بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من هم الجهنميين
كيف يتمتع بالجنة من دخل جهنم وبقي بها لبعض الوقت ثم أُخرج منها وأدخل الجنة
أن من المسلمين من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب،
ومنهم من يدخل الجنة بعد الحساب،
ومنهم من يدخل الجنة بعد العذاب في النار،ما شاء الله له أن يعذب،ثم خروجه منها،
إن خروج هؤلاء من النار ثم دخولهم الجنة لن يجعلهم في شقاء أو بؤس،لأن الجنة دار النعيم،ولهم ما لأهل الجنة،
أن النبي صلى الله عليه وسلم،قد أعلمنا عن صفات هؤلاء بعد خروجهم من النار، ومن ذلك،
أولاً،أنهم يُلقون في(نهر الحياة)ويُنبتون من جديد،
عن أَبي سعيد الخدري رضي اللَه عنه،أن النبي صلى اللَه عليه وسلم قال(إِذا دخل أهل الجنة الجنة،وأهل النار النار يقول اللَّه،
من كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من إِيمان فأخرجوه، فيخرجون،قد امتحشوا،وعادوا حمماً،فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيلِ)رواه البخاري،ومسلم،
( امتحشوا)أي،احترقوا،والمحش،احتراق الجلد،وظهور العظم،
( حِمماً )أي،صاروا سود الأجساد كالحمم،وهو الفحم،
(الحبة)وهي بزر البقول والعشب،تنبت في البراري وجوانب السيول
(حميل السيل)والمراد التشبيه في سرعة النبات وحسنه وطراوته،
شرح مسلم،
ثانياً،وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم،أن حالهم سيتغير بعد خروجهم من النار،
عن جابر بن عبد اللَه عن رسول اللَه صلى اللَه عليه وسلم قال،
عن الجهنميين،أنهم(يخرجون من النار بعد أن يكونوا فِيها، فيخرجون كأنهم عيدان السماسمِ،فيدخلون نهراً من أنهار الجنة فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس)رواه مسلم،
قال النووي( فيخرجون كأنهم عيدان السماسم)قال ابن الأثير،رحمه الله ،معناه،أن السماسم جمع سمسم,وعيدانه تراها إذا قلعت وتركت في الشمس ليؤخذ حبها دقاقاً سوداً كأنها محترقة,فشبه بها هؤلاء،قوله(فيخرجون كأنهم القراطيس )القراطيس،جمع قرطاس وهو،الصحيفة التي يكتب فيها,شبههم بالقراطيس لشدة بياضهم بعد اغتسالهم وزوال ما كان عليهم من السواد)شرح مسلم،
هذا التشبيه لصفتهم بعد أن ينبتوا,وأما في أول خروجهم من النار فإنهم يكونون كالفحم،
ثالثاً،أنهم يصير الواحد منهم مثل اللؤلؤة،ويحل الله عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم أبداً،
عن أبي سعيد الخدري عن رسول اللَه صلى اللَه عليه وسلم،قال(فيقول الله عز وجل،شفعت الملائكة،وشفع النبيون،وشفع المؤمنون،ولم يبق إِلا أرحم الراحمين،فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادوا حمماً،فيلقيهم فِي نهر في أفواه الجنة يقال له،نهر الحياة،فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل،قال،فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم،يعرفهم أهل الجنة،هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه،ثم يقول ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم،فيقولون،ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين،فيقول لكم عندي أفضل من هذا،فيقولون،يا ربنا أي شيء أفضل من هذا،فيقول،رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبداً)رواه البخاري،ومسلم،
وهو حديث عظيم يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم،عظيم حال الخارجين من النار،في كراماتٍ يهبها لهم ربهم تعالى فضلاً منه وكرماً،ومنها،
أولاً،الإلقاء في نهر الحياة،والإنبات من جديد،
ثانياً،يخرجون من النهر كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم،
ثالثاً،يعطيهم كل ما يجدونه مما يرونه في الجنة،
رابعاً،يظنون،من تنعمهم وبلوغهم الغاية من السرور والحبور،أن الله تعالى أكرمهم بما لم يكرم به غيرهم،
خامساً،يحل عليهم رضوانه،فلا يسخط عليهم أبداً،ويؤكد كرامة الله تعالى،لمن دخل الجنة من هؤلاء،
عن عبد اللَه بن مسعود رضي الله عنه،قال النبي صلى اللَه عليه وسلم(إني لأعلم آخر أهل النار خروجاً منها،وآخر أهل الجنة دخولاً،رجل يخرج من النار كبواً فيقول اللَه،اذهب فادخل الجنة،فيأتيها فيخيل إِليه أنها ملأى،فيرجع فيقول،يا رب وجدتها ملأى،فيقول،اذهب فادخل الجنة،فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى،فيرجع فيقول،يا رب وجدتها ملأى،فيقول،اذهب فادخل الجنة،فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها،أفيقول،تسخر مني،أَو،تضحك مني،وأنت الملك،فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم،ضحك حتى بدت نواجذه،وكان يقول،ذاك أدنى أهل الجنة منزلة)رواه البخاري،ومسلم،
سادساً،أنه يُطلق عليهم اسم(الجهنميين)وعتقاء الجبار،ثم يُرفع عنهم هذا الاسم،
والجهنميون،نسبة إلى جهنم،والمراد،أنَّ الله أعتقهم من جهنم،
عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللَه عليه وسلم قال(يخرج قوم من النار بعد ما مسهم منها سفع فيدخلون الجنة فيسميهم أهل الجنة الجهنميين)رواه البخاري،
وعند أحمد،من حديث أَنَس(فيدخلون الجنة فيقول لهم أهل الجنة،هؤلاء الجهنميون،فيقول الجبار،بل هؤلاء عتقاء الجبار عز وجل )صححه الألباني،
وعند ابن حبان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (فيسمون في الجنة(الجهنميين)من أجل سواد في وجوههم، فيقولون،ربنا أذهب عنا هذا الاسم،قال،فيأمرهم فيغتسلون في نهر في الجنة فيذهب ذلك منهم )رواه ابن حبان،وصححه،وصححه شعيب الأرناؤوط ،
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم،أن غمسة واحدة في الجنة تُنسي المسلم كل بؤس عاشه في الدنيا،فكيف بمن تكون الجنة مستقره وداره،
وما رواه مسلم،عن أبي هريرة رضي الله عنه،عن النبي صلى اللَه عليه وسلم،قال(من يدخل الجنة ينعم لا يبأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه)
وهذا النعيم المؤكد بنفي البؤس عمن يدخل الجنة،عام في كل من يدخلها،سواء دخل النار قبلها،أو لم يدخل،
قال القاضي،معناه أن الجنة دار الثبات والقرار،فلا يشوب نعيمها بؤس،ولا يعتريه فساد ولا تغيير،
ولأجل ذلك كله،قال الله تعالى،عن حال أهل الجنة إذا دخلوها(وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ،الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)فاطر،
قال الشيخ السعدي رحمه الله،أي،الدار التي تدوم فيها الإقامة، والدار التي يرغب في المقام فيها، لكثرة خيراتها، وتوالي مسراتها، وزوال كدوراتها،
وذلك،من فضله،علينا وكرمه،لا بأعمالنا، فلولا فضله، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه،
(لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)أي،لا تعب في الأبدان ولا في القلب والقوى،ولا في كثرة التمتع،
وهذا يدل على أن اللّه تعالى يجعل أبدانهم في نشأة كاملة،ويهيئ لهم من أسباب الراحة على الدوام،ما يكونون بهذه الصفة،بحيث لا يمسهم نصب ولا لغوب،ولا هم ولا حزن،
تفسير السعدي،
روى الترمذي،عن أبي هريرة رضي الله عنه قال،قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم(من خاف أدلَج ومن أدلج بلغ المنزِل،ألا إِن سلعة الله غالية،أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ )وصححه الألباني،
فالجنة سلعة غالية،والفردوس الأعلى أعلى الجنان وأفضلها،ولا يصل إليها إلا من اختصهم الله بمزيد فضله،
اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل و أعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل ,اللهم اِجعل همي الآخره.