الحلقة الثامنة
السلام عليكم...كيف حالك يا روحي!!!..
ردت عروسي بتثاقل يكاد يسقط سماعة الهاتف من يدي:وعليــــــــــــــــك السلام....
كيف حال القمر....
قمر مين يا حبيبي؟؟...
قمر ميــــــــــــــن؟؟؟وفي قمر غيرك يا روحي...
صحيح أنا قمر....
نعم قمر ومائة قمر....ومن غضب فليشرب من البحر ملحا أجاجا...
لو كنت قمرا كما تقول لما أهنتني وتخليت عني....
أنا أهنتك....وأنا تخليت عنك....بسم الله الرحمن الرحيم...
هل أنت صادقة فيما تقولين؟؟؟...يا بنت الحلال؟؟؟...
أجل وإلا أنا مجنونة يا حبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيب قلبي....خرجت منها تلك الكلمتان من بوابة التهكم
والإزدراء تلك البوابة التي لا تكاد تخلو حياة امرأة منها قط....وتفتحها متى شاءت...
يا عالم يا هـــــــــــــــــــوه...وش السالفة؟؟؟...
السالفة...إنك للأسف الشديد....ما قدرتني ولا راعيتني....
ما قدرتك!!!!!ولا راعيتك...أعوذ بالله من الشيطان الرجيم....وش هذي الكلمات؟؟؟أنت شكلك تمزحين....أكيد
تمزحين....معقولة القمر الحلو يطلع منه مثل هذه الكلمات...
صاحت قائلة:أي ي ي ي ي....أنا ما أمزح....وأرجوك لا تستخف دمك يا عيونـــــــــي.....طبعا كلمة عيوني
خرجت أيضا من تلك البوابة القاتمة البغيضة....
كلمات:يا عيوني....وحبيب قلبي....وروحي....ما أعذبها من كلمات حنونة وما أجمل وقعها في قلب الرجل حين
تخرج من قلب الزوجة المحبة العاشقة....
ولكن ما أثقل هذه الكلمات وما أقبح أثرها في القلب إن هي خرجت مخرج التهكم والسخرية...
يا الله إنك تعدي هذي الليلة على خير....
كنت كمن كان ينتظر زائرا محبوبا يحمل هدايا ثمينة.....فجاءه آخر ثقيل الظل يتشاجر معه ويمعن في الخصومة.
وزادت الحسرة بعدما علم أن الزائر الأول قد ألغى الزيارة نهائيا....
حاولت تلطيف الجو معها بكل سبيل....وكنت كمن أخذت ألسنة النيران تلتهم ما حوله في الحجرة وهو يحاول
إطفاءها هنا أو هناك....فإذا أخمدها في جهة عادت واشتعلت في جهة أخرى....
وإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال....
كانت صالة الأفراح هي السبب وراء تلك المشكلة المشتعلة؟؟؟...بل لم يكن ذلك هو السبب الحقيقي بل كان سببا
ظاهرا يخفي خلفه شخصية عصبية منزعجة تسلطية تكشفت لي فيما بعد....
حاولت إقناعها أننا نستطيع أن نتفق على صالة الأفراح....وأبشري بالخير....ولا يصير إلا ما تريدين...
فصرخت:أنا لست واثقة منك....أنا لم أر حتى صورة لبطاقتك!!!!...ولا أعرف حتى رقم منزلك....
صورة لبطاقتي.....بعد كل هذه المدة....وكيف تم عقد النكاح إذن بيننا؟؟؟؟ألم ير إخوتك بطاقتي....
قالت:لا يا حبيبي....أريد صورة من بطاقتك....
وهل أنكرت زواجي بك؟؟؟.. أنتِ صاحية وإلا جرى لعقلك حاجة على قول إخواننا المصريين!!...
ومن هنا بدأت القصة تأخذا منحنى جديدا....وذلك أنني كنت حتى هذه اللحظة أداريها وأراعيها....وأحاول إفهامها
بلطف والاعتذار منها من أشياء لا يعتذر منها ولكن حرصا على إرضائها...
ولكنني عبثا كنت أريد...
ورقم الهاتف...لماذا لا تعطيني إياه؟؟؟....
رقم الهاتف يا عزيزتي في بيت زوجتي الأولى وهو حق للأسرة هناك....وعندما يكتمل بيتك سوف يكون لك
هاتف خاص بك...قاتل الله الجوال لم يكن أطل علينا بعد و إلا لما جاءت هذه المشكلة من أصلها....
شفت....كيف إنك خايف على زوجتك الأولى....وأما أنا ففي ستين داهية.....
يا بنت الحلال....أنا في كل يوم أتصل عليك مرة أو مرتين....ماذا تريدين بالضبط من هاتف منزلي؟؟؟....
وفي هذه الأثناء اختفى صوتها من الهاتف....فاعتقدت أنها قد قطعت الخط...وليتها صنعت...
ولكن حدث ما لم أكن أتوقعه....إذ أمسك شقيقها الأصغر-وكان يملك عفا الله عنه قدرا لا بأس به من الحماقة
والرعونة بسبب مرضه النفسي-فانطلق يصرخ عليَّ بصوت عالٍ وهو منفعل....وقد بدأ صراخه وانتهى بشأن
صالة الأفراح...
ثم أخذ يتهمني صراحة بأنني لم أعطه قدره من الاحترام والتقدير....وذلك حين سألني مرة عن موعد الزواج
ومراسمه فقلت له بحسن نية:سوف أتباحث في هذا الموضوع مع عروسي....وكنت قد أتفقت معها ومع أشقائها
الكبار على أغلب الأشياء....فساءت ظنونه....
ثم أخذ يكرر على مسامعي وأنا مذهول مما يجري معي ترى أنا رجال وأحسن من مائة رجال...انتبه لنفسك...
لازم تعرف مع من تتكلم....
حاولت تلافي الحديث معه ولكن لا فائدة....فاضطررت آسفا لقطع المكالمة....
وضعت سماعة الهاتف وعرقي يتصبب....وقلبي من هول المفاجأة ينبض بسرعة وحسرة....
هل هذا كابوس؟؟؟تجرعت المرارة...وتذكرت كلمة أحد الخبراء في ميدان التعدد بدرجة بيرفسور:
فقلت:أوه....ولكن في نفسي جريا على منهاج المعددين....وهربا من شماتة الشامتين....
أتكأت على ظهري وطفقت أستعرض الشريط المريع وأحاول تفسير ما حدث....
وإذا بالهاتف يعلن الرنين....
قررت عدم الرد....فلم تكن حالتي النفسية مهيأة للكلام مع أية شخص كان...
وعاد الهاتف مرة ومرتين للرنين....فرفعت السماعة وكأنني أحاول رفع أفعى ألفها حول عنقي...
كانت زوجتي الأولى هي الطرف الآخر على الخط....
فقلت في نفسي....اكتمل المشهد الآن....
كيف حالك يا عزيزي؟؟؟..لماذا كان الخط مشغولا كل هذه المدة؟؟؟...
رددت عليها ببطء وتثاقل....وأن أحد أصحابي قد اتصل عليَّ....
قالت:صرتم معشر الرجال مثل الحريم في طول المكالمات!!!!...
ولكن زوجتي قد أدركت من نبرة صوتي أن أمرً قد حدث....
طمني يا حبيبي...هل أنت متعب....لماذا صوتك متغير؟؟؟...
طمنتها بأنني مرهق وأن الصداع قد قام بزيارة رأسي....
قالت:ولكنني خرجت وأنت مثل الحصان فماذا طرأ عليك؟؟؟...
المهم أنهيت المكالمة....وعدت إلى شريطي أتذكره وأحاول فهم ما جرى وأتهيأ للخروج من هذه الأزمة نفسيا...
طرأت لي فكرة....وقد رفضها سلطان عقلي في بداية الأمر....ولكن قلبي فرضها في نهاية المطاف....
لماذا لا أتصل بها...وأستطلع الأمر معها....
اتصلت...فلم يرد عليَّ أحد....فزادت همومي وغمومي...
ثم اتصلت أخرى ولا من مجيب....
ثم انتظرت برهة وأنا أتقلب على جمر الحزن والألم والمرارة....فعاودت الاتصال فرفعت السماعة...
وكان الجواب دموعا وبكاء ونشيجا.....