اﻷطفال الصغار ومشكلة التأتأة «التلعثم» ، نصائح لمساعدة طفلك على التحدث بسلاسة
هل لاحظتِ مؤخراً أن طفلك يعاني من صعوبة في نطق الجمل بشكل صحيح؟.. هل يبدأ قبل كل كلمة في التعلثم أو «التأتأة؟»..
عادة.. يقلق معظم الآباء والأمهات من «تأتأة» أبنائهم، فهم يرغبون أن يكون أطفالهم في أفضل حال، ومن الطبيعي أن تهتمي بتطور ابنك في الكلام، حتى يصل لأفضل حال.
تُعرف «التأتأة أو التعلثم» بأنها عملية تكرار الجملة أكثر من مرة أو تكرار الحروف الأولي منها قبل نطقها بشكل صحيح، علي سبيل المثال.. قد تجدي طفلك يقول «أ أ أ أعطني هذه اللعبة»، أو «ق ق ق قصة».
دعيني أخبرك بشيء في البداية..من الطبيعي أن يعاني طفلك من «التأتأة» أو تكرار الكلمات في المرحلة العمرية ما بين عمر سنتان إلي خمس سنوات، وذلك لأن طفلك في هذا السن يمر بمرحلة تعلمه لمجموعة كبيرة من الكلمات، ينتج عنها في النهاية محصلة لغوية ضخمة بالنسبة إلي عقلية طفلك، وهو ما ينتج عنه تفاوت في السرعة بين ما يفكر به طفلك وتعبيره عن هذا التفكير بالكلمات، فيجد نفسه في النهاية يعاني من صعوبة في تكوين ونطق الجملة بشكل سريع، فقط لأنه ليس معتاد على نطق كل ما يفكر به أو مازال يبحث بعقله عن الكلمات المناسبة للتعبير.
اﻷخبار السارة هنا.. أن 5 % فقط من اﻷطفال هم من تظل معهم حالة المعاناة الحقيقية من «التأتأة»، لكن البقية تمر من هذه المرحلة بسلام مع تطور النطق ومهارات التحدث بشكل طبيعي.
من الطبيعي أيضاً أن يعاني طفلك من تكرار الكلمات أو «التأتأة» عندما يكون متحمس لقول شيئاً ما، أو غاضباً ومنفعل أو حتي يشعر بالأحراج! لذلك اهتمي بملاحظة هذا الأمر جيداً، هل يعاني طفلك من «التأتأة» في مواقف معينة فقط كالسابق ذكرها وبخلاف ذلك يتحدث بشكل طبيعي؟ أم أنه يعاني من هذا اﻷمر عند التحدث بشكل عام.
من المهم أن تراقبي تطور مهارات ابنك في النطق بشكل دائم، خاصة عندما تلاحظي شيئاً ما يدعو للقلق.
هناك بعض العوامل التي قد تزيد من احتمالات أن يعاني طفلك من «التأتأة» في الكلام وهي:
أن يكون هناك أحد أفراد العائلة يعاني من التلعثم و«التأتاة» في التحدث، وبالتالي يعود هنا الأمر الي الجينات الوراثية للعائلة.
اﻷطفال الذين يعانون من تأخر في النمو أو مشاكل أخري متعلقة بمهارات النطق والتحدث، هم أكثر عرضة للإصابة بالتعلثم و«التأتأة».
اﻷولاد أكثر عرضة للإصابة بـ«التأتأة» عن البنات.
توقع اﻷسرة الكثير من الطفل عندما يبدأ في التحدث، ووضعه في بيئة محاطة بالضغوط العصبية يمكن أن يجعله يعاني من الصعوبة في الكلام أيضاً.
أغلب اﻷطفال يتخلصون من «التأتأة» في التحدث خلال الفترة من 3 إلي 6 شهور علي اﻷكثر، لذلك إذا لاحظتي استمرار طفلك في «التأتأة» لفترات طويلة تزيد عن هذه المدة، أو أن الوضع ازداد سوء، فيجب عليكِ استشارة طبيب اﻷطفال الخاص بك، أو الذهاب بطفلك إلي أخصائي تخاطب لإيجاد العلاج المناسب.
لأن هذا اﻷمر ينعكس ويؤثر على طفلك بالسلب في احترامه لذاته وثقته بنفسه، خاصة عند التحدث مع أصدقائه أو مدرسيه وزملائه بالمدرسة، لذا فالتدخل والعلاج المبكر لطفلك من التلعثم «التأتأة» هام جداً، لمساعدته علي تحسين قدراته في التحدث والنطق.
عليكِ أن تذهبي للطبيب أو أخصائي التخاطب في الحالات الأتية:
إذا أستمر طفلك في المعاناة من «التأتأة» ﻷكثر من 6 شهور.
إذا إزداد اﻷمر سوءً وتعقيداً مع طفلك.
إذا صاحبت «التأتأة» تعبيرات وجه غاضبة وعصبية أو حركات جسدية عنيفة.
إذا بدأت تنعكس علي سلوك طفلك في التفاعل مع زملائه بالمدرسه وال
محيطين به.
إذا تسبب اﻷمر في مشاكل نفسية لطفلك، تقوده لتجنب المواقف واﻷماكن التي سيضطر فيها للتحدث بنفسه.
إذا تعدي طفلك سن 5 سنوات ومازال يعاني من «التأتأة»، أو بدا اﻷمر واضحاً عند قرأته بصوت عالي في المدرسة.
بجانب ملاحظتك لطريقة طفلك في الكلام وتطور قدراته اللغوية، وهل يعاني من «التأتأة» أم لا؟.. عليكِ أيضاً ملاحظة الطريقة التي يتعامل بها اﻷشخاص ال
محيطين مع طفلك عندما يتحدث بشكل عام، فربما كما ذكرنا من قبل يعود السبب إلي خجل طفلك من الحديث أو التواجد مع أفراد بعينهم ﻷسباب نفسية أو عاطفية، مما ينعكس علي أسلوب كلامه.
وهذه بعض النصائح والخطوات التي من شأنها مساعدة طفلك علي الشعور بالراحة والتحدث بسلاسة:
اعطي طفلك جزء من وقتك يومياً للاهتمام الكامل به، في جو مليء بالراحة والتفاهم.
حاولي أن تتحدثي إليه ببطء قليلاً.. إذا كنتِ أنتِ أو من حولك يتحدثون بشكل سريع في المعتاد، دون أن تشعريه بتأنيب الضمير بسبب طريقة كلامه، لأنه في كل الأحوال سوف يرغب في الرد عليكِ بنفس طريقتك في الحديث، سواء كانت ببطء أو سريعاً.. فلا تعطي هذا اﻷمر أكبر من حجمه.
اعطي لطفلك الشعور بأنكِ مهتمة بما يقوله، لتشجعيه علي الأستمرار في التحدث بسلاسة، وأخذ وقته كاملاً في التعبير عما بداخله.
لا تكملي لطفلك الجمل التي يتلعثم بها، فقط اعطيه الوقت الكامل ليكمل حديثه بمفرده معبراً عن نفسه.
أثناء حديثك.. خذي دائماً دقيقة بين السؤال وقول جملة جديدة، سوف يعطي ذلك لطفلك إحساس جيد أنه ليس هناك حاجة للحديث والرد سريعاً.
إجمالاً لما سبق إذا بدأ طفلك يتلعثم أو «يتأتأ» في التحدث، فلا داعي للذعر والخوف الزائد، فربما يمر بمرحلة طبيعية جداً من تنمية مهارات التحدث لديه -كما ذاكرت في بداية المقال، أما إذا كان طفلك في حاجة للمساعدة الطبية من المتخصصين، كوني إيجابية وداعمة له، فتحسين مهارات التحدث لديه من خلال جلسات العلاج عادة تكن ناجحة بشكل كبير، لكن لا تهملي معها الجانب النفسي والعاطفي في دعم طفلك ليؤتي العلاج بثماره.
و اﻷهم من ذلك.. لا تلومي نفسك! فقد أثبتت الدراسات أن «تأتأة» الطفل وتلعثمه لا يحدث بسبب الوالدين إطلاقاً.
في النهاية أتمني أن يكن هذا المقال قادراً علي إعطائك المعلومات المفيدة واللازمة للتعامل مع حالات تلعثم و«تأتأة» اﻷطفال الصغار، وأن يوجهك إلي الطريق الصحيح في العلاج.