إنّ
السنجاب الرّمادي بشكل خاص له القدرة على القفز بين الأغصان التي تفصل
بينها مسافة 4 أمتار، وعندما يقفز يقوم بفتح أرجله ويتحرّك في الهواء مثل
الطائرة الشراعيّة، وفي الأثناء يلعب ذيلُه دورَ المحافظ على توازنه في
الهواء، وبه يغيّر اتّجاهاته مثل دفَة السفينة، حتّى إنّه يستطيع القفز من
ارتفاع 9 أمتار وينزل على الأرض بسهولة.
فلنفكّر مجدّدا في العمل الذي يقوم به السنجاب الصّغير...
أصبحتم تعلمون الآن أنّ السنجاب يمكنه القفز من شجرة إلى أخرى دون أن
يسقط أو يتدحرج رغم أنّه يستهدف الأغصان اللّيّنة كأنّه '' بهلوان سيرك
''.
حسنا ،لكن كيف يستطيع أن يفعل ذلك؟
هكذا
يفعل كلّ ذلك بفضل استعمال أرجله الخلفيّة، وعيونه الحادّة التي يضبط بها
المسافات ومخالبه القويّة وذيله الذي يحافظ به على توازنه .
لكن، هل تساءلتم يا ترى من علّم السنجاب استعمال هذه الأعضاء؟ كيف
تعلّم السنجاب العيش بهذا الشكل؟ كيف يمكن للسنجاب ضبط المسافات بين
الأشجار كلّما قفز من شجرة إلى أخرى ؟ ثمّ كيف يقفز السنجاب بهذه السرعة من
شجرة إلى أخرى دون أن يسقط ودون أن يصاب بأذى ؟
ربّنا الله هو الذي خلق هذا الحيوان الطريف بكلّ هذه الصفات دون عيب أو نقصان· .
إنّ للسنجاب كلّ المهارات والخصائص الجسديّة التي تمكّنه من تسلّق
الأشجار العالية ليأكل الجوز والبندق و أبو فروة والصنوبر التي تتميز
بقشرتها اليابسة .
لقد خلق الله السنجاب كبقيّة الحيوانات الأخرى التي في الطبيعة ووهبه قدرات يستطيع بها تأمين رزقه بسهولة .
يصعب على السنجاب إيجاد الأكل في فصل الشتاء لذلك يقوم بخزن طعامه في
فصل الصيف وبذلك يعتبر السنجاب من الكائنات الحيّة التي تجمع أكلها
مسبّقا، لكنّه ينتبه جدّا أثناء خزنه لطعامه إذ أنّه لا يخزن اللحم ولا
الغلال لأنها مأكولات قصيرة الصلاحيّة وتفسد في فترة زمنية قليلة، وبذلك
يمكن أن يبقى جائعاً، لذلك لا يخزّن السنجاب في الشتاء إلاّ الجوز والبندق
وما شابهها من المكسّرات الجافّة·
الله وحده هو الذي علّم السّنجاب منذ ولادته العيش بهذا الشّكل· وهنا
أيضا نكتشف صفة أخرى من صفات الله عزّ وجلّ: ''الرزّاق''، بمعنى أنّه
يؤمّن الطعام لجميع المخلوقات الحيّة· استعدادا لموسم البرد يخزّن السّنجاب
الفستق في أماكن مختلفة يعثر عليها فيما بعد بتعقّب رائحتها الطيّبة، فهو
يستطيع شمّ رائحة الفستق حتّى على عمق 30 سم تحت الثلج .
يضع السّنجاب الطّعام في سرّته ويحمله إلى مخبئه، فهو يُخبِّيءُ
الطّعام في أماكن مختلفة ينساها في ما بعد وهذا فيه حكمة إلهيّة تتمثّل في
أنّ السنجاب عندما ينسى مكان الفستق ينبت مرّة أخرى ويتحوّل إلى أشجا ر.
للسّنجاب وسائله الخاصّة للتّواصل مع بنى جنسه مثله مثل جميع الكائنات الحيّة الأخرى .
ومثال ذلك: السنجاب الأحمر، فهو عندما يتعرّض للخطر يحرّك ذيله ويصدر
أصواتا خاصّة كأنه ينبّه بقيّة السناجب للهرب ثمّ يتسلّق الأشجار بسرعة
بفضل ذيله الذي يساعده على الحفاظ على توازنه، فذيل السنجاب يشبه دفَة
السّفينة التى يستعملها البحّار ليوجه سفينة .