قال اللهُ عزَّ وجلَّ : كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ لهُ ، إلَّا الصُّومُ ، فإنَّهُ لي ، وأنا أَجْزِي بهِ ، والصِّيامُ جُنَّةٌ ،
فإِذَا كان يومُ صِيامِ أَحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ، ولا يَصْخَبْ ، فإنْ سابَهُ أحدٌ أوْ قاتَلهُ فَلْيَقُلْ : إِنِي صائِمٌ ، إِنِي صائِمٌ ،
والذي نَفْسُ محمدٍ بيدِهِ لَخُلوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عندَ اللهِ من رِيحِ المِسْكِ ،
لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُما ، إذا أفْطَرَ فَرِحَ بفطرِهِ ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ .
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 978
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وفي رواية : كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعَفُ لَهُ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سَبعِمائةِ ضِعفٍ قالَ اللَّهُ سبحانَهُ إلَّا الصَّومَ فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِهِ
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3096
خلاصة حكم المحدث: صحيح
[IMG]https://up.***- /uploads/13897404011.jpg[/IMG]
[الشَّرْحُ]
هذا الحديث حديث أبي هريرة نقله المؤلف رحمه الله في باب وجوب الصوم في رياض الصالحين بعد أن ذكر الآيات.
وذكر فيه فوائد:
1 - أن الله سبحانه وتعالى جعل الصوم له وعمل ابن آدم الثاني أي غير الصوم لابن آدم
يقول الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي.
والمعنى أن الصيام يختصه الله سبحانه وتعالى من بين سائر الأعمال
لأنه أي الصيام أعظم العبادات إطلاقا فإنه سر بين الإنسان وربه
لأنه الإنسان لا يعلم إذا كان صائما أو مفطرا هو مع الناس ولا يعلم به نيته باطنة
فلذلك كان أعظم إخلاصا فاختصه الله من بين سائر الأعمال
قال بعض العلماء ومعناه إذا كان الله سبحانه وتعالى يوم القيامة وكان على الإنسان مظالم للعباد
فإنه يؤخذ للعباد من حسناته إلا الصيام فإنه لا يؤخذ منه شيء لأنه لله عز وجل وليس للإنسان
وهذا معنى جيد أن الصيام يتوفر أجره لصاحبه ولا يؤخذ منه لمظالم الخلق شيئا.
ومنها أن عمل ابن آدم يزاد من حسنة إلى عشرة أمثالها
إلا الصوم فإنه يعطى أجره بغير حساب ي
عني أنه
يضاعف أضعافا كثيرة
قال أهل العلم ولأن
الصوم اشتمل على أنواع الصبر الثلاثة ففيه
صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله وصبر على أقدار الله.
أما الصبر على طاعة الله فلأن الإنسان يحمل نفسه على الصيام مع كراهته له أحيانا يكرهه لمشقته لا لأن الله فرضه
لو كره الإنسان الصوم لأن الله فرضه لحبط علمه لكنه كرهه لمشقته
ولكنه مع ذلك يحمل نفسه عليه
فيصبر عن الطعام والشراب والنكاح لله عز وجل
ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي: يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي
النوع الثاني من أنواع الصبر:
الصبر عن معصية الله، وهذا حاصل للصائم فإنه يصبر نفسه عن معصية الله عز وجل
فيتجنب اللغو والرفث والزور وغير ذلك من محارم الله.
الثالث:
الصبر على أقدار الله وذلك أن الإنسان يصيبه في أيام الصوم (ولاسيما في الأيام الحارة والطويلة) من الكسل
والملل والعطش ما يتألم ويتأذى به و
لكنه صابر لأن ذلك في
مرضاة الله.
فلما اشتمل على أنواع الصبر الثلاث كان أجره بغير حساب قال الله تعالى:
إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
ومن الفوائد التي اشتمل عليها هذا الحديث أن
للصائم فرحتين الفرحة الأولى
عند فطره إذا أفطر فرح بفطره
فرح بفطره من وجهين
الوجه الأول: أنه
أدى فريضة من فرائض الله وأنعم الله بها عليه
وكم من إنسان في
المقابر يتمنى أن يصوم يوما واحدا
فلا يكون له وهذا قد من الله عليه بالصوم فصام فهذه نعمة
فكم من إنسان شرع في الصوم ولم يتمه
فإذا أفطر فرح لأنه أدى فريضة من فرائض الله
ويفرح أيضا فرحا آخر وهو أن الله أحل له ما يوافق طبيعته من المآكل والمشارب والمناكح بعد أن كان ممنوعا منها.
فهاتان فرحتان في الفطر الأولى أن الله من عليه بإتمام هذه الفريضة.
الثانية أن
الله من عليه بما أحل له من محبوباته من طعام وشراب ونكاح.
ومن فوائد هذا الحديث الإشارة إلى الحكمة من فرض الصوم حيث قال صلى الله عليه وسلم:
فإذا كان يوم صوم أحدكم
فلا يرفث ولا يصخب يعني: لا يقول قولا يأثم به ولا يصخب فيتكلم بكلام صخب
بل يكون وقورا مطمئنا متأنيا فإن سابه أحد أو شاتمه فلا يرفع صوته عليه
بل يقول: إني صائم، يقول ذلك لئلا يتعالى عليه الذي سابه
كأنه يقول: أنا لست عاجزا عن أن أقابلك بما سببتني
ولكني صائم يمنعني صومي من الرد عليك وعلى هذا فيقوله جهرا.
كذلك أيضا إذا قال: (إني صائم)
يردع نفسه عن مقابلة هذا الذي سابه
كأنه يقول لنفسه (إني صائم فلا تردى على هذا الذي سب)
وهذا أيضا معنى جليل عظيم
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى من الدنيا ما يعجبه وخاف أن تتعلق نفسه بذلك قال:
لبيك إن العيش عيش الآخرة فالنفس مجبولة على محبة ما تميل إليه فإذا رأى ما يعجبه من الدنيا فليقل لبيك يعني إجابة لك يا رب.
إن العيش عيش الآخرة أما عيش الدنيا فزائل وفان.