويه ماتا على الإشراك بالله وأنا ننهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونحرم زيارة القبور المشروعة مطلقًا، وأن من دان بما نحن عليه سقطت عنه جميع التبعات حتى الديون، وأنا لا نرى حقًا لأهل البيت وأنا نجبرهم على تزويج غير الكفء لهم، وأنا نجبر بعض الشيوخ على فراق زوجته الشابة لتنكح شابًا إذا ترافعوا إلينا، فلا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استَفْهَمنَا عنها من ذكر أولا (يعني علماء مكة) كان جوابنا في كل مسألة من ذلك: سبحانك هذا بهتان عظيم، فمن روى عنا شيئا من ذلك أو نسبه إلينا فقد كذب علينا ومن شاهد حالنا وحضر مجلسنا وتحقق ما عندنا علم قطعًا أن جميع ذلك وضعه وافتراه علينا أعداء الدين وإخوان الشياطين تنفيرًا للناس عن الإذعان بإخلاص التوحيد لله تعالى بالعبادة وترك أنواع الشرك الذي نص الله عليه بأن الله لا يغفره: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116] فإنا نعتقد أن من فعل أنواعا من الكبائر كقتل المسلم بغير حق والزنا وشرب الخمر وتكرر منه ذلك أنه لا يخرج بفعله ذلك عن دائرة الإسلام ولا يخلد به في دار الانتقام إذا مات موحدا بجميع أنواع العبادة، والذي نعتقده أن رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق وأنه حي في قبره حياة برزخية أبلغ من حياة الشهداء المنصوص عليها في التنزيل، إذ هو أفضل منهم بلا ريب، وأنه يسمع سلام المسلم عليه وتسن زيارته إلا أنه لا يشد الرحل إلا لزيارة المسجد والصلاة فيه وإذا قصد مع ذلك الزيارة فلا بأس، ومن أنفق نفيس أوقاته بالاشتغال بالصلاة عليه الصلاة والسلام الواردة عنه فقد فاز بسعادة الدارين وكفى همه وغمه كما جاء في الحديث عنه، ولا ننكر كرامات الأولياء ونعترف لهم بالحق وأنهم على هدى من ربهم مهما ساروا على الطريقة الشرعية والقوانين المرعية، إلا أنهم لا يستحقون شيئا من أنواع العبادات لا حال الحياة ولا بعد الممات، بل يطلب من أحدهم الدعاء في حال حياته بل ومن كل مسلم فقد جاء في الحديث: (دعاء المسلم مستجاب لأخيه) الحديث، وأمر صلى الله عليه وسلم عمر وعليا بسؤال الاستغفار من اويس ففعلا.
ونثبت الشفاعة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة حسب ما ورد، وكذلك نثبتها لسائر الأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال حسب ما ورد أيضا، ونسألها من المالك لها والآذن فيها لمن يشاء من الموحدين الذين هم أسعد الناس بها كما ورد بأن يقول أحدنا متضرعا: (اللهم شفع نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم فينا يوم القيامة،،، اللهم شفع فينا عبادك الصالحين أو ملائكتك أو نحو ذلك مما يطلب من الله لا منهم، فلا يقال يا رسول الله أو يا ولي الله أسألك الشفاعة أو غيرها كأدركني أو أغثني أو اشفني أو انصرني على عدوي ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فإذا طلب ذلك مما ذكر في أيام البرزخ كان من أقسام الشرك، إذ لم يرد بذلك نص من كتاب أو سنة ولا أثر من السلف الصالح في ذلك، بل ورد الكتاب والسنة وإجماع السلف أن ذلك شرك أكبر قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى من الدرر السنية (1 / 127 -129) .
هذا وقد انبرى كثير من العلماء بعد وفاة الشيخ رحمه الله للإجابة عن هذه الشبهات وألفوا في ذلك مؤلفات ضخمة من أشهرها:
1 - (مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام ونسب إليه تكفير أهل الإسلام) في مجلد وهو للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن من آل الشيخ رحمهم الله.
2 - (معارج القبول) ، للشيخ الحسين بن مهدي النعمي من علماء اليمن في مجلد.
3 - (غاية الأماني في الرد على النبهاني) للشيخ محمود شكري الألوسي من علماء العراق وهو في مجلدين.
4 - (صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان) للشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في مجلد، وغير ذلك من الكتب التي ألفت في الذب على دعوة الشيخ حتى من غير المسلمين.
وهكذا يقيض الله سبحانه للحق أنصارا في كل زمان تقوم بهم حجة الله على خلقه، فلله الحمد والمنة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
_________
(1) يعني لم يكفر المسلمين ويقاتلهم.