إذا كانت الكتلة الابتدائية للنجم قليلة نسبيا( في حدود كتلة الشمس تقريبا), أما اذا كانت الكتلة الابتدائية للنجم عدة مرات قدر كتلة الشمس, فإنه يمر بمراحل من العمالقة العظام
(Supergiants)
ثم النموذج الثاني لانفجار المستعر الأعظم
(TypeII Supernova Explosion)
الذي تتبقي عنه النجوم النيوترونية
(Neutron Stars)
أو الثقوب السود
(Black Holes)
والتي أسميها باسم النجوم الخانسة الكانسة
(The Concealedor Hidden Sweeping Stars)
كما يصفها القرآن الكريم, والتي تبتلع كل ما تمر به أو يصل إلي أفق حدثها
(Event Horizon)
من مختلف صور المادة والطاقة, ثم ينتهي بها المطاف إلي دخان السماء عن طريق تفككها وتبخر مادتها عالية الكثافة, كما يعتقد غالبية الدارسين لموضوعات الفيزياء الفلكية, وإن كانوا لم يتمكنوا بعد من تحديد كيفية حدوث ذلك, ويري بعض الفلكيين أن أشباه النجوم
(Quasars)
مرشحة لتكون المرحلة الانتقالية من الثقوب السود إلي دخان السماء, وهي أجرام شاسعة البعد عنا, ضعيفة الإضاءة( ربما لبعدها الشاسع عنا), منها ما يطلق أقوي الموجات الراديوية المعروفة في السماء الدنيا ويعرف باسم أشباه النجوم الراديوية
(Quasi-Stellar Radio Sourcesor Quasars)
ومنها ما لا يصدر مثل تلك الموجات الراديوية ويعرف باسم أشباه النجوم غير الراديوية
(Radio-Quiet Quasi-Stellar Objectsor QSOs)
وغالبية نجوم السماء من النوع العادي, أو ما يعرف باسم نجوم النسق الرئيسي
(Main Sequence Stars)
التي تمثل مرحلة نضج النجم وأوج شبابه, وهي أطول مرحلة في حياة النجوم, حيث يمضي النجم90% من عمره في هذه المرحلة, التي تتميز بتعادل دقيق بين قوي التجاذب إلي مركز النجم( والناتجة عن دوران النجم حول محوره), وقوي دفع مادة النجم إلي الخارج( نتيجة لتمدده بالحرارة الشديدة الناتجة عن عملية الاندماج النووي في لبه), ويبقي النجم في هذا الطور حتي ينفذ وقوده من غاز الإيدروجين, أو يكاد ينفد, فيبدأ بالتوهج الشديد حتي تصل شدة إضاءته إلي مليون مرة قدر شدة إضاءة الشمس, ثم يبدأ في الانكدار التدريجي حتي يطمس ضوؤه بالكامل, ويختفي كلية عن الأنظار علي هيئة النجم الخانس الكانس( أو الثقب الأسود), عبر عدد من مراحل الانكدار.
ومن النجوم المنكدرة ما يعرف باسم السدم الكوكبية
(Planetary Nebulae)
والأقزام البيض
(White Dwarfs)
والنجوم النيوترونية
(Neutron Stars)
ومنها النابض وغير النابض
Pulsating Neutron Stars (or Pulsars)and Non-pulsating Neutron Stars
وغيرها من صور انكدار النجوم, وسبحان الذي أنزل من فوق سبع سماوات, ومن قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق:
إذا الشمس كورت* وإذا النجوم انكدرت*
( التكوير:2).
وقوله( عز من قائل):
فإذا النجوم طمست*
(المرسلات:8)
والآيات الثلاث من مظاهر الآخرة, إلا أن من رحمة الله( تعالي) بنا, أن يبقي لنا في سماء الدنيا من ظواهر انكدار النجوم وطمسها, ما يؤكد إمكانية حدوث ذلك في الآخرة بكيفيات ومعدلات مغايرة لكيفيات ومعدلات الدنيا, لأن الآخرة لها من السنن ما يغاير سنن الدنيا.
أحجام النجوم
تتفاوت النجوم في أحجامها تفاوتا كبيرا, فمنها العماليق العظام
(Supergiants)
التي تزيد أقطارها عن أربعمائة ضعف قطر الشمس( أي نحو خمسمائة وستين مليون كيلومتر), ومنها الأقزام البيض
(White Dwarfs)
التي لا تتعدي أطوال أقطارها واحدا من مائة من طول قطر الشمس في المتوسط( أي لا تتعدي14000 كيلومتر), ومنها النجوم النيوترونية
(Neutron Stars)
التي لا يتعدي طول قطر الواحد منها ستة عشر كيلومترا, ومنها النجوم الخانسة الكانسة( أو ما يعرف باسم الثقوب السود)
(Concealedor Hidden Sweeping Stars (or Black Holes)
التي يتضاءل فيها قطر النجم إلي ما لا يستطيع العقل البشري أن يتصوره, وهي صورة واقعية راهنة تعيد إلي الأذهان نقطة البداية الأولي التي انفجرت فخلق الله تعالي منها كل السماوات والأرض( الرتق) مع الفارق الشاسع بين النقطتين في تناهي الحجم والكتلة, وكم الطاقة ودرجة الحرارة وغير ذلك من الصفات, ولكنها رحمة الله( تعالي) بنا, أن يبقي لنا في صفحة السماء ما يمكن أن يعين أصحاب البصائر علي تدبر الخلق الأول, وعلي تصور إمكانية إفنائه, وإعادة خلقه من جديد, وهي من القضايا التي طالما جادل فيها الكافرون والمتشككون والمنكرون بغير علم ولا هدي ولا سلطان منير.
كثافة وكتل النجوم
كما تتفاوت النجوم في أحجامها, فإنها تتفاوت في كل من كثافة مادتها وكتلتها, وبصورة عامة تقل كثافة النجم كلما زاد حجمه وبالعكس, تزداد كثافته كلما قل حجمه, وقد لوحظ أن كثافة مادة النجوم تتفاوت بين واحد من مائة من متوسط كثافة الشمس( المقدرة بنحو1,41 جرام للسنتيمتر المكعب) في العماليق العظام
(Supergiants)
إلي طن واحد للسنتيمتر المكعب(610 جرام/سم3) في الأقزام البيض
(White Dwarfs)
الي بليون طن للسنتيمتر المكعب(1510 جرام/سم3) في النجوم النيوترونية إلي أضعاف مضاعفة لتلك الكثافة في النجوم الخانسة الكانسة( الثقوب السود).
ويمكن تعيين كتل النجوم خاصة الثنائية والثلاثية منها, إما بصريا أو طيفيا بتطبيق قانون الجاذبية, أو بتطبيق قوانين الازاحة الطيفية
(Red Shift)
( انزياح أضواء النجوم إلي الطيف الأحمر), وهناك علاقة بين كتلة النجم ودرجة اضاءته( في مرحلة نجوم النسق الرئيسي), أي بين كتلة المادة التي يحتويها النجم, وبين كمية الطاقة المتولدة في جوفه, فإذا كان النجم في حالة اتزان بين قوي الجذب إلي مركزه وقوي الدفع إلي الخارج( أي لا يتمدد ولا ينكمش) فإن جميع خواصه الفيزيائية تعتمد علي كل من كتلته وتوزيع العناصر الكيميائية في مادته.
وتعتبر كثافة النجم دالة قوية علي مرحلة تطوره, فكلما زادت كثافة النجم, كان أكبر عمرا وأقرب إلي نهايته من النجوم الأقل كثافة.
درجات حرارة النجوم
تتفاوت النجوم في درجة حرارة سطحها بين2300 درجة مطلقة في النجوم الحمراء,و وأكثر من خمسين ألف درجة مطلقة في النجوم الزرقاء, ويتم قياس درجة حرارة سطح النجم بعدد من التقنيات التي منها قياسات لون النجم, لإن إشعاعه يخضع لقوانين إشعاع الجسم الأسود
(Black Body Radiation)
فإذا كانت درجة حرارة النجم منخفضة نسبيا, مالت معظم الإشعاعات التي يصدرها إلي اللون الأحمر, وإذا كانت درجة حرارته عالية مالت إشعاعاته إلي الزرقة, وتسمي درجة الحرارة المقاسة باسم درجة حرارة اللون
(ColourTemperature)
ومنها قياس شدة خطوط الامتصاص الطيفية لأشعة النجم في مراحل مختلفة من التأين والإثارة وتسمي درجة الحرارة المقاسة باسم درجة الحرارة الطيفية
(Spectral Temperature).
وتتفاوت النجوم أيضا في درجة حرارة جوفها بين عشرات الملايين في نجوم النسق الرئيسي, ومئات البلايين من الدرجات المطلقة في المستعرات وما فوقها.
أقدار النجوم
هي مقاييس عددية تعبر عن درجة لمعان النجم, وتقاس شدة الإضاءة الظاهرية للنجم بكمية الضوء الواصل منه إلي نقطة معينة في وحدة من وحدات الزمن, والقدر الظاهري للنجم قيمة عددية لوغاريتمية تعبر عن شدة إضاءته الظاهرية بالنسبة لغيره من النجوم, بمعني أن الأرقام الأقل تعبر عن درجة لمعان أعلي, ويعتمد القدر الظاهري للنجم علي كمية الطاقة المنطلقة منه في الثانية( القدر المطلق), وعلي بعد النجم عنا, ويمكن معرفة القدر المطلق للنجم بمعرفة بعده عن الأرض, ويبلغ مدي القدر النجمي المطلق نحو27 درجة( تتراوح بين-9 في أشدها لمعانا, و+18 في أخفتها).
وتبلغ درجة لمعان الشمس( قدرها المطلق)+5, بينما يقترب ذلك من أقصي قدر(-9) في كل من العماليق الحمر, والعماليق العظام والمستعرات وما فوقها, حيث تبلغ شدة إضاءة النجم أكثر من مليون ضعف إضاءة الشمس, وتتدني شدة الإضاءة الي واحد من ألف من شدة إضاءة الشمس في النجوم المنكدرة من مثل الأقزام البيض, والنجوم النيوترونية, إلي الطمس الكامل والإظلام التام في النجوم الخانسة الكانسة( الثقوب السود) وأشباهها من الأجرام المستترة في ظلمة الكون.
التغير في أقدار النجوم أو( النجوم المتغيرة)
بالإضافة إلي التباين الشديد في درجة لمعان النجوم, فإن بعض النجوم العادية
(Main Sequence Stars)
تتفاوت شدة إضاءة النجم الواحد منها من وقت إلي آخر, عبر فترات زمنية تطول أو تقصر, وبشكل مفاجيء أو بصورة هادئة متدرجة, لا تكاد أن تدرك, ولذلك عرفت باسم النجوم المتغيرة أو المتغيرات.
احتضار النجوم:
يبدأ النجم العادي( مرحلة النسق الرئيسي) في الاحتضار, بالتوهج الشديد علي هيئة عملاق أحمر
(Red Giant)
إذا كانت كتلته الابتدائية في حدود كتلة الشمس( أو قريبة من ذلك), أو علي هيئة عملاق أعظم
(Supergiant)
اذا فاقت كتلته الابتدائية كتلة الشمس بعدة مرات, وينشأ في الحالة الأولي نجم أزرق شديد الحرارة محاط بهالة من الإيدروجين المتأين( أي الحامل لشحنة كهربية), ويعرف باسم السديم الكوكبي
(The Planetary Nebula)
الذي سرعان ما يتبرد وينكمش علي هيئة ما يعرف باسم القزم الأبيض, وقد تدب الروح في القزم الأبيض فيعاود الانفجار علي هيئة عملاق أحمر, ثم نخبو جذوته إلي قزم أبيض عدة مرات حتي ينتهي به العمر إلي الانفجار علي هيئة مستعر أعظم من النمط الأول
(TypeI Supernova)
فتنتهي مادته وطاقته إلي دخان السماء لتدخل في دورة ميلاد نجم جديد.
وفي حالة النجوم فائقة الكتلة, ينفجر نجم النسق الرئيسي علي هيئة عملاق أعظم, الذي يعاود الانفجار علي هيئة مستعر أعظم من النمط الثاني, عائدا إلي دخان السماء عودة جزئية, ومكدسا جزءا كبيرا من كتلته علي هيئة نجم نيوتروني أو ثقب أسود( نجم خانس كانس), إما مباشرة أو عبر مرحلة النجم النيوتروني حسب الكتلة الابتدائية للنجم.
والمراحل المتأخرة من حياة النجوم مثل النجوم الزرقاء الحارة, والنجوم النيوترونية, والنجوم الخانسة الكانسة( الثقوب السود), وأشباه النجوم ترسل بوابل من الأشعة والجسيمات الكونية, أو بأحزمة متصلة من الأشعة السينية أو الأشعة الراديوية عبر السماء الدنيا, فتفقد من كتلتها باستمرار إلي دخان السماء.
ومن أهم هذه المراحل المتأخرة في حياة النجوم ما يعرف باسم النجوم النيوترونية النابضة أو النوابض, وهي نجوم نيوترونية شديدة التضاغط ترسل بنبضات منتظمة من الأشعة الراديوية المتسارعة في كل جزء من الثانية, أو في كل عدد قليل من الثواني, وقد يصل عدد النبضات الي ثلاثين نبضة في الثانية, ويعتمد عدد النبضات علي سرعة دوران النجم حول محوره, حيث أنه من المعتقد أن كل دورة كاملة للنجم حول محوره تصاحبها نبضة من نبضات الموجات الراديوية التي تسجلها المقربات( التليسكوبات) الراديوية بوضوح تام.
كيفية تكون النجوم النيوترونية
يعتبر انفجار العماليق العظام علي هيئة مستعر أعظم من النمط الثاني, واحدا من أعظم الانفجارات الكونية المروعة, التي تؤدي إلي تدمير النجم وإلي تدمير كل ما يدور في فلكه أو يقع في طريق انفجاره من أجرام سماوية في زمن قياسي, وذلك بتكون تيارات حمل عنيفة في داخل النجم تدفع بواسطة وابل غزير من النيوترينوات
Neutrino-Driven Convection Currents
فتقوم بتكوين دوامات متفاوتة في أحجامها, وفي شدة دورانها, يؤدي تصادمها إلي مزيد من تفجير النجم, وتندفع ألسنة اللهب بعنف شديد من داخل النجم إلي خارجه علي هيئة أصابع عملاقة ملتوية ومتكسرة, وتظل طاقة النيوترينو تضخ في داخل النجم المتفجر لمسافة آلاف الكيلومترات في العمق, مما يؤدي إلي تكرار عمليات الانفجار مرات عديدة حتي تخبو فتنطلق رياح عاتية مندفعة بتيار النيوترينو من نجم ذي كثافة فائقة قد تكون داخل حطام النجم المنفجر, ويعرف هذا النجم الوليد باسم النجم النيوتروني الابتدائي, والذي سرعان ما يتحول الي نجم نيوتروني عادي الحجم بجاذبية قليلة نسبيا, ثم الي نجم نيوتروني شديد التضاغط بجاذبية عالية جدا, وهو نجم ضئيل الحجم جدا, سريع الدوران حول محوره مطلقا كمية هائلة من الأشعة الراديوية, ولذا يعرف باسم النابض الراديوي(RadioPulsar)
وباقي نواتج الانفجار تقذف إلي صفحة السماء علي هيئة موجات لافحة من الكتل الغازية الملتهبة, تعرف باسم فضلات انفجار المستعرات العظمي, وهذه الفضلات الدخانية قد تدور في مدارات حول نجوم أخري لتتخلق منها أجرام تتبع تلك النجوم, أو قد تنتهي إلي المادة بين النجوم لتشارك في ميلاد نجوم جديدة.
ومن رحمة الله بنا أن مثل هذه الانفجارات النجمية المروعة والمدمرة والمعروفة باسم انفجار المستعر الأعظم
Supernova Explosion
قد أصبحت قليلة جدا بعد أن كانت نشطة في بدء الخلق كما تدل آثارها الباقية في صفحة السماء, فلا يتعدي وقوعها اليوم مرة واحدة كل عدة قرون, فحتي سنة1987 م لم يعرف الفلكيون سوي ثلاث حالات فقط مسجلة في التاريخ المدون, وقعت إحداها في سنة1054 م, وخلفت من ورائها نجما نيوترونيا نابضا في سديم السرطان
(Crab Nebula)
الذي يبعد عنا بنحو ألف فرسخ فلكي(3,300 سنة ضوئية) ويدور هذا النابض حول محوره ثلاثين مرة في كل ثانية مطلقا إشعاعا دوارا من الأشعة السينية.
وسجلت الثانية في سنة1604 م في مجرتنا( درب اللبانة), ولاتزال آثار هذا الانفجار باقية علي هيئة دوامات شديدة من الموجات الصدمية
(Shock Waves)
التي يمكن رصدها, ووقعت الثالثة في1987/2/24 م في سحب ماجيلان الكبيرة
(The Large Magellanic Clouds)
وهي إحدي المجرات المجاورة لمجرتنا.
والانفجار الواحد من هذه الانفجارات العظمي, تفوق شدته الطاقة المنطلقة من جميع النجوم في مجرة كاملة, ويكون الضوء المصاحب له أشد لمعانا من ضوء المجرة بالكامل, ويتبقي عنه نفثات كونية من أشعة جاما
(Cosmological Gamma Ray Bursts)
يطلق عليها اسم المرددات الدقيقة لأشعة جاما
.(Soft Gamma Ray Repeatersor SGRs)
التي تصدر انبثاقات هائلة من الأشعة السينية لتختفي ثم تظهر من جديد بعد عدة شهور, أو عدة سنوات حسب بعدها عنا, والنفثة الواحدة التي ينفثها واحد من تلك المرددات في ثانية واحدة تساوي كل ما تنفثه الشمس من الأشعة السينية في سنة كاملة من سنينا.
وفي سنة1992 م تمكن الفلكيون من اثبات أن مرددات الأشعة السينية تلك, ما هي إلا نجوم نيوترونية شديدة المغنطة
(Super Magnetized Neutron Stars)
أطلقوا عليها اسم الممغنطات
(Magnetars)
وأثبتوا لها حقلا مغناطيسيا فائق الشدة, تفوق شدته شدة جاذبية الحقل المغناطيسي للأرض بأكثر من ألف وخمسمائة مليون مليون مرة(1667 مليون مليون مرة), وللشمس بنحو الألف مليون مليون مرة, وهذه الممغنطات هي نجوم نيوترونية نابضة
(Pulsating Neutron Starsor Pulsars)
تدور حول محورها بسرعات فائقة مطلقة الأشعة السينية بكميات غزيرة.
ماهو الطارق النجم الثاقب؟
ينطبق الوصف القرآني' بالطارق النجم الثاقب' علي مصادر الإشعاع الراديوي المميز بالسماء الدنيا ومن أهمها النجوم النيوترونية شديدة التضاغط
(Theultra-compact Neutronstars)
والمعروفة باسم النجوم النابضة
(Pulsating Stars)
أو النابضات أو النوابض
(Pulsars)
وهي نجوم ذات كثافة وجاذبية فائقة وحجم صغير, ولذا فإنها تدور حول محورها بسرعات فائقة مطلقة كميات هائلة من الموجات الراديوية ولذا تعرف باسم النوابض الراديوية
(Radio Pulsars)
لأنها ترسل نبضات منتظمة من الأشعة الراديوية في كل جزء من الثانية أو في كل عدد قليل من الثواني حسب حجمها, وسرعة دورانها حول محورها, وقد يصل عدد نبضات تلك النجوم إلي ثلاثين نبضة في الثانية الواحدة, ويعتقد أن النابض الراديوي يطلق نبضة واحدة من الموجات الراديوية في كل دورة كاملة حول محوره, وتسجل المقربات( التليسكوبات) الراديوية تلك النبضات بدقة فائقة.
ومن رحمة الله بنا أن أقرب النوابض الراديوية إلينا يبعد عنا بمسافة خمسة آلاف من السنين الضوئية, وإلا لكان لنبضاتها المتسارعة أثر مدمر للحياة علي الأرض.
ومن مصادر الإشعاع الراديوي المتميز أيضا أشباه النحوم
(Quasars)
وهي أجرام سماوية شديدة البعد عنا, ضعيفة الإضاءة( ربما لبعدها البالغ عنا), ومنها مايطلق أقوي الموجات الراديوية المعروفة في السماء الدنيا, ولذا تعرف باسم أشباه النجوم المصدرة للموجات الراديوية
(Radio Sources Quasars)
تمييزا لها عن غيرها من أشباه النجوم التي لاتصدر موجات راديوية
(Radio-Quiet Quasi-Stellarobjects (QSOs)
وعلي الرغم من بعدها الشاسع عنا فإن أشباه النجوم تتباعد عنا بسرعات فائقة, وتعتبر أبعد ما قد تم رصده من أجرام السماء بالنسبة لنا, وتبدو وكأنها علي أطراف السماء الدنيا تطرق أبوابها لتوصل إشاراتها الراديوية إلينا.
وأشباه النجوم في حالة من حالات المادة الخاصة غير المعروفة لنا, وتقدر كتلة شبيه النجم بنحو مائة مليون ضعف كتلة الشمس, وهو قليل الكثافة جدا إذ تقدر كثافته بحدود واحد من ألف مليون مليون من الجرام للسنتيمتر المكعب(1510/1 جم/سم3), وتقدر الطاقة الناتجة عنه بمائة مليون مليون مرة قدر طاقة الشمس, وقد تم الكشف عن حوالي ألف وخمسمائة من أشباه النجوم علي أطراف الجزء المدرك من الكون, ويتوقع الفلكيون وجود آلاف أخري منها لم تكتشف بعد.
وكلتا المرحلتين من مراحل حياة النجوم: النوابض الراديوية
(Radio Pulsars)
وأشباه النجوم الراديوية
(Radio Quasars)
يعتبر من أهم المصادر الراديوية
(Radio Sources)
في السماء الدنيا, وكلتاهما من مراحل احتضار النجوم وانكدارها التي تسبق الطمس والخنوس, كما في حالة النوابض, أو من مراحل التحول إلي دخان السماء اللاحقة علي مرحلة الخنوس كما في حالة أشباه النجوم.
ولعل هذه المراحل الراديوية المتميزة في ختام حياة النجوم هي المقصودة بالوصف القرآني الطارق النجم الثاقب لأنها تطرق صفحة السماء وتثقب صمتها بنبضاتها السريعة التردد, وموجاتها الراديوية الخاطفة, والله تعالي أعلم.
وإن في سبق القرآن الكريم بالإشارة إلي تلك المراحل من حياة النجوم والتي لم يعرفها الإنسان إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين لهو من الشهادات الناطقة بربانية القرآن الكريم, وبنبوة خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه أجمعين), الذي تلقي هذا الوحي الخاتم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بهذه الدقة العلمية المبهرة في مجتمع لم يكن له من العلم أي نصيب.
وبعد هذا القسم بالسماء والطارق يأتي جواب القسم:
إن كل نفس لما عليها حافظ
( الطارق:4)
أي أن كل نفس عليها من الله( تعالي) حافظ موكل بها من الملائكة, يحفظها بأمر الله, ويحفظ عنها بأمر الله كذلك, في مراقبة دائمة, فكما يصلنا طرق النوابض وأشباه النجوم عبر بلايين السنين الضوئية تعرج أعمالنا لحظة بلحظة إلي الله( تعالي) علام الغيوب الذي لا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء!!
ثم أتبع تعالي ذلك بدعوة الإنسان( في نفس السورة) إلي النظر في نشأته الأولي كي يعلم أن خالقه قادر علي إعادة بعثه, وعلي محاسبته وجزائه, فيجتهد في عمل الخير حتي يجد ما ينجيه في الآخرة, حيث إن الأمر ليس بالهزل, ولذلك يختتم السورة الكريمة بعدد من الآيات الكونية الأخري وبقوله تعالي: إنه لقول فصل* وما هو بالهزل*
ثم بإنذار ووعيد للكافرين بالله والمشركين به والمتمردين علي أوامره( تعالي) بهذا الجزم الآلهي القاطع:
( إنهم يكيدون كيدا* وأكيد كيدا* فمهل الكافرين أمهلهم رويدا*)
( الطارق:17 ـ19)