أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

129886 الفرق بين التدبر والتفسير

الفرق بين التدبر والتفسير




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
حول مفهوم التدبر للقرآن
كتب أخونا سعد كلمات قيمة، ترجم فيها إشكالا مهما، أو شبهة تعرض لكثير من الناس، حول تدبر كتاب الله ومدارسة آياته. وكان فيما قال أسعده الله:
))لا شك أنه من اللافت فعلا شدة إعراض الناس عن الفرق بين التدبر والتفسير القرآن الكريم! فأغلب الناس لا يُقبلون عليه إلا مرة في السنة أو في سنوات! [ثم قال:] يبدو لي أن أحد الأسباب التي تكمن وراء هذا الإعراض هو "تهيب" الإقبال على القرآن مباشرة ودون واسطة. صحيح أن من الناس من يتفادى التدبر؛ لأنه لا يعرف قيمة القرآن! ولكن هنالك أيضا صنف من المسلمين يخافون أن يُعْمِلُوا فكرهم في آيات الله - وإن كان بحضور الفرق بين التدبر والتفسير التفسير! - لأنه "شيء جديد وغير مألوف!" ولأنه "اجتراء" على الله! فما هي الضوابط التي ينبغي الالتزام بها أثناء تدارس القرآن أو تدبره؟ ما الذي يضمن أن العبد لن ينجرف وراء خواطر شيطانية، وهو يظنها رحمانية؟ وإلى أي حد يمكن أن يقول "برأيه" في استخراج معاني القرآن وحقائقه الفرق بين التدبر والتفسير الإيمانية؟
أعتقد أن توضيح هذه النقاط مهم للغاية، خاصة وأنني أعرف بعض الصالحين ممن يخافون فعلا أن يتدبروا القرآن. ولقد سمعت بأذني أحدهم يقول لصديق لي حين سمعه يتدبر آية من سورة العلق: "هل تريد أن تكون مفسراً؟"!! فَوَضْعُ هذه الحدود كفيل إن شاء الله بتشجيع الناس على الإقبال على القرآن دون خوف أو وجل.. والسلام عليكم)).
وعليكم السلام والفرق بين التدبر والتفسير رحمة الله وبركاته..
بارك الله فيك أخي سعداً!
تساؤل في غاية الأهمية، وملحوظة في غاية الدقة! ولقد أشرتُ إلى بعض حقائق التدبر في كتيب "مجالس القرآن"، وكشفتُ هنالك عن طبيعة الإشكال. ولقد استقريت –بتوفيق الله- عشرين ضابطاً لمجلس التدارس والتدبر؛ ما يحفظه -بإذن الله- عن الشرود والانحراف. ولعل الأحبة يجدون في الطبعة الجديدة للكتاب -بزياداتها- ما يكفي لذلك، إن شاء الله، وبه الثقة. وإنما المحفوظ من حفظه الله!
وإنما الذي أفزعني ههنا هو ما حكاه سعدٌ عن بعض الإخوان، من الاستعظام لفعل التدبر، والإنكار على المتدبر بما يشبه السخرية! ولذلك فقد أحببت نزع ما يلقيه الفرق بين التدبر والتفسير الشيطان في الفرق بين التدبر والتفسير النفس -تحت ستار الورع وذريعة الفرق بين التدبر والتفسير التقوى!- من الصد عن تدبر كتاب الله! وحرمان الأمة من أعظم أصل في منهاج التعامل مع رسالات الله!
ويمكن توضيح القول ههنا حول التدبر بطريقة أخرى، وبيان ذلك -بحول الله- هو كما يلي:
- أولا: لا بد من بيان أن التدبر هو غير الفرق بين التدبر والتفسير التفسير! هذا أمر مهم جدا! ونحن نعلم أن بعض الفرق بين التدبر والتفسير العلماء المعاصرين قد استعملهما على سبيل الترادف. وهو غير صحيح!
فالفرق بين التدبر والتفسير التفسير بيان وشرح للمعنى، بينما التدبر اتعاظ بالمعنى واعتبار به وتذكر! وبينهما فرق كبير..! إن الفرق بين التدبر والتفسير التفسير من الفَسْرِ، وهو: الكشف والبيان. ولذلك سمي بيان كتاب الله تفسيراً؛ لأنه يكشف اللثام عن معانيه اللغوية والسياقية والشرعية، باستعمال قواعد الفرق بين التدبر والتفسير التفسير المعروفة عند أهله. وهذا هو علم الفرق بين التدبر والتفسير التفسير.
وقد كنا -مع بعض إخواننا- نتدارس كتاب الشيخ العلامة عبد الرحمن حبنكة الميداني رحمه الله: (قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل)؛ فوجدنا أنما هو كتاب في قواعد الفرق بين التدبر والتفسير التفسير! وهو كتاب من العمق والدقة بمكان! لكنه لا تدبر فيه بالمعنى القرآني للكلمة! وإنما هو قواعد منهجية تضبط عمل المفسر لكتاب الله.
أما التدبر -من التفعل- فهو: النظر إلى دُبُرِ الشيء، أي التأمل في دَوَابِرِ الأمور المتوقعة، بمعنى النظر إلى عاقبتها، وما يمكن أن تؤول إليه. كما يدخل فيه النظر في دوابر الأمور الواقعة من قبل؛ لمعرفة أسبابها ومقدماتها. وهذا لا يوجد في كتب الفرق بين التدبر والتفسير التفسير إلا نادراً. لأنه - في الغالب - عمل قلبي شخصي، ونظر نفسي لا ينوب فيه أحد عن أحد. وهل يستطيع أحد أن ينوب عن غيره في الخوف والرجاء، أو في الكسل والنشاط؟ هذا ممتنع عقلاً وطبعاً وشرعاً! اللهم إلا ما تعلق بربط الأسباب بمسبباتها – على المستوى الخارجي - وما كان في معناه.
- ثانيا: إن التدبر هو مرحلة ما بعد الفرق بين التدبر والتفسير التفسير..! أي ما بعد الفهم للآية. لكن الفهم المطلوب لتحصيل التدبر إنما هو الفهم الكلي العام، أو بعبارة أخرى: الفهم البسيط. ولا يشترط في ذلك تحقيق أقوال المفسرين والغوص في دقائق كتب الفرق بين التدبر والتفسير التفسير! وإلا صار القرآن موجها إلى طائفة محصورة فقط! ومن ثم يمكن لأي شخص أن يتدبر القرآن بعد التحقق من المعنى المشهور للآية، يقرؤها من أي تفسير أو يسمعها.
إن التدبر حركة نفسية باطنية! تنظر إلى صيرورة الفرق بين التدبر والتفسير النفس في الزمان والمكان، بالنسبة إلى احتمالين: الأول احتمال متابعة القرآن والاستسلام لأحكامه وحكمه. والثاني: عكسه، وهو النكوص والتمرد والجحود والعصيان! ففي كلا الأمرين ينظر المتأمل إلى مآل الحال المحتمل! ذلك هو التدبر! ولذلك كان التدبر لغة – كما ذكرنا - نظراً إلى أدبار الحوادث ونتائجها، وربطا للأسباب بمسبباتها، فيما وقع وفيما يحتمل أن يقع، على المستوى الفرق بين التدبر والتفسير النفسي والاجتماعي. في الخير والشر سواء! إنه إذن ضرب من المحاسبة للنفس في ضوء القرآن، والمراقبة لأحولها، في صيرورتها الذاتية والاجتماعية.
إن التدبر إذن هو نظر في الآية باعتبارها مبصاراً، يكشف عن أمراض الفرق بين التدبر والتفسير النفس وعللها، ويقوم في الفرق بين التدبر والتفسير الوقت نفسه بتهذيبها وتشذيبها. أي بتزكيتها وتربيتها.
ومن ثم فإنه يكفي المتدبر للقرآن أن يعلم المعنى العام للآية أو السورة، مما أُثِرَ عن جمهور السلف؛ ليدخل في مسلك التدبر.
ولا شك أن علم العالم وخبرة المفسر تعطيه فرصةً أكبر بكثير؛ لتعميق التدبر في الآيات، والوصول بها إلى أرقى منازل الفرق بين التدبر والتفسير الإيمان! ولكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن غير المختصين بالفرق بين التدبر والتفسير التفسير، أو حتى العوام محجوبون من التدبر! إن غير العالم لن يعجز عن تدبر آية "الحمد لله رب العالمين" مثلا، والنظر في مآلات فعل الحمد في نفسه وفي المجتمع – على قدر طاقته طبعاً - وكذا مآلات نقيضه من النكران والجحود كيف يكون؟
وإن غير العالم إذا فسرتَ له أن "الفَلَقَ" هو الفرق بين التدبر والتفسير الفجر؛ أمكنه آنئذ أن يتدبر قوله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾(الفلق: 1-2) وكذلك إذا علم أن "الْجُدَدَ" هي: الطرق والمسالك الجبلية، وأن "الغَرَابِيبَ" هي: الصخور السوداء؛ أمكنه أن ينطلق في آفاق تدبر قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾(فاطر: 27). ولقد تعمدت أن أمثل بهذه الكلمات القرآنية الغريبة إلى حد ما، وإلا فجمهور المعجم القرآني من الميسور المعلوم، بل إن كثيراً منه متداول في اللهجات العامية العربية!
ولم لا يتدبر؟ أليس يرى القارئ للآية المذكورة مثلا، مشهدَ نزول الماء من السماء؟ أليس يرى بعينيه آثار الغيث كلَّ ربيع في الروابي، والفرق بين التدبر والتفسير الجنات، والبساتين، وأشكال الفاكهة والثمار، والجداول، والأنهار، والأطيار، بل في الحياة كلها؟ أليس ينظر إلى الجبال الشاهقة المنتصبة بهيئتها العظيمة بين يديه؟ أليس يرى مسالكها من بعيد تتلوى حولها خطوطاً حمراء وبيضاء على حسب لون الصخور والتربة الناسجة لها؟ أليس يعجب من مشهد الفرق بين التدبر والتفسيرالحجارة الصماء السوداء، الراسية على قمم هذه الجبال أو تلك؟
فكل من أبصر عظمة الخالق في عظمة المخلوق، واتخذ آثار الصنعة مسلكا يسير به إلى معرفة الله فهو متدبر وهو متفكر! وهذا أمر ليس حكراً على المفسرين ولا على الجيولوجيين، وإن كان لهؤلاء وأولئك من الفرق بين التدبر والتفسير العلم ما يجعلهم يتفوقون ويسبقون به غيرهم، إذا أخلصوا النظر لله! نعم، ولكن الله قد أتاح لكل ذي عينين، وأذنين، وقلب حي، أن يسلك إلى ربه عبر ما يسر الله له من التدبر والتفكر.. ولربما سبق القنفذُ الفرس! وإنما ذلك على حسب صفاء الفرق بين التدبر والتفسير القلب وإخلاص السير!
وإنني لأنسى كثيراً، لكنني ما نسيت قط حَدَّاداً شابا في قريتي الصغيرة بجنوب المغرب، أواخرَ السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الميلادي الماضي.. وكانت الشيوعية آنئذ تنتشر في المغرب انتشار الفرق بين التدبر والتفسير النار في الهشيم! وقد كان دعاتها عندنا من بعض رجال التعليم وطلبة الجامعات، مع الأسف! وكان أحدهم يجلس إلى ذلك الحداد البسيط يعلمه "حقوق العمال" و"ديكتاتورية البروليتاريا!" وكأن مطرقته الثقيلة، وما كان يصنعه للفلاحين الصغار من مناجلَ ومَزَابِرَ ومِحَشَّاتٍ، كانت تذكره بشعار الشيوعية الشهير: "المطرقة والمنجل"! فطمع الأحمق أن يضمه إلى صفوف الشيوعيين! حتى إنه سار معه بعيداً فجعل يشرح له عقيدة الإلحاد، وكيف أن "الدين أفيون الشعوب" على حد تعبير كارل ماركس! وكنتُ أنا أيضا وأصحابي نجلس إلى هذا الحداد، فيحدثنا بحديث الشيوعي، ثم نتداول الكلام.. وإنني لا أنسى يوما إذ أخرج من التنور حديدةً مُجَمَّرَةً، قد احْمَرَّ نصلها من الفرق بين التدبر والتفسير النار حتى إنها لتكاد تذوب! ثم انهال عليها بالدق والطرق بقوة، وهو يقول دون أن يرفع رأسه: "يا أخي.. إنهم ينكرون وجود الله ووجود الآخرة! هكذا يقولون.. أما أنا فإنه لربما أصابتني أحيانا شرارةٌ طائشة من هذا الحديد المجمَّر بين يديَّ؛ فتثقب ثوبي ثم جلدي، فيكون لها من الألم الشديد ما الله به عليم! وإن ذلك ليكفيني ترهيباً وتحذيراً من نار جهنم! وإن صاحبنا الشيوعي كلما حدثني بحديثه قلت في نفسي: هذه مجرد ذرة من نار الفرق بين التدبر والتفسير الدنيا، فترى كيف تكون نار الآخرة! وإنني لأرى بعينيَّ أن نار الفرق بين التدبر والتفسير الدنيا هاته التي بين يديَّ لدليل كاف على وجود نار الآخرة!" كذا قال!
وإنني ما زلت إلى اليوم أعجب من عمق ملاحظة ذلك الحداد الفطري البسيط! وأتساءل في نفسي: أي تفكر هذا وأي تدبر؟ بل أي علم بالله هذا وأي إبصار!.. حَقّاً حَقّاً! ﴿فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ!﴾(الفرق بين التدبر والتفسير الحج: 46).
هذا ضرب عجيب من التدبر لحقائق القرآن، ونوع من التفكر العميق في الوجود، وهو ممكن لكل الناس، خاصتهم وعامتهم على السواء.
وأنت ترى أن الله -جل جلاله- أمر الكفار بالتدبر لكتابه! كما في قوله تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾ (الفرق بين التدبر والتفسيرالنساء: 82) وقال سبحانه: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾(محمد: 24) فإذا كان الكافر –وهو المجرد قطعا من كل قواعد الفرق بين التدبر والتفسير التفسيرومناهجه– مأموراً بالتدبر فالمسلم أولى وأحرى!
إن المسلم -أي مسلم– إنما عليه أن يصطحب مختصراً صغيراً من كتب الفرق بين التدبر والتفسير التفسير، كتفسير الجلالين مثلا، أو أحد مختصرات الفرق بين التدبر والتفسير ابن كثير، أو غيرهما؛ وذلك فقط حتى يضبط بوصلة الاتجاه العام لمعنى الآيات، ثم يشرع آنئذ في التدبر للقرآن، ولا حرج. لأن التدبر لكتاب الله لا ينبني عليه حلال ولا حرام، ولا تصدر عنه فتوى ولا قضاء! وإنما هو مسلك روحي يقود الفرق بين التدبر والتفسير القلب إلى الفرق بين التدبر والتفسير التوبة والإنابة، وإلى مجاهدة الفرق بين التدبر والتفسير النفس من أجل الترقي بمراتب الفرق بين التدبر والتفسير العلم بالله!
أما صناعة الفرق بين التدبر والتفسير التفسير والاستنباط فهذا هو الذي يخص فئة محصورة من الناس وهم أهل الاجتهاد من الفرق بين التدبر والتفسير العلماء، ممن يفتون ويقررون في القضايا والنوازل. وفي ذلك نزل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾(الفرق بين التدبر والتفسير النساء: 83) وقوله سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (الفرق بين التدبر والتفسير التوبة: 122). فذاك علم الخاصة.
وأما التدبر –بما هو تذكر واعتبار- فهو لعامة المسلمين. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (القمر: 17).
وعليه؛ فالمفسر عالم وفقيه، يقوم ببيان الحقائق القرآنية والأحكام الشرعية، والتصدر للفتوى. بينما المتدبر مجرد متعظ وواعظ. وقد يجمع الله للمرء بين الخيرين. والعالم الحق لا يصح له إلا ذلك! ومن ثم جاز لنا أن نقول: "كُلُّ عالِمٍ أو كلُّ مفسِّرٍ متدبرٌ، وليس كل متدبرٍ مفسِّراً!" فتأمل..!
إن الذي يمتنع عن تدبر القرآن أو ينهى غيره عن ذلك؛ بدعوى أن التدبر أمر خاص بعلماء الفرق بين التدبر والتفسير التفسير، إنما هو جاهل بهذا الفرق الجوهري الكبير بين الفرق بين التدبر والتفسيرالتفسير والتدبر.. وأخشى أن يكون الفرق بين التدبر والتفسير الشيطان قد لبَّس عليه تلبيساً؛ ليحرمه هو في نفسه من نور القرآن! أو يجعله أداة لقطع الطريق أمام السائرين إلى الله!
إن التدبر للقرآن مطلوب من العالِم، ومن المهندس، والطبيب، والأستاذ، والفلاح، والحداد، والنجار، والتاجر... إلخ! بل إن التدبر مطلوب من الكافر الأعجمي، إنجليزيا كان أو فرنسيا أو صينيا، أو ما كان! نعم! نعم! لكن فقط بعد أن تترجم له المعاني العامة للآيات!
بينما الفرق بين التدبر والتفسير التفسير إنما هو صناعة الفرق بين التدبر والتفسير العلماء فقط.
ومصطلح "التدبر" في القرآن قريب من مصطلح "التفكر" وإن لم يكونا مترادفين. فكأن "التدبر" ينصرف استعماله غالبا إلى تأمل القرآن، بينما "التفكر" ينصرف استعماله إلى تأمل الكون المنظور. قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ!﴾ (آل عمران: 190-191). وإذا تأملت وجدت نتيجة كُلٍّ من التدبر والتفكر واحدة، ألاَ وهي: الاتعاظ والاعتبار! وهو ما حكاه الله عن الذاكرين المتفكرين: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
إن هذا معناه أيضا أن النظر "التفكري" في الكون ليس عملا عقليا معقدا، خاصا بعلماء الفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات والبيولوجيا والطبيعيات... إلخ! نعم هم مشمولون بأمره، بل هم أولى به! لكن "التفكر" كالتدبر، مطلوب أيضا من غير المتخصصين، بل حتى من العوام! كُلٌّ على قدر فكره!.. وما يدريك؟ لعل فلاحا بسيطاً، يصل إلى عِبَرٍ للقلب لا يتحقق بها المتخصص الخبير! لأن نتائج كُلٍّ من التدبر والتفكر محض هبة من الرحمن، ومجرد هُدًى منه تعالى!

إن التدبر والتفكر يؤولان معاً إلى مصطلح قرآني مركزي ثالث، ألا وهو "التَّذَكُّرُ" بالذال المعجمة، أو "الاِدِّكَارُ" بالدال المهملة، ومشتقاتهما وهما سواء(2). قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ﴾(ص: 29) وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (القمر: 17).
وإنما يختص "التدبر" بتحصيل الفرق بين التدبر والتفسير الذكرى عن طريق النظر في الآيات القرآنية. بينما يختص "التفكر" بتحصيل الفرق بين التدبر والتفسير الذكرى بالآيات الكونية. هذا هو الغالب، وربما وجدت هذا بمعنى ذاك. إذ بينهما علاقة جدلية؛ لأن أحدهما يؤدي إلى الآخر. فالتدبر للقرآن يقودك إلى التفكر في الوجود، والتفكر في الوجود يعود بك إلى القرآن. وهما معا في جميع الأحوال يثمران تَذَكُّراً للقلب وذكرى.
ولا يقول عاقل بأن التذكر والفرق بين التدبر والتفسير الذكرى يحتاج فيها الإنسان إلى خبرة علمية وتخصص دقيق! سواء في الشرعيات أو في الكونيات. كلا! كلا!.. إنما هو عمل قلبي محض، مفتوح لكل ذي قلب! وبذلك قامت حجة الله على جميع الخلق عربهم وعجمهم، خاصتهم وعامتهم! قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾(ق: 37).
وبذلك يتبين ما لتعقيد الضوابط والشروط للتدبر أو للتفكر، من خروج عن منهاج القرآن! قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ﴾ (الفرق بين التدبر والتفسير الجمعة: 2).
إن المتدبر أو المتفكر -كليهما- في حاجة إلى التحقق بأمرين اثنين:
- الأول: الفهم العام للآية قراءةً، أو سماعاً إن كان أميا. ويحسن أن يكون ذلك بمجلس مدارسة، تعلما وتعليما، على منهاج رسول الله -معلم الأميين-صلى الله عليه وسلم.
- الثاني: إخلاص النظر لله! وكلاهما بمقدور جميع الناس، إلا من رُفِعَ عنه القلم!
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ!﴾(سبأ: 46).
وهذا خطاب موجه في الأصل للكفار، فتأمل!
وأحب قبل ختام هذه الكلمات أن أعززها بإيراد أمثلة عن تدبر الفرق بين التدبر والتفسير النبي - صلى الله عليه وسلم – وتفكره. فالسنة هي البيان الرئيس للقرآن الكريم ومفاهيمه. وأمثلة أخرى عن تدبر الفرق بين التدبر والتفسير الصحابة رضي الله عنهم، وكذا بعض التابعين.
ففي مشهد من أَجَلِّ مَشَاهِدِ النبوة، لم يزل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يبكي في صلاته من تدبره وتفكره؛ إذْ أَرَاهُ اللهُ من أسرار مَلَكُوتِهِ ما أَرَاهُ؛ حتى بكت الأرض ببكائه عليه الصلاة والسلام!.. فقد سَأَلَ عُبَيْدٌ بْنُ عُمَيْرٍ الفرق بين التدبر والتفسير عائشةَ رضي الله عنها، قَالَ: «أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم! قالَ: فَسَكَتَتْ، ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي قَالَ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَائِشَةُ! ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي!" قُلْتُ: وَاللهِ إنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ.. قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ! قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ! قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الأرْضَ! فَجَاءَ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً؟.. لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا! ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ. رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ!﴾»(آل عمران: 190- 191)(2).
وقد ورد التدبر والتفكر ههنا بمعنى واحد كما أشرنا إليه من قبل، لارتباطهما الجدلي. فقوله صلى الله عليه وسلم: (وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا!) هو بمعنى: لم "يتدبرها" لأن تدبرها مُفْضٍ بالضرورة إلى التفكر في خلق السماوات والأرض؛ ولذلك عبر هنا بالتفكر. وأما وعيده -عليه الصلاة والسلام- للممتنع عن التفكر بالويل؛ فهو دليل قوي على وجوب التفكر والتدبر –إجمالاً- على جميع الناس! سواء منهم العالم والعامي، كُلٌّ على ما يسر الله له.. فتأمل!
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذهب ثلث الليل، قام فقال: "يا أيها الناس!.. اذكروا الله! جاءتِ "الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ!" جاء الفرق بين التدبر والتفسير الموت بما فيه! جاء الفرق بين التدبر والتفسير الموت بما فيه!...)(3) ولا يخفى ما في الحديث من تضمين لآيتي النازعات: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ. تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾(النازعات: 6-7). وما في ذلك من تدبر عجيب لهذه الحقيقة الفرق بين التدبر والتفسير الإيمانية في جوف الليل؛ وذلك لِشَبَهِ الليل بظلمة الفرق بين التدبر والتفسير القبر من جهة، ولأن الليل –من جهة أخرى- هو موتٌ لحركة النهار! وفي ذلك أيضا إشارة إلى أن على المؤمن أن يجعل تفكره في الظواهر الكونية مرتبطا بتدبره للآيات القرآنية؛ بسبب ما ينتج عن ذلك من التشمير والجد والعمل! حيث تقع الآيات بعد ذلك على الفرق بين التدبر والتفسير النفس الكسولة الغافلة، موقع السوط اللاهب على ظهر الدابة الخاملة! فتقفز مسرعة بصاحبها في الطريق إلى الله!




وكذلك كان تدبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فعن التابعي العابد الزاهد ابن أبي مليكة رحمه الله، قال: «صَحِبْتُ ابنَ عباس -رضي الله عنهما- من مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل قام شَطْرَ الليل! فَسُئِلَ: كيف كانت قِرَاءَتُهُ؟ قال: قرأ: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ..﴾(ق: 19) فجَعلَ يُرَتِّلُ ويُكْثِرُ في ذلك النَّشِيجَ!»(4) والنَّشِيجُ: شدة البكاء، إذا هاج على صاحبه؛ فبكى بصوت مخنوق في صدره، فصار له أَزِيزٌ كأزيزِ القِدْرِ أو الْمِرْجَلِ!
وفي تفسير الطبري: (أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قرأ هذه الآية: ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ (المؤمنون: 104)، قال: ألم تر إلى الرأس الْمُشَيَّطِ بالفرق بين التدبر والتفسير النار، وقد قَلُصَتْ شفتَاه وبدت أسنانُه!)(5) يقصد التمثيل التدبري للمعنى برأس الكبش الْمُشَيَّطِ، أي بعد تشويطه بالفرق بين التدبر والتفسير النار. تقول: شَوَّطَ وشَيَّطَ، سواء. وهذا تدبر عجيب؛ لما فيه من ربطٍ للآيات القرآنية بالمشاهَدَات اليومية في الحياة الفرق بين التدبر والتفسير الدنيا - رغم عظم الفرق- ولكن الاتعاظ بالصغير الحقير أدعى إلى الاتعاظ بالكبير الخطير!
وفي ترجمة عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في الإصابة لابن حجر، أنه: (كان -رضي الله عنه- إذا قرأ هذه الآية: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ﴾.. الآية (الحديد: 16) يبكي حتى يغلبه البكاء..!)(6).
وورد (أن أبا طلحة -رضي الله عنه- قرأ هذه الآية: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً﴾.. الآية (الفرق بين التدبر والتفسير التوبة: 41)، فقال: أرى ربي يستنفرنا شيوخَنا وشُبَّانَنَا! جهزوني أيْ بَنِيَّ! جهزوني! [يعني للجهاد! وكان يومها قد شاخ وكَبُرَ!] فقال بنوه: قد غزوتَ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومع أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- ونحن نغزو عنك! [أي بعدما عجزت] فقال: جهزوني! فركب البحر، فمات. فلم يجدوا له جزيرة [لدفنه] إلا بعد سبعة أيام! فدفنوه فيها ولم يتغير!)(7).
وعند تفسير قوله تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ (الكهف: 49)، قال الإمام القرطبي: (وكان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية يقول: يا ويلتاه..! ضَجُّوا إلى الله تعالى من الصغائر قبل الكبائر!)(8).
وروى الإمام البيهقي في شعب الفرق بين التدبر والتفسير الإيمان بسنده عن الواعظ الكبير مالك بن دينار أنه رحمه الله: (قرأ هذه الآية: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾.. الآية: (هود: 88). قال: «فَأُسَمَّى في الفرق بين التدبر والتفسير القيامةِ مَالِكاً الصَّادِقَ، أو مَالِكاً الكاذبَ!»)(9) وهو بذلك يُنَـزِّلُ مضمون الآية على نفسه –حيث كان واعظاً– فجعل يحاسب نفسه بميزان القرآن، ويتدبر الآية بالنظر إلى نفسه، مشفقاً من حالها ومآلها، وما قد يكون من مصيرها! قصد تهذيبها، وكسر شوكة غرورها، وتصفية مقاصدها، وتجريد إخلاصها لربها! وهو من أجل ضروب التدبر والتفكر!
وفي الفرق بين التدبر والتفسير الزهد لأحمد بن حنبل -وغيره- أن مالكا بن دينار أيضا قرأ هذه الآية: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ﴾.. الآية (الحشر: 21) فبكى، وقال: «أقسم لكم! لا يؤمن عبدٌ بهذا القرآن إلا صدع قلبَه!»)(10) الله أكبر..! ألا ما أجله من تدبر! وما أدقه من تفكر! لقد وضع مالك بن دينار –رحمه الله- قلبَه موضع الجبل! فكيف تراه يكون؟ أيكون أشد صلابةً من الجبل؟ كيف بقلب يتلقى القرآن حق التلقي، كيف به وهذا الجبل قد خشع له وتصدع!؟
ذلك هو التدبر.. وإن الأمثلة في مثل هذا لأكثر من أن تحصى!
وأنت تلاحظ أن هذه النصوص جميعا ليست من قبيل الفرق بين التدبر والتفسير التفسير بمعناه الاصطلاحي الخاص، وإنما هي مجرد تعبير عن المشاعر الخاصة، والمواجيد الجياشة، الحاصلة في الفرق بين التدبر والتفسير النفس عند تلاوة الآيات، وما يخالط الفرق بين التدبر والتفسير القلب من الرَّغَبِ والرَّهَبِ، والخوف والرجاء، في طريق السير إلى الله! كما أن فيها تنـزيلا للآيات على واقع الفرق بين التدبر والتفسير النفس، أو واقع المجتمع، أو على أحوال الطبيعة حول الإنسان، ومشاهدةً لبروق الوعد والوعيد، من خلال تقلبات الليل والنهار. وفضحاً لغش الفرق بين التدبر والتفسيرالنفس وضعفها؛ بتسليط كشافات القرآن عليها! كما أن فيها مشاهدةً للعزائم العالية التي طلبها الله عز وجل من العباد، وما ينتصب دونها من مشاق الطريق ومكارهها! ولذلك ترى المتدبرين للقرآن والمتفكرين في آياته الكونية، بين بَاكٍ مختنق بالأنين، أو مُطْرِقٍ مهموم حزين! ولا يخرج كلاهما من مجلسه أو خلوته إلا بعزيمة تهد الجبال! وإن الواحد من هذا الطراز البشري العظيم لهو بأمة!
ذلك هو التدبر، وذلك هو التفكر، وتلك هي الفرق بين التدبر والتفسير الذكرى.. وإنما ثمرة ذلك كله هو تهييج الفرق بين التدبر والتفسير النفس على العمل، وتنشيط الفرق بين التدبر والتفسير القلب على السير، وتوثيق إرادة الفرق بين التدبر والتفسير النفس على عزائم الأعمال!.. فكذلك كان تدبرهم للقرآن، وكذلك كان تفكرهم في الزمان.. فما بالنا نحن؟ إنما نحن في حاجة إلى قلوب مثل قلوبهم، وإخلاص مثل إخلاصهم!
وإنني لعلى يقين لو أن الناس اليوم يُحْيُونَ هذا المسلك في النفوس من جديد، ويتداولون القرآن في المجتمع على هذا الوِزَانِ؛ لتدفقت أنهار النور على الظلام! ولكان للأمة في هذا العصر شأن آخر..! وإنه لَيَكُونَنَّ إن شاء الله! وما ذلك ببعيد..! فإنني أرى عباداً لله خُلَّصاً قد بدؤوا يرفعون راية القرآن فوق تلال قلوبهم!.. وإن نصب راية القرآن على تلال الفرق بين التدبر والتفسير القلوب لهو: ﴿نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ.. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ!﴾(الصف: 13).
اللهم ألهمنا مراشدنا، واسلك بنا سبيل الهدى، واجعلنا سببا لمن اهتدى.
المحب لكم: فريد الأنصاري، عفا الله عنه وعن المؤمنين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
هوامش:
(1) قال الإمام الطبري –رحمه الله- في تفسير قوله تعالى من سورة القمر: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ): (وأصل "مُدَّكِر": مفتعل من ذَكر، اجتمعت فاء الفعل، وهي ذال، وتاءٌ وهي بعد الذال، فَصُيِّرَتَا دالا مشددة. وكذلك تفعل العرب فيما كان أوله ذالا يتبعها تاءُ الافتعال، يجعلونهما جميعاً دالا مشددة، فيقولون: اِدَّكَرْتُ ادِّكَاراً، وإنما هو: اِذْتَكَرْتُ اذْتِكَاراً).
(2) الحديث رواه ابن حبان في صحيحه. وقال الشيخ الفرق بين التدبر والتفسير الألباني: إسناده جيد، وحسنه في صحيح الترغيب.
(3) الحديث، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وحسنه الفرق بين التدبر والتفسير الألباني في الصحيحة وفي صحيح الترمذي وصحيح الجامع الصغير.
(4) سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/342.
(5) ن. تفسير الطبري للآية: 104 من سورة المؤمنون.
(6) ن. ترجمته في: "من اسمه عبد الله" في "الإصابة في معرفة الفرق بين التدبر والتفسير الصحابة" لابن حجر.
(7) الطبقات الفرق بين التدبر والتفسير الكبرى لابن سعد: 3/507.
(8) ن. تفسير القرطبي للآية: 49 من الفرق بين التدبر والتفسير سورة الكهف.
(9) شعب الفرق بين التدبر والتفسير الإيمان رقم الأثر: 1802.
(10) الفرق بين التدبر والتفسير الزهد لأحمد بن حنبل، رقم الأثر: 1878. والأثر أورده أيضا أبو نعيم في الحلية عند ترجمة مالك بن دينار، كما أورده السيوطي في الدر المنثور عند تفسير الآية: 21 من سورة الحشر









الفرق بين التدبر والتفسير



إظهار التوقيع
توقيع : نسيم آڸدکَريآت
#2

افتراضي رد: الفرق بين التدبر والتفسير

جزاكى الله خيراً
إظهار التوقيع
توقيع : العدولة هدير
#3

افتراضي رد: الفرق بين التدبر والتفسير

رد: الفرق بين التدبر والتفسير
إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5
#4

افتراضي رد: الفرق بين التدبر والتفسير

تسلمي ياعسل
إظهار التوقيع
توقيع : شمعة الأمل
#5

افتراضي رد: الفرق بين التدبر والتفسير

جزاكي الله خيرا
إظهار التوقيع
توقيع : بحلم بالفرحة


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
الفرق بين الصوف والحرير,تعرفي علي الفرق بين هاتين النسيجين وما الفرق بينهما جنا حبيبة ماما الخياطة والكروشية والتريكو
الفرق بين البنات والشباب انا دلوعة اوووى فرفشة عدلات
الفرق بين الترجمة والتفسير وغارت الحوراء القرآن الكريم
ما الفرق بين (....) و (....) في القرآن الكريم؟ جويريه القرآن الكريم
الفرق بين التفسير العلمي للقران وبين العجاز العلمي في هذا الكتاب الكريم الاميرة النائمه الاعجاز العلمي


الساعة الآن 01:01 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل