بسم الله الرحمن الرحيم
القدوة الصالحة وآثارها الإيمانية(10)
نماذج متواضعة
التواضع صفة عظيمة والمسلم إذا تواضع رفعه الله فى الدنيا والآخرة؛ قال صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا، ومن تواضع لله رفعه» [مسلم 4/2001، برقم 2588].
وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم أعظم الناس تواضعًا، وقد وصف أبو مسعود رضى الله عنه تواضع النبى صلى الله عليه وسلم قال: أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجلٌ فكلّمه فجعل ترعُد فرائصُهُ فقال له: «هوِّن عليك نفسك فإنى لستُ بِمَلِكٍ، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد»[ابن ماجه، برقم 3312].
كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعًا يمر بالصبيان فيسلم عليهم، وتأخذه بيده الأمة فتنطلق به حيث شاءت، وكان فى بيته فى خدمة أهله، وكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب الشاة لأهله، ويعلف البعير، ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين، ويمشى مع الأرملة واليتيم فى حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء، فكان متواضعًا من غير ذلة، رقيق القلب رحيمًا بكل مسلم خافض الجناح للمؤمنين، لين الجانب لهم، صلى الله عليه وسلم .
* ومما يدل على تواضعه العظيم صلى الله عليه وسلم تفضيله للأنبياء عليهم السلام على نفسه: فقد قال له رجل: يا خير البرية! فقال النبى صلى الله عليه وسلم : «ذاك إبراهيم عليه السلام» [مسلم، برقم 1369.]، وقال صلى الله عليه وسلم : «ما ينبغى لأَحدٍ أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بن متَّى» [البخاري، برقم 4630].
ولاشك أنه صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والمرسلين، وسيد الناس أجمعين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «أنا سيد الناس يوم القيامة» [البخاري، برقم 3340]، وقال صلى الله عليه وسلم : « أنا سيد ولد آدم، وأَوَّلُ مَن تنشق عنه الأرض، وَأَوَّلُ شافعٍ، وأَوَّلُ مُشفّع» [أبو داود برقم 4763].
ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم : أنه لم يكن له بوَّابٌ يحجبه عن الناس، وكان يرقى المرضى ويدعو لهم، ويمسح رأس الصبى ويدعو له، وكان يشفع لأصحابه، ويقول: «اشفعوا تؤجروا، ويقضى الله على لسان نبيه ما شاء»[البخاري، برقم 1432]، وقال لأنس رضى الله عنه: «يا بُنَيَّ» على سبيل الملاطفة والتواضع.
ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم : أن رجلًا كان يَقمُّ المسجد أو امرأة سوداء، فماتت أو مات ليلًا، فدفنه الصحابة، ففقدها النبى صلى الله عليه وسلم أو فقده، فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات، قال: «أفلا كنتم آذنتموني» فكأنهم صغَّروا أمرها أو أمره، فقال: «دلُّونى على قبرها» فدلوه فصلى عليها ثم قال: «إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينوِّرها لهم بصلاتى عليهم» [مسلم، برقم 956].
التواضع علامة حب الله للعبد كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة التوبة، الآية: 54].
وعن عياض بن حمار رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغى أحد على أحد»[ رواه مسلم].
وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر» متفق عليه.
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: «كان النبى صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب، ولقد كان له درع عند يهودى فما وجد ما يفكها حتى مات» [ رواه الترمذي].
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهم أحينى مسكينًا، وأمتنى مسكينًا، واحشرنى فى زمرة المساكين».
ولهذا قالت عائشة رضى الله عنها: إنكم تغفلون عن أفضل العبادات: التواضع.
في امان الله