اشكر حسّادك لأن النقد الموجه إليك يساوي قيمتك تماماً ..
وإذا أصبحت لا تُنقد ولا تُحسد فأحسن الله عزاءك في حياتك ،
لأنك مت من زمن وأنت لا تدري.
وإذا أصبحت يوماً ما ووجدت رسائل شتم وقصائد هجاء وخطابات قدح فاحمد الله ،
فقد أصبحت شيئاً مذكوراوصرت رقماً مهماً ينبغي التعامل معه.
إن أعظم علامات النجاح هو كيل النقد جزافاً لك ،
فمعناه أنك عملت أعمالاً عظيمة فيهاأخطاء ،
أما إذا لم تُنقد ولم تُحسد فمعناه
أنك صفر مكعَب
’’حُرِّمت عليكم الميتة‘‘
يقول صاحب كتاب (دع القلق):
إن الناس لا يرفسون كلباً ميتاً،
ولكن أبا تمام سبق لهذا المعنى فسطَره وعطَره وحبره فقال:
وإِذا أراد اللَه نَشر فَضيلَةٍ ... طُويت أَتاح لَها لسان حسودِ
يقول أحد الكتّاب:
عليك أن تشكرحسّادك ؛
لأنهم تبرعوا بدعاية مجانية نيابة عنك،
وإذا وجدت هجوماً كاسحاً ضدك من أصدقائك الأعداء
أو من أعداءك الأصدقاء
فلا ترد عليهم بل سامحهم واستغفر لهم وزد في
إنتاجك وتأليفك وبرامجك فإن هذه أعظم عقوبة لهم
يقول أبو الطيب:
إِني وإِن لمت حاسدي فما ... أنكر أَني عقوبة لَهــم
إن نقد أعدائناالأصدقاء يقوِّم إعوجاجنا الذي ربما أعمانا
عنه مديح الجماهير وتصفيق المعجبين.
يقول غوته:
إن الدجاجة حينما تريد أن تبيض وتقول:
قيط.. قيط تظن أنها سوف تبيض قمراً سيّاراً!
فالعالِم لكثرة ما يمدح يظن أن الله لطف بالخلق لمّا أوجده في هذا الزمن ،
والمسؤول إذا أُثني عليه بقصائد يحسب أن الملائكة في السماء تصفّق له ،
إذاً فلابد من وخزات نقدية ؛ ليستيقظ العقل
المبنَّج بأبر أهل المدح الزائف الرخيص.
يقول أحد الفلاسفة:
إذا ركلت من الخلف فإعلم أنك في المقدمة،
إن التافهين ليس لهم نقّاد ولا حسّاد؛
لأنهم كالجماد تماماً، وهل سمعت أحداً يهجو حجراً أو يسب طيناً ؟!
وتذكر أن الكسوف والخسوف للشمس والقمر أما سائر النجوم فلم تبلغ هذا الشرف.
ذكروا عن العقاد
أن أحد الكتاب شكا إليه تهجم الصحافة عليه فقال العقاد:
اجمع لي كل المقالات التي هاجمتك، فجمعها،
فقال له:
رتّبها وضع قدميك عليها، فلما فعل
قال له:
لقد ارتفعت عن مستوى ألأرض بمقدار هذا الهجوم ولو زادوا في نقدهم لزاد ارتفاعك.
يقول ابن الوزير:
وشكوت من ظلم الحسود ولن تجد ... ذا سؤدد إلا أصيب بحسّدِ
إن أصدقاءك الأعداء وإن أعداءك الأصدقاء لم ينقموا عليك
لأنك سرقت أموالهم أو إغتصبت دورهم ولكنك فقتهم
علماً أو معرفةأو مالاً أو حققت نجاحاً باهراً ، فلابد أن
يقتصّوا منك جزاءً وِفقاً لتصرفك الأرعن لأن الواجب
عليك عندهم أن تبقى تحتهم بدرجة ،
إذاً فلا تنتظر من حسّادك شهادات حسن سيرة
وسلوك ودعاء في السحر بل توقَّع قصائد عصماءمقذعة
وخطباً نارية بشعة ومقامات أدبية مشوّهة.
والمشكلة أن صديقك الحاسد يرفض دستور المودة وأنت تعرضها عليه ،
ويبحث عن آخرين.
واخيرا قال الشاعر:
واصبر على كيد العزول فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله
وقال ايضا:
وترى اللبيب محسدًا لم يجترم
شتْم الرجال، وعرضه مشتوم
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالقومُ أعداءٌ لهُ.. وخصومُ
كضرائرِ الحسناء قلن لوجهها
حسدا وظلما "إنه لدميم"