يقول السائل:إنه تاجرٌ يستورد بضائع من الصين ويسأل عن الحكم الشرعي في استيراد الدُّمى الجنسية وبيعها،حيث إن بعض الشباب يطلبونها،وما حكم استعمالها
الجواب:
أولاً:
التجارة في الإسلام تحكمها ضوابطُ وقيمٌ أخلاقيةٌ ينبغي على التجار الالتزام بها،وهذه الضوابط والقيم مستمدةٌ من كتاب الله تعالى،ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم،ومن سير الصحابة والسلف في تعاملهم التجاري.
والتاجر المسلم له أخلاقه التي تضبط تعامله في التجارة وغيرها،فقد ورد عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء)
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وفي رواية أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما:
(التاجر الأمين الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة)
أخرجه ابن ماجة والحاكم وقال صحيح.
قال الطيبي في شرح الحديث:[قوله
التاجر الصدوق الأمين إلخ…)فمن تحرى الصدق والأمانة في تجارته كان في زمرة الأبرار من النبيين والصديقين ومن توخى خلافهما كان في قرن الفجار من الفسقة والعاصين]
شرح الطيبي على المشكاة 7/2119.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يا معشر التجار،فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه،فقال:إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق)
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ثانياً:
من الضوابط والقيم الأخلاقية التي تحكم التجارة في الإسلام تحريمُ الاتجار والعمل بالمحرمات،سواء كان ذلك بانتهاك محرمٍ أو تركِ واجب،يقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
سورة المنافقون الآية 9.
وصور الاتجار في المحرمات كثيرة كالتجارة في الخمر بمختلف أسمائها وكذا العمل في صناعتها والاتجار بالمخدرات والسموم القاتلة كالهيروين والمتاجرة في الأفلام الساقطة الخليعة والصحف والمجلات التي تنشر الفحشاء والمنكر وكل مادة تحارب الله ورسوله ودينه.وكذلك الاتجار في كل ما ينشر الفساد في المجتمع.
ثالثاً:
[الدمية الجنسية – Sex doll-هي نوعٌ من الألعاب الجنسية تكون مشابهةً في حجم وشكل الشريك الطبيعي- الرجل أو المرأة – من أجل الحصول على مساعدة في الاستمناء،وقد تكون الدُّمية جسماً كاملاً مع الوجه،أو مجرد الحوض مع الأعضاء كالمهبل والشرج والفم والقضيب من أجل التحفيز الجنسي،وقد تكون بعض أجزائها قابلة للإهتزاز.وأصبح الفاينيل والسيليكون المواد الأكثر استخداماً في تصنيع دُمى الجنس]
انظر الموسوعة الحرة ويكيبيديا.
وقد بدأت شركات صينية في تسويق دُمىً جنسيةً مصنوعةً بمواصفات تشبه المرأة الحقيقية،ويمكن أن تصنع على هيئة ملكات جمال العالم ونجمات الغناء وأصحاب الشهرة من النساء أو الرجال،وحسب رغبة مشتريها.
رابعاً:
إذا تقرر هذا فإنه يحرم شرعاً استيراد الدُّمى الجنسية والتجارة بها بأي شكل من الأشكال،لأنها من وسائل الفساد والإفساد، وهي من العوامل التي تزيد انتشار المنكرات والفواحش في المجتمع،ويترتب عليها أضرارٌ كثيرةٌ،ومن المقرر عند الفقهاء أن للوسائل أحكام المقاصد،قال العز بن عبد السلام:
[للوسائل أحكام المقاصد،فالوسيلةُ إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل،والوسيلة، إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل].
ومن المعروف عند العقلاء أن استيراد واستعمال الدُّمى الجنسية وسيلةُ من وسائل انتشار الفساد الخلقي والإنحلال وانتشار الموبقات وقد تؤدي إلى الزنا واللواط واستعمال العادة السرية،فما أدى إلى الحرام فهو حرام.
وكذلك فإن استيرادها والتجارة بها يدخل تحت قوله تعالى:
{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
سورة المائدة الآية 2.
كما أنه قد يقع تبادلها بين الشباب فيؤدي إلى نشر الأمراض الجنسية الخطيرة.
خامساً:
إن الهدف الأساسي من استعمال الدُّمى الجنسية هو إفراغ الطاقة الجنسية،ويجب أن يُعلم أن أي استمتاعٍ جنسيٍ بغير الاتصال المشروع بالزوجة محرمٌ شرعاً بأي وسيلةٍ كان،سواء كان استمناءً باليد– العادة السرية – أو باستعمال الدُّمى الجنسية،أو غير ذلك من الوسائل،فالطريق الوحيد المشروع للاستمتاع الجنسي هو مع الزوجة فقط،وما عدا ذلك يعتبر تعدياً
لما أحل الله تعالى،قال تعالى:
{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}