رسام وفنان تشكيلي إسباني، من أعلام المدرسة السريالية في الفن ومن أهم فناني القرن العشرين. وصف النقاد أعماله بأنها باهرة وصادمة لمشاهديها لغرابتها وأشكالها الفريدة التي تتجاوز حدود المعقول والواقع، على غرار شخصيته الصادمة التي كانت تجمع بين العبقرية والجنون.
المولد والنشأة
ولد سلفادور دالي يوم 11 مايو/أيار 1904 في مدينة فيغيريس في إقليم كاتالونيا بشمال شرق إسبانيا، ونشأ في أسرة ثرية. الدراسة والتكوين
في 1920 أعرب سلفادور دالي لوالده عن رغبته في احتراف الرسم، فاشترط والده أن يسافر إلى مدريد ليدرس في أكاديمية سان فرناندو الملكية للفنون الجميلة بمدريد، أبرز مدارس الفن الإسبانية ليحصل منها على شهادة تؤهله لأن يكون مدرسا للرسم على الأقل.
وافق دالي والتحق بالأكاديمية، لكنه طرد منها عام 1923 لتزعمه مظاهرة احتجاج طلابية، ثم عاد إلى الأكاديمية في العام التالي. سافر عام 1926 إلى باريس لأول مرة وتعرف هناك على الرسام الإسباني الشهير بابلو بيكاسو وزار متحف اللوفر.
في نفس السنة طرد نهائيا من أكاديمية الفنون الجميلة بسبب "غرابة أطواره"، بعد أن قال لأعضاء لجنة الامتحان إنهم ليسوا على كفاءة كافية لاختباره فعاد إلى مدينة فيغيريس وبدأ يرسم بكثافة.
التوجه الفكري
كانت شخصية دالي تدعوه دائما للمعاكسة والمناوأة، وارتبط في شبابه بالفوضويين والشيوعيين، ثم ارتبط بالحركة "الدادائية" التي ظهرت في أثناء الحرب العالمية الأولى. التجربة الفنية
اكتشف دالي لوحات الفن المعاصر وهو صغير السن، ورسم لوحاته الأولى بدون أي معرفة لتقنيات هذا الفن فأعجب بها الرسام رامون بيشوت، الذي نصح والده بأن يرسله ليتلقى دروسا على يدي الفنان ومعلم الرسم خوان نونييث.
شارك دالي في أول معرض جماعي في 1919 وأسس في نفس العام مجلة "ستوديوم" التي نشر فيها مقالاته الأولى وفي 1926 شارك في عدة معارض بمدريد وبرشلونة بأعمال تأثرت بمختلف المدارس الفنية، وجمعت بين الأكاديمية الكلاسيكية والحداثة غير المسبوقة، فجذبت انتباه رواد المعارض وأثارت جدلا بين النقاد.
وفي 1929 سافر إلى باريس وتعرف على الفنان الإسباني جوان ميرو واتصل بالحركة السريالية، وفي هذه السنة عُرض في باريس فيلم "كلب أندلسي" الذي كان ثمرة تعاون بين سلفادور دالي والمخرج السينمائي الإسباني الطليعي لويس بونيول، وكان مقدمة لتعاونهما في فيلم "العصر الذهبي" الذي عُرض في العام التالي.
في 1932 قدم دالي لوحته الشهيرة "إصرار الذاكرة" في أول معرض جامع للأعمال السريالية في نيويورك، وكانت هذه اللوحة أولى نجاحاته الباهرة عالميا، وابتداء من عام 1936 غادر مقر إقامته في كاتالونيا الإسبانية وعاش متنقلا بين باريس ولندن والولايات المتحدة حيث شارك في العديد من المعارض.
وبعد غزو القوات الألمانية النازية لفرنسا في 1940 اختار دالي الإقامة في الولايات المتحدة وهناك أنجز العديد من أعماله الكبيرة ذات الطابع الديني، منها لوحتا "الصَلب" و"العشاء الأخير".
عاد للاستقرار في كاتالونيا عام 1949 حتى وفاته، ومنذ ذلك التاريخ لم يقتصر إنتاج دالي على الرسم فقط بل خاض مختلف أنواع الفنون التجريبية، وكان أحد رواد فن التصاوير ثلاثية الأبعاد.
وفي أواخر سنوات حياته نال اعتراف أبرز الفنانين في العالم، وأعلن فنانون كبار مثل الرسام الأميركي آندي وارهول أن أعمال دالي كانت من أبرز المؤثرات التي قادت إلى ابتكار مدرسة فن "البوب" في الرسم.
تبرع عام 1970 لمدينة فيغيريس بمتحفه بالكامل، وأعلن عن مشروع تأسيس "مسرح ومتحف دالي" بمدينة فيغيريس. ترك بصمته على فن الرسم للنصوص المكتوبة والنقش على مختلف المواد، وأبدع أعدادا كبيرة من التماثيل والمنحوتات والحلي والمجوهرات.
كانت له أعمال في عالم المسرح والباليه والأوبرا، وتصميم الديكورات والملابس لعديد من تلك الأعمال الفنية، وله مساهمات في فنون الدعاية الإعلانية والسينما. الجوائز والأوسمة
منحه ملك إسبانيا خوان كارلوس الأول عام 1982 لقب النبالة "ماركيز دي دالي دي بوبول" تقديرا لإنجازاته العظيمة التي جعلت لإسبانيا مكانة عالية في الفن المعاصر.
الوفاة
توفي سلفادور دالي في 23 يناير/كانون الثاني 1989 بسكتة قلبية في مسقط رأسه.