لأحاديث الواردة في الموضوع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال: (إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المساكين وامسح رأس اليتيم).
عن أبي الدرداء قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه قال: (أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك: ارحم اليتيم، وامسح رأسه ، وأطعمه من طعامك يلين قلبك وتدرك حاجتك.
عن عبد الله بن جعفر قال: لو رأيتني وقُثم وعبيد الله ابني عباس ونحن صبيان نلعبُ إذا مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابة فقال: (ارفعوا هذا إلي)، فجعلني أمامه، ثم قال لقُثم: (ارفعوا هذا إلي) فجعله وراءه، وكان عبيد الله أحب إلى عباس من قثم، فما استحى من عمه أن حمل قُثمًا وتركه، قال: ثم مسح على رأسي ثلاثًا، وقال كلما مسح اللهم أخلف جعفرًا في ولده)، قال: قلت لعبد الله: ما فعل قُثم؟ قال: استشهد، قلت: الله أعلم بالخير ورسوله بالخير، قال: أجل.
المسح في اللغة جاء في لسان العرب: الَمسحُ: إمرارك يدك على الشيء السائل أو المتلطخ تريد إذهابه بذلك كمسحك رأسك من الماء وجبينك من الرشح.
ويقال: مسح رأسه أمرّ يده عليه ، ومسح يده على رأس اليتيم على تضمين معنى أمرّ وأما: ( مسح برأسه ). فعلى القلب أو على طريق قوله تعالى: { وأصلح لي في ذريتّي}.
والمسح أمرار اليد على الشيء وإزالة الأثر عنه وقد يستعمل في كل واحد منهما، والمسح في تعريف الشرع إمرار اليد مبتلة بلا تسييل. ويمكن أن نعرف اللمس، وإن لم يرد ذكره في الأحاديث الآنفة الذكر، وذلك لكثرة ورود هذا اللفظ في النظريات والدراسات العلمية التي سيتم الاستشهاد بها لاحقًا، ولبيان وجه التقارب بين كلا اللفظين.
فاللّمس: هو الجّس، وقيل اللمس:المسُّ باليد، لَمسه يَلمسُهُ ويلمُسهُ لَمساً ولامَسَه، وقال ابن الأعرابي: لَمَستُهُ لَمساً ولامَستُهُ ملامَسَة. ويفرق بينهما فيقال: اللمس قد يكون مس الشيء بالشيء ويكون معرفة الشيء وإن لم يكن ثم مس لجوهر على جوهر، والملامسة أكثر ما جاءت بين اثنين.
واللمس قوة مثبتة في جميع البدن تدرك بها البرودة والحرارة، والرطوبة واليبوسة، ونحوها عند الاتصال به.
وقال ابن دريد: أصل اللمس باليد ليعرف مس الشيء، ثم كثر حتى صار اللمس لكل طالب.
قال ابن جني: ولا بد مع اللمس من إمرار اليد وتحريكها على الملموس ولو كان حائل لاستوقفت به عنده.
ولم أجد من أصحاب اللغة من فرّق بين المسح واللمس، إلا أن تعريف كل منهما يختلف عن الآخر، حيث أدركت من خلال كلي التعريفين أن القاسم المشترك بينهما هو إمرار اليد على الملموس أو الممسوح، وأن اليد هي الأداة المهمة في المسح واللمس، وأما الفارق بينهما فهو أن المسح يكون مصحوبًا بإزالة شيء، هذا ما لم يضمن معنى الإمرار، وأما اللمس فإنما يكون ليعرف اللين من الخشونة، والحرارة من البرودة، وكذلك أن اللمس من الممكن أن يتحقق بالأنامل بينما المسح لابد فيه من كف اليد.
وأما اليتم: الانفراد، واليتيم: الفرد، واليتم فقدان الأب حين الحاجة، ولذلك أثبته مثبت في الذكر إلى البلوغ، والأنثى إلى الثيوبة، لبقاء حاجتها بعد البلوغ.
وقال ابن السكيت: اليتم في الناس من قبل الأب. وفي البهائم من قبل الأم، ولا يقال من فقد الأم من الناس: يتيم ولكن مقطع.
وقال المفضل: أصل اليتم الغفلة، وسمي اليتيم يتيمًا، لأنه تغافل عن بره، وقال أبو عمر: اليتم: الإبطاء، ومنه أخذ اليتم: لأن البر يبطئ عنه. والأنثى يتيمة، وإذا بلغا زال عنهما اسم اليتم حقيقة، وقد يطلق عليهما مجازًا بعد البلوغ، كما كانوا يسمون النبي صلى الله عليه وسلم وهو كبير ( يتيم أبي طالب ) لأنه رباه بعد موت أبيه وفي الحديث: ( تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها )، أراد باليتيمة البكر البالغة التي مات أبوها قبل بلوغها فلزمها اسم اليتم فدعيت به وهي بالغة مجازاً.
واليتيم: هو المنفرد عن الأب، لأن نفقته عليه لا على الأم، وفي البهائم اليتيم: هو المنفرد عن الأم، لأن اللبن والأطعمة منها.
فالحاصل من كل ما ذكرنا أن اسم اليتيم بحسب أصل اللغة يتناول الصغير والكبير، إلا أنه بحسب العرف مختص بالصغير.
طريقة المسح:
وقد ذكر العلماء طريقة المسح على رأس اليتيم، وهو أن يمسح رأسه من أعلاه إلى مقدمه وغيره بعكسه.
العلة في تخصيص الرأس بالمسح:
وخص الرأس بذلك؛ لأن في المسح عليه تعظيمًا لصاحبه وشفقة عليه ومحبة وجبرًا لخاطره، وهذه كلها مع اليتيم تقتضي هذا الثواب الجزيل. وكذلك عظمة الإنسان في رأسه الذي يحوي معظم حواسه، وتفكيره ونظرته لمن حوله. وكما أن الرأس يحمل جميع المشاعر سواء الإيجابية أو السلبية، فعند المسح عليه يؤكد على تلك المشاعر الإيجابية فيه، ويطرد المشاعر السلبية عنه.
عموميته لكل يتيم:
وتلك الحركة الجميلة لليتيم عامة لكل الأيتام، سواء كان كافله أم لا، وكذلك سواء كان مسلمًا أو غير مسلم. قال الطيبي: وهو عام في كل يتيم سواء كان عنده أو لا فيكرمه وهو كافله، أما إذا كان عنده فيلزمه أن يربيه تربية أبيه. وقال المناوي: وإطلاق الأخبار شامل لأيتام الكفار، ولم أر من خصها بالمسلم.
التربية بالتضاد:
والمسح على رأس اليتيم له دور كبير في تقويم الأخلاق وتهذيبها، قال المناوي: وفيه أن من ابتلي بداء من الأخلاق الذميمة يكون تداركه بما يضاده من الدواء، فالتكبر يداوى بالتواضع والبخل بالسماحة، وقسوة القلب بالتعطف والرقة.
وهذا ما أشار إليه د. عبد الكريم زيدان، واطلق عليه مسلك التضاد، أو المراغمة للشيطان؛ لأن الشيطان يفرح لكل خلق رديء ويعمل على بقائه في النفس ويزينه في عين صاحبه بما يلقيه من مبررات باطلة، فإذا قام الإنسان بعمل يناقض هذا الخلق ولا يتفق وما يقتضيه، كان ذلك بلا شك إغاظة للشيطان ومراغمة له، مما يدعوه إلى الكف عن تزيين هذا الخلق الرديء وعن نفث المبررات الباطلة له، فإذا خنث الشيطان أمكن لهذا العمل ان يزعزع كيان هذا الخلق الرديء أو يقضي عليه، كما يقضي العلاج الفعال على المرض.
فالمعادلة خلق سيء يقاوم بخلق حسن يناقضه = (يساوي) إغاظة للشيطان.
تعزيز الخلق المناقض ( الحسن) = القضاء على الخلق السيئ.
وتلك دعوة نبوية للعلاج بالتضاد لأي سلوك سيئ أو قبيح يشتكي منه الإنسان إلى علاجه ومقاومته بالتوجه إلى فعل سلوك حسن يناقض السلوك القبيح.
دراسات علمية عن أثر اللمس أو المسح
لا يختلف اثنان في أهمية اللمس في حياة الإنسان ونموه السليم، وعلاجه لكثير من الأمراض عن طريق لمس موضع الألم والمسح عليه، وكان هديه صلى الله عليه وسلم ذلك، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول:””اللهم رب الناس أذهب البأس أشفه أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما”، واتبعه صحابته الكرام ومن أتى بعدهم إلى يومنا هذا على تلك الطريقة.
وحاجة الإنسان إلى اللمس لا تقتصر على المرحلة الأولى من عمره، فكذلك يحتاج إليه الصبي والمراهق والزوج والزوجة والشيخ الكبير والأم العجوز… فالإنسان في حاجة ماسة للمس في جميع مراحله، ومن أهميته اعتبر حد الحواس الخمس الضرورية للإنسان.
نظرية الملامسة (proximity theory)
يرى جون بولي مكن منظري نظرية الملامسة والاتصال أن علم التطور البيولوجي المعاصر يفرض علينا إعادة النظر بنظرية التحليل النفسي فهو يرى أن الفرد يولد بنزعة تقوم على أساس بيولوجي لطلب الأقتراب الحامي( proximity protective) من الكبار خاصة الأم، ثم كلا الوالدين فيما بعد وحسب هذه النظرية تعتمد شخصية الراشد فيما بعد على نوع الملامسة والاتصال التي حصل عليها في الفترات المبكرة من عمره. فهو يكون متعاونًا اجتماعيًا متفاعلاً مع الآخرين إذا حصل على الملامسة في تلك الفترة، أما الذين لم يحصلوا عليها فيميلون إلى الانسحاب. هذا الأساس يمكن إرجاع السلوك السايكوباتي إلى اضطراب علاقات الحب أو الارتباط الانفعالي بين الأبناء ومن يرعونهم.
تطبيقات النظرية ( أولاً: على الحيوان ):
1_ أثر اللمس على المخ وموجات الدماغ:
أثبتت دراسة في جامعة كولورادو الطبية (Colorado School of Medicine) على القردة أن المخ السليم في اللمس السليم. وذلك من خلال تلك التجربة التي تم فيها حرمان قردة من لمس أمهم وترك قردة في حضن أمهاتهم، وجد أن القردة التي حرمت من حضن أمها كان لديها تغيير في موجات الدماغ وخلل عام في الصحة، وحين يتم إعادة القرد إلى أمه كان كل شيء يعود إلى طبيعته بما فيه موجات الدماغ. بعد فترة من تكرار التجربة وجد أن القردة التي عانت من تكرار حرمانها لمس أمها عانت بعض التخلف العقلي. وأن نسبة التخلف كانت أقل عند القرد الذي يلمس أمه من الحاجز الفاصل فيها من خلال تلك التجربة يتبين لنا مدى تأثير اللمس على نمو الدماغ الصحي على الحيوان، وأن اللمس أثره يتخطى إلى أكثر الأعضاء أهمية في الجسم.
2_ أثر اللمس على النضج والحركة والهرمونات:
في تجربة على الفئران وجد أن الفأر الصغير الذي حرم من لمس أمه ينضج بشكل أقل وأبطأ من الفأر الذي تلمسه أمه، كما أن هرمونات الفأر الملموس أفضل.
أما حركته فهي كثيرة ومبتهجة قياساً على الفأر الذي لا يلمس والذي يكون منطويًا وكئيباً.
ووجد اختصاصي الأعصاب (Sual Schanberg) في تجارب على الأسماك والفئران وغيرها من الحيوانات، لسنوات طويلة من البحث أن المخلوقات التي لا يتم لمسها لا تنمو بشكل صحيح، وفي دراسته الدقيقة على هرمون النمو أكد أن هذا الهرمون الرئيس لا يعمل بشكل جيد إذا لم يتم لمس المخلوقات.
3_ اثر اللمس في تحفيز أجهزة المناعة:
وأهمية الجلد واضحة عند مربي المواشي والخيول الذين يكثرون من لمسها والتربيت عليها، والفلاحون ييعرفون جيدًا أن لحس أنثى البقر أو الغنم أو الماعز لوليدها مهم جدًا لاستمرار حياته، وقد تبين فيما بعد أن الكثير من أمهات الثديات تقوم بلحس صغارها عند ولادتها لتحفيز أجهزة معينة للعمل.
فقد أجريت بعض التجارب على توائم من الحيوانات( الماعز) حيث فُصل عن الأم أحد التوأمين، بينما بقي الآخر معها طوال مدة طفولته.
وقد لوحظ فرق كبير بين سلوك الحيوانين، إذ أن الحيوان الذي تربى مع أمه كان طليقًا في حركاته، بينما الثاني الذي تربى بعيدًا عن أمه كان كسولاً متباطئًا يميل إلى العزلة.
4_ أثر اللمس في النضوج الاجتماعي والانفعالي:
في تجربة ( هاري هارلو ) من جامعة ديسكونسن الأمريكية، والتي أخذ فيها مجموعة من صغار القردة بعد ولادتها بمدة من 6 الى12 ساعة، ووضعها في حضانة نماذج لأمهات من السلك، لا تشعر معها بالارتياح والأمن، وأخذ مجموعة أخرى من القردة ووضعها في حضانة نماذج لأمهات من الخشب المكسو بالبلاستيك والفرو، تشعر معها الصغار بالارتياح والأمن، وتجد وسيلة للاتصال عن طريق اللمس.
ومن متابعة نمو القردة في مراحل حياتها التالية، وجد الباحث أن المجموعة التي حرمت من العطف الأموي ( أمهات السلك ) فشلت في التفاعل الاجتماعي، وتأخرت في النضوج الاجتماعي والانفعالي، وعندما كبرت أصبحت أمهات عدوانيات غير قادرات على إعطاء العطف والحنان لصغارها، فكانت تعضها وتخربشها، وأحيانا تقسو عليها وتقتلها.
ثانيا: على الإنسان
1_ سرعة نضج الجهاز العصبي، والتشافي من الأمراض والالتهابات:
في دراسة على الأيتام في الحرب العالمية الثانية أجريت على الأطفال الرضع الأيتام الذين يتم لمسهم من قبل الممرضات والمعتنيات، مقارنة بالأطفال الذين تتوفر لهم نفس ظروف الغذاء والملبس والعناية الطبية ولكن بدون لمس.
وجدت هذه الدراسة أن الطفل الذي يلمس مقارنة بالطفل الذي لا يلمس، يزيد وزنه بمعدل 47%، وجهازه العصبي ينضج أسرع ويكون أكثر نشاطًا، ويتشافى من الأمراض والالتهابات أسرع، وبعد أن يكبر قليلاً تكون نتائج الاختبارات العقلية والنفسية عنده أفضل.
تمت هذه الدراسة السابقة بعد ملاحظة واضحة على جناحين للأطفال الأيتام الصغار في بداية الحرب العالمية الثانية، حيث لوحظ أن جناحًا من الأجنحة التي فيها أطفال أيتام صغار يبدون أكثر صحة وأقل بكاءً من الأجنحة الأخرى التي فيها الأطفال الأيتام أكثر مرضًا وأكثر بكاءً وحتى أكثر وفيات.
كانت ملاحظة من طبيب على نسبة المرض والوفيات جعلته يدرس الفرق بين جناح الأطفال الصحي والأجنحة الأخرى التي تحوي أطفالاً غير صحيحين.
ولم يرصد في الفروق إلا حضور امرأة عجوز واحدة متطوعة، هذه المرأة تحضر كل يوم لتحضن الأطفال الواحد تلو الآخر، أو تفتح ذراعيها وتلم أكبر قدر من الأطفال.
هذا الاحتضان، تلك اللمسة جعلتهم أفضل، وتتابعت بعد ذلك الوقت دراسة علم دور اللمس في النمو السليم العام للطفل نفسيًا، وعاطفيًا، وبدنيًا.
2_ ضعف السلوك العدواني وقلة المشاكل:
في دراسة للباحث أكريمان (ackerman1991) وجد أن الطفل الذي يحصل على مسح جيد من قبل أفراد أسرته يكون أقل عدوانية وأقل مشاكل في المدرسة والبيت قياسًا على الطفل الذي لا يحصل على لمس والديه.
وقد أثبت علم النفس أن لاللمسات أثرًا عميقًا في نفسية وسلوك الإنسان، واللمسات تعتبر وحدة الإدراك والاعتبار، أي هي الأساس لاعتبار الناس والاعتراف بوجودهم وإعطائهم قيمتهم.
منافع اللمس:
يفتقر المجتمع المعاصر للاتصال البشري، بالرغم من أن العالم أصبح قرية صغيرة، إلا أن العديد من الأشخاص يبعدون أنفسهم عن المحيط الاجتماعي مما يسبب العديد من المشاكل النفسية والصحية. ومن الأمثلة التي تدلك على أهمية التواصل الودي بين البشر، دراسة قامت بها مجموعة من الباحثين الكوريين على مجموعة من الأطفال الرضع الأيتام، حيث عمدوا إلى زيادة فترة المداعبة والتواصل البصري، واللعب مع سيدات متطوعات لمدة 15 دقيقة، فكانت النتيجة أن زادت أوزان هؤلاء الأطفال، وأطوالهم، ومحيط رأسهم خلال أسابيع وقلة أمراضهم مقارنة مع أطفال لم يتم إخضاعهم لهذه التجربة. وجه الإعجاز في المسح على رأس اليتيم
الإعجاز في المسح
عملية المسح وإمرار اليد على الرأس، يمارسها المسلم يوميًا خمس مرات أثناء وضوئه لأداء صلاة الفرض فضلاً عن النوافل. واستخدام اليد اليمنى لأداء تلك الشعيرة في الوضوء هو ما أمرنا به الله عز وجل في قوله تعالى {وامسحوا برؤوسِكُمْ}؛ ولأن اليد اليمنى تستخدم في السلام على الآخرين وتتصل بهم، نالت شرف المسح على أهم عضو في جسم الإنسان وهو الرأس.
اليد:
وقد أثبت العلماء أنه توجد في كف الإنسان جميع مجسات الأعضاء الداخلية، وتوجد في وسط الكف منفذ طاقة الكف العلاجية، وأن اليد أداة شفاء عظيمة فيها طاقة كهربائية يجهلها معظم الناس، وأن اليد عالم علاج مازال يبهر البحث العلمي والعلماء.
والجدير بالذكر أن اليد اليمنى تُعد القطب الموجب (male) لطاقة الإنسان، واليد اليسرى هي القطب السالب (female)، وهذا يعني أن النصف الأيسر من الدماغ يمثل القطب الموجب للطاقة، والنصف الأيمن للدماغ يمثل القطب السالب، وتبلغ قوة تدفق موجات الطاقة من اليد اليمنى ثلاثة أضعاف قوة تدفق موجات الطاقة من اليد اليسرى.
الرأس:
ومنطقة الرأس هي منطقة طاقة الاتصال المحيطة بالآخرين، ففيها الجهاز العصبي، وفيها الدماغ الذي توجد فيه جميع الأعضاء في مناطق مختلفة منه، وهو منطقة كرامة الإنسان. عملية المسح:
عندما يضع الشخص ( الماسح) يده على رأس اليتيم يحدث اتصال بينهما، فهو عند المسح يقوم بإزاحة وإزالة تلك الشحنات السلبية التي يحملها ذهن اليتيم، وبتكرار تلك العملية يهدأ ذهن اليتيم ويطمئن ويرتاح جسده، والبديع في تلك العملية أنه يحدث لكلا الشخصين ( الماسح واليتيم ) علاج عضوي من جراء تلك العملية، وهذا ما أكده الدكتور ( نيل سولو) من أن اللمس هو أكثر علاج موجود في الدنيا يعطي آثارًا إيجابية للطرفين المتلامسين، معطي اللمس ومستقبل اللمس، في ذات الوقت. وأشار د. سعد شلبي – أستاذ الطب التكميلي والجهاز الهضمي والكبد في المركز القومي للبحوث في القاهرة – إلى أن الوضوء خمس مرات يقضي تمامًا على آلام الصداع، وأنه أثناء الوضوء يتم الضغط على مراكز معينة في الوجه مما يؤدي إلى إفراز الأندروفينات التي تفرز المورفينات الطبيعية المسؤولة عن شعور الإنسان بالسعادة ويختفي القلق، كما أن مسح الرأس ينشط مسارات الطاقة المختلفة بطول الجسم ( من الرأس إلى القدمين).
وهنا يكمن الإعجاز في عملية المسح، فهو ينشط مسارات الطاقة المختلفة لدى الإنسان، ويعطي آثارًا إيجابية لكلا الطرفين المتلامسين، ويبن الأثر الكبير لليد اليمنى في عملية المسح.
الإعجاز في الأثر:
تشير الدراسات العلمية إلى حاجة الإنسان إلى اللمس ومدى أهميته في نموه العقلي والنفسي والصحي، ومن فقد أحد والديه يحتاج إلى رعاية خاصة لكي ينمو نموًا سليمًا يعينه على التكيف في المجتمع الذي يعيش فيه، فالأثر الذي تتركه عملية المسح ذو شقين:
الأول: على الممسوح ( اليتيم ):
حيث أشار (معهد لمسه للبحوث) إلى الآثار الإيجابية المترتبة على العلاج باللمس في جميع مراحل الحياة من حديثي الولادة إلى كبار السن والتي منها:
1_ تسهيل زيادة الوزن عند الخدج.
2_ يعزززززززززززز الانتباه.
3_ يخفف أعراض الاكتئاب.
4_ يقلل الألم.
5_ يقلل من هرمونات الإجهاد.
6_ يحسن وظائف المناعة.
فالملاحظ أن العلاج باللمس، والتي من أحد صورها مسح الرأس، أنها تقضي على كثير من الأمور السلبية التي ترهق الإنسان في يومه، كما أنها تضفي إليه أمورًا حسنة نحو زيادة الوزن للخدج، وتحسين أجهزة المناعة في الجسم.
الثاني: على الماسح:
حتى يرغب المصطفى صلى الله عليه وسلم المسلمين في عملية المسح على رأس اليتيم، جعل هذا الفعل مفتاحًا لأمراض القلوب، وطريقًا لإدراك الحاجات، وكلا الأمرين نحن في حاجة ماسة إليهما، فالمرء في هذه الحياة يتعرض لكثير من الأمور التي تعرض قلبه إلى القسوة، ويحتاج إلى وسائل متعددة ترجع القلب إلى ما كان عليه من اللين والصفو والرقة.
فما العلاقة بين قسوة القلب والمسح على رأس اليتيم؟
القسوة والشدة في القلب تحتاج إلى من يلينها ويطريها ويكسبها رقة؛ لتنبض بالحب والشفقة والعطف، فكذلك اليتيم حتى يستطيع أن يتكيف ويتأقلم مع المجتمع الذي فيه بإيجابية بلا سلبية, وبانفعالات متزنة غير متهورة، وأنه فرد مهم في المجتمع، لابد من المسح على رأسه حتى ينزع منه كل الخصال السلبية الناتجة عن يتمه، ويزرع مقابلها الخصال الحسنة التي تنمي في قلبه حب المجتمع الذي يعيش فيه، وارتبط به منذ نعومة أظفاره، وقد تتعلق حاجات المرء لدى شخص معين ويريد أن تُقضى فلا يستطيع الوصول إليها، فحتى تصل إليه عليه أن يشعر بمعاناة اليتيم وحاجته للآخرين.
وكذلك كدحه في الحياة يجعله في سعي حثيث إلى إدراك حاجاته المتعددة في المعاش، ويريد من يعينه على قضائها والسعي معه فيها، والرحمة له بإطعامه ومؤانسته والجلوس معه. فالعلاقة هي علاقة تبادل ( أخذ وعطاء)( قسوة ولين )، فكلما قسى قلب المرء عليه أن نُلينه بالمسح على رأس اليتيم، وكلما أراد حاجة، عليه أن يسعى في تلبية حاجات الآخرين.
الخلاصة:
· إن اللمس أو المسح حاجة طبيعية أساسية وضرورية، وأن اللمس وحده لغة تفاهم وتعامل. وأن الإنسان يدخر طاقة عظمى في كفه الأيمن لابد من أن يحسن توظيفه للآخرين ممن يتعايش معهم ومن هم في حاجة إليه.
· وإن في اليتيم شحنات سلبية تظهر تلقائيًا لفقده لأبيه، ولابد من مساعدته في التخلص منها، وأمثل طريقة تبين مدى تعاطف الآخرين معه وحنوهم عليه المسح على رأسه .
· وإن في كف الإنسان الأيمن طاقة كبيرة، لذا استخدمها المصطفى صلى الله عليه وسلم في المسح على رأس اليتيم والمسح على موطن الألم للمريض.
· وإن رأس الإنسان الذي فيه الجهاز العصبي تهدأ موجة غضبه ونفرته من الآخرين بالمسح عليه أكثر من مرة.
· ولكي يتخلص الإنسان من أي خلق سيئ لديه لابد من أن يلجأ إلى العمل بالتضاد، فيتجه إلى المقابل له الحسن.
· وإن الحياة عطاء وأخذ، وليست أخذًا بلا عطاء … فكما يريد الإنسان من الآخرين تلبية حاجياته، فلابد أن يعين غيره على قضاء حوائجه.