الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أحببته بكل جوارحي وقدمت له ما بوسعي وأرضيته بما أستطيع من مالي غير أني لم أجد منه سوى النفور والبعد عني, وأصبحت (الاستراحة) هي شغله الشاغل ورقم واحد في حياته, أتعبني مزاجه المتقلب وأعترف أني ـ رغم كل هذه السنوات التي قضيتها معه ـ لم أفهمه !
هكذا بدأت إحدى المسترشدات مشكلتها مع زوجها وبعد نقاش لم يطل كثيرا أدركت أن ما يحدث منه أمرا طبعي فهي لم تضع يدها بعد على حاجاته ,لذا فهي أشبه بمن تطعم الأسد جزرا والأرنب لحما .
نعم فحتما ستقع مشكلة عندما لا يفقه كلا الشريكين حاجات الآخر.
لذا سأتحدث عن تلك الحاجات وسأخصص هذا المقال لحاجات الرجل وسأتبعه بمقال آخر عن حاجات المرأة إن كان في العمر بقية وأمد الله في أعمارنا .
إن عدم تلبية المرأة لحاجات الرجل ستشعره دائما بعدم الكفاية مما قد تضطره للبحث عن حاجاته خارج عش الزوجية .
علما أن المرأة قد تقدم الكثير والكثير للرجل, ومع ذلك لا تجد منه إلا نفورا وإعراضا, عندها فقط فلتعلم أنها لم تشبع حاجاته ولم تلامس ما يريده منها .
وسأذكر أهم خمس حاجات يطلبها الرجل من المرأة قد ذكرها جون قراي في كتابه (رجال من المريخ ونساء من الزهرة) لكني سأذكرها بتطبيقات مختلفة تتلاءم مع تقاليد مجتمعنا وعاداته .
أولا: الثقة
فالرجل بحاجة أن يشعر أن زوجته تثق به وتثق في قدراته وإمكاناته وتثق في أدائه في إنجاز الأعمال .
كما يحب أن تثق في صدق حديثه , وتثق في آرائه وأفكاره , وتثق في تعاملاته المالية .
وأخيرا تثق في حبه لها وأنه لا يخونها .
لكن لماذا نطلب من المرأة أن تثق في زوجها؟
لأن الرجل الذي تمنحه زوجته الثقة يريد أن يخرج دائما بنفس الصورة الذهنية التي رسمتها زوجته عنه.
والرجل الذي تمنحه زوجته الثقة يكون ضميره حي يؤنبه دائما .
كما أن الرجل الذي تمنحه زوجته الثقة يكون خطؤه أقل .
فعندما يخطئ الرجل ويجد زوجته مازالت تثق به فإنه يحاول أن يسترضيها ويحترمها لأنه يعلم في قرارة نفسه أنها أفضل منه .حيث وفت له عندما خانها , وصدقت معه عندما كذب عليها .
ثانيا: التقبل
يحب الرجل أن يرى أن زوجته تتقبله كما هو بأخطائه وعيوبه.. من دون أن تحاول تغييره أو إصلاحه, وليس معنا هذا أن تتقبل أخطأه بل تتقبله هو وتترك له قرار تغيير نفسه وإصلاحها.
دائما يحب الرجل أن يشعر بأنه المحامي والمدافع عن المرأة والسند لها في الحياة, وعندما تبدي المرأة عدم تقبلها له يصاب الرجل بخيبة أمل وإحباط قد يدفعه لكرهها أو الانتقام منها .
وهناك ثلاث أمور تشعر الرجل بعدم تقبل زوجته له:
1. الإكثار من نقده تخطي بعض السيدات عندما تكثر من نقد زوجها وتركز على أخطائه وعيوبه غير مدركة -بأنها بذلك التصرف تشعر زوجها بأنها لا تتقبله , ما زلت أتذكر حواري مع رجل اشتكته زوجته بأنه قليل الحديث معها كثير النفور منها فعندما ناقشته أخبرني بأنه لا يرغب في الحديث ولا الجلوس معها وعند سؤاله عن السبب قال (معها أشعر أني كتلة من الأخطاء لا يوجد بي إيجابية!!).
2. لا تحاولي إصلاحه (لا تقدمي له نصائح أو توجيهات أو إرشادات لم يطلبها منك).
على النساء أن يفهمن أن الرجل لا يتقبل النصح والتوجيه المباشر من المرأة حتى في أتفه الأسباب خذي مثلا، كيف ستكون ردة فعل زوجك عندما تكوني معه في السيارة وتقولي له: أنتبه حاسب لا تسرع ....إلخ).حتما سيغضب لأنه يرفض التوجيه منك.
عندما يخطئ الرجل يحتاج من زوجته رسالة فقط لا تحمل معنى الأمر ولا يوجد بها إلحاح .
فعندما يتخلف الزوج عن الصلاة مثلا قد تمارس معه الزوجة دور الأم في النصح أو دور الأستاذة في الزجر والمطلوب رسالة فقط , كأن تقول له (حبيبي قد أقيمت الصلاة) وليس عليها أن تحاسبه بعد ذلك فهو ليس طفلها الصغير, لكن لو استجاب فحبذا لو شجعته .
3. انتبهي من الكلمات التي تقولها المرأة عند الغضب .
(وش مصبرني عليك ـ وش لاقيه فيك ـ لولا العيال ما جلست معك ـ طلقني ـ بيت أبوي خير من مقابل وجهك ـ كم واحد خطبني وما طحت إلا في حظك) كل هذه الكلمات وأشباهها قد تتلفظ بها المرأة عند الغضب ومع كثرة تكراراها قد يقتنع الزوج أن زوجته لا تتقبله وتكرهه فهي لا تحبه وإنما تتعايش معه وحسب وعندها سيبدأ يبادلها الشعور نفسه .
ثالثا ـ التقدير
قالت إحدى النساء العربيات لابنتها ليلة زفافها توصيها بزوجها ( كوني له أمة يكن لك عبدا)
في مجتمعنا الشرقي تحديدا قد تكون حاجة التقدير من أهم حاجات الرجل التي يطلبها من المرأة فالرجل يحب أن يعيش وكأنه ملك في بيته حيث يتلقى الرعاية الكاملة والخدمة (السي سيد) كما يقولون, لذا (استقبلي زوجك فور رجوعه من عمله / قدمي له كأسا من الماء / ساعديه في التخفف من ملابسه / جهزي له ملابس البيت / قومي على خدمته / اعملي له مساجا إذا دعت الحاجة / كوني مستيقظة وقت مغادرته إلى عمله / جهزي له فطوره / وودعيه).
ومن تقديرك لزوجك أن تقدري وتحترمي أهله وضيوفه وتجتهدي في إظهار زوجك وبيتك بالمظهر الحسن أمامهم فذاك مما يسعده كثيرا.
كما يحب أن تسمعيه الكلمات الإيجابية التي تشعره بتقديرك له (سم ـ ابشر ـ من عيوني ـ تحت أمرك ـ تامر أمر ـ اللي تبيه يصير ـ يالبيه) وغيرها مما هو دارج في بيئتك
لكني أنبه على أن هذا التقدير سيستشعره الرجل أكثر ويحبه عندما يجد أنه نابع من تقدير المرأة لذاتها أولا ففاقد الشيء لا يعطيه .
رابعا: الإعجاب:
رغم أنها حاجة مهمة وضرورية إلا أن كثيرا من النساء تغفل عنها خوفا من غرور زوجها وتكبره عليها. وقد لاحظت أن كثيرا من حالات الخيانة الزوجية التي تحدث من قبل الرجل سببها أن الرجل لم يشبع من حاجة الإعجاب .
وحتى تؤدي هذا الحاجة دورها يجب أن تقدم باعتدال كالملح في الطعام لا تكثر فتفقد قيمتها ولا تقل أو تعدم فيتعطش لها الرجل مما يجعله يبحث عنها في الخارج.
ومن وجهة نظري أجد أن المرأة عليها أن تظهر إعجابها بزوجها في الأمور التالية :
1. المظهر العام
كم سيسعد الرجل عندما يكون خارج لصلاة الجمعة مثلا أو لمناسبة ويجد بعض كلمات الإعجاب والإطراء على شخصيته كأن تثني على وسامته وحسن مظهره, معظم النساء لا تفعل لأنها أصلا لا تجد هذا السلوك من زوجها ..لا بأس فلتكن البداية منك فلعله يتشجع لمبادلتك السلوك نفسه.
2. المقتنيات
بعض الزوجات تغفل إظهار إعجابها في مقتنيات زوجها (ساعتك جميله ـ قلمك رائع ـ نظارتك حديثه ـ إلخ) بل البعض منهن تلجأ إلى تحطيم زوجها عن طريق ذم ذائقته فهو في نظرها لا ذوق له مما يدفعه للإهمال وعدم تطوير ذاته في هذا الجانب .
3. الأفكار والآراء
من المهم جدا ألا تغفل المرأة إظهار إعجابها بأفكار وآراء زوجها خصوصا عندما يكون هناك تفاوتا تعليميا بين الزوجين لصالح الزوجة , حيث ينتاب الرجل شعور بأن زوجته تحاول أن تبسط سيطرتها العلمية والمعرفية عليه مما يدفعه لأن يكون هجوميا حادا , لكن لو نجحت المرأة في إظهار إعجابها في أفكار زوجها وآرائه كأن تستشيره ثم تثني على رأيه أو تقول له (صدق كلامك عندما قلت كذا وكذا فقد حدث ما قلت) وغيرها من الطرق التي تظهر المرأة إعجابها بأفكار زوجها وآرائه لكان ذلك خيرا لها .
4. العلاقة الخاصة
هنا يحب الرجل أن يشعر أنه مرغوب و المرأة الذكية تعرف كيف توصل هذه الرسالة لزوجها وعلى المرأة أن تدرك الفرق بين المرأة المستسلمة و المرأة المتفاعلة في الفراش .
إحدى النساء اشتكت لي زوجها حيث اكتشفته يتحرش بالخادمة وبعد تواصلي مع الزوج سألته هل الخادمة أجمل أم زوجتك؟ فقال طبعا زوجتي أجمل بمراحل فقلت له إذا لماذا لجأت للخادمة؟ فقال (لأنها تشعرني بأني مرغوب).
خامسا: التشجيع
وهذه هي الحاجة الأخيرة من حاجات الرجل فقد لوحظ أن الرجل يستجيب لتشجع المرأة له ويتفاعل معه حتى لو كان تشجيعا له في واجباته التي ينبغي عليه فعلها, فكلما شجعت المرأة زوجها كلما زاد منه العطاء وهكذا يكون التركيز من قبل المرأة على إيجابيات زوجها وحسناته مهما بدت في عينها صغيرة فعليها أن تبرزها وتشجعه عليها .
وفي الختام أحب أن أختم بتنبيه سريع فقد يمر الرجل بحالة من التشبع من بيته وزوجته فيؤثر الهروب والابتعاد ويحب أن يخلوا بنفسه أو كما يقال (يدخل كهفه) هنا تخطئ بعض النساء عندما تبدأ بالاقتراب أكثر من زوجها وتسأله عن سبب تغيره ,أو تفكر بأنها هي سبب ضيق زوجها , وكل ما عليها فعله هو أن تتركه يبتعد بفكره وجسده كما يحلو له وتحاول هي إشغال نفسها عنه بواجبات المنزل ومشاهدة البرامج التلفزيونية وإجراء بعض المكالمات الهاتفية ..ولتكن واثقة أنه سيبتعد إلى أقصى مدى ثم سيعود تدريجيا .
هذا ما أحببت الحديث عنه في هذا الموضوع ولنا عودة لاستكمال الجزء الثاني منه عن حاجات المرأة بإذن الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين