( قصة من التراث الشعبي الجزائري )
- 01 -
حكي فيما مضى من قديم الزمان ، وسلف من أحاديث الأجداد ، أنه كانت هناك في قرية امرأة كبيرة لا يوجد أمحس منها ، وكانت بشعة جدا ، ذات خد مشموط ( أي به خطوط من كثرة التجاعيد ) وحاجب ممقوط وأسنان مكسورة ، ووجه أنمش ولحظ أعمش ورأس أغبر ، وشعر أشهب ، وجسم أجرب ولون حائل ومخاط سائل وقد مائل... فهي كما قال فيها الشاعر:
عجوز النحس إبليس يراها ** تعلمه الخديعة من سكوت
تقود من السياسة ألف بغل ** إذا نفروا بخيط العنكبوت
وكانت هذه العجوز تمر على جماعة في مكان اعتادوا على الجلوس فيه ، وفي كل مرة تمر عليهم تجدهم دوما يلعنون الشيطان ويسبونه ، غير أنّ هذا لم يعجبها وتقول لماذا يلعنون الشيطان ؟ ماذا فعل لهم ؟ وبينما هي على هذه الحال إذْ تجسّد لها الشيطان اللعين وقال لها: ما بك أيتها العجوز ؟ فردت عليه ، لا أعرف لماذا هم متحاملين على الشيطان دوما ، فرد عليها: لأنه يثير الفتن ولا يفعل الخير أبدا، كما أنه يثير الخصومة والشقاق بين الناس،فقالت له: إنه لا يستطيع فعل ذلك ، فرد عليها : بل يستطيع ، لترد عليه مجددا: لا يستطيع ، فأخبرها أنه هو الشيطان ثم قال لها:ما رأيك لو أذهب لتلك الجماعة وأثير الفتنة بينهم، فقالت له: جرب حتى أرى وأتأكد.
فذهب إليهم وجلس بينهم ، وبدأ يثير الفتنة بينهم حتى جعلهم يتخاصمون وكادوا يقتتلون ، فتفرقوا ولم يجتمعوا من ذاك اليوم.
ورجع إليها قائلا: أرأيت ماذا فعلت ، فردت عليه :هذا لا شيء ، ثم سألته: هل من شيء صَعُبَ عليك ولم تقدر عليه؟ فقال لها: بأنه توجد امرأة متزوجة من ابن عمّها وقد حاولت جاهدا أن أدخل الفتنة والحقد بينهما ***- أستطع.. ففكرت قليلا ثم قالت له: طيب ، دُلني على منزلها ومنزل أهلها ومنزل أهل زوجها ، وأخبرني عن اسمها واسم زوجها و ...المهم أنها طلبت منه بعض المعلومات عنهم ، ثم طلبت منه أن يحضر لها فردا من حذاء جديد أو لا يزال في حالة جيدة ، فأحضره لها، وبعد أن تمّ لها كل شيء ذهبت وطرقت الباب : ففتحت لها صاحبة المنزل الباب وأدخلتها وسألتها من تكون؟ فقالت الستوت أنا قريبة لك وأسكن في بلاد بعيدة، ألست فلانة بنت فلان وفلانة وزوجك اسمه كذا ...المهم بدأت تخبرها وتحدثه عن أهلها حتى ارتاحت لها الزوجة وتيقنت أن هذه العجوز هي فعلا تعرفهم.. ثم قالت العجوز: هل يوجد عندكم طعام يا ابنتي ، فأنا أتيت من قرية بعيدة ولم آكل شيئا منذ مدة ، فقامت صاحبة البيت لتحضر لها بعض الطعام، وأثناء ذلك قامت العجوز ورمت فردة الحذاء في الحوش، وعندما أحضرت لها الطعام قالت العجوز لها: هلاّ أحضرتي لي ملعقة أخرى، لأني عندي طبع وهو أن آكل بملعقتين، فتعجبت منها الزوجة، وأحضرت لها ملعقة أخرى، وأصبحت الستوت تأكل مرة بهذه ومرة بالأخرى، وفجأة سُمع طرق على الباب ، فذهبت صاحبة البيت لفتح الباب فوجدته زوجها فقالت له: لقد جاءتنا عجوز قريبة لنا، تعال وسلّم عليها ، وعندما دخل الزوج ليسلم عليها هزّت فيه رأسها باستغراب وسألتها من يكون هذا ؟ فردت عليها الزوجة : هذا زوجي الذي حدثتك عنه ، فزاد استغراب الزوجة: زوجك ؟!!هل لديك زوجان أم ماذا ؟!!إذا كان هذا زوجك فمن الرجل الذي كان يأكل معنا ؟ أما الزوجة فقد أنكرت وجود شخص ثالث كان معهما ، وبدأ الشك يدخل الزوج ، وبدأت العجوز تتظاهر بالحيرة والعجب وتقول: والله هذا شيء عجيب وعمري ما سمعت بمثل هذا !!ونظر الزوج إلى الطاولة فوجد فيها ثلاثة ملاعق، وهذا يعني أنه هناك شخص ثالث كان معهما، فدخله الشك أكثر ، وبدأ يدور في أرجاء المنزل حتى وجد فيه الحذاء ، فثارت ثائرته وقام لزوجته يضربها.
هذا ما كان من أمر الرجل وزوجته، أما ما كان من أمر العجوز فإنها تسللت وأسرعت إلى بيت أهل الزوجة وهي تصرخ وتولول: أسرعوا وأغيثوا ابنتكم لأني كنت جالسة معها وفجأة دخل رجل وبدأ يضربها ، وإنكم إذا أسرعتم تجدونها حية وإلا فإنه سيقضي عليها ، فثار أهل الزوجة حاملين العصي والسكاكين..ثم أسرعت العجوز إلى أهل الزوج تصرخ: أسرعوا وأغيثوا ابنكم فقلد تحامى عليه أهل الزوجة، وإنكم إذا أسرعتم تجدونه حيا وإلا فإنهم سيقضون عليه.
كل هذا يحدث والشيطان اللعين يراقب ذلك ، ثم قال لها ، أثرتها، فعلتها..فردت عليه: أجل وماذا كنت تظن، والآن يجب أن أهرب بجلدي فإنهم متى فطنوا بي سيقضون عليّ ، وتركته وهربت
- 02 -
وبعد أيام خرجت الستوت إلى السوق في وقت متأخر فوجدت كل الدكاكين مغلقة إلا دكانا واحدا، فاقتربت من صاحبه وسألته عن سبب عدم ذهابه إلى منزله مثل الآخرين ، فأخبرها أنه من قرية أخرى ، وبقيت تسأله لتعرف عنه كل شيء: هل أنت متزوج ؟ نعم أنا متزوج وعندي بنتان ، وقد تركتهم وهربت عنهم ، منذ حوالي سبع أو ثماني سنوات ومنذ ذلك الحين لا خبر عنهم، وعندما تمّ للعجوز ما أرادت توجهت مباشرة إلى القاضي شاكية باكية : يا سيدي القاضي لقد تزوجت من رجل ومنذ حوالي ثماني سنوات هرب وترك لي بنتين ، وقد بقيت أبحث عنه حتى وجدته في هذه البلاد، وله دكان في السوق ، وأنا الآن أريد حقي وحق ابنتي من النفقة ، أو يسرحني أو يرجعني إلى عصمته.
فأرسل القاضي أحد رجاله مع العجوز لتدله عليه، وعندما اقتربا قالت العجوز للحارس: سأبقى هنا مختبئة حتى لا يراني ويهرب ، وذاك هو الدكان . وعندما ذهب أسرعت الستوت إلى بيتها وأوصت بنتيها وقالت لهما : سيأتي فيما بعد رجل من رجال القاضي ستذهبان معه إلى المحكمة ، وهناك ستجدان رجلا صفاته كذا وكذا ويلبس كذا وكذا..وعندما تدخلان عليه تعلقا به وقبلانه وقولا: أبي أبي ، أين كنت كل هذه المدة..
ثم إن تلك الستوت رجعت إلى المحكمة وسبقت الحارس الذي جاء مع الرجل، وعندما أدخله على القاضي قال له القاضي: إنّ هذه العجوز تشكو بك وتقول بأنها زوجتك وعندك منها بنتان وانك هربت عنهم وأهملتهم..
فقال الرجل صاحب الدكان: إنها تكذب فأنا لم أرها في حياتي أبدا إلا اليوم. وحكى له ما حدث معها، ثم قال للقاضي: إنّ كان عندها من دليل فلتخبرنا به، فقال القاضي للعجوز: هل عندك من دليل ؟ فردت عليه: ليس عندي أي دليل، ولكن احضروا ابنتي إلى هنا، فإذا تعرفتا عليه فسيكون كلامي صحيحا، وإلا فسأسلم أمري إلى الله وسأرضى بما تحكم ، وسأدلكم على المنزل ليذهب إليه أحدهم وسأبقى أنا هنا حتى لا تقولوا أني وصيتهما أو شيئا ما..
وذهب الحارس وأحضر البنتين إلى المحكمة وما إن دخلتا وشاهدتا الرجل الذي وصفتهما لهما أمّهما حتى قفزتا عليه وتعلقتا به تقبلانه: أبي أبي أين كنت كل هذه المدة، والرجل المسكين أصبح مغلوبا على أمره،لم يستطع فعل أي شيء.
فقال له القاضي: لقد ثبت عليك الأمر وهذه زوجتك وهي لا تكذب، ويجب عليك أن تعطيها نفقتها ونفقة البنتين. فقال العجوزة: أنا لا أريد نفقته، وكل ما أريده هو أن يرجعني إليه فأنا أصبحت كبيرة، فحكم القاضي لها بأن يرجعها إلى عصمته ويتكفل بهم.
فما كان من الرجل المسكين إلا أن رضخ للأمر وذهب بها إلى منزله.
- 03 -
وبعد مدة من الزمن قالت الستوت لزوجها ( أي الذي أصبح زوجها رغما عنه )
قالت له: إن الدكان ليس فيه سلع كثيرة وأنه لا يساعد على المعيشة، فلا بد من الذهاب إلى السوق وشراء سلع جديدة..فذهبت إلى السوق وهو يـتـبعها ، ودخلت عند تاجر كبير، في حين طلبت من زوجها أن يبقى في الخارج، وأصبحت تختار الأقمشة الرفيعة والباهظة الثمن، وعندما أنهت اختيار الأقمشة قالت للتاجر: أحضر لي حمّالا يوصل السلع إلى البيت وسأرسل لك النقود معه، هذا زوجي سيبقى هنا معك، فقال لها: حسنا..وأحضر لها حمالا الذي أوصل لها السلع إلى بيتها، وعندما وصلت قالت للحمّال: أنا الآن عندي موعد مهم، ارجع أنت إلى التاجر وانتظرني هناك، وسأعود بعد قليل وأحضر المال معي لأعطيك أجرتك وأجرة التاجر، وزوجي هناك ينتظر معكم.
فرجع الحمال إلى التاجر ، أما العجوز فإنها أسرعت إلى بناتها وهربت إلى حي آخر، هذا ما كان من أمرها، أما ما كان من أمر الحمّال فإنه لما عاد إلى التاجر سأله عن النقود، فأخبره أن العجوز طلبت من الانتظار وأنها ستأتي بعد قليل بالنقود، كما قالت أن زوجها سينظر معهم، فقال التاجر:ما دام زوجها هنا فستأتي حتما.
وجلسوا جميعا ينتظرون حتى أظلم الليل، لكنها لم تأت.فغضب التاجر وقال لمَ لمْ تأت لحد الآن، وسأل زوجها عن سبب تأخر زوجته، فقال الرجل: لا هي زوجتي ولا أنا أعرفها ، وحكي له كل ما حدث معها، فما كان من التاجر إلا أنْ حمّل التاجر كل المسؤولية واتهمه بالاشتراك معها..وفي الصباح رفع التاجر شكواه عند القاضي متهما الحمال والرجل ، وحاول الحمّال الدفاع عن نفسه، فقال القاضي له: أنت تعرف البلاد جيدا، ابحث عن تلك العجوز وأحضرها، فراح يبحث عنها وهو يلعن اليوم الذي رآها فيه..وبقي على هذه الحال مدة حتى وجدها ، ومن شدة غضبه أصبح يرفعا ويفضخها على الأرض ( أي يرميها على الأرض بقوة ) ثم جرّها إلى القاضي ، وبينما هما يسوقها مرّا على المزيّن ( الحلاق ) فقالت للحمال: لدي حاجة عند هذا المزين، فرفض في بداية الأمر، لكنها رضخ بعدما قالت أن الأمر يتعلق بالمال.
وعندما دخلت وجدت ثلاثة رجال ينتظرون دورهم ، فقالت لهم: أريد منكم خدمة بسيطة، هذا ابني في الخارج وهو يعاني من ألم شديد في جميع أسنانه، ومنذ عدة أيام لا ينام ولا يتركنا ننام، أريد منكم أن تساعدوا المزين على أسنانه، ولا تستمعوا له فقد ينكر أنني أمّه ونادت العجوز على الحمال وطلبت منه الدخول ، وما إنْ وضع رجليه في الداخل حتى أمسك به الرجال كل واحد من جهة، وأقعدوه فوق الكرسي في حين أن العجوز تسللت وهربت، أمّا الحمال فقد كان متعجبا وقال لهم: ماذا يحدث؟ لماذا تمسكون بي ؟ فقالوا له: أمّك العجوز التي كانت هنا طلبت منا أن ننزع أسنانك التي تؤلمك، فقال لهم: ليست أمي ، إنها تكذب عليكم ، فقالوا له: حسنا ، أمك وتكذب عليك، الآن عندما ننزع لك أسنانك سيأتيك النوم في الليل ولن تزعج أحدا ، فبدأ يصرخ و...ومختصر القول أنهم فتحوا فمه بالقوة وقلعوا الكثير من أسنانه وخرج من فمه دم كثير، وأصبح في حالة يحسد عليها،فرجع إلى القاضي وقال له: أنظر ماذا فعلت بي تلك العجوز، ولن أبحث عنها إلا إذا أعطيتموني أجرة، فقال القاضي:حسنا ، واستدعى التاجر وقال له: هذا الحمّال المسكين أنظر ماذا فعلت به الستوت، فإذا أردت أن يجدها عليك أن تعطيه أجرة، فقبل التاجر بعد معارضته في البداية.
- 04 -
ومرة أخرى تقع العجوز بين يدي الحمّال فأمسكها وقال لها: في المرة السابقة نزعت أسناني والآن ماذا ستفعلين؟ لن أفعل لك شيئا،لكن تحركي أمامي وإلا رأيتي منّي ما لا يرضيك. فرضخت له ومشت، وعندما وصلا إلى المحكمة، وجدا القاضي قد انتهى من عمله وهو ذاهب إلى منزله، فقال الحمّال: ها هي العجوز قد أحضرتها لكم.
ولم يكن هناك سجن خاص بالنساء وقتها، فقال القاضي: جيد، دعها الآن معي سآخذها معي إلى المنزل، وأنت في طريقك قل للتاجر والشيخ الذي ادعّت عليه بأنه زوجها وأبلغهم بأن يحضروا بعد صلاة الظهر لمحاكمتها. وقام بعدها الحمال بإبلاغ التاجر والشيخ هذا ماكان من أمرهم ,أما ماكان من أمر القاضي فانه أخذ العجوز معه وعندما أدخلها إلى بيته قال لبناته وزوجته أحسنوا إليها وانتبهوا لها جيدا، ثم جلس وبعدما أنهى فطوره دخل غرفته لينام،وعندما عرفت العجوز بأنه نام، قالت لبناته:لقد تأخرت كثيرا وأريد الذهاب فهلا سرحتموني، فردت عليها واحدة منهن : ولكن لما أنت هنا ؟ فقالت العجوز :هناك عرس قريب منا وأنا عندي بنات يردن أن يذهبن إلى العرس ولكن ليس لدينا مانلبسه من ذهب وحلي فأتيت للقاضي وطلبت منه ذلك ووعدته بأني سوف أعيده له بعد العرس كما وعدته بإحضار بعض الروائح والطيب من هناك..فما كان منهن إلاّ أن أسرعن وأحضرن لها كل ما طلبت، ثم خرجت، لتتمكن بهذه الحيلة الهرب من جديد، وعندما استيقظ القاضي سألهم عنها، فأخبرنه بأنهن أعطينها الذهب والحلي، فقال القاضي: أي ذهب وأي حلي ؟ فعرف بعدها بأنّ الستوت تمكنت من خداعه هو أيضا، فقال كلمة لا يخجل أحد من قولها: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم توضأ وذهب إلى المسجد حتى صلى الظهر ثم ذهب إلى المحكمة فوجد التاجر والحمال والشيخ الذين بدا على وجوههم الاستغراب من حضور القاضى بمفرده، غير أنه قطع عنهم استغرابهم قائلا: لقد تمكنت العجوز من الهرب مرة أخرى، وحكى لهم كل ما حدث، ثم أمر الحمّال بالبحث عنها.
وبدأت عملية البحث مجددا ، وفي أحد الأيام عثر عليها فأمسكها والشرر يتطاير من عينيه: أيتها العجوز النّتنة ، هل تظنين أنك ستهربين مني مجددا ، تحركي أمامي إلى المحكمة..فإلى متى سأبقى ألاحقك وأبحث عنك، فسارت أمامه وعندما وصلا إلى المحكمة كان الوقت متأخرا وكاد الظلام يخيم، فقال له القاضي: لقد تأخر الوقت ولا يمكننا محاكمتها الآن، سنقوم بذلك غدا في الصباح الباكر، وأنت بلغ التاجر والشيخ أن المحاكمة غدا، ثم أمر القاضي بربط الستوت في عمود بالمحكمة، حتى لا تتمكن من الهرب وجعل عليها حارسا، وذهب إلى بيته.
وكان ذلك الحارس غبيا بعض الشيء ، وبدأ يتكلم معها ويسألها: من أنت أيتها العجوز ؟ وما الذي قمتي به حتى ربطوك هنا ؟ وكان الحارس بين كل كلمة وأخرى يذكر الزلابية ( حلوى معروفة ) ، فعرفت العجوز بأنه يحبها كثيرا، فقالت له: اعلم يا ولدي بأني أم القاضي، ولقد حتّم عليّ في كل يوم صباح بأكل صحن من الزلابية، وإذا لم آكلها يقوم بربطي.
فقال الحارس: يقومون بربطك لأنك لم تأكلي الزلابية، لو أنهم أعطوني صحنا أو صحنين لأكلتهما، فقالت له: أتستطيع أكل صحنين؟ فقال لها الحارس: أي نعم ولو كانت أربعة ، فقالت له الستوت: إذا كنت تحب ذلك ففك الرباط عني وخذ مكاني وفي الصباح عندما يأتون بالزلابية فكلها أنت لوحدك، فأسرع الحارس وحلّ رباطها ، وقامت هي بربطه مكانها وهربت.
وفي الصباح عندما جاؤوا لمحاكمتها وجدوا الحارس مربوطا مكانها، فسأله القاضي: أين العجوز؟ وماذا تفعل أنت هنا؟ فقال له الحارس: أين الزلابية ؟ القاضي: أية زلابية ؟!! الحارس للقاضي: الزلابية التي كنت تعطيها لأمك العجوز كل صباح..فعرف القاضي بأن العجوز قد لجأت إلى حيلة أخرى مكّنتها من الهرب، عندها التفت القاضي لهم وقال: هل رأيتم كل ما فعلته هذه الستوت لحد الآن ؟ حقا إنها خبيثة ومحتالة ،ويظهر أنها ستثير الفتن والمشاكل في البلاد ، وأظن أنه في رأيي يجب أنْ نعطيها الأمان وأن نسامحها أحسن، فوافقوا جميعا على مضض.
فأذن مؤذن : أيتها العجوز عليك الأمان..
وعندما سمعت الستوت بذلك، اتجهت للمحكمة ، وجدتهم جميعا هناك: فأصلح القاضي بينها وبين الحمّال، وكذلك مع التاجر الذي سامحها على السلعة التي أخذتها، وكذلك الأمر مع الشيخ الذي ادعت أنه زوجها، والقاضي الذي ذهب بعض ذهبه وحليّه سامحها فيه وقال: العوض على الله.
فقامت الستوت وأعطت بعض المال للحمّال وقالت له: هذا تعويض على ما ألحقته بك من قلع أسنانك، وأعطت الشيخ بعض المال أيضا يعين به نفسه في السوق، أما القاضي والتاجر فلم تعطهما شيئا وقالت لهما: أنتما أغنياء ولديكما الكثير من المال.
وبهذا أصبحت قصة الستوت على كل الألسن في كل مكان وزمان.
وهذه القصة مجسدة في فيلم مغربي يسمى عويشة ذويبة