حادثـــــة شـــق الصــــــدر
وحصل له وهو بينهم حادثة مهمة وهي شق صدره وإخراج حظّ الشيطان منه ..
قال رسول الله ﷺ:
(ما من مولودٍ يولدُ إلا نَخَسَه الشيطانُ . فيستهلُّ صارخًا من نخسةِ الشيطانِ . إلا ابنَ مريمَ وأمَّه . ثم قال أبو هريرةَ : اقرؤا إن شئتم : { وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [ 3 / آل عمران / 36 ] . رواه مسلم
«وكان الرسول ﷺ في السنة الثالثة من عمره وللعلم قد شق صدره أيضا ليلة الإسراء كما رواه البخاري.»
فأحدث ذلك عند حليمة خوفا فردّته إلى أمه وحدثتها قائلة:
_بينما هو وإخوته في بَهْم« البَهْمٌ: الصغار من الغنم، واحدتها: بَهَمة.» لنا خلف بيوتنا..
إذ أتى أخوه يعدو(يجرى) فقال لي ولأبيه: ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض، فأضجعاه، فشقّا بطنه فهما يسوطانه «يحركانه بسوط.»
_ فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدناه منتقعا لونه
«شبيها بالنقع وهو التراب أي متغيرا» ، فالتزمته والتزمه أبوه،
فقلنا له: مالك يا بنيّ؟ فقال: جاءني رجلان عليهما ثياب بيض،
_فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟؟ قال نعم. فأقبلا يبتدراني «يرعاني» فأضجعاني فشقا بطني، فالتمسا فيه شيئا، فأخذاه وطرحاه ولا أدري ما هو.
ثم رداه كما كان فرجعنا به معنا، فقال أبوه: يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني أصيب فانطلقي بنا نردّه إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف.
قالت حليمة فاحتملناه فلم ترع أمه إلّا به، فقالت: ما ردّكما به يا ظئر (المرضعة) فقد كنتما عليه حريصين؟ فقالا: لا والله إلّا أن الله قد أدّى عنا وقضينا الذي علينا وقلنا نخشى الاتلاف والأحداث نرده إلى أهله. فقالت: ما ذاك بكما، فأصدقاني شأنكما فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره،
فقالت: أخشيتما عليه الشيطان؟! كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل.
وفاة آمنة وكفالة عبد المطلب ووفاته وكفالة أبي طالب:
ثم إن أمه أخذته منها وعاش معها حتى أن اصبح عمره ست سنوات، توجّهت به إلى المدينة لزيارة أخوال أبيه بني عدي بن النجار، وبينما هي عائدة أدركتها منيتها في الطريق فماتت بالأبواء
«قرية بين مكة والمدينة وهي أقرب إلى المدينة وقد حصل ذلك وهو ابن ست سنين.»
فحضنته أم أيمن، وكفله جدّه عبد المطلب، ورقّ له رقة لم تعهد له في ولده، لما كان يظهر عليه مما يدل على أن له شأنا عظيما في المستقبل، وكان يكرمه غاية الإكرام،
ولكن لم يلبث عبد المطلب أن توفي بعد ثماني سنوات من عمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم «دفن بالحجون (جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها عند قبر جده قصي) ولما حضرته الوفاة. أوصى به إلى عمه.»
فكفله شقيق أبيه أبو طالب فكان له رحيما وعليه غيورا، وكان أبو طالب مقلّا من المال فبارك الله له في قليله،
_ وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم في مدة كفالة عمه مثال القناعة، والبعد عن السفاسف التي يشتغل بها الأطفال عادة، كما روت ذلك أم أيمن حاضنته.
_فكان إذا أقبل وقت الأكل جاء الأولاد يختطفون وهو قانع بما سييسره الله له
_«كان يقول في أول الطعام الحمد لله، ولم تر منه كذبة ولا ضحك ولا جاهلية، ولا وقف مع صبيان يلعبون» .
السـفر إلى الشــــــــام
ولما بلغت سنّه عليه الصلاة والسلام اثنتي عشرة سنة، أراد عمّه وكفيله السفر بتجارة إلى الشام، فاستعظم الرسول صلّى الله عليه وسلّم فراقه، فرقّ له، وأخذه معه، وهذه هي الرحلة الأولى، ولم يمكثوا فيها إلّا قليلا،
وقد أشرف على رجال القافلة وهم بقرب بُصْرَى «قرية تتبع محافظة درعا في سورية » بحيرى الراهب «اسمه سرجس كان راهبا مسيحيّا وكان ينكر لاهوت المسيح ويقول إن تسميته بإله غير جائزة) وكان قسا عالما فلكيّا منجما وقد اتّخذ صومعته بقرب الطريق الموصل إلى الشام وكان يأمر بعبادة الله وينهى عن عبادة الأصنام.».
فسألهم عما راه في كتبهم المقدسة من بعثة نبي من العرب في هذا الزمن، فقالوا إنه لم يظهر للان
وهنا قصة ملخّصها :
أن بحيرى الراهب صنع طعاما ودعا له كل قريش فاجتمعوا إلّا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم أحضروه بعد إلحاح من بحيرى فلما رأى من أوصافه ما يوافق ذلك ما عنده أقبل على عمه أبي طالب وأوصاه أن يعود بابن أخيه حذرا عليه من اليهود فعمل أبو طالب ما نبهه إليه بحيرى.
وهذه العبارة كثيرا ما كان يلهج بها أهل الكتاب من يهود ونصارى قبل بعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ( فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ «سورة البقرة) اية 89.
نكمل فى اللقاء القادم بإذن الله ..بارك الله فيكم على طيب المتابعة وكتب لنا ولكم شفاعته وجواره صلى الله عليه وسلم
المراجع:
فى السيرة نور اليقين للخضري محقق
الدرر السنية فى التحقق من الأحاديث
قاموس المعانى