ليس لأنه الحزب الوحيد المتبقى من التيار الإسلامى فى المشهد السياسى، ولا بسبب تغيير شيوخه فتاواهم الخاصة بالأقباط والمرأة بشأن الانتخابات البرلمانية، ولا لأنه خاض المرحلة الأولى من الانتخابات وحيدا دون التحالف مع حزب سياسى، كبيرا كان أو صغيرا، مشهورا أو مغمورا، فحصول حزب النور على "صفر" فى الانتخابات البرلمانية فى العام الحالى مقارنة بحصوله على لقب الحصان الأسود فى برلمان 2025 له أسباب كثيرة، منها ما هو تسبب فيها، ومنها مرتبط بالمشهد السياسى المصرى.
شتان بين حزب النور فى 2025 وبين 2025، فقد اعتبره البعض بعد ثورة 25 يناير بأنه الحزب التقى الملتزم، العامل فى السياسة بالشرعية الإسلامية، بينما وصفه البعض بعد 30 يونيو بأنه حزب باع دينه بدنياه، البوابة الخلفية للإخوان، السعى لتحقيق أهداف سياسية على حساب مبادئه.
بين هذا وذلك فى السطور التالية، الأسباب الحقيقة التى أدت لتراجع حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، فى المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية.
أولا: حظى حزب النور بدعم كبير فى انتخابات 2025 من علماء ربانيين، والدعاة ذوى الجماهيرية والمصداقية منهم "محمد حسان ومصطفى العدوى ومسعد أنور، ومحمود المصرى، ومازن السرساوى"، ما أدى إلى زيادة شعبية الحزب الوليد آنذاك وحسن الظن به واختياره فى الانتخابات، ولكن هذا الدعم غاب فى انتخابات 2025، الأمر الذى جعل الحزب منبوذا من كثير من أبناء التيار الإسلامى وعوام الناخبين.
ثانيا: فى انتخابات 2025 حصل حزب النور على إجمالى المؤيدين للتيار السلفى، فضلا عن تأييد العوام الذين كانوا يعرفون القليل عن الإخوان فاتجهوا لدعم حزب النور، ولعلك تتذكر الكلمة التى تناقلت بين الناس "ننتخب السلفيين بتوع ربنا"، ليس هذا فحسب بل تزعم حزب النور فى انتخابات 2025 التحالف الإسلامى، الذى كان يجمع الجماعة الإسلامية وحزب الأصالة ذات المرجعية السلفية، ولذلك حصل على دعم وتأييد جميع الإسلاميين والمتخالفين مع الإخوان فى الرأى، أما فى الانتخابات الحالية فكل هذه الأمور اختلفت تمامًا، فقد عرف الناخب المصرى أن السلفيين أنواع منهم من يحلل السياسية ومنهم من يتعبرها رجسًا من عمل الشيطان، وثبت فى أذهان الناس مسميات كثيرة منها سلفية "برهامى" وسلفية "عبد المقصود" وسلفية "رسلان"، وتبدل شعار "ننتخب السلفيين بتوع ربنا" إلى شعار "ياعم دول مشوا وراهم حاجة غير الشتيمة فى بعض".
ثالثا: الانشقاقات التى تعرض لها حزب النور فى 2025 ورحيل وكيل المؤسسين عماد عبد الغفور عن "النور" لتأسيس حزب "الوطن" ومن الذين استقالوا معه ما يقرب من 40 برلمانيا فى مجلسى الشعب والشورى، فهذا الأمر انعكس على حزب النور فى 2025، حيث كان يعتمد حزب النور على عدد من الذين استقالوا فى بعض الدوائر، وكان لهم شعبية كبيرة منهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور محمد عمارة، عضو مجلس الشعب فى دائرة البساتين، والشيخ محمد الكردى، عضو مجلس الشعب، وصاحب واقعة "نرفض تدريس الإنجليرى"، وعبدالعظيم أبو عيشة الذى استقال من النور لينضم لأحزاب أخرى، والشيخ عادل عزازى وآخرون.
رابعا: تعرض حزب النور لانتقادات حادة قبل إجراء المرحلة الأولى من الانتخابات، من شيوخ كبار فى التيار الإسلامى منهم محسوب على الدعوة السلفية كالشيخ سعيد عبد العظيم، النائب السابق لرئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، والذى كان يعتبر "ثالث ثلاثة" داخل الدعوة السلفية مع "المقدم وبرهامى" وقد دعا سعيد عبد العظيم حزب النور للتوبة الأمر الذى كان له تأثيره.
خامسًا: تعرض حزب النور لانتقادات لاذعة من جانب كتاب كبار وإعلاميين مشهورين، وحركات شعبية كحملة "لا للأحزاب الدينية"، التى صالت وجالت ضد الحزب فى أماكن عدة واعتبرها البعض كحركة تمرد التى كانت الشرارة الأولى فى إنهاء حكم الإخوان.
سادسًا: المزاج العام للمصريين فى المرحلة الراهنة ضد التيارات الإسلامية، وخاصة بعد الحرب القائمة بين الدولة وجماعة الإخوان، ورغم معرفة المتخصصين والباحثين فى شأن التيارات الإسلامية بأن حزب النور يختلف عن الحرية والعدالة وأن الدعوة السلفية ليس هى الإخوان، إلا أن هناك الكثير والكثير يعتبر الإخوان والسلفيين واحدا، ولذلك تجدهم لفظوا الإسلاميين برمتهم.
سابعاً: لحزب النور قواعد فى كثير من المحافظات أبرزها "البحيرة وكفر الشيخ ومرسى مطروح والإسكندرية" بينما هناك محافظات تمثل للحزب نقاط الضعف "الجيزة" على سبيل المثال، ولكن تبقى حقيقة واحدة وهى أن هناك قطاع عريض من قواعد حزب النور تأثر بإعلام الإخوان الذى يصف حزب النور بـ"الزور" الأمر الذى كان له انعكاس على هؤلاء الأعضاء وجعلهم يجمدون عضويتهم ويقفون كالمشاهدين بين "الإخوان" والسلفيين".
اليوم السابع