خبيب بن عدي الذي قتله الكفار ، وكانوا قبل ذلك أوثقوه وسجنوه ، وجاء ذلك عند البخاري ، وحكت ذلك امرأة من قريش من بني الحارث ، قالت ( لقد كانت خبيب رجلا تقيا صالحا ، رأيته وهو موثق بالحديد ومعه قطف من العنب يأكله وليس بمكة حينها ثمرة ) متى ما احتاج المؤمن التقي إلى فرج من الله عز وجل أتاه الفرج ، ولا يحصر الرزق في المال – لا – الرزق والبركة تكون في المال كما أسلفنا ، يمكن أن يكون لدى الإنسان مال قليل ويبارك الله له في ذلك المال فلا يتعرض لحوادث ولا مشاكل ، البركة تكون في الأولاد ، يصلح الله جل وعلا لك أولادك ، وأعظم بها من بركة ، ولذلك عباد الله الصالحون يدعون الله عز وجل رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ }الفرقان74، يعني تقر بهم الأعين ، متى يكونون قرة أعين ؟ قال المفسرون إذا كانوا صالحين ، ما تقر العين بالولد إلا إذا كان صالحا ، والله لو كان صالحا في دنياه وليس بصالح في دينه فإن العين لا تقر به .
البركة في الصحة ، يمكن أن يكون من في هذا المكان مبتلىً بمرض ، أين تقواك وأين إيمانك ؟ إذا اتقيت الله عز وجل وآمنت به حق الإيمان تأتيك بركات الله عز وجل من الشفاء والعافية ، إذا كنت في عافية من المرض تأتيك بركة بقاء الصحة ، ولذلك القاضي الطيب – كما ذكر ذلك ابن كثير في البداية – يقول بلغ عشرا ومائة سنة ، وعقله معه ويفتي ، فلما ركب قاربا وثب وثبة لا يثبها الشباب ، فتُعجب من هذه الوثبة ، فقيل له ما هذه الوثبة في مثل هذا السن ؟ فماذا قال ؟ قال " هذه جوارح حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر " حفظها مما حرم الله جل وعلا .
ثم ما الذي يخسره ابن آدم إذا أطاع الله عز وجل واتقاه وآمن به ؟ {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيماً }؟ فلن يجدوا إلا الخير .
ولكن خلاف ذلك ؟
{ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون }
أتاهم العذاب بسبب ذنوبهم .
أين نمرود وكنعان ومن ملك الأرض وولى وعزل ؟
أين هؤلاء ؟
ألم نقرأ في كتاب الله عز وجل تلك القوى التي تتبجح بها عاد {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً }فصلت15 ، أين قوتهم لما جاء أمر الله ؟ ما نفعتهم { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }
أين قوم ثمود { الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ }الفجر9 ؟
{ وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً }الأعراف74 ، أين هؤلاء ؟
فلا يغتر أحد بأن كان عنده مال وفير أو عنده مصب أو ما شابه ذلك ، فهذه لا تغني عن العبد شيئا { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }العنكبوت6
{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُون }
انظروا إلى هذا الأسلوب ، الإنسان إذا كان نائما هو في غفلة من أمره ، لو أتاه إنسان وضربه ولو كان قويا لما استطاع أن يرد ذلك ، لم ؟ لأنه في غير وعيه ، بل ولو كانوا غير نائمين بل متيقظين فإن بأس الله عز وجل إذا جاء فلن تنفعهم قوتهم ، فكيف إذا كانوا نائمين وبالليل ؟
ولا يظن أن بأس الله عز وجل إنما هو ما يفعله عز وجل فحسب – لا – بل قد يسلط الله عز وجل قوما على قوم .
{ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ }
من يلعب غير مستعد لما يأتيه .
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُون }
متى يأمن العبد من مكر الله عز وجل ؟
إذا غلَّب جانب الرجاء على جانب الخوف ، فالعبد لا يمكن أن يكون آمنا مطمئنا يسير في طريق الله عز وجل إلا إذا جمع بين الرجاء والخوف ، يعني إذا تذكر الآيات التي جاءت بالوعد وبنعيم أهل الجنة وما أعده الله عز وجل للتائبين وأن رحمته واسعة هذا رجاء ، ولكن لا يغفل جانب نصوص الوعيد التي جاءت بعقوبة الله عز وجل للمعتدين ، يقول بعض السلف " لا تأمن عقوبة من أمر بقطع يد السارق في ربع دينار " فالله عز وجل حكم على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام بأن من سرق تقطع يده ، ولذلك يقول الحسن رحمه الله " إن قوما خرجوا من هذه الدنيا وقالوا نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن بالله لأحسنوا العمل "
بعض الناس يقول رحمة الله واسعة ، لا شك أن رحمة الله واسعة ، لكن لا تغفل الجانب الآخر { نبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{49} وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ{50}
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُون }
يعني من غلَّب جانب الرجاء وترك جانب الخوف فإنه من الخاسرين .
وفقني الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
منقول للامانه