تشهد مصر هذه الأيام إنشغالاً كبيراً بمسيرة المرأة المصرية ودورها فى المجتمع.. كما يتداول الناس عدة صور لسيدات مصريات وزوجات حكام على مر عصور مختلفة غير مصحوبه بحقائق تاريخية وافيه حول تلك الشخصيات ودورها فى حياة المصريين واذا كانت تستحق فعلاً الإشاده..
تشهد مصر هذه الأيام إنشغالاً كبيراً بمسيرة المرأة المصرية ودورها فى المتجتمع.. كما يتداول الناس عدة صور لسيدات مصريات وزوجات حكام على مر عصور مختلفة غير مصحوبه بحقائق تاريخية وافيه حول تلك الشخصيات ودورها فى حياة المصريين واذا كانت تستحق فعلاً الإشاده..
يمكن ده وقت مناسب لإعادة نشر مقال غلاف مجلة الراوى لمن يحب القرأة عن بعض النساء المؤثرات فى تاريخنا.
وقبل المقاله... هل كنت تعلم ان هناك مراجع تقول ان اسم العاصمة الفرنسية باريس اصله "بار ايزيس" لوجود بقايا معبد لإيزيس تحت بنيان كنيسة St-Germain des Prés؟ :
اهم 25 امرأة اثرن فى تاريخ مصر
"منذ ما يقرب من 4800 عام فى مصر القديمة مارست مرت بتاح الطب لتصبح اول طبيبة يذكرها التاريخ بل وربما اول عالمة ايضاً. وقد استغرق الأمر عدة الاف من السنين حتى تقتحم المرأة المصرية مجال الطب مرة اخرى عندما اصبحت هيلانه سيداروس اول مصرية تمارس الطب فى ثلاثينيات القرن العشرين. كان للمرأه المصريه على مر التاريخ الإنسانى نجاحات كثيره خاصة فى تلك العصور التى شهدت فيها مسيرة تحرير المرأة تقدماً وصعوداً، كما انها منيت ايضاً بتراجع واخفاقات فى ازمنة اخرى ولكن يمكنا القول أن المرأة المصرية كانت سرعان ما تنفض عن نفسها غبار الرجعية والفشل لتعود مرة اخرى للتقدم بخطوات واثقة.
واليوم تمر مصر بمرحلة انتقالية يعاد فيها ترتيب البيت من الداخل وتقييم الكثير من الأمور ونحن هنا نتذكر وُنذكر بأكثر النساء تأثيراً فى تاريخ مصر، نساء شاركن فى صناعة ذلك التاريخ وتستحق كل منهن ان نتذكرها فى سياق المرحلة التى تمر بها مصر الآن.
لا شك ان اختيار قائمة بالأسماء والشخصيات الـ25 مثل تحدياً كبيراً فقد كان هناك العديد من النساء الآئى اثرن كثيراً فى حياة المصريين، وقد اخترنا منهن من وصلت الى قمة عطائها ونجاحها قبل منتصف القرن العشرين لكى يكون بوسعنا تقييم دورها التاريخى ومدى بقاء تأثيره.
ولابد لنا ان نشرح ايضاً المقصود بالتأثير. فالمرأة المؤثرة هنا هى تلك التى احتلت مواقع هامة فى الحياة السياسية او الاجتماعية او العلمية بما سمح لها من احتلال مكانة مرموقة فى تاريخ مصر، كالريادة والسبق فى بعض المهن او النضال لفتح باب كان مغلقاً امام اجيال من النساء او ربما لكونها اصبحت رمزاً يلهم النساء والرجال على حد سواء.
كان من المستحيل حصر كل امرأة عظيمة اثرت فى حياة مصر والمصريين ولكننا هنا نتذكر 25 منهن ساعدن فى صناعة تاريخنا وحاضرنا املاً ان يظل كفاحهن نبراساً يضىء الطريق امامنا اليوم ونحن نصنع مستقبل مصر.
نساء حكمن مصر
حتشبسوت (1508-1458 ق.م) فرعون مصر
لماذا تأتى حتشبسوت على رأس القائمة؟ لم تكن اول امرأة حكمت مصر قديماً فنيتوكريس من الأسرة السادسة وسوبكنفرو من الأسرة الثانية عشر كانتا ضمن اخريات حكمن مصر قبل حتشبسوت المنتمية للأسرة الـ18: إذاً ما الذى يجعلها تتصدر قائمة وضعت بعد زمنها بثلاث الاف سنة؟
ان الحكام الذين اثروا فى تاريخ مصر كحتشبسوت، قلة. فقد كانت امرأة تفوق اقرانها من الرجال والنساء وقد حكمت مصر ليس كملكة عظيمة ولكن كملك عظيم.
حتشبسوت التى طالما تشبهت بمظهر الرجال ليتقبلها المصريون خليفة لأبيها تحتمس الأول، قادت البلاد لمدة 21 سنة وهى من اطول فترات الحكم فى العصر الفرعونى، واتسم عصرها بأنه من اكثر العصور سلاماً ورخاءاً.
قادت حتشبسوت الجيوش للحرب فى مستهل حكمها، ولكنها وجهت جل طاقتها لتوطيد العلاقات التجارية مع البلاد المجاورة مما عاد على مصر واهلها بالثراء والرخاء وساهم فى بدء حقبة ارتقت فيها الفنون والعمارة وشيدت فيها مشروعات عملاقة لم يعرف التاريخ القديم مثيلاً لها.
ولكون الخلود مسألة هامة عند كل الفراعنة ومنهم حتشبسوت، فقد كتبت على احد مسلاتها فى معبد الكرنك معبرة برقة عن ذلك الهاجس:
"الآن يتردد قلبى بين هذا الطريق وذاك كلما فكرت فيما سيقوله الناس الذين سيشاهدوا الآثار التى تركتها ويتحدثوا عن اعمالى."
تي (1398-1338 ق.م) زوجة ملك وام ملك
بمجرد دخولك المتحف المصرى سيطالعك تمثالها الضخم وهى جالسة بجوار زوجها امنحتب الثالث تحوطه بذراعها بما يعبر عن مكانتها ونفوذها. حتى تماثيلها الأصغر حجماً تُظهر تي مختلفة. فوجهها يحمل ملامح جدية شديدة غير مألوفة. كانت تي لغزاً محيراً دفع المؤرخين للبحث عن سر ذلك النفوذ والقوة البادية على ملامحها.
لم تكن تي من نسل ملكى عندما تزوجها امنحتب الثالث واصبحت والدة ابنة الملك اخناتون، ولكن المؤكد ان كان لها نفوذاً كبيراً اثناء فترة حكم كلا الملكين، فكانت اول ملكة مصرية يسجل اسمها فى المراسيم الملكية. كانت تي اثناء فترة حكم زوجها تستقبل الوفود والملوك الأجانب الذين احترموا قوة شخصيتها وحكمتها، اما تأثيرها الأعظم فكان على ابنها اخناتون، فهل كانت تلك المعتقدات الدينية المثيرة للجدل التى اعتنقها معتقداتها هى؟ ام مجرد ورث عنها اخناتون قوة الشخصية بما جعله يقدم على ترك عبادة الالهة التى عبدها المصريون لألاف السنين ليعبد الهه الجديد اتون؟
فى جميع الحالات تشير الخطابات المرسلة من والى تل العمارنة ان الملكه تي (التى عاشت 12 سنة بعد رحيل زوجها) ظلت توجه ابنها اخناتون وكانت هى مستشاره الأول وامين سره طوال مرحلة عاصفة من ادق مراحل التاريخ المصرى.
كليوباترا السابعة (69-30 ق.م) ملكة مصر
كانت كليوباترا المنحدرة من اسرة البطالمة ذوو الأصل الاغريقى الذين حكموا مصر بعد موت الإسكندر الأكبر هى آخر فراعنة مصر. مثل حتشبسوت، شاركت اخاها (زوجها) الحكم، ثما ما لبثت ان استولت على الحكم بمفردها.
عٌرفت كليوباترا بسلسلة علاقتها العاطفية التى هدفت من ورائها الحفاظ على استقلال مصر عن الأمبراطورية الرومانية ولكن هل احب المصريون ملكتهم؟ ربما، فقد كانت الوحيدة التى تعلمت لغتهم بين الحكام البطالمة. دعمت كليوباترا اقتصاد مصر بالتجارة مع بلاد الشرق فساعد هذا على تقوية وضع مصر فى العالم القديم مما جلب السلام للبلاد بعد ان اضعفتها الحروب الداخلية. وتشير المصادر التاريخية المعاصرة لعصر كليوباترا، انها كانت محبوبة جداً من شعبها.
اثارت عملة معدنية اكتشفت حديثاً (فى عام 2007) تحمل وجه كليوباترا الجدل حول ما إذا كانت بالفعل جميلة، فالعملة التى يرجع تاريخها الى عامين قبل مصرع كليوباترا تكشف لنا انها لم تكن جذابة بالمرة بأنفها الكبير وشفتيها النحيلتين وذقنها الحاد، بعيدة كل البعد عن ملامح اليزابيث تايلور وفيفيان لى الاتى جسدتا شخصيتها على الشاشة.
ربماً لم تكن كليوباترا جميلة ولكن لا تٌخلد ذكرى الأنسان بالشكل فقط، فقد كانت اعظم من مجرد امرأة جميلة، فيقول بلوتارخ:
"لم يكن جمالها ملفتاً بيهر الناظر اليها، ولكن حضورها كان طاغياً، كانت شخصيتها وما تقوله وما تفعله شىء ساحر حقاً."
شجر الدر (؟-127م) سلطانة مصر
هى امرأه كانت مجرد جارية فى يوم من الأيام، ووصلت ان اختارها مجموعة من قادة العسكر المماليك لتكون ملكة عليهم وعلى مصر الدولة الإسلامية فى العصور الوسطى... فلابد وانها كانت امرأة غير عادية.
اشترى السلطان الصالح ايوب شجرالدر (ثم تزوجها فيما بعد) مع مجموعة من المماليك الترك، وهم ذات المجموعه التى ظلت على ولائها له والتى نجحت فى تأسيس دولة المماليك بعد وفاته.
قضى السلطان الصالح ايوب السنوات الأخيرة من عمره فى محاربة الصليبيين وفى ذلك الوقت كانت شجرالدر هى المسؤولة عن بيت المال وكان لها نفوذاً كبيراً على الجيش وانتهى بها الأمر بأن شاركت زوجها فى حكم البلاد بعد ان داهمه مرض عضال. فلما وافته المنية اثناء مقاومة البلاد للغزو الصليبى بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا، قررت إخفاء الخبر حتى لا تتأثر معنويات الجيوش والى ان تطمئن لتأيدهم تولى ابنه توران شاه للحكم.
ادى انعدام كفاءة توران شاه الى مقتله بواسطة مماليك ابيه واتفقوا على اختيار شجرالدر ملكة عليهم، إلا ان دولة الخلافة العباسية فى بغداد استنكرت ذلك وارسلت الى المماليك ما نصه:
" إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيِّر لكم رجلاً ".
عندئذ اختارت شجر الدر عز الدين ايبك لتتزوجه ويشاركها الحكم، لكنها احتفظت بمعظم الخيوط فى يدها، وعندما علمت انه ينوى الزواج بأخرى دبرت لقتله، وبعدها بثلاثة ايام اتنقمت له زوجته الأولى بأن قتلت شجرالدر ضرباً بالقباقيب فى واحدة من اشهر روايات الفلكلور المصرى.
الرائدات
سَهير القلماوى (1911-1997) استاذة جامعية وصحفيه
فى عام 1929 كان وجود فتاة واحدة بين 14 رجلاً يدرسون فى كلية الآداب فى جامعة فؤاد الأول امراً غريباً، ولكن سهير لم تعر نظرات الاستغراب التفاتاً وتفوقت على جميع زملائها فى كل سنوات الدراسة لتصبح من اوائل المصريات الاتى تخرجن من الجامعة وحصلن على درجة الماجستير وكانت هى اول من حصلت منهن على الدكتوراه التى كان موضوع البحث فيها عن رواية الف ليلة وليلة، ذلك الكتاب الذى واجه هجوماً ضاريا بعد ذلك بعقود بدعوة انه مناف للأخلاق.
فى عام 1956 اصبحت سهير القلماوى استاذاً للأدب العربى المعاصر ثم رئيسة لقسم اللغة العربية بكلية الآداب فى الجامعة العريقة ولمدة تسع سنوات.
ولدت سهير القلماوى فى طنطا ودرست فى المدرسة الأمريكية للبنات هناك، ثم اقدمت على تسجيل اسمها للدراسة بجامعة فؤاد الأول مع بعض الفتيات الأخريات فى سابقة كانت الأولى من نوعها.
اعجب عميد كلية الآداب آنذاك د.طه حسين بحماسها وشجعها وساعدها ان تكتب فى مجلة الجامعة المصرية وما لبثت ان اصبحت محررة بها لتبدأ بعد ذلك مسيرة طويلة فى عالم الكتابة والصحافة.
انضمت القلماوى للبرلمان المصرى سنة 1967 وشاركت فى تأسيس معرض الكتاب فقد ارادت ان تكون اعمال الأدب العالمى متاحة امام جميع المصريين، وشجعت اقامة عديد من المكتبات والمشروعات التى عنيت بترجمة كلاسيكيات الأدب العالمى وتوفيرها فى طبعة شعبية لتصبح فى متناول الجميع، وكانت هى ايضاً من قدمت الأدب المصرى المعاصر كفرع من فروع الدراسة بكلية الآداب التى سيطر عليها ولايزال الأدب العربى الكلاسيكى.
لطفية النادى (1907-2002) اول كابتن طيار مصرية
كانت الفتاه الصغيرة لطفية مولعة بالطيران، فتلقت دروساً فيه بينما اوهمت والدها انها تتلقى حصص تقوية لرفع مستواها الدراسى مرتين اسبوعياً، وعندما علم والدها بالأمر اضطرت للعمل كموظفة استقبال فى مطار القاهرة لتوفر نفقات دروس تعلم الطيران.
كانت لطفية تعشق المغامرة وقد اختبأت ذات مرة فى طائرة صغيرة قبل اقلاعها لتخوض تجربة الطيران لأول مرة، وفى عام 1933 حصلت النادى على رخصة الطيران (الرخصة رقم 34 على مستوى القطر المصرى) وكان عمرها آنذاك 26 سنة لتحقق بذلك حلمها بالطياران بمفردها بين القاهرة والأسكندرية فى سباق استطاعت ان تحتل فيه المركز الأول.
وقد اخذت لطفية والدها على متن الطائرة فى جولة طارت فيها فوق الأهرمات عدة مرات، وما لبث والدها ان اصبح اكبر المشجعين لها.
قادت هدى شعراوى حملة لجمع المال لشراء طائرة للطفية النادى لتحلق بها فى جميع انحاء العالم، وتبين للجميع مقدرة المرأة المصرية. وعلى الرغم من عدم اقبال المرأة المصرية على مهنة الطيران بعد ذلك الا ان هناك بعض النماذج النادرة (مثل الكابتن طيار دينا الصاوى) التى اقتدت بلطفية النادى وغيرها من الرائدات فى مجال الطيران مثل بلانش فتوش وعزيزة محرم وعايدة تكلا وليلي مسعود وعائشة عبد المقصود وقدرية طليمات، وليندا امين مسعود التى تزامنت مع لطفية النادى ويقول البعض انها سبقتها فى اقتحام مجال الطيران.
امينة السعيد (1914-1995) كاتبه ورئيس تحرير مجلة
اشتهرت امينة السعيد برئأسة تحرير مجلة "حواء" المطبوعة النسائية الشهيرة التى صدر اول اعدادها عام 1954 وكان معدل توزيعها يصل الى 175،000 نسخة، ومازال لها قدر من الشعبية والإنتشار حتى اليوم.
تناولت امينة السعيد فى كتاباتها موضوعات اكبر واهم من نصائح الجمال ووصفات الطهى التى اعتادات الكتابات النسائية تناولها، كان دفاع امينة السعيد عن المساواة بين الرجل والمرأة هو وقود كتاباتها القيمة لسنوات طويلة تغير فيها تاريخ مصر.
عاشت امينة السعيد طفولتها وسط مجتمع اسيوط المغلق عندما كان نضال هدى شعراوى وزميلاتها من اجل المساواة قد وصل الى ذروته. وما ان بلغت امينة عمر الرابعة عشر، حتى انضمت الى الإتحاد النسائى، ثم فى عام 1931 التحقت بجامعة فؤاد الأول ضمن اول دفعة تضم فتيات.
ونقرأ فى مقال يؤبنها فيه الكاتب عادل درويش بجريدة الإنديبندنت الإنجليزية:
"على الرغم من زواجها من رجل ثرى من كبار الأعيان الا انها كانت تصر على اعطاءه نصف راتبها للمساهمة فى مصروف البيت لأنها كانت ترى ان عقد زواجهما اساسه المساواة."
عملت امينة السعيد بعد تخرجها سنة 1935 فى مجلة المصور وظلت تكتب عمودها بانتظام حتى قبيل وفاتها، وكثيراً ما دافعت من خلاله عن زميلات الكفاح مثل درية شفيق وغيرهما. اشتهرت امينة السعيد ايضاً بباب "اسألونى"، وقد اكسبتها شجاعتها وجرأتها احترام وشعبية بين زملائها من الكتاب والصحفيين.
ثم اصبحت امينة السعيد رئيسة لدار الهلال العريقة، وقادت بجرأة حملة جديدة من اجل المرأة المصرية، ولكن هذه المرة ضد المد الأصولى الإسلامى الذى بدأ فى سبعينيات القرن الماضى، وتوفيت امينة السعيد عام 1995 وهى حزينة ومحبطه لما آل اليه حال المرأة فى مصر، وقالت قبل وفاتها بأيام: "ان المرأة المصرية اليوم لم يعد لديها الشجاعة الكافية للنضال."
سميرة موسى (1917-1952) اول عالمة ذرّة
كان صراع والدتها مع مرض السرطان الدافع الرئيسى وراء اتجاه سميرة موسى الى دراسة العلوم بغية التوصل لاستخدامات نافعة للطاقة النووية، خاصة فى مجال الطب.
ولدت سميرة فى بلدة صغيرة فى الغربية وعندما اتمت دراستها بالكتّاب شجعها والدها على الإستمرار فى الدراسة فألحقها بمدرسة بنات الأشراف الثانوية التى اسستها نبوية موسى واستطاعت سميرة ان تحتل المركز الأول على القطر المصرى فى امتحان البكالوريا سنة 1935، فإستحقت المدرسة منحة التفوق الحكومية واستخدمتها نبوية موسى لإنشاء معمل لسميرة.
تخرجت سميرة موسى بتفوق مع مرتبة الشرف من كلية العلوم، جامعة فؤاد الأول، وساندها الدكتور مصطفى مشرفة عميد الكلية، فأصبحت اول امرأة تحاضر فى الجامعة ثم حصلت سميرة على درجة الماجسيتر وسافرت لإنجلترا حيث حصلت على درجة الدكتوراة فى الإشعاع الذرى.
آمنت سميرة موسى بالإستخدام السلمى للطاقة الذرية وقالت: "اتمنى ان يصبح استخدام الطاقة الذرية فى علاج السرطان فى متناول الجميع كقرص الأسبرين."
ولو عاشت سميرة موسى لرأت حلمها يتحقق الا انه فى 5 اغسطس 1952 واثناء زيارتها للولايات المتحدة الأميركية لتفقد عدة مراكز بحثية هناك، وفى طريقها الى جامعة كاليفورنيا ظهرت احدى الشاحنات الكبيرة المسرعة فجأة لتطيح بسيارتها لتسقط من اعلى الطريق الجبلى وتلقى حتفها فى الحال، بينما استطاع السائق الذى كان بصحبتها القفز من السيارة قبل اصطدامها بلحظات واختفى للأبد، مما اثار الشبهات حول مصرعها الذى ظل لغزاً حتى اليوم.
مفيدة عبد الرحمن (1914-2002) اول محامية
كانت الأستاذة مفيدة عبد الرحمن محامية ناجحة الى جانب كونها ناشطة وعضوة فى عدة منظمات ونائبة فى البرلمان لأكثر من 17 عام، والمدهش انها كانت فى الوقت نفسه زوجة واماً لتسعة ابناء.
كانت مفيدة من اولى خريجات جامعة فؤاد الأول وأول من تخرج منهن فى كلية الحقوق بعد ان شجعها زوجها على الإلتحاق بها عام 1933، وكانت حينئذ اماً لخمسة ابناء.
كانت القضية الأولى التى ترافعت فيها مفيدة عبد الرحمن هى قضية قتل خطأ، عندما نجحت فى اقناع رئيسها فى العمل بقدرتها على تولى القضية، فأعطاها الفرصة، وكسبت مفيدة القضية وذاع صيتها كمحامية بارعة فأسست مكتب محاماة خاص بها بعد عدة سنوات.
من اهم القضايا التى ترافعت فيها مفيدة عبد الرحمن قضية الناشطة السياسية درية شفيق التى واجهت تهمة اقتحام البرلمان المصرى اثناء انعقاده مع 1500 سيدة اخرى لعرض قائمة بمطالبهن. كان فى مصر وقتها عدد لا بأس به من المحاميات إلا ان مفيدة عبد الرحمن كانت ابرعهن، وقد نجحت بالإشتراك مع هيئة الدفاع الذين تطوعت للدفاع عن درية شفيق ان تحيل القضية للحفظ.
وقد تم اشراك مفيدة عبد الرحمن كعضو مع اللجنة التى تولت اجراء تعديلات على لائحة قوانين الأحوال الشخصية فى الستينيات من القرن الماضى، وكان من مهام تلك اللجنة مراعاة تطور المجتمع المصرى ودخول المرأة لميدان العمل ومشاركتها فى الحياة العامة.
الخالدات
هيباتيا (350-370 م وحتى مارس 215م)، فيلسوفة وعالمة رياضيات
اراد من قتلوها القضاء عليها وعلى افكارها، فجاء مصرعها الوحشى سبباً فى خلود اسطورتها، واصبحت هيباتيا ملهمة للكتاب والشعراء والدارسين وصناع السينما وغيرهم حتى مطلع القرن الـ21، فقد كانت اول عالمة عرفها التاريخ وكان لها كتب عدبدة فى مجال الرياضيات، والفلك الذى كانت مولعة به.
ارتدت هيباتيا ملابس العلماء الرجال وقادت عربتها التى يجرها الجياد بنفسها.
وتشير بعض الدلائل انها اخترعت الإسطرلاب المستوى والهيدروميتر والهيدروسكوب بالإشتراك مع تلميذها سيونيسيوس الذى اصبح زميلها فيما بعد. اتسع تأثير ونفوذ هيباتيا كثيراً ليتعدى حدود مدينة الأسكندرية التى عاشت فيها، وقد عرف ذلك من خلال الخطابات المتبادلة بين تلاميذها ومريديها، وكانت محاضراتها تجذب طلاب العلم من شتى انحاء الامبراطورية الرومانية.
كان كثير من تلاميذ هيباتيا من المسيحيين، وكانوا يبجلونها، ومع هذا قتلتها بوحشية حشود المسيحيين الغاضبة عقب خلافاتها مع كيرلس الأول بابا الأسكندرية، فكونها فيلسوفة وثنية وعالمة تشجع إجراء التجارب العلمية واعمال العقل، خلق بينهما جدلاً كبيراً وصراعاً انتهى بمصرعها.
وفى احد ايام شهر مارس عام 215 ميلادياً كانت هيباتيا تقود عربتها فى احد شوارع الأسكندرية عندما هاجمتها حشود المسيحيين وجردوها من ملابسها وسحلوها عارية فى شوارع المدينة، ثم احرقوا جسدها المثخن بالجراح وهم لا يعلمون انهم بذلك قد خلدوا اسطورتها.
الأميرة فاطمة اسماعيل (1853-1920)، راعية العلم
ترجع النهضة التى شهدتها مصر فى النصف الاول من القرن العشرين بشكل كبير لتأسيس اول جامعة بها.
تلك الجامعة التى تخرج منها العلماء والسياسيين والمفكرين والفنانين والأدباء الذين كانوا جميعا –رجال ونساء- هم الدعائم التى قامت عليها تلك النهضة.
فى بادىء الأمر تم عمل اكتتاب شعبى لجمع التبرعات من افراد الشعب المصرى، بدءاً بالأثرياء والوجهاء وانتهاءً بتلاميذ المدارس الى جانب بعض الدعم المقدم من خديو مصر عباس الثانى، وبالفعل تم استئجار مبنى مؤقت ولما عجزوا عن سداد ايجاره تم استبداله بمبنى اخر كمقر مؤقت للجامعة، وظل المشروع يعانى من مصاعب مالية لما يفوق العشر سنوات، الى ان تلقى دفعة قوية ودعماً كبيراً من الأميرة فاطمة اسماعيل التى قررت التبرع بقطعة ارض شاسعة تملكها فى الجيزة لبناء مقر دائم للجامعة عليها، وتبرعت ايضاً بمعظم ما تملكه من مجوهرات للإنفاق على انشاءات الجامعة، ولكى تضمن الأميرة فاطمة استدامة المشروع اوقفت علية ستمائة فدان من اطيانها لتغطية نفقاته السنوية.
اليوم، وبعد مرور اكثر من مائة عام على انشائها، تعتبر جامعة القاهرة (الجامعة المصرية ثم جامعة فؤاد الأول سابقاً) هى اكبر جامعات مصر واعرقها، فلا يجب ان ننسى تلك السيدة العظيمة التى نجحت بسخائها وحماسها لمشروع الجامعة، ان تغير وجه مصر.
صفية زغلول (1878-1946) رمز ثورى عرفت بـ"أم المصريين"
سلكت صفية زغلول طريقاً غير تقليدياً فى حياتها عندما تزوجت وهى ابنة رئيس وزراء مصر رجلاًً من عامة الشعب، وعندما خلعت اليشمك سنة 1921 وتقدمت صفوف الثوار المصريين اثناء حياة زوجها وبعد وفاته.
فقد كانت مشاركة النساء فى ثورة 1919 مع الرجال لأول مرة مطالبات بإستقلال البلاد ملمح شهير لتلك الثورة التى كان الزعيم سعد زغلول ملهمها، ولكنه لم يقدها بنفسه فقد كان فى المنفى. وعندما احتشدت الجموع امام بيته اعلنت صفيه زغلول –عن طريق سكرتيرتها- انه:
" إن كانت السلطة الإنجليزية الغاشمة قد اعتقلت سعداً ولسان سعد فإن قرينته شريكة حياته السيدة صفية زغلول تُشهد الله والوطن على أن تضع نفسها في نفس المكان الذي وضع زوجها العظيم نفسه فيه من التضحية والجهاد من أجل الوطن، وأن السيدة صفية في هذا الموقع تعتبر نفسها أماً لكل أولئك الأبناء الذين خرجوا يواجهون الرصاص من أجل الحرية".
منذ ذلك اليوم لقبت صفية زغلول بـ"ام المصريين" واصبح بيتها وبيت سعد زغلول "بيت الأمة".
ام كلثوم (1898-1975) مطربة
كان الخميس الأول من كل شهر موعداً يجتمع فيه افراد الطبقة الأرستقراطية فى قصورهم وفيلاتهم الفخمة فى جاردن سيتى والزمالك حول جهاز الراديو، وكذلك كانت تفعل الأسر المصرية البسيطة من القاهرة وحتى أسوان. حتى سائقو سيارات الأجرة والأوتوبيسات كانوا يوقفون سياراتهم ليذهبوا الى اقرب قهوة ليجلسوا عليها وينصتوا فى هدوء للإذاعة.
كانت شوارع القاهرة ليلة الخميس الأول من كل شهر (من الثلاثينيات وحتى ستينيات القرن الماضى) تبدو مهجورة خالية من المارة، فتلك هى اليلة التى كانت كوكب الشرق ام كلثوم تشدو فيها بأروع الكلمات والألحان، التى طالما اطربت واسعدت جماهيرها العريضة من المصريين اغنياء وفقراء، رجالاً ونساء، الجميع عشقوا اغانيها.
ولدت ام كلثوم بقرية صغيرة بالدقهلية والبسها والدها ملابس الرجال لكى يضمها وهى فى الثانية عشر من عمرها لفرقته للإنشاد الدينى التى كانت تجوب الموالد والمناسبات. وفى سن السادسة عشر قدمها الملحن الشهير زكريا احمد للوسط الغنائى فى القاهرة، واستطاعت ام كلثوم بتعاونها مع اعظم الملحنين، والشعراء والموسيقيين المعاصرين لها - وربما كانوا الأعظم ايضاً فى تاريخ الغناء والموسيقى فى مصر- ان تصل بنجاحها وشهرتها الى عنان السماء.
مُنعت ام كلثوم من الغناء وتوقفت الإذاعة عن بث اغانيها عقب انقلاب 1952 لفترة قصيرة، لأنها كانت تغنى امام ملك مصرالسابق، ولكن البكباشى جمال عبد الناصر رأى انها قيمة كبيره لن يسمح بخسارتها فعادت ام كلثوم تشدو لمصر والمصريين وقدمت دعماً كبيراً لوطنها والجيش عندما جابت العديد من دول العالم لتقيم حفلات غنائية لصالح المجهود الحربى عقب هزيمة 67. واليوم تعتبر ام كلثوم واحدة من اعظم المطربات فى التاريخ الإنسانى وتعد صورتها التى عرفت بها بنظارتها الداكنة وشعرها المصفف "شينيون" ومنديلها الحريرى مصدر الهام للعديد من الفنانين المعاصرين.
روز اليوسف (1898-1958) ناشرة
ولدت روز فى لبنان وعندما بلغت العاشرة من عمرها جائت الى مصر وعاشت فى الاسكندرية مع اسرة اسكندر فرج صاحب الفرقة المسرحية ومن هنا جاءت بداية علاقتها بالمسرح.
عملت روز كممثلة مسرحية فى فرقة عزيز عيد، ثم فرقة عكاشة، واخيراً فى فرقة رمسيس، حيث نجحت فى ان تصنع لنفسها اسماً وشهرة. وفى عام 1925 اعتزلت التمثيل وتقدمت بطلب ترخيص لإنشاء دار نشر، ونجحت بمواردها المحدودة ومساندة اصدقائها فى الوسط الفنى ان تنشىء مجلة وصفتها ابنتها امال طليمات بأنها مجلة "بدون مكتب، ولا رواتب، ولا لحظة راحة." وكانت تلك هى بداية مشوارها فى عالم الصحافة والنشر الذى خلد اسمها. اسست روز مجلة حملت اسمها "روز اليوسف" بدأت كمجلة ادبية ثقافية، ثم تحولت الى مجلة ذات طابع سياسى.
دفعت روز ثمن اقتحام مجلتها عالم السياسة، خاصة اثناء فترات الإضطرابات السياسية فى مصر. فقد سُحبت رخصة المجلة منها فاضطرت لإصدارها تحت اسم جديد مؤقتاً لتستمر فى نشر المقالات النارية ضد الإحتلال الإنجليزى التى اثارت الحكومة، وتعرضت للإعتقال اكثر من مرة.
عاشت روز اليوسف اكثر من قصة حب، وقد تزوجت محمد عبد القدوس المهندس الذى عشق التمثيل وعمل به وانجبت منه احسان، الذى اصبح احد اشهر الروائيين المصريين، ثم تزوجت زكى طليمات وكلا الزيجتين لم يكتب لهما الإستمرار طويلاً.
ومازالت دار النشرالعريقة التى انشأتها والمجلة الرئيسية التى تصدر عنها ملء السمع والبصر حتى اليوم، ومازالتا تحملان اسم روز اليوسف.
الناشطات