العلاقة الزوجية علاقة راقية قوامها الاحترام والتقدير والمودة والرحمة، ولكن لكي تتحقق هذه الشروط يجب في البداية أن تُبنى على أساس الاختيار السليم للشريك؛ لأن خلاف ذلك سيحدث الاضطراب وفشل العلاقة.
وللأسف لأن مجتمعاتنا العربية قائمة على الكبت والخوف من كلام الناس أو نظرة المجتمع أو الأعراف السائدة المجتمعية أو القبلية، فإن المرأة لا تستطيع أن تتخذ قراراً متعلقاً بمستقبل العلاقة في حالة استحالتها بسبب كلام الناس ونظرة المجتمع والأولاد والمال وخلافه من الأسباب، وما قد ينتج عنه الكبت أو الخوف من أخذ قرار هو النظر للغير والمقارنة المستمرة التي تعتبر حجز عثرة في طريق أي علاقة، وهي ما سيحدثنا عنه المستشار الأسري محمد فتيحة في الموضوع التالي:
بداية يقول محمد فتيحة: تحدث المقارنة وكل طرف ينظر للآخر من زاويته، فالرجل ينظر لأخرى في الشكل والأدب والجمال والهندام والطاعة والنظافة، والمرأة تنظر لآخر في الكرم والحب والاحتواء والمعاملة الراقية والإنفاق، مما يزيد الغيرة والضغينة بين الأفراد، ونظراً لخوف كل شريك من مصارحة شريكه فيما يقلقه لاعتبارات الخوف أو السب أو الضرب، يزداد عمق الفجوة والمشكلة بين الشريكين، وكذلك خطأ اللجوء للنصيحة لغير المختصين يزيد الأمر سوءاً.
وبمزيد من التفاصيل يقول: إلا أن المشكلة أن مرحلة الإعجاب وتبادل عبارات الحب والرومانسية تطول عن فترتها وتدخل في مرحل الخطوبة ويحدث الزواج، وتبدأ للأسف مرحلة الاختبار، والتي كانت مقررة قبل الارتباط، فيكتشف كل شريك مساوئ الآخر، الأمر الذي يكون بمثابة المفاجأة للآخر، وقد تكون ظاهرة في الخطوبة، إلا أن مساحة الرومانسية والحب غطت على العيوب وإن كانت ظاهرة، لذا للأسف يتوافد الكثير إلى عيادتنا بعد المكوث في مساحات ضخمة من الصراعات، والتي استمرت لفترة طويلة وتم كبتها ولم تحسم، بل وللأسف قد تصل إلى أن يقوم كل طرف بإعطاء نفسه مبرراً لنظره للآخر أو يبوح له ببعض الأسرار، وقد يصل الأمر إلى بعض الخيانات من الطرفين تحت مسمى أنه مظلوم في علاقته مع شريكه وأنه سبب في تعاسته وحزنه، في حين أنه هو السبب من حيث سوء اختياره في البداية أو عدم الاستعانة بمختص لحسم الخلافات مبكراً بدلاً من سؤال الأهل، مما يزيد المشكلة ولا يحلها أو حتى ضعف شخصيته المتمثلة في عدم حسم قراره فيما يتعلق بوضعه مع شريكه خوفاً من الآثار المترتبة على ذلك.
لذا ينصح فتيحة الشريكين قائلاً: يجب أن تتعلما وتهتما بمعرفة كيفية اختيار الشريك المناسب، وأن تتم الاستعانة بالمتخصصين في المسائل الزوجية عند عدم القدرة على حسم الخلافات، وعدم النظر والمقارنة بالغير، فلكل إنسان أموره الخاصة ومشاكله الظاهرة والخفية، ولكل طرف أقول: اهتم بنفسك واحسم أمورك بعيداً عن الإسقاطات وأن غيرك سبب تعاستك.