السؤال
منذ أن كان عمري 14 عامًا، وقد هداني الله إلى الصلاة، وقراءة القرآن والأعمال الخيرية، وبعد فترة من الالتزام بدأت أعمل مؤذنًا في مسجد الحي، بل أحيانًا كنت أصلي بالناس, أنهيت ثانويتي وعدت إلى بلدي لألتحق بالجامعة، ومن الله على ودخلت الجامعة التي كنت أحلم بها، بل وفقني الله وتفوقت في دراستي بفضل الله، ومن الله علي أكثر وحصدت جوائز محلية أثناء تخرجي العام الماضي من الجامعة نتيجة الأبحاث التي كنت أعمل عليها، وبعدها ترشحت مع مجموعه لألتحق بمنحة من الدولة ليتيسر لي بعد ذلك بإذن الله أن أسافر وأكمل دراستي.
أنا على مقربة من أن أنهي المنحة الحالية، ولكن بسببها؛ ولأن العمل بها صعب للغاية، فأحيانا أنام في اليوم 4 أو5 ساعات، ونتيجة الضغط الحالي وابتعادي عن أهلي لفترات أصبح الحفاظ على الصلاة في وقتها صعبا، بل أصبح الوضع الحالي هو جمع الصلوات، وتوقفت عن الصيام، وعن تلاوة القرآن التي أصبحت قراءتي له على فترات متباعدة، وفعلت العديد من المحرمات كالعادة السرية التي أصبحت أفعلها كل فترة نتيجة الاختلاط مع زميلاتي في العمل، وبدأت أسمع الأغاني.
أنا أخاف الله، وأخاف أن أموت وأنا على إحدى تلك المعاصي، وأخاف أكثر عندما أعصي الله، وبعدها يرزقني الله بأمر أتمناه.
بعد فترة سأكون مخيرًا بأن أتزوج أو أكمل دراستي, وأنا أحب العلم، وإن تزوجت لن أستطيع أن أكمل؛ لأني سأكون مطالبًا بأن أنفق على البيت وعلى زوجتي.
انصحوني وادعوا لي بالهداية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ibrahim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك في موقع الشبكة الإسلامية، وردًا على استشارتك أقول:
(لكل عمل شرة (نشاط)، ولكل شرة فترة (فتور)، فمن كانت فترته إلى السنة فقد أفلح، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك، هكذا أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام، وأنت لا زلت على خير -إن شاء الله-.
ارتكاب بعض المخالفات مؤشر خطر قد يجرك إلى ما هو أكبر منها، وهذا يحتم عليك أن تبادر بالتوبة ما دام بابها مفتوحًا.
صاحب الأخيار الذين يدلونك على الخير ويعينونك عليه، واجتنب الرفقة السيئة التي تجرك نحو الشر وما يغضب الله، فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، والصاحب ساحب.
انشغالك لا يعني أنك لا تؤدي الصلاة في أول وقتها، أو على أقل تقدير لا تخرجها من وقتها، فمن المؤكد أنك لو احتجت للذهاب للحمام لقضاء الحاجة فستذهب مهما كانت انشغالاتك، فهل ذلك أهم وأعظم في نظرك من الصلاة، فأنت تحتاج لتقوية إيمانك كي لا تتأثر بمن حولك وتخاف من نظراتهم، فالمصلي على حق، وتارك الصلاة والمتهاون فيها على باطل.
العادة السرية محرمة شرعا وأضرارها كارثية في الحال والمستقبل، فأتمنى أن تقرأ ما كتب حول ذلك من الاختصاصيين؛ فذلك كفيل بإذن الله في زجرك عن الاستمرار في ممارستها.
أكثر من صيام النوافل فذلك علاج نبوي للحد من الشهوة كما قال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) وابتعد قدر الإمكان عن كل ما يثير شهوتك.
احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز واجعل نظرتك إلى المستقبل، واتجه إلى العلم وأعطه جهدك، واجعل همتك في طلبه عالية، وإياك وسفاسف الأمور، ولا تستعجل في موضوع الزواج فإن فعلت صعب عليك الاستمرار في طلب العلم؛ لأن الحياة الزوجية تستوجب عليك العمل لتوفير متطلبات الحياة.
سماع الأغاني يمرض القلب، ويبعد عن الله، وعن ذكره، ويهيج الشهوة فتب إلى الله من سماعها، والجأ لسماع القرآن الكريم، وإن أردت الترويح عن النفس فاستمع الأناشيد المعبرة كأناشيد العفاسي مثلا؛ ففي ذلك غنية عن الغناء المحرم.
أكثر من ذكر الله وحافظ على وردك من القرآن فاقرأ ورقتين بعد كلا صلاة تختم في اليوم جزءا، وفي الشهر مصحفًا، ويطمئن قلبك بذكر الله قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
كن دومًا متذكرًا للموت والجنة والنار ففي ذلك زجر للنفس عن التيهان.
عف نفسك عن المحرمات كلها يعفك الله ففي الحديث (ومن يستعف يعفه الله).
تضرع بين يدي الله بالدعاء وأنت ساجد واستغل أوقات الإجابة وأكثر من الدعاء المأثور: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك).
أسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله الموفق.