بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ
ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)
هذه الآية ذُكرت بعد الآيات التي نزلت في قصة الإفك تأكيداً
لبراءة عائشة رضي الله عنها مما رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين
، زوراً وبهتاناً ، وبياناً لنزاهتها ، وعفتها في نفسها ،
ومن جهة صلتها برسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وللآية معنيان :
الأول : أن الكلمات الخبيثات والأعمال السيئات أولى بها الناس الخبيثون ،
والناس الخبثاء أولى وأحق بالكلمات الخبيثات والأعمال الفاحشة ،
والكلمات الطيبات والأعمال الطاهرة أولى وأحق بها الناس الطيبون
ذوو النفوس الأبية والأخلاق الكريمة السامية ،
والطيبون أولى بالكلمات والأعمال الصالحات .
والمعنى الثاني :
أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين ،
والرجال الخبيثون أولى بالنساء الخبيثات
، والنساء الطيبات الطاهرات العفيفات أولى بالرجال الطاهرين الأعفاء
، والرجال الطيبون الأعفاء أولى بالنساء الطاهرات العفيفات ،
والآية على كلا المعنيين دالة على المقصود منها ،
وهو نزاهة عائشة رضي الله عنها عمَّا رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول
من الفاحشة ومن تبعه ممن انخدع ببهتانه واغتر بزخرف قوله .
اما علاقة المعنى فى حياتنا الحالية وفى حاللات الزواج المختلفة
بين الازواج الفاسدين والزوجات الصالحة
والعكس الزوج الصالح والزوجة الفاسدة
استدل هنا بقول بالاحاديث النبوية الخاصة بالموضوع
الناس يعرف بعضهم بعضاً ، ويختلط بعضهم ببعض ،
فلا يخفى حال الأسرة وأفرادها عن أقربائهم ، وجيرانهم ،
كما أن أفراد الأسرة يختلطون في المسجد ، والمدرسة ، والزيارات ،
فتُعرف المرأة الصالحة من عكسها ، ويُعرف الرجل المتدين من عكسه ؛
وذلك بمحافظتهما على الصلاة ، والالتزام بالشرائع الظاهرة ،
والأخلاق في التعامل مع الآخرين ، وما يخفيه أحدهم في باطنه
: فهذا مما لا يمكن لأحد معرفته ،
ولا يلام من اغتر بصلاح الظاهر وخفي عليه فساد الباطن
؛ إذ لم يكلفنا ربنا بشق بواطن الناس والاطلاع عليها .
ثم إن ما يجري على النساء اللاتي تبحث بينهن عن شريكةٍ لحياتك
يجري عليك أيضاً ! فما الذي يُدري الناس بحقيقة أمرك ،
وعلم باطنك ؟! وقد أوصي الأولياء بأن يزوجوا أهل الدين والخلُق من الرجال
، وذلك بحسب ما يظهر منهم ، مع السؤال والاستفصال من المقربين لهذا الخاطب
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ ) .
رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .
ليس من المستحيل أن يجد الرجل امرأة صالحة تعينه على طاعة الله ،
وتقوم بخدمته ، وتربي أولاده ، وتحفظ ماله وبيته ،
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بنكاح ذات الدِّين
، ولولا أنه بمقدور الرجل واستطاعته أن يجد تلك المرأة المتدينة
لما أوصاه نبيه صلى الله عليه وسلم بتزوجها ،
وهو الذي أخبر في الحديث نفسه أن من الرجال من ينكح المرأة لجمالها ،
ومنهم من ينكحها لحسبها ، ومالها ، فالرجال يختارون من النساء كلٌّ حسب رغبته
وعادته ، وعرفه ، والوصية لجميع المسلمين بأن يكون البحث عن ذات الدين
، والاقتران بها ؛ لأن في التزوج منها خيراً يراه الرجل في نفسه ،
وفي بيته ، وعلى أولاده .
أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء بتزويج مولياتهم
من أهل الدين يدل على أنه قد يقع خلافه .
عن أبي هررة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " .
رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" ( 1022 ).
فعلى من يبحث عن زوجة أن يبحث عن صاحبة الدين والخلق ،
وكذلك على أولياء المرأة أن لا يزوجوها إلا من صاحب الدين .
فإن الإنسان يكتسب من أخلاق من يصاحبه ، لا سيما مع طول الصحبة
. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم
: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) رواه الترمذي (2378)
وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1937) .
https://files2..com/2016/1/14542037601780.gif
( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ ) أَيْ عَلَى عَادَةِ صَاحِبِهِ وَطَرِيقَتِهِ وَسِيرَتِهِ (فَلْيُنْظَرْ)
أَيْ فَلْيَتَأَمَّلْ وَلْيَتَدَبَّرْ (مَنْ يُخَالِلْ) مِنْ الْمُخَالَّةِ وَهِيَ الْمُصَادَقَةُ وَالإِخَاءُ ,
فَمَنْ رَضِيَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ خَالَلَهُ وَمَنْ لا تَجَنُّبُهُ
, فَإِنَّ الطِّبَاعَ سَرَّاقَةٌ وَالصُّحْبَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي إِصْلاحِ الْحَالِ وَإِفْسَادِهِ
. قَالَ الْغَزَالِيُّ : مُجَالَسَةُ الْحَرِيصِ وَمُخَالَطَتُهُ تُحَرِّكُ الْحِرْصَ وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ
وَمُخَالَلَتُهُ تُزْهِدُ فِي الدُّنْيَا ; لأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ وَالاقْتِدَاءِ
بَلْ الطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنْ الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي اهـ من تحفة ألأحوذي .
واقول تلخيصاً للموضوع ومجمل ما ورد من احاديث نبوية شريفة بمضمون الشرح
ان حسن الاختيار سواء للزوج او الزوجة هو الاساس فى مسيرة الحياة
بعد ذلك ولا نترك الاختيار لاهوائنا الخاصة
وترك النظر الى الزواج من زوايا ضيقة وسيئة وعواقبها وخيمة
حتى لا يعود على الحياة بالسلب وبالاخير نشكو من الزواج
لابد من الاختيار الصحيح على اسس سليمة وتابعة لمنهج رسولنا فى الامر
واتباع الشروط التى امرنا بها رسولنا الكريم حتى ننعم بحياة مستقرة وسعادة فى الدنيا والاخرة
وربنا يهدى كل ازواج وزوجات المسلمين
وان يرزق الجميع بالازواج الصالحين والزوجات الصالحات