في دراسة حديثة تعنى بالشؤون الاجتماعية والحياة اليومية للناس، أجريت عبر الإنترنت على شريحة واسعة من جميع الجنسيات، تساءل خبراء عما إذا كان الحب موجوداً في الحقيقة، أم أنه مجرد خرافة رسمها الإنسان في مخيلته كسلاح لمواجهة الأحزان والمآسي الإنسانية. توصل بعضهم على أن الحاجة للحب شيء موجود في المخيلة الإنسانية فقط؛ لأن الشخص هو الذي يخلق هذه الحاجة. بينما أشار آخرون إلى أن الحاجة للحب هي حقيقة لا تكتمل حياة الإنسان بدونها. وبين هذين الرأيين تكمن جهود الإنسان لتعريف مدى حاجة الإنسان للحب من أجل رسم وتنظيم صيغة أرقى للحياة البشرية.وقالت الدراسة إن الفريق المؤمن بحاجة الإنسان للحب أكد أن حياة الإنسان بدون الحب تصبح ضرباً من الفوضى وضياع الأهداف، والمقصود هنا هو الحب بجميع أشكاله وليس الحب بين الرجل والمرأة فقط. من لا يحب أو لا يؤمن بالحب يعش لنفسه فقط، ومن يحب يعش لنفسه وللآخرين. أما الفريق الذي يعتبر الحب مجرد خيال رسمه الإنسان لنفسه فيقول إن الحاجة للحب موجودة في الدماغ فقط؛ لأن حياة الإنسان تستمر، ويمكن أن تزدهر دون الحب.
عندما يغيب الحب
إن غياب الحب يعني غياب الاهتمام بالحياة بأسرها. وبغياب الحب تنشط العناصر المغذية للكراهية، التي تؤدي إلى الحروب والمصادمات والظلم، وما أكثر الأمثلة التاريخية التي توضح كيف أن شعور الكراهية لحاكم ما أدى إلى حروب طاحنة لم تنته إلا عندما نجحت المحاولات لاسترجاع الحب المفقود. وقالت الدراسة إن هذا ينطبق على الصعيد الفردي أيضاً. فمن يعامل الآخرين على أساس من الكراهية فسيجد نفسه في يوم من الأيام منعزلاً عن الحياة؛ لأن بثّه الكراهية سيجعل الناس ينفرون منه.
خيار الفقراء!
أوردت الدراسة آراء لبعض الذين يعتبرون عاطفة الحب مجرد خيال بأن التاريخ يشير إلى أن الحب كان دائماً خيط الأمل للطبقات الفقيرة من الناس، أو أن ذلك الحب كان بمثابة المال الذي يفتقر إليه الفقير. فالفقير يوجد في قوقعة صغيرة، وبغياب ما يشغل حياته بأمور أخرى نتيجة افتقاره المال وجد الفقير أن الحديث عن الحب وإنكار أهمية المادة إنما هو سبيل للتعويض عن فقره لاكتساب نوع من الأهمية في حياته.
لكن الفريق المناصر لعاطفة الحب، كما قالت الدراسة، أكد أن من لا يملك الحب هو الفقير والعكس ليس صحيحاً. ويضيف هؤلاء: «الحب هو الكنز الذي لا ينتهي، بينما المال يعتبر كنزاً مؤقتاً يمكن أن يتبخر في أي لحظة، فكم من الأغنياء أفلسوا في لمحة بصر بعد انهيار إمبراطورياتهم المالية، لكن من يملك كنز الحب محصن ضد الإفلاس».
الحب، إذن، ليس أداة تعويض للفقراء، وإنما هو الحقيقة التي تعطي القيمة لكل الناس الفقراء منهم والأغنياء.
هل تغير مفهومه؟
استناداً إلى آراء بعض خبراء الشؤون الاجتماعية ربما طرأ تغيير طفيف على مفهوم الحب بين ما كان سابقاً والصورة التي هي عليها هذه العاطفة الإنسانية الجبارة في يومنا هذا، بينما رأى آخرون أن مفهوم الحب لم ولن يتغير لأنه في صلب الإنسانية.
وأضافت الدراسة: «إن التغيير الطفيف الذي يتحدث عنه بعض الناس يتمثل في أن الحب في عصرنا الحالي أصبح أكثر عقلانية من ذي قبل. فقديماً كانت حالات الانتحار بين المحبين الذين يفشلون في حبهم أكثر بكثير من يومنا هذا. اليوم أصبح هناك ما يطلق عليه تعدد الخيارات للتعويض عن فقدان الحب، وتنامي إدراك أن الفشل في الحب لا يستحق عقوبة الانتحار. ولكن على الطرف الآخر من النقيض هناك من يعتبر أن الحب لم يتغير فقط، بل أصبح شيئاً نادراً في عالمنا المعاصر».
الكنز المفقود
بعد الاطلاع على أهم النقاط الواردة في هذه الدراسة، سألت سيدتي خبيرة علم الاجتماع البرازيلية مارا سوبليس والعاملة في أمانة سر جمعية المرأة في مدينة ساو باولو عن رأيها فيما ورد في الدراسة فنصحت المحبين بالنقاط الآتية:
1 – لا أنكر أن الحب أصبح الكنز المفقود الذي يبحث عنه الناس الذين مازالوا يؤمنون بهذه العاطفة النبيلة، لكن وجوده يعتبر قوة في شخصية الإنسان ومصدراً حقيقياً للسعادة وغيابها مصدراً حقيقياً للتعاسة.
2 – اعلموا أن الفوضى التي تعم العلاقات الإنسانية في عالمنا المعاصر إنما ناجمة عن فقدان الحب هذا الكنز الذي لا ينضب.
3 - الحب كنز يولد نفسه بنفسه؛ لأنه ليس بحاجة إلى رؤوس أموال أو مشاريع أو دراسات قابلة للنجاح والفشل. فحتى إن فشلتم فيه فهذا لا يعني فقدانه، وإنما إعادة صياغته ليولد نفسه بنفسه حسب متطلبات انطلاقته من جديد.
4 – إن أردتم العودة إلى السكة من جديد فينبغي عليكم البحث عن الكنز المفقود.
5 – حذار من استمرار غياب هذا الكنز وعدم اهتمامكم بالبحث عنه؛ لأن هذا سيعقد الحياة العصرية أكثر، بل وربما يؤدي إلى فناء البشرية.
عبري عن حبك
حتى لا تتحول العلاقة بين الزوج والزوجة إلى مجرد روتين، أورد علماء الدراسة طرقًا لتجنب الفشل في الحب؟
أولاً- الكلمات الإيجابية:
على الزوج ألا يبخل بالكلمات الرومانسية، وعلى وجه الخصوص عبارة «أنا أحبك»، فإن لم تسمعها بين الحين والآخر فإنها تشعر أنها مهملة وأن زوجها قد نسيها.
ثانياً- المديح المتبادل:
على كل زوج أن ينتبه لنقطة مهمة، تفقد المرأة ثقتها بنفسها سريعاً إن لم يمدحها زوجها، وهذا يعطيها انطباعاً بأنها لم تعد تلك التحفة الجميلة التي كان يمدحها زوجها في بداية العلاقة.
ثالثاً- تبادل الهدايا الرومانتيكية:
بخاصة في المناسبات المهمة بالنسبة للزوجين كعيد ميلاد كل منهما، وكذلك عيد الزواج. ومن أجل استمرارية الشعور بالحب يمكن تبادل الهدايا دون مناسبة أيضاً. وقالت الخبراء: «المرأة تشعر بسعادة غامرة عندما يفاجئها زوجها بباقة من الورود الجميلة عندما يصل من عمله».
رابعاً- تبادل الخدمات:
يعني هنا أن يبادر الزوج إلى مساعدة زوجته في ترتيب المنزل وفي المطبخ. فالرجل يستطيع من خلال تقطيع الخضار لزوجته عندما تبادر إلى تحضير الطعام كسب قلبها؛ لأنها، أي الزوجة، تعتبر ذلك تعبيراً عن اهتمام الزوج بها وحبه لها.
خامساً، الاستماع للآخر:
الرجال بطبيعتهم لا يحبون الاستماع إلى التفاصيل الكثيرة التي توردها المرأة في أحاديثها، ولكن عليهم أن يبذلوا جهداً، ويحاولوا الاستماع للزوجة كبادرة تشعر المرأة بأن حديثها مهم.
سادساً- اللمسات الحسية:
المرأة تحب من الرجل بعض اللمسات الحسية كلمس شعرها أو خدها أو الطبطبة على ظهرها عندما تقوم بعمل جيد. فهي تفهم لغة الجسد وتشعر بالسعادة وبأنها محبوبة عندما يلمسها الزوج بلمسات تعبر عن تقديره لها، وبأنها مازالت جذابة بالنسبة له.