أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي الدفاع عن الصحابة (2) أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -


الدفاع عن الصحابة (2) أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -
الدفاع عن الصحابة (2)
أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -
الخطبة الأولى
تناولنا في الجمعة الماضية الجزء الأول من سلسلة الدفاع عن الصحابة الكرام، تحذيرا من أقوام جعلوا الطعن على صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقيدة، واعتبروا سبهم قربة، وتشويهَ صورهم عبادة، وأولوا لذلك كتاب الله تعالى، وحملوا عليهم آيات بحسب أهوائهم، وما يمليه فساد عقيدتهم، وقلة ورعهم.
ونال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - من ذلك نصيبا وافرا، حيث أولوا قوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الحجرات: 7] قالوا: هو علي - رضي الله عنه -، ﴿ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾ [الحجرات: 7]، قالوا: هم: أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان. وقال قائلهم: "من قال: اللهم العن الجبت (أبا بكر) والطاغوت (عمر) كل غداة مرة واحدة، كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة".
ولكن هيهات أن ينالوا شيئا من طود شامخ، عالي القامة، راسخ القدم في تبليغ دين الله، مضح بالغالي والنفيس في سبيل نصرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
كناطح صخرةً يوماً ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
فكيف لهم برجل حكم له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه في الجنة؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يَا أَبَا مُوسَى (الأشعري)، أَمْلِكْ عَلَيَّ الْبَابَ، فَلاَ يَدْخُلَنَّ عَلَيَّ أَحَدٌ إِلاَّ بِإِذْنٍ". فَجَاءَ رَجُلٌ يَضْرِبُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ. قَالَ: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ". فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ: ادْخُلْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ" متفق عليه.
وكيف لهم برجل سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصديق، حيث آمن بالإسلام من غير تلكؤ ولا تردد. قال الحافظ ابن حجر: "لقب بالصديق لسبقه إلى تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم -". وأخبر أبو الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق" البخاري. وهو دليل على أنه سبق الصحابة جميعا إلى تصديق الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وفيه نزل قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 33]، فالذي جاء بالصدق هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي صدق به هو أبو بكر - رضي الله عنه -. وكان ثابت الموقف حين كذبت قريش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصة الإسراء، وقال كلمته الخالدة: "لئن كان قال ذلك لقد صدق". قالوا له: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: "نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة" الصحيحة.
وقد سئل ابن عباس - رضي الله عنه -: "من أول من آمن؟ فقال: أبو بكر الصديق، أما سمعت قول حسان:
إذا تَذَكَّرْتَ شَجْواً مِن أخِي ثِقَةٍ
فاذْكُرُ أخاكَ أَبا بَكْرٍ بما فَعَلا
خَيْرَ البَرِيَّة أَتْقاها وأَعْدَلَها
بَعْدَ النبيِّ وأَوْفاها بما حَمَلا
والثَّانِيَ التَّالِيَ المَحْمودَ مَشْهَدُهُ
وأوَّلَ الناسِ منهمْ صَدَّق الرُّسُلا
ولذلك كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أحب خلق الله من الرجال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد سأله عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: "أي الناس أحب إليك؟ فأجابه - صلى الله عليه وسلم -: "عائشة". فقال: من الرجال؟ قال: "أبوها" متفق عليه.
ولم يتردد الصحابة في أن يشهدوا بخيرية أبي بكر عليهم جميعا، حتى قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أبو بكر سيدنا، وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" صحيح سنن الترمذي.
ولو تأمل المنصف أخلاق أبي بكر، لعلم أن له فضلا على جميع المسلمين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً غَيْرَ رَبِّي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ" متفق عيه.
ولذلك وجب حب أبي بكر، بل إن حبه من الدين. فقد نقل الإمام أحمد عن مسروق قال: "حب أبي بكر وعمر، ومعرفة فضلهما من السنة". وقال أيضاً: "ومن السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلِّهم أجمعين". وقال ابن الجوزي: "وكان السلف يعلمون أولادهم حب أبي بكر وعمر كما يعلمونهم السورة من القرآن".
ولكني أحب بكل قلبي
وأعلم أن ذاك من الصواب
رسولَ الله والصديقَ حبا
به أرجو غدا حسن الثواب
ومحبته هذه اقتضت اتباعه، والاقتداء به، واعتبار آرائه واجتهاداته سنة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِى: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" صحح سنن الترمذي. وهذا ديدنا مع سائر الخلفاء الراشدين، الذين لو استحضرنا مواقفهم، وتأملنا اجتهاداتهم، التي ما كانت لتخرج عن مشكاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لما وقع المسلمون في مثل هذه الفتن التي يضج بها عالمنا اليوم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ" صحيح سنن أبي داود.
بل إن استحضار علم الخلفاء الراشدين وفقههم حاسم في ما بيننا اليوم من اختلافات فقهية، وتباينات فكرية، واضطرابات في المواقف. قال الإمام الشافعي - رحمه الله - في بيان فضل الصحابة جملة: "هم فوقنا في كل فقه وعلم ودين وهدى، وفي كل سبب يُنال به علم وهدى، ورأيهم لنا، خير من رأينا لأنفسنا"
فَمَا العِزُّ لِلإِسْلاَمِ إِلاَّ بِظِلِّهِمْ
وَمَا المَجْدُ إِلاَّ مَا بَنَوْهُ فَشَيَّدُوا
وهو - مع ذلك - من أعظم العُبَّاد، وأفضل الزهاد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: "بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟" قَالَ: "نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ" متفق عليه.
ويختبر النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابته في استطلاع زهدهم، وعبادتهم فيقول: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟" فقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: "أَنَا". قَالَ: "فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟" قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: "أَنَا". قَالَ: "فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟". قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: "أَنَا". قَالَ: "فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟" قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: "أَنَا". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ" مسلم.
ولذلك قال شيخ الإسلام في المنهاج: "أهل العلم يقولون: أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - الزهدَ الشرعي أبو بكر وعمر".
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جرير المجامع
الخطبة الثانية
ومن أشهر فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، أنه حفظ لنا دين الإسلام بمقاتلته للمنافقين الذين ارتدوا بعد وفاة رسو الله - صلى الله عليه وسلم -، وأرادوا هدم الإسلام بإنكارهم ركن الزكاة. ولذلك قال وكيع: "لولا أبو بكر الصديق، ذهب الإسلام".
ومن فضله علينا أنه أول من جمع القرآن الكريم بين اللوحين، وحفظه علينا حتى جمعه عثمان بن عفان في المصاحف، وتلك إحدى مناقبه العظيمة - رضي الله عنه -.
وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، الذي ينسبون إليه بغض أبي بكر بهتانا وزورا، هو الذي قال: "رحم الله أبا بكر، هو أول من جمع القرآن بين اللوحين".





ومن فضائله أنه كان يواسي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بماله في الشدائد، وله في ذلك ما سارت به الركبان، حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا لأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلاَّ وَقَدْ كَافَيْنَاهُ، مَا خَلاَ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِى بَكْرٍ" صحيح سنن الترمذي.
وكان - رضي الله عنه - مثالا للحاكم العادل، الذي لا يُظلم عنده أحد. قال شيخ الإسلام: "أما أبو بكر، فلم يُعلم أنه منع أحدا حقه، ولا ظلم أحداً حقه، لا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا بعد موته".
وكان من أول كلامه لما تولى الخلافة: "أيها الناس، فإني قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني. الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أُزيح علته إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ منه الحق".
فهل - بعد هذا - يمكن لأحد أن يتقول على أبي بكر الصديق، ويتهمه في عقله، أو عقيدته، أو عرضه، كما يفعل اليوم من خلعوا ربقة السنة، وامتطوا صهوة البدعة، والخروج على جماعة المسلمين



#2

افتراضي رد: غدا نلتقي الحبيب المصطفى ، الشوق لك يزداد يارسول الله

جزاكي الله خيرا
إظهار التوقيع
توقيع : للجنة اسعى❤


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
كلمات عن الغدر 2025 اجمل عبارات عن الخيانة 2025 أقوال عن خيانة الحبيب و الصديق دوما لك الحمد حكم واقـوال
صور وسائط زوجى الحبيب مسجات مصوره لزوجى الحبيب صور متحركه زوجى الحبيب ريموووو صور حب
رمضان .. لماذا تُسرع الخُطى أيها الحبيب الغالي ؟ محبة القرآن المنتدي الاسلامي العام
50 فائده للصلاه على النبى.. قوت القلوب 2 السنة النبوية الشريفة
يارسول الله لماذا نصلي عليك ( مفيـــــــــد) دموع الغضب السنة النبوية الشريفة


الساعة الآن 09:18 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل