السلام عليكم
بسم االله الرحمن الرحيم
مَنْزِلَة التَّوحيدِ وَمَكَانَتُه:
قالَ ابنُ أبي العِزِّ الحَنَفِي رحمه الله تعالى-:
" اعلمْ أنَّ التَّوحيدَ أوّلُ دَعوةِ الرُّسلِ،
وَأوّلُ مَنازلِ الطَّريقِ،
وَأوّلُ مَقامٍ يقومُ فيهِ السَّالكُ
إلى اللهِ عزَّ وجلَّ... قال تعالى:
(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً
أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) [النحل: 36].
وَلهذا كانَ أوَّل واجبٍ يجبُ علَى المكلِّفِ
شهادةُ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، لاَ النَّظرُ،
وَلاَ القصدُ إلىَ النَّظرِ،
وَلاَ الشَّكُّ، كمَا هيَ أقوالٌ
لأرْباَبِ الكلامِ المَذمومِ.
بلْ أئِمَّة السَّلفِ كلُّهُمْ مُتَّفقِونَ
علىَ أنَّ أوَّلَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ العَبْدُ الشَّهَادَتَانِ
فالتَّوْحِيدُ أوَّلُ مَا يَدْخُلُ بهِ في الإسلاَمِ،
وَآخِرُ مَا يَخْرُجُ بِهِ فيِ الدُّنياَ،
كَمَا قالَ النَّبيُّ َصلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:
" مَنْ كَانَ آخِرَ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّة "
وَهُوَ أَوَّلُ وَاجِبٍ، وَآخِرُ وَاجِبٍ.
فَالتَّوْحِيدُ أوَّلُ الأَمْرِ وَآخِرُهُ، أَعْنيِ تَوْحِيدَ الأُلوهيَّة "
شرح العقيدة الطحاوية،
لابن أبي العزّ الحنفي:77–78
حَقِيقَةُ التَّوْحِيد:
قال ابن تيمية رحمه الله:
" إنَّ حَقِيقَةَ التَّوْحِيدِ أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ،
فَلاَ يُدْعَى إلاَّ هُوَ، وَلاَ يُخْشَى إِلاَّ هُوَ،
وَلاَ يُتَّقَى إِلاَّ هُوَ، وَلاَ يُتَوَكَّل إِلاَّ عَلَيْهِ،
وَلاَ يَكُونُ الدِّينُ إِلاَّ لَهُ، لاَ لأحَدٍ مِنَ الخَلْقِ،
وَأَلاَّ نتَّخِذَ المَلاَئِكَةَ وَالنَبيِّين أَرْبَابًا، فَكَيْفَ باِلأئمَّةِ،
وَالشُّيُوخِ، والعُلَمَاءِ، وَالمُلُوكِ، وَغَيْرِهِم"
منهاج السنة النبوية، لابن تيمية: 3/490
التَّوْحِيدُ سَبيلُ النّجَاة:
قال ابن القيِّم رحمه الله تعالى-:
" هَذهِ سُنّةُ اللهِ في عبادِهِ،
فما دُفِعَتْ شدائدُ الدنيا بمثلِ التوحيدِ،
ولذلكَ كانَ دعاءُ الكرْب
بالتوحيدِ ودعوةُ ذي النّونِ
التي مَا دعَا بها مكْروبٌ
إلاّ فرَّجَ اللهُ كَرْبَهُ بالتوحيدِ،
فلا يُلقي في الكُرَبِ العظامِ
إلاّ الشّركُ ولا يُنْجي منها إلاّ التوحيدُ،
فهوَ مَفزعُ الخليقةِ وملجؤها
وحِصنُها وغِياثُها، وبالله التوفيق"
الفوائد، لابن القيّم: 67
صَفاءُ التَّوْحِيدِ:
قال ابن القيِّم رحمه الله تعالى:
" التّوحِيدُ أَلْطَفُ شَيْءٍ وَأَنْزَهُهُ وَأَنْظَفُهُ وَأَصْفَاهُ،
فَأدْنىَ شَيءِ يَخدِشُهُ وَيُدَنِّسُهُ وَيُؤَثِّرُ فِيهِ،
فَهُوَ كَأَبٍيَضِ ثَوْبٍ يَكُوُنُ يُؤَثّرُ فِيهِ أَدْنَى أَثَرٍ،
وَكَالمِرْآةِ الصَّافِيَةِ جِدًّا أَدْنَى شَيْءٍ يُؤَثّرُ فِيهَا،
وَلِهَذَا تُشَوِّشُهُ اللَّحْظَةُ وَاللَّفْظَةُ وَالشَّهْوَةُ الخَفِيَّة،
فَإِنْ بَادَرَ صَاحِبُهُ وَقَلَعَ ذَلِكَ الأَثَرَ بِضِدِّهِ
وَإلاَّ اسْتَحْكَمَ وَصَارَ طَبْعًا يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ قَلْعَهُ"
الفوائد، لابن القيِّم: 23