رد: حلقة جديدة من المسابقة اليومية اليوم السبت
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].
سخرت منه واستسخرته للهُزْءِ منه، ورجل سُخَرَة: لمن سَخِر، وسُخْرَة: لمن يُسخَر منه.
(تَلْمِزُوا): اللَّمْزُ: الاغتياب وتتبع المعايب، يُقال: لَمَزه يَلْمِزُه ويَلْمُزُه، قال تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [التوبة: 58]، ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ ﴾ [التوبة: 79]، ﴿ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [الحجرات: 11]؛ أي: لا تلمزوا الناس فيَلْمِزُوكم فتكونوا في حكم مَن لَمَز نفسه، ورجل لمَّاز ولُمَزة: كثير اللمز، قال تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]، (تَنَابَزُوا) النَّبْزُ التلقيبُ، قال: ﴿ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَاب ﴾ [الحجرات: 11][1].
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية الكريمة:
ينهى تعالى عن السخرية بالناس واحتقارهم والاستهزاء بهم، كما ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله أنه قال: ((الكِبْرُ بطرُ الحقِّ وغمطُ الناس))[2]، والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام؛ فإنه قد يكون المحتقَر أعظمَ قدرًا عند الله تعالى، وأَحبَّ إليه من الساخر منه المحتقِر له؛ ولهذا قال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ... ﴾؛ فنص على نهي الرجال، وعطف بنهي النساء، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾؛ أي: لا تلمزوا الناس، والهمَّاز واللَّماز من الرجال مذموم ملعون، كما قال تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]، والهمز بالفعل، واللَّمْز بالقول، كما قال عز وجل: ﴿ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 11].
قال ابن عباس ومجاهد: ﴿ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾؛ أي: لا يطعن بعضُكم على بعض، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَاب ﴾؛ أي: لا تداعوا بالألقاب، وهي التي يسوء الشخصَ سماعُها، وقوله جل وعلا: ﴿ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ﴾؛ أي: بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو التنابز بالألقاب - كما كان أهل الجاهلية يتناعتون - بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ ﴾؛ أي: من هذا ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾[3].
وفي الآية دليل على أن غير التائب والمصر على المعاصي والذنوب يُعدُّ ظالمًا.
: