الله عز وجل منح نبيه الكريم خصائص كثيرة لا تعد ولا تحصى، منحه الوحي، منحه المعجزات، منحه الفصاحة، منحه البيان، منحه التأييد، منحه الجمال، منحه أشاء كثيرة، لكن الذي يلفت النظر أن الله سبحانه وتعالى حينما أثنى عليه لم يثنِ عليه لكل هذا الذي منحه إياه، بل أثنى عليه لخلقه العظيم .
فالخُلق جهد بشري، عملية ضبط، الخلق عطاء، الخُلق أن تخرج من ذاتك، الخلق أن ترحم من حولك، الخلق أن تكون قدوة لهم .
إن الله عز وجل أعطى نبيه الكريم أدواة الدعوة.
واترككن الان مع بعض الايات التي تحدثت عن صفات واخلاق سيد الانام عدولاتي
(سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى)
[سورة الأعلى] أعطاه المعجزات، أعطاه الوحي، أعطاه القرآن، عرج به إلى السماء، إلى سدرة المنتهى، ولم يذكر الله هذه العطاءات لأنها من الله عز وجل، وقد تلقاها بفعل أنه هيأه الله ليكون الداعية الأول في العالم .
لكن حينما أثنى عليه، أنثنى على خلقه :
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم)
[سورة القلم] أما نحن فقد نجد أحدنا ذا خلق، ولكن لا كما وصف النبي :
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم)
( على ) تفيد الاستعلاء .
(وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)
[سورة آل عمران] فكيف بإنسان لم تؤتَ الوحي، ولم يؤتَ الفصاحة، ولا الوسامة، ولا الحكمة ولا المعجزات، وفظ غليظ .
جاء واعظٌ بعضَ الملوك، قال له : سأعظك، وأغلظ عليك، قال له : ولمَ الغلظة يا أخي ؟ لقد أتى مَن هو خير منك إلى من هو شر مني، أرسل الله موسى إلى فرعون فقال له :
(فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)
[سورة طه]
المعنى إلى جانب هو إكرام للنبي عليه الصلاة والسلام صاحب الخلق الرفيع والرحمة، وعدم الغلظة، لما قال الله عز وجل في كتابه :
(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)
[سورة الأنفال الآية : 33] الإكرام لهذا الخلق، حتى لو أساءوا فبوجودك بينهم :
(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)
منقول للشيخ محمد راتب النابلسي من برنامج ندوات تلفزيونية