الألوان أو كما يسمونه "الهولي"؟
ما هو الهولي؟
هو مهرجان سنوي يحتفل به الهندوس في الهند وجميع أنحاء العالم بعد اكتمال القمر في الشهر الهندوسي الموافق لشهر فبراير/ شباط أو مارس/ آذار، ترحيبا بقدوم فصل الربيع وألوانه الزاهية وانتصاره على فصل الشتاء، في هذا العيد تكتسي شوارع المدن الهندية بالألوان الزاهية، وتظهر كأنها لوحة فسيفساء متداخلة الألوان.
أساطير "الهولي"
يرجع الاحتفال "الهولي"إلى الإله كريشنا الذي يقال انه كان يغار من بشرة توأم روحه رادا البيضاء، فاشتكى إلى أمه من بشرته الداكنة، فطلبت منه والدته رش وجه رادا بالألوان حتى يغير لون وجهها باللون الذي يريده. ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه الأسطورة لعبة شعبية وتحولت مع الوقت إلى تقليد ثم إلى مهرجان معترف به. فأصبح الأحباء ينتظرون قدوم المهرجان بلهفة كي يلونوا وجوه بعضهم البعض بالألوان كرمز للحب والمحبة فهذا العيد يشبه عيد الحب ولكن بطقوس هنديه فبدلا من أن يلبسوا الثوب الاحمر يلبسون ثوبا ابيضا ويلطخونه بالألوان الزاهية والرائعة..
أساطير الهولي
وفي رواية أخرى يستمد مهرجان "الهولي" طقوسه من الأساطير الهندوسية عن الإشعاع في الوجود، ففي أيام الاحتفالات تعبر موجات من الضوء نواحي الكون متخذة لها مختلف الألوان التي تغذي وتكمّل العناصر الطبيعية الأربعة عند الهندوس: الماء والنار والرياح والتراب.
ومن الأساطير العجيبة لهذا المهرجان إحراق هوليكا، شقيقة ملك الشياطين هيرانياكاشيبو الذي منحه الإله براهما موهبة تجعل من المستحيل تقريبا أن يُقتل حسب تلك الأساطير. وقد أوتي هذه الموهبة بعد أن كفّر عن سيئاته وطلب جزاء ذلك ان يصبح قتله مستحيلا «ليلا أو نهارا، ليس في داره او خارجها.. ليس على الأرض أو في السماء.. وليس علي يد إنسان أو حيوان».
فلما صار له ما أراد، اغتر وتجبر طالبا ان يتخلى البشر عن عبادة الآلهة وألا يعبدوا سواه. وبرغم هذا كان ابنه برالاد من عباد الإله فيشنو المخلصين. وعقابا له على ذلك أمر والده بأن يقتل بالسم، حسبما يعتقد الهنود، لكن السم تحول الى رحيق في عروقه، فأعاد والده الكرة بمحاولة قتله برميه تحت أقدام الأفيال لكنه نجا منها أيضا، فوضعه في غرفة ليس فيها غير الأفاعي السامة لكنه سلم منها.
وهكذا فشلت محاولات هيرانياكاشيبو للتخلص من ابنه، فلجأ الى حل أخير وهو انه أمر برالاد بأن يجلس على نار معسكر أشعلها له في حجر خالته هوليكا. وكانت هذه ترتدي عباءة تحميها من الاحتراق. وأطاع برادلا أمر أبيه ودعا فيشنو لإنقاذه من الحطب المشتعل وألسنة اللهب. فما أن أشعلت النار حتى طارت العباءة من جسد هوليكا فالتهمها الحريق وأحاطت بجسد برادلا فنجا بجلده. ولا تنتهي الأسطورة هنا إذ تمضي الى مقتل ملك الشياطين نفسه. فقد أتاه الإله فيشنو في شكل مخلوق عبارة عن نصف إنسان ونصف أسد (لا بشر ولا حيوان). وأتاه عند الغسق (لا ليل ولا نهار). وأتاه في عتبة داره (لا داخلها ولا خارجها). فما ان استقام له كل ذلك حتى أخذه في حجره (الذي ليس على الأرض وليس في السماء) وأنشب مخالب الأسد في جسده فقتله.
هولى طقوس وعادات
ويرمز عيد "هولي" أيضاً إلى انتصار الحق على الباطل، ففي المساء الذي يسبق العيد، اعتاد الناس على إيقاد نيران كبيرة ترمز إلى القوة القادرة على تدمير القوى الشيطانية والهدامة.
وبغض النظر عن العمر أو الجنس، فإن هذا العيد للجميع. وفيه يزور الناس أصدقاءهم أو أقاربهم، يتراشق بعضهم البعض بالمساحيق الملونة المصنوعة من النباتات والأزهار والجذور المختلفة للنباتات. ويتم أحياناً استخدام هذه المساحيق في "قنابل" مصنوعة من بالونات صغيرة مملوءة بالمساحيق والماء، وهي محبوبة بشكل خاص لدى الأطفال. ويغنون باغلى أصواتهم.
في هذا الاحتفال كما هي العادة في العديد من مناطق البلاد، يقومون بصنع مشروب مخدرمن أوراق وأزهار نبتة الحشيش، مخلوطاً بالحليب. ويسمى هذا المشروب "بهانغ".
أيضا لا يكتمل هذا العيد دون تبادل الهدايا بين الجيران والأقارب وهي غالبا ما تكون من مختلف أصناف الحلوى الهندية المميزة واللذيذة من اللدو وجولاب جامون وغيرها.
إن عيد الألوان بالنسبة للهنود هو عيد يجمع الكبير والصغير والغني والفقير فالمحتفلون بهذا العيد يتحررون من القيود الاجتماعية المتعلقة بالعمر أو الطبقة الاجتماعية أو الجنس لتندثر الفجوات بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، وتوحد الأفراح في المجتمع الهندي.