قرر المستشار احمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة رفع جلسة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه ''علاء وجمال''، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم في تهم تتعلق بقتل متظاهرين وتكوين ثروات، رفع الجلسة على ان تستكمل الخميس بسماع باقي مرافعة النيابة.
وواصلت النيابة العامة مرافعتها الأربعاء، لليوم الثاني في قضية قتل المتظاهرين والمتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه ''جمال وعلاء''، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه.
وقالت النيابة إنها لم تتوصل إلي المتهمين الحقيقيين في القضية، ولكنها احالت هؤلاء المتهمين الماثلين في القفص إلي المحاكمة بصفتهم الوظيفية، والمسئولية التي تقع علي عاتقهم.
وأكدت النيابة أن الجهات السيادية في الدولة من بينها وزارة الداخلية، وهيئة الأمن القومي، لم تساعد هيئة التحقيق في الوصول إلي الحقيقة، علي الرغم من مخاطبة النيابة العامة لها بشكل رسمي، وأن هذا الأمر كان متعمداً، مما دعا المحامين العموميين وأعضاء النيابة إلي النزول إلي موقع الأحداث أكثر من مرة للوصول إلي الحقيقة.
وأشار مصطفي سليمان المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة، إلي أن هؤلاء المتهمين لم يكن لهم دور مباشر في مسرح الجريمة، لكنهم استغلوا سلطاتهم الوظيفية في تحريض الفاعل الحقيقي الذي يستحيل الوصول إليه.
وأشارت النيابة إلي أن الدعوى تحمل حقائق قانونية واضحة، وهي تهمة اشتراك المتهمين ومساعدتهم للفاعل الأصلي لكي يرتكب جريمته علي أعلي مستوي، والاتفاق مع الجاني الذي لم يكن شخصاً بعينه، وأن النيابة تكتفي بالأدلة التي تزيد نسبتها عن 50%، في حين أن المحكمة لابد أن تكون لديها أدلة قاطعة بنسبة 100%.
بدأت أحداث الجلسة الـ15 من القضية في الثانية عشرة والنصف، ونادى القاضي على المتهمين، ورد مبارك: ''موجود''، كما رد علاء: ''آه موجود حضرتك''، وللمرة الأولى يرد جمال والعادلي بـ''أفندم يا باشا''، ورد باقي المتهمين بكلمة ''أفندم''.
وبعد ذلك استكملت النيابة العامة مرافعتها، وقال المستشار مصطفى سليمان، المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة، إنه سيعرض ''التكييف القانوني للقضية، والأدلة والبراهين التي استندت إليها النيابة''.
وقال إن الأحداث وقعت في جميع الميادين وفي حوالي قرابة 12 محافظة، وكان لدى النيابة العامة عدد كبير من الشهداء والمصابين، وبدأت النيابة العامة في التحقيق وانتهت بعد شهر ونصف تقريبًا، إلى إحالة المتهمين محبوسين قبل هروبهم خارج البلاد، وأضافت النيابة أن التهمة الموجهة للمتهمين هي الاشتراك في القتل المقترن بعدد من الجرائم الأخرى، وهي قتل آخرين والشروع فيه.
وأكد أن النيابة لم تتوصل إلى دليل مباشر للفاعلين الأصليين في جريمة القتل، لأن الفاعل هو من يأتي فعلاً من الأفعال المكونة للجريمة، وأشارت النيابة إلى أن هؤلاء المتهمين بتنفيذ الجرائم (الضباط) ارتكبوا الجرائم بصفاتهم، ومن العسير أو الاستحالة الوصول إليهم لأسباب كثيرة.
وقال سليمان إن النيابة ستثبت أن المجني عليهم قد قتلوا وأصيبوا أثناء اشتراكهم في مظاهرات سلمية، وأن الوفيات والإصابات حدثت نتيجة إطلاق الرصاص الحي أو المطاطي أو رش أو دهس بالسيارات، إضافة إلى إقامة الدليل على أن من أحدث تلك الوفيات والإصابات بصفاتهم ينتمون إلى رجال الشرطة، هذا إضافة إلى ربط العلاقة بين تلك الأحداث والمتهمون الماثلون في المحكمة.
وقال: ''إن أدلة الثبوت جاءت عبارة عن أدلة قولية وأخرى مكتوبة وأخرى فنية، وأنه للأسف في بداية المحاكمة فهم البعض أن النيابة العامة قدمت الدعوى خاوية وليس بها دليل وأن شهود الإثبات تحولوا إلى شهود نفي''، مؤكدًا أن النيابة سترد على كل تلك الأقوال أمام المحكمة.
وأكدت النيابة أن المتهمين ليسوا أغبياء ليفتحوا النار على المتظاهرين، ولكنهم فقط أطلقوها على بعضهم لتخويف الآخرين، مشيرة إلى أن النيابة العامة وللمرة الأولى في تاريخها قامت بدور سلطة الاستدلال رغم أنه لم تتوفر لها قدرة ذلك وأدواته.
وقاطعت المحكمة النيابة ووجهت لها سؤالًا كان أشبه بالمفاجأة حيث سألت: ''هل قامت النيابة بمخاطبة الجهات المسؤولة لتقديم تحريات وقرائن للنيابة العامة تعينها على التحقيقات؟''، فردت النيابة: ''هذه الدعوى حينما حدثت في 25 يناير الماضي وأعقبها فراغ أمني، كل مصر كانت في بيوتها ونزل أعضاء النيابة يوم 16 فبراير وكانوا يعملون وهم يسمعون طلقات النيران، وأرسلنا مخاطبات لوزارة الداخلية لطلب التحريات ولكن نظرًا لأن رئيس تلك الوزارة وقيادتها هم المتهمون، فليس من المنطقي أن يكون هم الخصم والحكم، ولكن بعد تعيين وزير جديد طلبنا أن يوافينا بكل المستندات ولكن لم يصلنا شيء، لذا طلبنا من هيئة الأمن القومي وأيضا ردت علينا بأنه لم يتوفر لها أي معلومات أو تحريات، لذا اضطررنا إلى العمل بأنفسنا لاستكمال الإجراءات''.
فعادت المحكمة لتسأل: ''هل يفهم من ذلك أن كل أجهزة الدولة لم تعاون النيابة؟ وهل هذا كان عن عمد؟''، فردت النيابة: ''رأيي الشخصي أنه كان هناك على الأقل تقصير، أما رأيي الرسمي فلابد من إجراء التحقيق لأثبت ذلك أو أنفيه''.
وفي نهاية الجلسة صفق المدعين بالحق المدني وأهالي الشهداء لمرافعة النيابة.