كانَ لي بِالأَمسِ قَلبٌ فَقَضى وَأَراحَ النّاسَ مِنهُ وَاِستَراح
ذاكَ عَهدٌ مِن حَياتي قَد مَضى بَينَ تَشبيبٍ وَشَكوى وَنواح
إِنَّما الحُبُّ كَنجمٍ في الفَضا نُورُهُ يُمحَى بِأَنوار الصَّباح
وَسُرورُ الحُبِّ وَهمٌ لا يَطول وَجَمالُ الحُبِّ ظِلٌّ لا يُقيم
وَعُهودُ الحُبِّ أَحلامٌ تَزُول عِندَما يَستَيقظُ العَقلُ السَّليم
كَم سَهرتُ اللَّيل وَالشَّوق مَعي ساهِرٌ أَرقبهُ كَي لا أَنام
وَخَيالُ الوَجدِ يَحمي مَضجَعي قائِلاً لا تَدنُ فَالنَّومُ حَرام
وَسقامي هامِسٌ في مَسمَعي مَن يُريد الوَصل لا يَشكو السقام
تِلكَ أَيّامٌ تَقَضَّت فَاِبشِري يا عُيوني بِلقا طَيفِ الكَرى
وَاِحذَري يا نَفس أَلّا تَذكُري ذَلِكَ العَهد وَما فيهِ جَرى
كُنتُ إِن هَبَّت نُسَيمات السَّحَر أَتلوّى راقِصاً مِن مَرَحي
وَإِذا ما سَكَبَ الغَيمُ المَطَر خِلتُهُ الرّاحَ فَأَملا قَدَحي
وَإِذا البَدرُ عَلى الأُفق ظَهَر وَهيَ قُربي صِحتُ هَلّا يَستَحي
كُلُّ هَذا كانَ بِالأَمسِ وَما كانَ بِالأَمسِ تَوَلّى كَالضَّباب
وَمَحا السّلوانُ ماضِيَّ كَما تفرطُ الأَنفاسُ عقداً مِن حباب
يا بَني أُمي إِذا جاءَت سُعاد تَسأَلُ الفِتيانَ عَن صَبٍّ كَئيب
فَاخبِروها أَنّ أَيّامَ البعاد أَخمَدَت مِن مُهجَتي ذاكَ اللَّهيب
وَمَكانَ الجَمر قَد حَلَّ الرَّماد وَمَحا السّلوانُ آثار النَّحيب
فَإِذا ما غَضِبَت لا تَغضَبُوا وَإِذا ناحَت فَكونُوا مُشفِقين
وَإِذا ما ضَحِكت لا تَعجَبُوا إِنَّ هَذا شَأن كُلِّ العاشِقين
لَيتَ شِعري هَل لَما مَرّ رُجوع أَو مَعادٌ لِحَبيبٍ وَأَلِيف
هَل لِنَفسي يَقظَةٌ بَعدَ الهُجوع لِتُريني وَجهَ ماضِيّ المُخيف
هَل يَعي أَيلُولُ أَنغامَ الرَّبيع وَعَلى أُذنيهِ أَوراق الخَريف
لا فَلا بَعثٌ لِقَلبي أَو نُشور لا وَلا يَخضرّ عُود المحفلِ
وَيَدُ الحَصّادِ لا تُحيي الزّهور بَعدَ أَن تُبرى بِحَدِّ المنجلِ
شاختِ الرّوحُ بِجِسمي وَغَدَت لا تَرى غَيرَ خيالات السِّنين
فَإِذا الأَميالُ في صَدري فَشَت فَبِعكّاز اصطِباري تَستَعين
وَالتَوَت مِني الأَماني وَاِنحَنَت قَبلَ أَن أَبلغَ حَدّ الأَربَعين
تِلكَ حالي فَإِذا قالَت رَحيل ما عَسى حَلّ بِهِ قُولوا الجنون
وَإِذا قالَت أَيشفى وَيَزُول ما بِهِ قُولوا سَتشفيهِ المَنُون