الفراغ العاطفي، تلك الحاجة إلى الحب المفقودة، في مناخ قاحل صحرواي جاف مع تصحر المشاعر من شدة انتظار تلك الحياة الرطبة بمياه الحب والحنان..يؤرق البعض، والبعض لا يشعر بوجوده ولكنه موجود، يظهر في العصبية الزائدة والانفعال بدون أسباب واضحة، والسهو الكثير والثقة الزائدة في كل ما يتعلق بالحب والزواج، مثلا أحدهم في الشارع أو الفيسبوك يعاملني معاملة جيدة مختلفة لم أعتد عليها، إذن أتعلق..
أرى إعلانا لموقع زواج كالذي نراه دوما في الصفحة الرئيسية يخبرك أنك ستجد الحب الحقيقي فتصدق أو بمعنى أدق تريد أن تصدق وهكذا..
كل بني البشر لديهم تلك البؤرة داخلهم، تسكن القلب فتترك فيه تجويفا، وتتشعب في المشاعر فترفرف بها في الخواء، مما يوقظ ثورة الحاجة ويقض مضجع الجفون..لكن الفرق بين من قضى عليها وبين من أبقى عليها بل وربما طورها ووسعها بأحلام اليقظة والتمني والانتظار، أن الأول أحب نفسه، عرف قيمتها فدللها بمحاسبة وأحبها بتوازن..
الأسباب الرئيسية لهذا الفراغ هي كالتالي:
+ عدم حب النفس، ولكي نعرف ذلك سنتأمل في رؤيتنا للحبيب المنتظر، أليس هو الفارس المبهر المنزه حتى عن دخول الخلاء أعزكم الله؟
وماهو حب النفس؟
(حين أرى نفسي مثلي مثل غيري إنسانا مكرما، وأتقبلني بعيوبي ومميزاتي..
حين أتخلص من عقدة الناس،،ولا أراعيهم على حسابي خجلا وغصبا وإنما إيثارا وحبا لله وإرضاء له ( حقيقة وليس بالحيل النفسية ).)
+ عدم وجود غاية حقيقية في الحياة + أهداف كبرى تستحق أن نحيا لأجلها ( حقيقة وليس الشعارات والحيل النفسية ).
+ بناء حياة وردية في الخيال عن شخص سوبرمان أو سوبر وومن، والاكتفاء بذلك دون التهيأ له..وفهمه ومعرفة طباعه..
أما أعراضه فمنها:
+ العطش للحياة الزوجية كطبيعة بشرية ويختلف الأمر حسب البيئة التي نحيا فيها هل في مناخ مشاعر صحراوي قاحل أم مناخ معتدل متوسطي أم مناخ رطب مع كثرة التساقطات..
+ الضيق المفاجئ، الشعور بعدم اهتمام الآخرين، النقمة على الأهل إن لم يؤدوا مهمتهم كمصادر طبيعية ومهمة للحب...
كيف نتعامل معه ونجلب الإشباع العاطفي والحب؟
يقولون داوها بالتي هي الداء..
ومن سنة الله في الكون التدرج وهو وسيلة رائعة للحصول على ما نريد وبقوة..
ولكن السؤال الجوهري، هل هناك استعداد للعمل على جلب تلك الروائع؟ لأن بدون استعداد، لا شيء سيحدث فالله إن يعلم في قلوبنا خيرا يوتنا إياه وزيادة..
أولا وقبل كل شيء نحتاج قوة للقلب لنحمي أنفسنا من التعلق..
وهذه سهلة نحتاج فقط أن نلازم الاستغفار يوميا بكثرة + الإكثار من قول: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك..
وما علاقة كل هذا بالقلب؟
القلب مخلوق تابع بطببعته، فإما سيتبع الله فيسعد أو يتبع الهوى والشيطان فيتعذب..
ثانيا نحتاج حقا أن نحب أنفسنا، فتلك الأم مثلا التي تتفانى في خدمة أطفالها ولكن بجنون، فهي تشعر بالفراغ العاطفي وتشبعه بالأمومة، لكن الصواب أن تؤدي واجبها باستمتاع وعبادة لله + تحب نفسها..
يعني كم أم في عالمنا الإسلامي لديها وقت مستقطع يوميا خاص بها هي فقط لا مسؤولية لا زوج لا أولاد؟ وهذا حقها الذي كفله الله لها ولا تأخذه..
لكي نحب أنفسنا أولا لابد أن نثق بها ونفهمها..
لذلك عمليا:
+ تنفس عميق خمس مرات يوميا
+ رياضة ولو عشر دقائق، يوميا..
+ بناء عادة القراءة عشرين دقيقة في اليوم..
+ وقت مستقطع عشرين دقيقة يوميا، من كل شيء..
تأمل استمتاع بشيء تحبه، انعزال عن كل شيء حتى عن التفكير في أي شيء سوى الاستمتاع باللحظة وفقط..
+ التعبير عن حبك لمن تحبهم من محارمك..
+ التهيء للزواج بتطوير المهارات وتفهم الطرف الآخر وتتخلص من عقدك النفسية وعاداتك السيئة لكي تبني جيلا سويا بقوة الله..
واطمئن الاستغفار سيقويك وسيرتب حياتك ويساعدك بقوة على التخلص من نقط ضعفك بقوة الرحمن..
...
بهذا سيختفي الفراغ العاطفي في غضون شهر بقوة الله من هذه الخطوات أو أقل حسب شطارتك..
وحينها حياة أخرى من الروائع ستكتشفها..
يومكم ماتع برضا الرحمن..