ـ هل آلمتك ؟ كان ضرباً عنيفاً .. ولكن أرجو ألا تثيري حفيظتي مرة أخرى حتى لا أكرره فيما بعد !!
تشنج وجهي استعداداً للبكاء .. ولكني لم أفعل .. قلت بكبرياء :
ـ شكراً لك .. وأتوقع منك المزيد .. هل أنت جائع ؟!
ـ لا أريد طعاماً .. أريد منك أن تجهّزي ملابسي وتضعيها في الحقيبة .. سأسافر ..
ـ ماذا ؟! .. ستسافر ؟! .. وأنا !! .. ماذا سأفعل ؟!
جلس على الأريكة ببطء وقال ببساطة :
ـ أنتِ ؟ ستبقين هنا لحين عودتي بالطبع ! .. لن أتأخر .. بضعة أيام فقط وأعود ..
قاطعته برجاء ..
اصطحبني معك .. أريد رؤية أهلي .. أرجوك .. لا أريد البقاء هنا .. وحدي ..
قال وهو يضع ساقه على الأخرى ..
ـ هل جننتِ ؟! .. أنا أذهب بك إلى أهلك ؟! .. قلت لكِ مراراً لن ترحلي من بيتي أبداً .. ستبقين معي إلى الأبد .. ثم .. من قال أني ذاهب إلى أهلك ؟! أنا ذاهب إلى مكان آخر ..
ترددت برهة .. ثم قلت بمكر وأنا أشعر بألم في عضلات وجهي المكلوم :
ـ حسناً .. ما رأيك في أن أذهب لزيارة أهلي خلال الأيام التي ستسافر فيها .. ثم .. أعود .. ما رأيك ؟! أنا مشتاقة إليهم كثيراً .. هاه ما رأيك أرجوك وعندما …..
ابتسم لهذه الفكرة .. ثم قال :
ـ لا .. لا .. لا .. لا تفكّري في هذا الأمر مطلقاً .. لت تذهبي .. لأنك لن تعودي إلي .. أليس كذلك !!
إني أفهم ما ترمين إليه .. ولكن لن يحدث هذا أبداً أبداً أبداً ..
انعقد لساني .. لا فائدة .. إنه داهية .. أجبت بهدوء واتزان مصطنعين :
ـ حسناً .. لك ذلك .. لن أسافر .. سأبقى هنا .. في انتظارك !!!!!!! ولكن إلى أين ستسافر ؟
وقف …….. وذهب لينظر إلى نفسه في المرآة ثم قال :
ـ سأذهب لزيارة قبور الأولياء الصالحين وسأصطحب أمي معي .. لقد أخذت معي شاة حتى أذبحها بجوار القبر .. وسنقيم عنده يوماً أو بعض يوم .. وبعد ذلك سأنقل بعض اللحم إلى الأصدقاء والأقارب .. و .. إليك بالطبع .. هدية .. فهل تذهبين معنا ؟!!
صرختُ بسرعة : لا .. لا ..
ثم أطبقت شفتيّ !! .. إن شعر بأني لا أريد الذهاب فسيرغمني .. نظر إلي بتوجس .. فأسرعت باصطناع ابتسامة باهتة وحاولت تغيير الموضوع .. فقال :
ـ ولم لا ؟! .. لم لا تريدين الذهاب ؟!!!
وجدت صعوبة في الرد من شدة الارتباك الذي سيطر علي .. قلت وأنا أجلس وأبتسم :
ـ لا مانع لدي من السفر مطلقاً .. سأذهب .. ولكن .. الطريق شاقة .. وأنا لا أحتملها .. وبالذات عندما يكون السفر بالسيارة .. لأنه .. لأنه ..
قاطعني بهدوء : لالالا .. يجب أن تذهبي معنا .. يجب أن تتعلمي .. كيف غابت عني تلك الفكرة .. هذه الحقيبة تكفي لشخصين .. قلت بلفهة :
ـ حسناً حسناً .. لا بأس .. ولكن ستكون رحلتكم متعبة .. لأنني .. لأنني سأجعلكم تبطئون في السير .. فكما قلت لك .. لا أحتمل السفر براً .. ثم .. رفع يده وقال :
ـ أوه .. لالا .. إذاً لنترك سفرك معي لوقت آخر .. نحن عجلون هذه المرة .. فقط جهّزي ملابسي أنا ..
رفعت نظري إلى السماء .. تنفست الصعداء .. الحمد لله .. أبديت اهتماماً بالغاً بسفره دون أن أعارضه .. قلت باهتمام وأنا أرتب الحقيبة :
ـ وما القصد من هذه الرحلة ؟
أجاب بحماس بكبير :
ـ ليس لها قصد سوى التقرب إلى الله بزيارة قبور الصالحين والدعاء عندها والتبّرك بها والتوسل إلى الله بهم .. إن من عاداتنا الذهاب إلى هذه القبور إذا أصيب أحدنا بجنون أو مرض شديد .. أو ..
كتمت أنفاسي فجأة .. وغمرتني موجة ضيق مما أسمع ولكني صبرت .. أن أسمع أهون من أن أفعل .. سألته وأنا أغلق حقيبته بعد أن انتهيت منها :
ـ وهل يبرأ المريض من مرضه أو المجنون من جنونه بسبب هذه الزيارة ؟!!!!!
ـ أجل .. أجل .. يبرأون .. ويهتدون .. ويتماثلون للشفاء .. سوف أدعو لكِ معي .. وأرجو أن يهديك الله !!!!!
تسمّرتُ في مكاني .. اللهم لا تجب دعوته ..
قطعت حديثه فجأة وقلت باستغراب :
ـ وهل ستذهب أمك معك أيضاً ؟ .. أعني .. هل .. هل ستزور القبور ؟!!
لم يكن يتوقع مثل هذا السؤال .. فقال بصوت حاد :
ـ نعم ستذهب معي .. وستزور قبور الأولياء وتتبرّك بها .. فهل هناك ما تعارضينه ؟
أطرقت بعيني أرضاً .. وأخذت أعبث بالسجادة بأصابعي .. ثم قلت :
ـ لا .. ولكن .. لا يجوز للنساء زيارة القبور .. فقد نهى عنها النبي صلى ……………
قاطعني بصوت كالفحيح وقد تألقت عيناه بوهج مخيف :
ـ لا شأن لك مطلقاً .. يبدو أن تأديب اليوم لم يُجدِ معك .. فهل أحاول تطبيقه مرة أخرى ؟!!!!!
نهضت من مكاني مرتبكة .. ابتعدت عنه سريعاً ولم أعلم ما الذي أستطيع أن أفعله .. فضّلت تركه وشأنه ! .. طُرق الباب طرقاً خفيفاً .. توجهتُ لفتحه .. فإذا بوالدته قد استعدّت للذهاب ..
ـ تفضّلي يا خالتي ..
ـ أين زوجك ؟ .. آه ابني .. هيا أنا جاهزة .. فلنذهب الآن ..
نظر إلى ساعته .. وابتسم لوالدته .. حمل حقيبته واتجه نحو الباب .. خرجت أمه قبله .. عاد بعد ثوان وقال : لقد أنقذتك أمي من قبضتي فاحمدي الله ..
اقتربت من الباب .. وأغلقته بهدوء .. نظرت إلى المرآة بحزن .. كان الضوء يظهر الهالات السوداء والشاحبة التي أحاطت بعيني !!
( 20 ) رنين الهاتف !
بعد ساعتين هبطتً إلى الأسفل .. نظرت إلى النافذة .. كان المطر يسقط بغزارة .. صنعت كوباً من الشاي الساخن .. جلست بقرب النافذة المغلقة في الطابق السفلي .. وحدي .. أنظر إلى المطر بذهن شارد وأمامي كوب الشاي .. وفي حجري صحن صغير به قطعة من كعكة جوز الهند .. لقد اقترب موعد الآذان .. آذان الفجر ..
رنَّ جرس الهاتف في الحجرة الثانية فما كان مني إلا أن انتفضت في مكاني .. تواصل رنينه .. نظرت إلى الساعة .. إنها الرابعة والربع فجراً ..
قمت بارتجاف وأضأت النور بأصابع مرتعشة .. أين أخت زوجي ؟ لا بد أنها نائمة ..
امتنعت عن الإجابة على الهاتف .. أصرّ على الرنين .. فأهملته .. بقي نصف ساعة على الآذان ..
صعدت السلم حتى وصلت إلى منتصفه .. وفجأة .. طُرق الباب الخارجي للمنزل !!!
أخذ قلبي ينبض بسرعة .. وأنفاسي تتسارع .. استدرت على عقبيّ .. ظهرت علامات الخوف على وجهي .. عدت أدراجي بهدوء أتلمس من الطارق !! .. وفي هذا الوقت !! .. اقتربت من عين الباب الصغيرة .. وإذا به أحد أقاربه !!!!
دققت النظر فرأيته يسترق النظر إلى المنازل الأخرى المجاورة لئلا يراه أحدهم وهو يريد الدخول إلي !!!
قلت له بحزم من خلف الباب الموصد :
ـ نعم !! .. ماذا تريد ؟! .. ومن تريد ؟!!
قال بلهفة وبصوت يختلف عن الصوت الذي عهدته له :
ـ افتحي الباب .. بسرعة .. هيا افتحي الباب !!!
تراجعت خطوة إلى الوراء ! .. واشتدّت نبرة صوتي :
ـ ماذا تريد ؟ .. زوجي غير موجود الآن !! .. عد في وقت لاحق حين يعود !!
حاول أن يحافظ على هدوئه قائلاً :
ـ أعرف ذلك .. لذا أنا موجود الآن ! .. أعلم أنه قد رحل منذ ساعتين ولكن لِم لَم تجيبي على الهاتف !! .. هيا افتحي الباب لم يعد هناك متّسع من الوقت !!!!!!!!!
صدمت ! .. صعقت !!! .. خفت أن أسيء الظن ولكن .. لا .. لسان حاله ينطق عنه ذاك الوغد الخائن !!!!
شعرت بالكراهية العميقة نحوه .. ونحو زوجي الذي جعلني عرضة لكل ما يصيبني !! .. أوقعت كوب الشاي فتحطّم ! .. صرخت بأعلى صوتي وأنا أشعر بالغثيان :
ـ قلت لك زوجي غير موجود .. أغرب عن هذا المكان .. اذهب الآن وفوراً .. لن أفتح لك الباب .. هيا اذهب .. اذهب ..
سمعته يوجّه الشتائم من فرط الخيبة !!! .. ويحدّق بالباب ويحرّك مقبضه بكل قوته وكأنما سيكسره !! ..
صرختً وأخذت أجري وأنا أقطع الممر الطويل ! .. كالمصابة بالجنون ! ..
توجهت نحو السلالم لا ألتفت خلفي خشية أن يكسر الباب فيدخل .. طرقت حجرة أخت الزوج بعنف استيقظت مفجوعة مأخوذة !! .. رأتني أغلق بابها بالمفتاح مرتين .. أضع كل ما استطعت حمله خلف الباب !! .. ارتميت بين ذراعيها أنتحب .. نهضت فتلقتني وأجلستني على السرير بجانبها وهي تقول مذعورة :
ـ ما بك ؟! .. ماذا حدث ؟! .. هل أنتِ بخير ؟ .. هل أنتِ على ما يرام ؟!
رفعتُ وجهي المبلل بالدموع وتمتمت قائلة :
ـ لا شيء .. لا شيء .. لا شيء !!
لن يصدقوني !! .. سيعبثون بعواطفي !!
فاضت عيناي بالمزيد من الدمع .. والمزيد من الحرقة .. فدعوت عليهم في ثنايا الليل .. بألا يسامح هذا الزوج على ما أرداني إليه من شرور .. وألا يسامح من يساعده في إيذائي ..
فكم ألمحتُ له ما أعاني من مضايقات أقاربه كلما التقيت بهم .. فاتهمني بسوء النيّة !! .. وأنني أنا التي أغريهم بي عندما أتخفّى عنهم .. يا إلهي ما أشد ظلمه لي !! .. هذه هي النتيجة !! .. لم أعد آمن على نفسي منهم .. لم أعد أثق به أو بهم !
يا رب أنت ولييّ وناصري ـ فانصرني عليهم بما ظلموني وبالغوا في إيلامي !! .. ثم رفعت من سجودي .. وسلّمت .. واحتضنت يدي أحاول تهدئة نفسي .. بنفسي !!! .. فكل عصب في جسدي كان يدعوني لترك المكان !!!
مر النهار الجديد بسرعة .. تلته الأيام الباقية .. وكلما جن ليل أو طرق الباب شعرت بدنوّ أجلي .. وخوفي على نفسي .. وعاد الخوف من الزوج يرافقني .. سيعود .. سيعود .. وستعود معه كل الآلام وسيحطّم كل الآمال !!
( 21 ) العودة من الروحانية !
اقتربت عودته .. هذا اليوم الثامن لغيابه .. اشتقت لأهلي كثيراً .. أريد محادثتهم .. ولكن !!
لقد منعني من ذلك .. وأمرني بعدم محاولة مهاتفتهم .. ليكن ! لن أحادثهم .. لقد وعدته !! ..
مع أنه لا يستحق الوفاء ! .. ولكن لن أغضب الله من أجله .. لن أفعل .. مع أن الشوق يحرقني إليهم
صليت المغرب .. خرجت من حجرتي وأغلقت الباب بهدوء .. ما هذا السأم ؟! .. أشعر به عميقاً في حناياي !!
سمعت أصواتاً في الطابق السفلي .. ارتعشت ! .. من هذا أيضاً ؟! .. هل هو أحد أقاربه ؟! .. أين أختبئ ؟! .. نظرت بحذر وخوف من أعلى السلّم لأتعرف على القادم ! .. أوه لا !!!! .. إنها والدة زوجي !! .. إذاً فقد عاد !! ..
ارتجفت .. تجمدت أطرافي .. وتشوّش ذهني .. هل أعود إلى حجرتي ؟! .. لم أتمكن من ذلك فقد لمحتني والدته عند السلم وكذا أخته ! .. تصنعتُ المرح .. هبطت مسرعة ! .. عانقت والدته وحمدت الله على عودتها سالمة .. تحركت نظراتي تبحث عنه !! .. أين هو ؟
قالت أمه وهي تجلس :
ـ زوجك قادم .. إنه في الخارج ! سيأتي بالأمتعة من السيارة ..
نظرت إلى ساعتي وابتسمت في محاولة لإخفاء خوفي واضطرابي .. وفجأة .. سمعت صوتاً خلفي استدرتُ بوجل .. ورأيته يغلق الباب بعنف !! .. شعرت وكأن صوت إغلاق الباب يصم أذني .. ويتردد صداه في عقلي .. ليعيدني إلى الحاضر ويسدل
ستائره على الراحة والحرية .. في الأيام الماضية !!
انتبهتً إلى صوت أخته تقول :
ـ ما بالك ؟ .. هل أنت معنا ؟!!
ـ آسفة .. كنت .. كنت أفكر في .. هل قلتِ شيئاً ؟!
تداركت الأمر سريعاً وقلت له :
ـ حمداً لله على سلامتكم .. كيف كانت الرحلة .. ؟!
رمى بنفسه على الكرسي قائلاً بفرح غامر :
ـ موفقة جداً جداً جداً .. أشعر بروحانية عالية وإيمان متزايد منذ أن ذهبت إلى ذلك المكان !! ..
بلعتُ ريقي بصعوبة وقلت : الحمد لله ..
ثم جلست معهم .. نتبادل أطراف الحديث .. وأجبرت نفسي على سماع تلك الرحلة الإيمانية !!!!!
نظرت أخته إليه وكانت تقاسيم وجهها تعبر عن السرور قائلة :
ـ أخي .. أين وضعتم أماناتكم وحاجياتكم أثناء الرحلة ؟
أغمض عينيه بسرور بالغ .. وابتسم ابتسامة لم أرها من قبل :
ـ لقد وضعناها على قبور الصالحين .. لأنهم يقومون بحراستها فلا تسرق ولا تؤخذ .. وكذلك من أجل الحفاظ عليها وإنزال البركة بها ..
تمالكت نفسي وشعرت بالذهول من قوله .. يا إلهي !! .. هل يعتقدون أن الموتى يقومون بحراسة ما يوضع على قبورهم ؟ .. أنه كفر بواح .. ماذا يقول ذلك المتطاول ؟
أجابته أخته وما زالت تحت تأثير سحر كلماته :
ـ هنيئاً لكم .. هنيئاً لكم .. يا ليتني كنت معكم !
ـ آه يا ابنتي …. إنها أيام جميلة لا تنسى .. لقد طفنا حول القبر ثلاث مرات بالسيارة حتى لا يلحق بنا أذى أو ضرر خلال رحلتنا ..
والحمد لله كان لنا ما أردنا ..
فتحت عيني تعجباً ! .. توقفت عن التنفس فقاطعتها بدون شعور :
ـ تطوفون حول القبر ؟ .. حول القبر يا خالتي ؟ .. وهل هناك كعبة أخرى في تلك البلاد للطواف ؟ ..
إذا كان الطواف حول قبر نبي من الأنبياء لا يجوز شرعاً فما بالكِ بقبر أحد العامة ؟!!!!!
خيّم صمت قاتل .. تنملت أطرافي وأنا أنتظر جواباً لما يدور بداخلي .. كانت نظرات الزوج المرعبة هي الإجابة الشافية ! .. أزاح بنظره عني .. وتظاهر باهتمامه بإكمال الحديث .. تغيرت ملامحه وهو يقول :
ـ لقد شهدنا وفاة أحد الصالحين هناك .. كان منظراً مؤثراً لا يزال عالقاً بذهني حتى الآن ..
تكدّر وجه والدته وهي تضيف :
ـ نعم .. عندما حملت جنازته للدفن وبعد أن قرئت عليها قصيدة البردة ـ للبوصيري ـ وتلي عليها القرآن ورددت الأناشيد .. جاء الإمام ودعا على الحجر الذي يجعل وسادة للميت ..
قلت بتهذيب مغلف في محاولة مني للفهم :
ـ وهل ……. وهل هذا جائز ؟
لم يجب أحد منهم سؤالي للمرة الثانية !! .. فأيقنت بأنها إحدى البدع التي استحدثوها .. ماذا يفعل هؤلاء ؟ .. ثم تذكرت قول الرسول عليه الصلاة والسلام " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " .
ابتسم أخوه الأصغر في محاولة لتهدئة وتخفيف التوتر وأضاف :
ـ أخي …. بم يدعو الإمام على ذلك الحجر قبل وضع رأس الميت عليه ؟
ردّ عليه بكلمات تحمل الكثير من الحنوّ والعاطفة :
ـ يقرأ في دعائه أنك يا فلان تأتيك هذه الأسئلة ويذكرها …… ويقول إذا سُئلت فأجب عنها بهذه الإجابات ولا تعجز فتكن من الهالكين .. وإذا أجبت ضمنت لك الجنة ووفّقت إلى الصواب ..
دققتُ سريعاً في وجهه .. إنه جاد !! .. ما هذا الهراء ؟ .. سألته بهدوء مصطنع :
ـ وهل ينفع الدعاء ذلك الميت ؟ .. أعني .. هل يجيب حقاً عن تلك الأسئلة كما أمره بذلك الإمام ؟!!!!!
اعتدل في جلسته وكأنه قد قرأ أفكاري ثم أجاب بثقة مفرطة :
ـ بالطبع تنفعه !! .. وإلا فكيف يضمن له الإمام الدخول إلى الجنة إذاً ؟!
إنه عالم يصعب عليكِ فهمه .. لأن تفكيركِ جامد !!!
أمسكتُ بالكأس بأصبع مرتعشة …. وهتفت :
ـ لكن الغيب لا يعلمه غير الله ـ سبحانه وتعالى ـ ……… ولا يمكن لأحد أن يضمن مصير أحد كائناً من كان …. حتى وإن كان عابداً أو زاهداً !! .. أليس كذلك ؟!!!!!
حدّق بي .. ثم بدأ بتوجيه الشتائم :
ـ إنكِ تحملين عقلية متحجرة محدودة ! .. فكيف لكِ أن تفهمي تلك الأمور ؟! .. من الأفضل لك أن تتوقفي عن الجدال .. وإلا فالعلاج الناجح سيبدأ الآن !!!!
كانت الكأس قد شارفت على نهايتها .. فاجترعتُ ما تبقى منه ثم وضعتها بصمت .. بينما قال لوالدته واخوته باختصار :
ـ لقد تبرعتُ بالمال الذي جمعته منكم لصالح إقامة مسجد على قبر أحد أولياء الله الصالحين هناك .. فأرجو أن يتقبل الله منا جميعاً ..
اجتاحتني رعدة مفاجئة فنطقت بعد أن ابتلعت ريقي بصعوبة :
ـ إقامة مسجد على ضريح ؟ .. أنت تبرعت بالمال من أجل ذلك ؟ .. كيف فعلت ؟ .. ولماذا ؟ ..
قال بنفاد صبر وحيرة :
ـ وماذا في الأمر ؟ .. لماذا تعارضين كل شي ؟! .. ألا تعجبكِ أمور الخير أيضاً ؟! .. كفّي عن ذلك !! .. هذا يكفي .. هل تسمعين ؟!!
تركزت أنظارهم علي ! .. كيف لهم أن يفهموا ؟ .. كيف أقنعهم ؟
التفتُّ إليهم بتركيز .. ثم قلت بوجل :
ـ صدقوني …. الصلاة لا تجوز في هذه المساجد .. ولا يجوز بناؤها فكيف بالصلاة فيها ؟ .. إنها من عادات اليهود والنصارى ! .. افهموني أرجوكم ـ زمجرت أمه وقالت ساخطة :
ـ يبدو أننا ترفقنا بك كثيراً ! .. ولكن أن تسخري منا فلا .. أنت ذات عقلية معقدة .. ولن أسمح لك بالمزيد ..
أردفتُ بسرعة :
ـ آسفة .. آسفة .. لم أقصد ذلك ! ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .. بل يجب نبش قبور من دفن فيها ونقلها إلى مقبرة عامة !! …. و …….
رفع حاجبيه استغراباً وقاطعني :
ـ ألا تعلمين أننا قبّلنا القبور والحجارة الموضوعة عليها تعظيماً وتكريماً للأموات ؟ .. وطلبنا المدد والعون منهم ؟ .. وتوسلنا بهم وبجاههم لتتركي ما أنتِ فيه من ضلال ؟ .. ولكن يبدو أنكِ هالكة لا محالة !!
عبثاً حاولتً أن أثنيه عن آرائه ! .. ولكني وقفت أجمع الكؤوس وأقول ببساطة حتى لا أثير غضبهم :
ـ لا أعتقد أن طلب العون والمدد من غير الله يجدي ! .. ولا أن تقبيل القبور والحجارة سوى خضوع وذل لغير الله تعالى ! .. ولا أن تعظيم الجمادات والأموات مشروعاً فيقبله عاقل لبيب !!!
استرقتُ النظر إليهم .. إنهم واجمون .. وكأن على رؤوسهم الطير ..
توجهت نحو باب الحجرة ففتحته …….. وخرجت وأنا أردد في قرارة نفسي قوله تعالى
( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير )
أعددت طعام العشاء .. ما زالوا ثائرين على معارضاتي أن كيف أتطاول على معتقداتهم الشريفة !! ..
ابتسمت للجميع وكأن شيئاً لم يكن .. ثم دعوتهم لتناول العشاء .. أمرني بالجلوس فجلست ..
فتح حقيبته وأخرج منها بعضاً من الحجارة والتراب وناولني إياها .. رفعت نظري إليه ببطء وقلت بتعجب :
ـ وما هذا ؟
كز نظره علي ثم قال بتحد وعناد :
ـ هذا نصيبك مما حملته معي من تلك القبور للتبرك بها .. فحافظي عليها واعتني بها .. وسأتابع ذلك بنفسي ..
بادرت بالاحتجاج .. فرفع يده ليلزمني الصمت بعد أن نظر إلي بتلك النظرات المتوهجة التي قاربت على إحراقي .. فامتنعت عن الحديث وتنهّدت بألم وأطرقت برأسي إلى الأرض قسراً ..
قالت أخته ببهجة وهي تحتضن يدي والدتها :
ـ أمي .. ما رأيك في الذهاب مرة أخرى ؟! .. ولكن لن تذهبوا من دوني .. آه .. كم أشتاق لذلك ..
بادلتها الأم بابتسامة أعمق وهي تضمها وتقول باهتمام :
ـ أوه بالطبع يا ابنتي سنذهب في أقرب فرصة .. وسترافقنا زوجة أخيك بلا شك !! وإلاّ فلا !!! ..
شعرتُ بجسدي كله يرتجف فقلت منتبهة :
ـ ماذا ؟ .. نعم نعم ….. سنرى إن شاء الله .. لكل حادث حديث ..
قالت أخته تخاطبه بفرح :
ـ إلى أين ستكون رحلتنا القادمة يا أخي ؟ .. هيا أخبرني .. إلى أين ..
هزّ كتفيه وقال بحرارة :
ـ المرة المقبلة سنترافق بنية السفر بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ..
ثم حدّق ناحيتي .. لم أتفوّه بأي تعليق .. وعلت جبيني تقطيبة خفيفة .. فواصل كلامه :
ـ للتبرك به وسؤاله قضاء حاجاتنا وتفريج كرباتنا .. و .. هداية ضالّنا !!
فلمعت عيناه فجأة وكأنه يهدد ! .. تراجعت .. خفضت عيني لأحملق في يدي .. حاولت جاهدة أن أبتسم وأستعيد ثباتي .. فقلت بصعوبة بالغة :
ـ أنت تقصد أن نذهب إلى هناك بنية الصلاة فيه فقط ! .. أليس كذلك ؟! .. لأن ……..
قاطعني بعنف :
ـ لا يا عزيزتي .. بل بنية شد الرحال وزيارة القبر !!! .. هل لديك اعتراض أيضاً ؟!!!
بدأ عقلي وكأنه سينفجر فقلت بصعوبة وكأني أنتزع الكلمات من بئر سحيق :
ـ ولكن .. ولكن .. لا تجوز زيارة القبور بشد الرحال إليها .. بل هي ..
تبادل الجميع النظرات الحاقدة .. واشتدت نبرة صوته وهو يقف ويزيح كرسيه إلى الوراء قائلاً :
ـ أتمنى ألا نخطئ في اختيار الكلمات الآن .. وإلا فإنك تعلمين ما الذي سيحدث !! .. لا أريد نقاشاً !
أجبته وعيناي تشعّان ألماً :
ـ حسناً سأفعل …. اهدأ أرجوك ..
أدركت بأنه لن يغيّر رأيه ولا نيته كذلك !! .. فهو يعني ما قاله بأنه ليس هناك من موضوع ليناقش !!!
( 22 ) حمرة الغضب !
دخلت حجرتي .. أغلقت الباب بهدوء .. بدأت بترتيب خزانتي .. وفيما أنا أفعل .. إذ بالزوج يفتح الباب بكل قوته ويبحث عني بعينين قاتلتين وصدر متأجججججججججججج !! .. وما إن عثر علي حتى شعرت بأن وجهه يتفجّر حمرة من شدة الغضب !! .. ما الذي حدث يا ترى ؟!!!
سألني وهو يقبض يديه بكل قوته كعادته عند الغضب :
ـ هل أتى أحد ما إلى المنزل في حين غيابي ؟!!
قلت بهدوء وقد عرفت المغزى من سؤاله :
ـ نعم ….. جاء قريبك فلان بعد ذهابكم بوقت قصير .. لماذا ؟!
زفر بقوة وهو ما يزال واقفاً :
ـ وهل فتحتِ الباب له وأدخلتيه وأكرمتيه ؟
عقدت المفاجأة لساني عن الكلام ! .. فظللت صامتة أحدّق فيه .. فكرر سؤاله ثانية :
ـ هل فتحت الباب أم لا ؟ .. تكلمي !
حاولت الحفاظ على ثبات صوتي فأجبته بإجهاد :
ـ كلا بالطبع !! .. كيف يجرؤ على الدخول إلينا في غيابك ؟!! .. لقد اعتذرت له عن إدخاله .. وعللت له ذلك بعدم وجودك .. وأنه بإمكانه المجيء عند عودتك .. ولكن لماذا الـ ………..
طار صوابه عندما أيقن منعي من إدخال قريبه ! .. فقال بصوت عال وأسلوب جارح :
ـ لماذا لم تفتحي الباب له وتجالسيه وتشربي المرطبات معه وتحادثيه ؟! .. إن المنزل منزلي وليس منزلك !!!!
هل فقد صوابه ؟ .. ألهذا الحد يريد مني أن أفعل ؟ .. ظننته سيبتهج !! سيفرح !!!
نظرت إليه طويلاً بحزن عميق وصدمة بالغة ! .. عصفت بي رغبة في تحطيم كل شي !! .. هل يجهل حقاً عواقب ذلك ؟ . أم أنه يتجاهلها ؟!! .. ألا يميّز الحق من الباطل ؟ .. ألا يفرق بين الأمور الجادة والهازلة ؟!!! .. قلت بأسف :
ـ هل أنت جاد حقاً فيما تقول ؟ .. لالا .. بالتأكيد أنت تمزح ..
ثم استجمعت شتات ذهني لأطرح عليه إجابة شافية على سؤاله :
ـ لست أنا من تفعل ذلك !!! .. لن يدخل رجل غريب إلى هذا المنزل في عدم وجودك ! .. مهما كانت قرابته لك !! .. لن يدخل !! ..
ثم عبّرت دموعي تعبيراً أصدق عن جام غضبي وأنا أهتف :
ـ إدخال الرجال الأجانب عند النساء في عدم وجود المحارم … حرام .. !! وأنا لن أقبل بذلك أبداً حتى وإن غضبت لن أقبل أبداً أبداً .. هل تسمعني ؟!!
استشاط غضباً وقال هائجاً :
ـ بل ستفعلين !! .. لستِ أنت التي ستقلبين حياتنا رأساً على عقب وتفسدين بيننا !! .. الجميع يشكو من أفكارك المعقدة ونيتك السيئة !! .. ولكني أنا من سيقلب حياتك وسترين !!
وقفت بسرعة وأنا أمسح دموعي الحزنى :
ـ لا أعدك بذلك مطلقاً ! .. مهما كلفني ذلك من استهانة وتعذيب وتنكيل ! .. وسأقولها أمامك وأمام الجميع … إن أردتم قتلي فافعلوا .. ولكني لن أسمح والله لرجل غريب بالدخول في غيبتك !!
اجتاحته رعدة مفاجئة .. فأراد كسر شوكتي وإرغامي على ما يريد :
ـ لكِ ذلك !! .. ولكني أقسم بالنبي الكريم أن أضعك بين خيارين مؤلمين لك وسترضخين لأمري !!
شعرت بحرارة الغرفة في هذه اللحظة على الرغم من فتح جميع النوافذ فيها وال
ستائر ! .. ترقبت بوجل طرحه للخيارات ! .. ماذا عساه أن يقول ؟!!!!!
عقد ذراعيه واتكأ على الجدار قائلاً :
ـ إما أن تفتحي الباب في عدم وجودي لكل أقاربي من عرفتي منهم ومن لم تعرفي …… وتجالسيهم وتسامريهم وتكرميهم … ولا تردّي أحداً منهم …..
ثم .. سكت .. فشعرت بغصة مؤلمة في حلقي وأنا انتظر قراره في الخيار الآخر ! .. فأكمل حديثه وهو ينظر إلى السقف باستخفاف ونفاذ صبر :
ـ أو أمنع عنك زيارة أهلك .. فأمنع دخولهم إلى هذا المنزل إلى الأبد !! .. فأي الخيارين تفضلين ؟!
سادت لحظة صمت مؤرقة .. معذّبة !! هرب صوتي مني .. لقد سألني ويجب أن أجيب عليه !
ابتسمت ابتسامة مجردة من الحياة .. وقلت بحزن قبل أن أفقد جرأتي :
ـ حسناً …. لا عودة في قراري ولا تراجع !!! ومع صعوبة الخيارين إلا أنني أرفض الخيار الأول وأقبل بعمل الثاني !! .. وليسامحني الله !!
ضاقت عيناه وكأنه لم يصدق ما سمع :
ـ أتعنين بذلك عدم إدخال أقاربي في منزلي عند غيابي ؟! .. مقابل عدم السماح لأهلك بالدخول إليك وزيارتك ؟!
عانيتُ كثيراً في اختيار كلماتي .. ثم قلت وأنا أتنهّد وأتظاهر بالهدوء والبساطة :
ـ ماذا أفعل ؟! .. سأطيع أمرك في الاختيار ! .. ويجب علي من اليوم فصاعداً أن أتعلم معايشة هذا الواقع الجديد !!!!
هبّ في وجهي قائلاً :
ـ تباً لك أيتها الوهابية !! .. كلكم معقدون .. ويبقى رأيي الذي يطبّق على الجميع .. هل تسمعين ؟!
لزمتُ الصمت .. فأغمضت عيني وأنا أراه يشمخ بأنفه ورأسه عالياً ثم يتابع :
ـ انتهى الأمر ! .. بعد يومين سنلبّي دعوة العشاء عند قريبي الذي هاتفني قبل قليل .. والويل لك إن عارضتي أمري لك بالذهاب !! .. أتسمعين ؟!
أومأت برأسي وقلت في محاولة لتهدئته :
ـ أرجوك اهدأ …. لا تغضب ! سأذهب أينما تريد ! .. اهدأ !!
أدار ظهره بسرعة وبدأ بفتح الباب فسألته وأنا أتبعه :
ـ إلى أين ؟ .. لا يجدر بك الذهاب وأنت في هذه الحال ! .. إلى أين ؟!
قال بنبرة حادة :
ـ إلى الجحيم !!!!!!
عندما أصبحت وحدي استندت بظهري على الباب مندهشة متسائلة !! .. ما الخطأ الذي قلته ؟! .. هل أخطأت حقاً ؟! .. اللهم ما فعلت ذلك إلا طمعاً في رضاك عني ! .. فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ..
داهمني إحباط مفاجئ بتذكر الذهاب إلى منزل ذلك الوغد !! .. استلقيت على فراشي وقتاً طويلاً أحدّق في سقف الحجرة .. ما زلت في دوّامة !! .. اللهم فرج علي همومي وأحزاني ..
( 23 ) الدواء الفعّال
طرق الباب .. تصنعت النوم فلم أجب .. تواصل الطرق ! .. لا أريد الصدام معه أو إغضابه أكثر من ذلك .. لا قوة لي في المزيد من الجدل والنقاش !! ..
أدار مقبض الباب ففتحه .. توقعته هو .. ولكني أخطأت في توقعي .. إنها والدته !!!
اعتدلتُ جالسة .. أضأت المصباح الخافت .. أجلستها .. ابتسمت لها .. إنها تحمل شيئاً ما في يدها !! .. ماذا أيضاً ؟!!
سألتني بتشكك :
ـ ألم تنامي بعد ؟ .. ما الذي يؤرقك ؟ .. يكاد الفجر أن ينسج خيوط ضوئه لينير أرجاء الكون !
استغربتُ اهتمامها بأرقي وقلة نومي ! .. ثم من حديثها العذب ! .. فقلت ببراءة :
ـ لا شي البتة يا خالتي ! .. هرب النوم عن أجفاني فقط لا غير ! .. ولكني سأحاول النوم علّي أفلح !!
قالت في محاولة جادة للتأثير علي :
ـ لديّ دواء لك ! .. ما رأيك بأن تجربيه ؟ .. إنه جد مؤثر وفعّال !
كانت تبدو وديعة مما جعل تعجبي منها يتلاشى بسرعة .. فقلت :
ـ حقاً ؟! .. وما دواؤك ؟!
رفعت يديها أمام عيني .. وقدّمت لي قماشاً ملفوفاً بحجم يصغر حجم البيضة قليلاً .. محشواً في داخله بشي يميل إلى الصلابة نوعاً ما ! ..
تسمّرت نظراتي في هذه القطعة .. تحوّلت أنفاسي إلى تنهيدة طولية ! .. ثم انتقلت عيناي بتلقائية إلى عينيها الغائرتين ثم إلى ذقنها الذي امتلأ بشتى رسوم الوشم !! .. فتحت فاهي لأسألها عن الدواء الذي وصفته لي ! .. فتداركت استغرابي وقالت تصطنع البساطة :
ـ هل تعلمين أن هذه التميمة بحوزتي منذ ما يربو على العشرين عاماً ؟
اتسعت حدقتاي وأنا أهتف :
ـ تميمة ؟!!!! .. هل هذا هو الدواء ؟!
أجابت بحماس :
ـ نعم .. نعم تستطيعين تعليقها على نحرك أو على عضدك أو وضعها بين ثيابك أو في فراشك .. وأعدكِ بأن أعمل لكِ واحدة تخصك وحدك وباسمك !
ـ لي أنا ؟ .. وباسمي ؟!
اعتدلت في جلستها ثم قالت :