صباحكم / مساكم ياسمين شامي
مينــاء الجســد
تقف أمام مرآتها تراقب تلك التمايلات في جسدها
الانتفاخ الظاهر في ثدييها ، حبات الخال الصغيرة في عنقها الطويل التي تتمايل فرحا بـ أنفاسٍ ستعانقها الليلة و تهيم بلذتها .
وضعت اناملها على جسدها ، انتقلت من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب كسفينة بقبطان مصاب بالهلع ، ألقى خريطته بين طحالب البحرِ و تركَ البر لأصحاب الأقدام المتصلبة .
نفضت رأسها بقوة شديدة وهي تحاولُ نثر الغبار عن أفكارها و لملمة شتات هلوساتها
أي جنون هذا الذي تقومين به ؟؟!!
أيتها الحمقااء افيقي كفاكِ هرااء و تهور
هيا استنشقي اكسجينك واطردي
عفاريت الماضي من جسدك الهزيل
فمياه بحرك خالية حتى الشاطئ اصابه قحط
ولا يعيد الروح لها سوى ذلك النمر المفترس
خلف قضبان هذا المرحاض
نعم هذا هو الخلااص يا أميرته...!!
وضعت يدها من جديد وعادت لتلك الجنة الخضراء التي كانت تجوب فيها فكان المطاف بها ان تقف في تلك العقدة الصغيرة فوق أحشائها
- كم هو حجم حبة البازيلاء يا عيسى ؟؟!!
- أعتقد ممم يشبه حجم الكره في قلبك ، تدرين يا أميرتي كم اتمنى ان تكوني انثى متمردة و مغرورة ياااه كم أتمنى ان تكوني بهذه الصفات ..!!!
تمردت و ابتعدت عن أنامله التي كانت تقارن بين حبة البازيلاء وتلك العقدة الصغيرة
- لماذا ؟!!
- ألم أخبرك أن ميناء جسدك ضيق ، ضيق جداا و انتِ تستقبلين كم كبير من السفن فبالله عليكِ أين مستقرها ؟؟!!
تلعثمت يدها بتلك العقدة لتبتعد عنها بجنون وطيش و تلذع دماغها الذي يعيدها لتلك اللحظاات ، لذلك المينااء الذي اعتادت ان تزداد من سعة اطلاعه لكن الهلاك كان أكبر و دمر ميناء جسدها
استداارت حول نفسها وهي ترى فستانها القصير بزركشات متراقصة يحلق من حولها نافض تلك الرذاذات التي ينثرها الماضي ، أغمضت عيناها لتجد نفسها تقف أمام العذراء مريم وتجلس على المقعد الخشبي العتيق و بين يداها شعلة صغيرة تلتهب بنار العشق التي تشعلها
- أيها الرَّب كما جعلت العذراء مريم بتلك المنزلة أجعل ميناء جسدي هو منزله اجعلني قريبة منه
سأقدم القربان لتغفر ذنوبي و خطاياي لكن اجمعني به
نعم اجعل ميناء جسدي هو منزله
فتحت عيناها بفزع و رعشة تخترق
خلايا جسدها الصغير
ماذا بكِ ؟؟!!
لماذا لا تتحولين لتلك الأنثى المغرورة ؟؟!!
هو لم يكن ميناء جسدك ولن يكون كذلك لماذا تفكرين به
استحمي من ذنووبك
اغسلي جسدك المترهل بالذنوب
واطرديه من رحمك
نعم نعم سأستحم ...
كانت المياه غزيرة ذات رصاصات قوية تغرس في جسدها الصغير ، ألتقت به و الأمطار كهذه الرصاصات غزيرة لا قلب لها ، رأته يجلس أسفل الأمطار و يعانقها
يتذووقها و يلعق شفاهه المكلله بها
جلست بجانبه و ضعت وشاحها على رأسه و قدمت له كأس من القهوة ، تلك القهوة التي جمعت بينهم ، كان كلاهما يلتهم ذات الحبيبات وذات السكريات
أرواحهم ملتحمة بالفراغ فوق السحابات بطريقة من اللاوعي
لكن وكأن تلك الأمطار التي جمعتهم في ذلك اليوم هي ذاتها التي تخلصها الآ من ذنوبه التي تجتاحها و تجهض كل اللحظات الجميلة التي جمعتها به
وضعت قطعة القماش فوق جسدها
و عانقت ذاتها وهي تردد :
- ميناء الجسد هو من يختارنا نحن لسنا سوى ارواح تائهة وسط البحار لا نعود للميناء إلا و مياه البحر بللتنا وانا تبللت بمياه ذلك الصنبور الأحمق وها أنا وجدت مينائي الأخير
لكم مني أجمل باقات الياسمين
دمتم بسعادة أبدية
ميناء الجسد 2025
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً