أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي حكم الوقف على قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ)


حكم الوقف على قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ)





قال تعالى: [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ] وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ][آل عمران: 7].

اختلف المفسرون في المراد بـ ( التأويل)، و المشهور فيه قولان:


القول الأول: أن يراد بالتأويل ما تؤول إليه حقائق الأخبار، ومنها العلم بالكيفيات، كتأويل ما في القرآن من أخبار المعاد مما يكون من القيامة والحساب والجزاء والجنة والنار، كما قال الإمام مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة كقوله: [هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ][الأعراف: 53] أي: ما يعلم كنهه وحقيقته وما يؤول إليه إلا الله.
وعلى هذا التأويل: يكون الوقف على قوله [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ]، ويبتدأ بـ [وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ](2).


القول الثاني: أن يراد بالتأويل: التفسير والبيان والتعبير عن الشيء فالوقف على قوله: [وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ]، لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار، وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه كقوله: [نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ][سورة يوسف: 36] أي: نبئنا بتفسيره، وعن ابن عباس أنه قال: أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله.
وفي السنة دعاء النبي لابن عباس : (( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل )) رواه أحمد (1/266) وصححه الألباني.
وعلى هذا التأويل: يكون الوقف على قوله [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ]، ويبتدأ بـ [يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ].

**

حدثني الدكتور عبد العزيز القارئ، قال: عندما كانت لجنة مصحف المدينة النبوية تراجع وقوف المصحف، جرى بحثٌ علميٌّ نفيسٌ طويلٌ، استغرقَ أيامًا، في هذه الآية، فسائر المصاحف تضع هنا رمز الوقف اللازم.
ورأينا أنَّ هذا الرمز يترتب عليه إبطالُ أحدِ القولين في التفسير، أو في المعنى، بينما هما وجهان صحيحان معتبران:


القول الأول: أن التأويل لا يعلمه إلا الله.
القول الثاني: أنهم يعلمون التأويل.
فعلى القول الأول يختلف معنى التأويل عنه في القول الثاني.
فالتأويل الذي يعلمُه [الرَّاسِخُونَ]هو ما خفي من معاني القرآن، وكان يحتاج إلى استنباط لا يقدر عليه إلا خواصُّ العلماء.
ولذلك كان ابنُ عباسٍ- - وهو من أخصِّ خواصِّ العلماء، وأعلم الناس بالتفسير ؛ كان يصل هذه الآية ويقول: أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله.


أمَّا التأويل الذي لا يعلمه أحدٌ ولا يعلمُه إلا الله فله معنى آخر، وهو معرفة كلِّ الأشياء وحقائقها المغيبة عن الإنسان مثل: حقائق ما أخبر عنه في القرآن من أحوال يوم القيامة، ومن أشياء يوم القيامة، وحقائق الصفات ونحو ذلك، هذا لا يعلمه إلا الله.


فإذا وصل فعلى المعنى الأول، أو على القول الأول.
وإذا وقف فعلى القول الثاني، فوجدنا أن رمز الوقف اللازم يصير فيه تحكم وإبطال لأحد القولين وكلا القولين صحيحان.






لذلك اختارت اللجنة ألا تجعل الوقف هنا أو لا ترمز هنا إلى الوقف اللازم، بل وضعت (قلي) اهـ (1).


رأي أهل الوقف:
قال ابن الأنباري: ( إلا الله) تام: لمن زعم أن الراسخين فى العلم لم يعلموا تأويله، وهو قول أكثر أهل العلم.
وعن مجاهد في قوله تعالى: [وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ]قال: الراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به ...، فعلى مذهب مجاهد [والراسخون]مرفوعان على النسق على [الله].
والوقف على [في العلم]حسن غير تام، لأن قوله:[يقولون أمنا به]حال من الراسخين، كأن قال: قائلين آمنا به.
ومن قال: الراسخون في العلم لم يعلموا تأويله، رفع الراسخين بما عاد عليهم من ذكرهم، وذكرهم في [يقولون]، ولا يتم الوقف على [في العلم]من هذا المذهب، ولا يحسن لأن الراسخين مرفوعان بما عاد من [يقولون]ولا يحسن الوقف على المرفوع دون الرافع .
وفي قراءة ابن مسعود لمذهب العامة: [إن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون]
وفي قراءة أبي ( ويقول الراسخون في العلم )
قال أبو عمرو الداني :
الوقف تام: على قول من زعم أن الراسخين فى العلم لم يعلموا تأويله، وهو قول أكثر أهل العلم من المفسرين والقراء والنَّحويين، وفى قراءة ابن عباس تصديق لذلك [ويقول الراسخون].
وعن طاووس عن أبيه قال: ذكر لابن عباس الخوارج، وما كان يصيبهم عند قراءة القرءان، فقال: يؤمنون بمحكمه، ويهلكون عند متشابهه، وقرأ [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ ويقول الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آمَنَّا بِه].
وعن مجاهد في قوله تعالى: [وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ]قال: الراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنابه....، وقال بذلك أيضا جماعة من أهل العلم فعلى هذا يكون الوقف على قوله (..... والراسخون في العلم... ) لأن الراسخين نسق على اسم الله .
قال السجاوندي: وقف لازم في مذهب أهل السنة والجماعة، لأنه لو وصل فهم أن الراسخين يعلمون تأويل المتشابه- كما يعمله الله- [ وهذا ليس بصحيح ]، بل المذهب أن شرط الإيمان بالقرآن العمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه، [والرَّاسِخُونَ]مبتدأ ثناء من الله عليهم بالإيمان على التسليم بأن الكل من عند الله.
ومن جعل المتشابه غير صفات الله تعالى ذاتًا وفعلاً، من الأحكام التي يدخلها القياس، والتأويل بالرأي، وجعل المحكمات الأصول المنصوص عليها المجمع عليها، فعطف قوله [والرَّاسِخُونَ]على اسم الله، وجعل [يَقُولُونَ]حالاً لهم، ساغ له أن لا يقف على [إِلا اللَّهُ].
لكن الأصوب الأحق الوقف، لأن التوكيد بالنفي في الابتداء، وتخصيص اسم الله بالاستثناء يقتضي أنه مما لا يشاركه في علمه سواه، فلا ِيجوز العطف على قوله [إِلا اللَّهُ]، كما على [لا إله إِلا اللَّهُ].
قال الأنصاري: [إلاَّ الله]:
تام: على قول الأكثر أن الراسخين لم يعلموا تأويل المتشابه.
وليس بوقف: على قول غيرهم أن الراسخين يعلمون تأويله.
قال الأشموني: [إلاَّ الله]وقف السلف وهو أسلم لأنه لا يصرف اللفظ عن ظاهره إلاَّ بدليل منفصل ووقف الخلف على العلم، ومذهبهم أعلم، أي أحوج إلى مزيد علم لأنهم أيدوا بنور من الله لتأويل المتشابه بما يليق بجلاله والتأويل المعين لا يتعين لأنَّ من المتشابه ما يمكن الوقوف عليه ومنه ما لا يمكن وبين الوقفين تضاد ومراقبة فإن وقف على أحدهما امتنع الوقف على الآخر وقد قال بكل منهما طائفة من المفسرين واختاره العز بن عبد السلام.
وقد روى ابن عباس أنَّ النبي وقف على [إلاَّ الله]وعليه جمع من السادة النجباء كابن مسعود وغيره أي أنَّ الله استأثر بعلم المتشابه كنزول عيسى ابن مريم وقيام الساعة والمدة التي بيننا وبين قيامها.
وليس بوقف لمن عطف [الراسخون]على الجلالة، أي: ويعلم الراسخون تأويل المتشابه أيضاً ويكون قوله [يقولون]جملة في موضع الحال من الراسخون أي قائلين آمنا به وقيل: لا يعلم جميع المتشابه إلاَّ الله تعالى، وإن كان الله قد أطلع نبيه على بعضه وأهل قوماً من أمته لتأويل بعضه وفي المتشابه ما يزيد على ثلاثين قولاً وهذا تقريب للكلام على هذا المبحث البعيد المرام الذي تزاحمت عليه إفهام الإعلام.
وقال السجستاني: الراسخون غير عالمين بتأويله واحتج بأن [والراسخون]في موضع وأما وهي لا تكاد تجيء في القرآن حتى تثنى وتثلث كقوله أما السفينة وأما الغلام وأما الجدار أما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وهنا قال: فأما الذين في قلوبهم زيغ ولم يقل بعده: وأما، ففيه دليل على أنَّ قوله [والراسخون مستأنف منقطع عن الكلام قبله.
وقال أبو بكر: وهذا غلط لأنَّه لو كان المعنى وأما الراسخون في العلم فيقولون لم يجز أن تحذف أما والفاء لأنَّهما ليستا مما يضمر(1).

الراجح في المسألة:
القولان معتبران وصحيحان، وأكثر أهل العلم من المفسرين والنحويين والقراء، وأهل الوقف على الرأي الأول، وعموم المصاحف كذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وجمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ]وهذا هو المأثور عن أبيِّ بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم.
قال الشوكاني: (( الذي عليه الأكثر أنه مقطوع عما قبله، وأن الكلام تم عند قوله: [إِلاَّ اللَّهُ]هذا قول ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وأبي الشعثاء وأبي نهيك وغيرهم، وهو مذهب الكسائي والفراء والأخفش وأبي عبيد وحكاه ابن جرير الطبري عن مالك واختاره وحكاه الخطابي عن ابن مسعود وأبي بن كعب))
وقال ابن عثيمين: الوقف على [إِلاَّ اللَّهُ]عليه أكثر السلف، وعلى هذا، فالمراد بالمتشابه المتشابه المطلق الذي لا يعلمه إلا الله، وذلك مثل كيفية وحقائق صفات الله، وحقائق ما أخبر الله به من نعيم الجنة وعذاب النار، قال الله تعالى في نعيم الجنة: [فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ][ السجدة: 17]، أي: لا تعلم حقائق ذلك .

رموز المصاحف: أشار مصحف الشمرلي بـ(الديار المصرية)، والباكستاني بالرمز ( مـ ) والمدينة، ودمشق ( قلى)، وكلا الرمزين ( مـ، وقلي) يؤيد الرأي الأول إلا أن الرمز (قلي) فيه سعة حيث يقبل الوصل على معنى التفسير، مع تغليب الأول، الذي هو بمعنى حقائق الأشياء.


كلام نفيس لشيخ الإسلام بن تيمية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – -: جمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله: [وما يعلم تأويله إلا الله]وهذا هو المأثور عن أبى بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم.
وروى عن ابن عباس أنه قال: التفسير على أربعة أوجه:
1. تفسير تعرفه العرب من كلامها
2. وتفسير لا يعذر أحد بحهالته
3. وتفسير تعلمه العلماء
4. وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب
وبين شيخ الإسلام بن تيمية أن التأويل يأتي على معان:
1- يأتي بمعنى التفسير وهذا الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن كما يقول ابن جرير وأمثاله- من المصنفين في التفسير- واختلف علماء التأويل ومجاهد إمام المفسرين قال الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به وعلى تفسيره يعتمد الشافعي وأحمد والبخاري وغيرهما فإذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره.
2- يأتي بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الكلام كما قال الله تعالى: [هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ][الأعراف: 53]، فتأويل ما في القرآن من أخبار المعاد هو ما أخبر الله به فيه مما يكون: من القيامة والحساب والجزاء والجنة والنار ونحر ذلك كما قال الله تعالى في قصة يوسف لما سجد أبواه وإخوته قال: [يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ][يوسف: 100] فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤيا
3- يأتي بمعنى تفسير الكلام وهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه أو تعرف علته أو دليله، وهذا ( التأويل الثالث ) هو عين ما هو موجود في الخارج ومنه قول عائشة : ( كان النبي يقول: في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لى ) يتأول القرآن [متفق عليه] يعنى قوله: [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ]وقول سفيان بن عيينة: السنة هي تأويل الأمر والنهي، فإن نفس الفعل المأمور به: هو تأويل الأمر به ونفس الموجود المخبر عنه هو تأويل الخبر والكلام خبر وأمر.

والله الهادي إلى سواء السبيل





منقول عن ملتقى أهل التفسير

حكم الوقف على قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ)




إظهار التوقيع
توقيع : عہاشہقہة الہورد
#2

افتراضي رد: حكم الوقف على قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ)

رد: حكم الوقف على قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ)
إظهار التوقيع
توقيع : دوما لك الحمد
#3

افتراضي رد: حكم الوقف على قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ)

موضوع ممتاز

جزاكِ الله كل خير

ينقل لفتاوي و فقه المرأه المسلمة

إظهار التوقيع
توقيع : ضــي القمــر


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
أحكام لباس المرأة المسلمة وزينتها - هام هـــدوء فتاوي وفقه المرأة المسلمة
قصص القرآن الكريم .. حبيبة أبوها القرآن الكريم
أسلوب التهديد في القرآن اماني 2011 المنتدي الاسلامي العام
مضمون القرآن الكريم كاملا .. متجدد بمشيئة الله .. حبيبة أبوها القرآن الكريم
تفسير قوله تعالى إِلا اللَّمَم ممرريم المنتدي الاسلامي العام


الساعة الآن 07:29 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل