السلآم عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لا يا شيخ الأزهر، يجب عليك أن تسلك مسلك العلماء في إدانة ابن عربي في تصريحاته بوحدة الوجود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فمن المستنكر المستغرب جداً من شيخ الجامع الأزهر أحمد الطيب أن يقف موقفاً غريباً عجيباً يخالف فيه علماء الإسلام الذين أدانوا الملحد الضال ابن عربي بالقول بوحدة الوجود، فيقرر خلاف ما قرره العلماء، وذلك بتبرئة ابن عربي من القول بوحدة الوجود.
وقد ألّفَ الشيخ أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي –رحمه الله- كتابين في ابن عربي وابن الفارض سمى أحدهما- "تنبيه الغبي بتكفير عمر بن الفارض وابن عربي".
وثانيهما- "تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد".
سردَ فيهما إدانات العلماء لهذا الملحد ابن عربي بوحدة الوجود من تصريحاته الواضحة والكثيرة في كتابه المسمى بـِ"فصوص الحكم"، والأمر كما ذكره هؤلاء العلماء لا مرية فيه.
قال البقاعي في "تحذير العباد" (ص336-337) عن هذين الملحدين:
"وقد كفّرهما العلماء بسبب ما نقل من حالهما، وما صدق ذلك من كلامهما.
أما ابن عربي، فالمتكلمون فيه كثير جدا, وكان له علم كثير في فنون كثيرة، وله خداع كبير غر به خلقا، فأثنى عليه لأجل ذلك ناس من المؤرخين ممن خفي عليهم أمره، أطبق العلماء على تكفيره وصار أمرا إجماعيا".
أقول: فعلى من يخالف هذا الإجماع أن يتقي الله في نفسه، ويسلك مسلك هؤلاء العلماء في نصرة دين الله والذب عنه
وهاك بعض النصوص التي أدانوه بها، نقلتُها بالحرف من "الفصوص" ليستيقن من عنده شك فيما أدانه به العلماء.
قال ابن عربي في كتابه [فصوص الحكم] (ص47 - 48):
"أما بعد فإني رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مبشرة أريتها في العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق وبيده كتاب، فقال لي: هذا كتاب فصوص الحكم، خذه، واخرج به إلى الناس ينتفعون به، فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله، وأولي الأمر منا كما أمرنا فحققت الأمنية، وأخلصت النية، وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير زيادة ولا نقصان.
فمن الله، فاسمعوا وإلى الله فارجعوا..أقول: إن هذه الدعوى على رسول الله لمن أكذب الكذب الكفري عليه –صلى الله عليه وسلم-.
وحاشا رسول الله أن يأمر شخصاً ملحداً بنشر كتاب مليء بالإلحاد والأكاذيب على الله وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -, ويشتمل على الدعوة إلى وحدة الوجود وإلى وحدة الأديان والكفر الذي يفوق كفر اليهود والنصارى .
إنَّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم – خاتم الأنبياء والمرسلين، ورسالته خاتمة الرسالات، وما توفي رسول الله حتى أكمل الله له الدين .
يقول الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
فأنت أيها الملحد لم ترضَ بالإسلام ديناً ولا بالقرآن إماما, ولم تؤمن بأن الله تعالى قد أكمل دينه لهذه الأمة، وأتمَّ عليهم نعمته، ومن هنا اخترعت دينك الكفري المضاد للإسلام قرآناً وسنة، وضمّنته كتابيك "الفصوص" و "الفتوحات"، زاعماً أن هذا هو الإسلام , وقد شهد عليك العشرات من فحول علماء الإسلام بالكفر والإلحاد والقول بوحدة الوجود ووحدة الأديان .
<!--[if !supportLists]-->2-<!--[endif]-->وقال (ص55 -56) من "فصوصه":
"ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لولا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكمُ في الموجودات العينيَّة، و من هذه الحقيقة كان الافتقار من العالم إلى الحق في وجوده:
فالكل مفتقر ما الكل مستغن هذا هو الحق قد قلناه لا نَكني"أقول: مراده بقوله: "ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود ".
دخول الله في المخلوقات واتحاده بها.
ولولا هذا الاتحاد في نظره ما كان للعالم وجود .
وما بعد هذا الافتراء امتداد له.
وقال (ص72):
"{وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو؛ لأنه ما عدم البداية، فيدعى إلى الغاية {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} فهذا عين المكر.
{عَلَى بَصِيرَةٍ} فنبه على أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم، فجاء المحمدي، وعلم أن الدعوة إلى الله ما هي من حيث هويته، وإنما هي من حيث أسماؤه، فقال: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} فجاء بحرف الغاية، وقرنها بالاسم فعرفنا أن العالم كله تحت حيطة اسم إلهي، أوجب عليهم أن يكونوا متقين،فقالوا في مكرهم {لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}، فإنهم إذا تركوهم جهلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء فإن للحق في كل معبود وجها يعرفه من عرفه، ويجهله من جهله. في المحمديين: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} أي: حكم، فالعالم يعلم من عبد, وفي أي صورة ظهر حتى عبد، وأن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة، وكالقوى المعنوية في الصورة الروحانية، فما عبد غير الله في كل معبود".انتهى.(<!--[if !supportFootnotes]-->[3]<!--[endif]-->).
أقول:
1- انظر إليه كيف يُحرِّف الكَلِمَ عن مواضعه، افتراءاً على الله , ويعتبر دعوة نوح -عليه السلام- قومه إلى عبادة الله وحده وترك الشرك، يعتبر هذا مكراً .
فالله يخبر عن قوم نوح الكفرة أنهم مكرو مكراً كباراً (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) )
فهذا بيان الله لكفر قوم نوح وعنادهم وإصرارهم على تكذيب رسول الله نوح –عليه السلام- وإصرارهم على التشبث بهذه الأصنام، ودعوتهم إلى عبادتها من دون الله.
2- وهو يعد قوم نوح الكفار من المتقين .
3-وهو يهذي بالباطل، ومن هذا الهذيان الكفري قوله عن قوم نوح الكفار : "فإنهم إذا تركوهم جهلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء".
يقول هذا لأنه يرى أن عبادة الأصنام حق، والذي يعبد الأصنام عنده إنما يعبد الله انطلاق منه من قوله بوحدة الوجود .
4-ويمضي في هذا الهذيان الكفري إلى أن يقول : "فما عبد غير الله في كل معبود ".
وهذا تصريح منه بوحدة الوجود .
<!--[if !supportLists]-->4-<!--[endif]-->وقال في "الفصوص" (ص76):
"ومن أسمائه الحسنى العلي على من وما ثم إلا هو، فهو العلي لذاته، أو عن ما ذا و ما هو إلا هو؟ فعلوه لنفسه، وهو من حيث الوجود عين الموجودات، فالمسمى محدثات هي العليَّة لذاتها وليست إلا هو".انتهى.
أقول: إنَّ هذا النص لمن أوضح تصريحات ابن عربي بالقول بوحدة الوجود , فهو واضح وضوح الشمس، ولا يماري فيه إلا كل مغالط مكابر .
1-انظر إلى قوله: "العلي على من وما ثم إلا هو ".
فالله والكون عنده شيءٌ واحد .
2- وانظر إلى قوله :" أو عن ماذا وما هو إلا هو".
3- وإلى قوله: وهو من حيث الوجود عين الموجودات " .
4- وانظر إلى قوله عن المحدثات : " هي العليَّة لذاتها وليست إلا هو " .
فيقال لمن يدافع عنه :
وليس يصحُّ في الأذهان شيء ***- إذا احتاج النهار إلى دليل
<!--[if !supportLists]-->5-<!--[endif]-->ثم قال (ص77):
"وقال الخراز رحمه الله تعالى: وهو وجه من وجوه الحق ولسان من ألسنته ينطق عن نفسه بأن الله تعالى لا يعرف إلا بجمعه بين الأضداد في الحكم عليه بها، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن. فهو عين ما ظهر، وهو عين ما بطن في حال ظهوره. وما ثَمَّ من يراه غيره، وما ثم من يبطن عنه، فهو ظاهر لنفسه باطن عنه، وهو المسمى أبا سعد الخراز وغير ذلك من أسماء المحدثات". انتهى.
أقول :
<!--[if !supportLists]-->1-<!--[endif]-->لقد ساق ابن عربي هذا النص عن الخراز لتأييد ما يعتقده من القول بوحدة الوجود .
2- لقد أثنى الله على نفسه بهذه الأسماء الحسنى المتضمنة لصفات الكمال لله تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ).
فجاء الخراز فحولها إلى عقيدته الإلحادية؛ وحدة الوجود.
3- فانظر إلى قوله عن الله -تعالى وتقدس- : " فهو عين ما ظهر وهو عين ما بطن في حال ظهوره "، يعني هو عين ما ظهر من هذه المخلوقات وما بطن منها .
4- وانظر إلى قوله :"وما ثمَّ من يراه غيره وما ثم من يبطن عنه، فهو ظاهر لنفسه باطن عنه".
فهو في نظره عين المخلوقات، بما فيها الحيوانات على اختلاف أنواعها. قاتله الله .
5- ثم انتهى إلى قوله: "وهو المسمى أبا سعد الخراز وغير ذلك من أسماء المحدثات".
6- وابن عربي يؤمن بهذا الإلحاد , وساق هذا النص عن الخراز لتأييد عقيدته في وحدة الوجود.
<!--[if !supportLists]-->6-<!--[endif]-->وقال في "الفصوص" (ص77 – 78):
"وما ظهر حكم العدد إلا المعدود و المعدود منه عدم و منه وجود، فقد يعدم الشي ء من حيث الحس و هو موجود من حيث العقل. فلا بد من عدد و معدود، و لا بد من واحد ينشئ ذلك فينشأ بسببه. فإن كل مرتبة من العدد حقيقة واحدة كالتسعة مثلًا و العشرة إلى أدنى و إلى أكثر إلى غير نهاية، ما هي مجموع، و لا ينفك عنها اسم جمع الآحاد.
فإن الاثنين حقيقة واحدة والثلاثة حقيقة واحدة، بالغاً ما بلغتْ هذه المراتب، و إن كانت واحدة. فما عين واحدة منهن عين ما بقي. فالجمع يأخذها فنقول بها منها، و نحكم بها عليها. قد ظهر في هذا القول عشرون مرتبة، فقد دخلها التركيب فما تنفك تثبت عينَ ما هو منفيٌّ عندك لذاته.
ومن عرف ما قررناه في الأعداد، وأن نفيها عين إثباتها، علم أن الحق المنزّه هو الخلق المشبه، و إن كان قد تميز الخلق من الخالق. فالأمر الخالق المخلوق، و الأمر المخلوق الخالق. كل ذلك من عين واحدة، لا، بل هو العين الواحد وهو العيون الكثيرة".انتهى.(<!--[if !supportFootnotes]-->[4]<!--[endif]-->)
أقول:
انظر إلى هذا الهذيان من ابن عربي بالعدد والمعدود، كيف نفذ منه إلى القول بوحدة الوجود.
وانظر إلى قوله: "فالأمر الخالق المخلوق، و الأمر المخلوق الخالق".
وهذا تصريح منه بوحدة الوجود.
وأكدَّ ذلك بقوله: "كل ذلك من عين واحدة، لا، بل هو العين الواحد وهو العيون الكثيرة".
فالله عنده هو عين المخلوقات كلها على كثرتها.
<!--[if !supportLists]-->7-<!--[endif]-->ثم قال في (ص78 - 79) من كتابه "الفصوص":
"«وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها»: فما نكح سوى نفسه. فمنه الصاحبة والولد و الأمر واحد في العدد.
فَمَن الطبيعةُ ومن الظاهر منها، وما رأيناها نقصت بما ظهر منها ولا زادت بعدم ما ظهر؟ وما الذي ظهر غيرها: وما هي عين ما ظهر لاختلاف الصور بالحكم عليها: فهذا بارد يابس و هذا حار يابس: فجمع باليبس و أبان بغير ذلك. و الجامع الطبيعة، لا، بل العين الطبيعية. فعالم الطبيعة صور في مرآة واحدة، لا، بل صورة واحدة في مرايا مختلفة. فما ثم إلا حيرة لتفرق النظر. و من عرف ما قلناه لم يحر. وإن كان في مزيد علم فليس إلا من حكم المحل، و المحل عين العين الثابتة: فيها يتنوع الحق في المجلى فتتنوع الأحكام عليه، فيقبل كل حكم، وما يحكم عليه إلا عين ما تجلى فيه، وما ثَمَّ إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا وليس خلقًا بذاك الوجه فادكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته وليس يدريه إلا من له بصر
جمِّع و فرِّق فإن العين واحدة وهي الكثيرة لا تبقي ولا تذر".(<!--[if !supportFootnotes]-->[5]<!--[endif]-->)
أقول:
<!--[if !supportLists]-->1-<!--[endif]-->قوله عن نبي الله آدم: "فما نكح سوى نفسه".
يقال هذا كفر خسيس، يخجل منه اليهود والنصارى.
2- في كلامه المنثور غمغمة، وفي شعره التصريح بوحدة الوجود.
فقوله: "فالحق (يعني الله) خلق بهذا الوجه فاعتبروا".
تصريح بالقول بوحدة الوجود، وإنْ لبّس في الشطر الثاني.
والبيت الأخير، وهو قوله: "جمِّع وفرِّق فإن العين واحدة ***- وهي الكثيرة لا تبقي ولا تذر"
صريح في القول بوحدة الوجود.
<!--[if !supportLists]-->8-<!--[endif]-->وقال في (ص112 - 113) من "الفصوص":
"فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق، و إن شئت قلت هو الحق، وإن شئت قلت هو الحق الخلق، وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه، وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب، ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور و لا وَصَفَتْهُ بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إِلا إِليه ولا يقع الحكم إِلا عليه".(<!--[if !supportFootnotes]-->[6]<!--[endif]-->)
أقول: هذا الهذيان الكفري يدينه بالقول بوحدة الوجود، والدعوة إليها.
فهو يعطي الملاحدة من أمثاله الحرية بأن يقولوا عن الكون أنه الخلق، وإن شاءوا أن يقولوا: إنه الحق، أي الله.
ولقد افترى على الرسل الكرام وقوَّلهم ما لم يقولوا.
وانتهى به الفجور إلى القول: "فلا تنظر العين إلا إليه".
فالله عنده هو هذا الكون، "فلا تنظر العين إلا إليه"، فالله عنده هو السماء والشمس والقمر والنجوم، وهو الأرض وما حوته من المخلوقات من الجن والإنس؛ مؤمنهم وكافرهم، والحيوانات بأنواعها، وفيها ما يخجل المؤمن من ذِكْرِهِ.
وقوله: "فلا تنظر العين إلا إليه".
واضح في القول بوحدة الوجود.
وقوله: "ولا يقع الحكم إلا عليه".
فالأحكام عنده بالحق والباطل، والإيمان والكفر، والجهل والضلال، والسواد والبياض، وغيرها من الأحكام لا يقع إلا عليه، وهذا فيه تأكيد منه للقول بوحدة الوجود.
<!--[if !supportLists]-->9-<!--[endif]-->ثم قال (ص 113):
"فإِياك أن تتقيد بعقد مخصوص و تكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولي لصور المعتقدات كلها فإِن الله تعالى أوسع و أعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإِنه يقول «فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله» و ما ذكر أيناً من أين. و ذكر أن ثَمَّ وجه الله، و وجه الشي ء حقيقته. فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا".(<!--[if !supportFootnotes]-->[7]<!--[endif]-->)
أقول: وهذا النص الإلحادي واضح في القول بوحدة الأديان على اختلاف أنواعها، من يهودية ونصرانية وشركية وهندوكية على اختلاف النِحَل الهندوكية، وتحذير من التمسك بالإسلام دين الله الحق، فهو يحث الناس على التدين بكل هذه المعتقدات الكفرية والشركية، ويستدل على هذه الدعوى الكفرية بقول الله تعالى: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ).
وأقول: ليس المراد بقوله تعالى: (وَجْهُ اللَّهِ) صفة الله، ولا التدين بغير الإسلام من الأديان الكفرية، تعالى الله وتنزّه عن ذلك.
وإنما المراد بالوجه جهة القبلة، وإضافتها إلى الله إضافة تشريف، مثل: بيت الله، وناقة الله، وروح الله.
فما كفى هذا الملحد القول بوحدة الوجود، بل أضاف إلى ذلك القول بوحدة الأديان والدعوة إليها، مع التحذير من التمسك بالإسلام وحده.
<!--[if !supportLists]-->10-<!--[endif]-->وقال ابن عربي (ص124 - 125) من "الفصوص":
"وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، وإِن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين. فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، و هي مع كثرة الصور و اختلافِهَا ترجع في الحقيقة إِلى جوهر واحد وهو هيولاها، فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإِنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته".(<!--[if !supportFootnotes]-->[8]<!--[endif]-->)
أقول: إنه يعني بقوله: "وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد" أمثاله من القائلين بوحدة الوجود.
وانظر إلى هذا الضال كيف يحصر معاني أسماء الله الحسنى الكثيرة الجليلة، الدالة على عظمة الله، يحصرها في معنى واحد.
وانظر إليه كيف يفتري على الله، فيجعل صورته على صورة خلقه.
ثم يصرِّح بما هو أدهى وأمر، فيقول على الله بأنه عين حقيقة المخلوق وهويته.
وهذا تصريح منه بالقول بوحدة الوجود.
<!--[if !supportLists]-->11-<!--[endif]-->وقال في (ص192) من "الفصوص":
"فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألَّا يُعْبَد إلا إياه، وما حكم الله بشيء إلا وقع، فكان عتب موسى أخاه هارون لِمَا وقع الأمر في إنكاره و عدم اتساعه. فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء".(<!--[if !supportFootnotes]-->[9]<!--[endif]-->)
أقول: نترك بيان ما تضمّنه هذا النص الإلحادي لزين الدين العراقي.
قال –رحمه الله-:
"هذا الكلام كفر من قائله من وجوه:
"أحدها: أنه نسب موسى عليه السلام إلى رضاه بعبادة قومه للعجل.
الثاني: استدلاله بقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] على أنه قدر أن لا يعبد إلا هو، وأن عابد الصنم عابد له.
الثالث: أن موسى عليه السلام عتب على أخيه هارون عليهما السلام إنكاره لما وقع.
وهذا كذب على موسى عليه السلام, وتكذيب لله فيما أخبر به عن موسى من غضبه لعبادتهم العجل.
الرابع: أن العارف يرى الحق(<!--[if !supportFootnotes]-->[10]<!--[endif]-->) في كل شيء، بل يراه عين كل شيء، لجعل العجل عين الإله المعبود، فليعجب السامع لمثل هذه الجرأة التي تصدر ممن في قلبه مثال ذرة من إيمان".انتهى.
وأقول: وأضاف إلى هذه الافتراءات على الله تعالى، وعلى موسى وهارون -عليهما السلام-، أضاف إلى ذلك القول بوحدة الوجود، وذلك قوله: "فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء".
<!--[if !supportLists]-->12-<!--[endif]-->وقال في "الفصوص" (ص62):
وقد بينا هذا(<!--[if !supportFootnotes]-->[11]<!--[endif]-->) في الفتوحات المكية وإذا ذقت هذا ذقت الغاية التي ليس فوقها غاية في حق المخلوق، فلا تطمع ولا تتعب نفسك في أن ترقى في أعلى من هذا الدرج فما هو ثَمَّ أصلًا، وما بعده إلا العدم المحض فهو مرآتك في رؤيتك نفسك، وأنت مرآته في رؤيته أسماءه وظهور أحكامها وليست سوى عينه، فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل في علمه فقال: والعجز عن درك الإدراك إدراك، ومنا من علم فلم يقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السكوتَ، ما أعطاه العجز. وهذا هو أعلى عالمٍ بالله. وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الولي الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه –متى رأوه- إلا من مشكاة خاتم الأولياء: فإن الرسالة والنبوة –أعني نبوة التشريع ورسالته- تنقطعان، والولاية لا تنقطع أبدًا، فالمرسلون، من كونهم أولياء، لا يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء، فكيف من دونهم من الأولياء؟
أقول: في هذا الكلام تفضيل ابن عربي خاتم الأولياء على الأنبياء.
وختاماً أقول: هذه بعض تصريحات ابن عربي بوحدة الوجود.
وأحيل القارئ إلى باقي أقواله إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-.
مثل: "الفرقان بين الحق والباطل". و "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان".
وكتاب "درء تعارض العقل والنقل".
وكتاب "ابن عربي، عقيدته وموقف علماء المسلمين منه" للدكتور دغش العجمي.
هذا، ولعلّي بحول الله ومشيئته أن أورد ما سجله شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- من الانتقادات والإدانات لهذا الملحد في مقال آت.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه: ربيع بن هادي عمير المدخلي
13/4/1438هـ